بازگشت

خبر سلمان الفارسي في ذلک


21ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، وأحمد ابن إدريس جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عمن ذکره، عن موسي بن جعفر عليهما السلام قال: قلت: يا ابن رسول الله ألا تخبرنا کيف کان سبب إسلام سلمان الفارسي؟ قال: حدثني أبي صلوات الله عليه أن أمير المؤمنين علي



[ صفحه 162]



ابن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأبا ذر وجماعة من قريش کانوا مجتمعين عند قبر النبي صلي الله عليه وآله فقال أمير المؤمنين عليه السلام لسلمان: يا أبا عبد الله إلا تخبرنا بمبدء أمرک؟ فقال سلمان: والله يا أمير المؤمنين لو أن غيرک سألني ما أخبرته، أنا کنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين وکنت عزيزا علي والدي فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسي روح الله، وأن محمدا حبيب الله، فرسخ وصف محمد [1] في لحمي ودمي فلم يهنئني طعام ولا شراب، فقالت لي أمي: يا بني مالک اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟ قال: فکابرتها حتي سکتت، فلما انصرفت إلي منزلي إذا أنا بکتاب معلق في السقف فقلت لامي: ما هذا الکتاب؟ فقالت: يا روزبه إن هذا الکتاب لما رجعنا من عيدنا رأيناه معلقا، فلا تقرب ذلک المکان فانک إن قربته قتلک أبوک، قال: فجاهدتها حتي جن الليل فنام أبي وأمي فقمت وأخذت الکتاب وإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله إلي آدم أنه خالق من صلبه نبيا يقال له: محمد، يأمر بمکارم الاخلاق وينهي عن عبادة الاوثان، يا روزبه ائت وصي عيسي وآمن واترک المجوسية، قال: فصعقت صعقة وزادني شدة قال: فعلم بذلک أبي وأمي فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة، وقالوا لي: إن رجعت وإلا قتلناک، فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حب محمد لا يذهب من صدري، قال سلمان: ما کنت أعرف العربية قبل قراءتي الکتاب، ولقد فهمني الله عزوجل العربية من ذلک اليوم قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون في البئر إلي أقراصا صغارا.

قال: فلما طال أمري رفعت يدي إلي السماء فقلت: يا رب إنک حببت محمدا و وصيه إلي فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني مما أنا فيه، فأتاني آت عليه ثياب بيض فقال: قم يا روزبه، فأخذ بيدي وأتي بي إلي الصومعة فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسي روح الله، وأن محمدا حبيب الله، فأشرف علي الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فأصعدني إليه وخدمته حولين کاملين، فلما حضرته



[ صفحه 163]



الوفاة قال: إني ميت فقلت له: فعلي من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي هذه إلا راهبا بأنطاکية، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح، وناولني لوحا، فلما مات غسلته وکفنته ودفنته وأخذت اللوح وسرت به إلي أنطاکية وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسي روح الله وأن محمدا حبيب الله، فأشرف علي الديراني فقال: أنت روزبه، فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه فخدمته حولين کاملين، فلما حضرته الوفاة قال لي: إني ميت، فقلت: علي من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي هذه إلا راهبا بالاسکندرية فإذا أتيته فأقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح، فلما توفي غسلته وکفنته ودفنته وأخذت اللوح وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن عيسي روح الله وأن محمدا حبيب الله، فأشرف علي الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه وخدمته حولين کاملين، فلما حضرته الوفاة قال لي: إني ميت فقلت: علي من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحدا يقول بمقالتي هذه في الدنيا وإن محمد بن عبد الله بن عبد الملک قد حانت ولادته فإذا أتيته فأقرئه مني السلام، وادفع إليه هذا اللوح، قال: فلما توفي غسلته وکفنته ودفنته وأخذت اللوح وخرجت، فصحبت قوما فقلت لهم: يا قوم اکفوني الطعام والشراب أکفکم الخدمة؟ قالوا: نعم، قال: فلما أرادوا أن يأکلوا شدوا علي شاة فقتلوها بالضرب، ثم جعلوا بعضها کبابا وبعضها شواء فامتنعت من الاکل، فقالوا: کل فقلت: إني غلام ديراني وإن الديرانيين لا يأکلون اللحم، فضربوني وکادوا يقتلونني فقال بعضهم: امسکوا عنه حتي يأتيکم شرابکم فانه لا يشرب، فلما أتوا بالشراب قالوا: اشرب؟ فقلت: إني غلام ديراني وإن الديرانيين لا يشربون الخمر، فشدوا علي وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني ولا تقتلوني فإني اقر لکم بالعبودية فأقررت لواحد منهم فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي قال: فسألني عن قصتي فأخبرته وقلت: له ليس لي ذنب إلا أني أحببت محمدا ووصيه، فقال اليهودي: وإني لابغضک وابغض محمدا، ثم أخرجني إلي خارج داره وإذا رمل کثير علي بابه، فقال: والله ياروزبه لئن أصحبت ولم تنقل هذا الرمل کله من هذا الموضع لاقتلنک،



[ صفحه 164]



قال: فجعلت أحمل طول ليلتي فلما أجهدني التعب رفعت يدي إلي السماء وقلت: يا رب إنک حببت محمدا ووصيه إلي فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني مما أنا فيه، فبعث الله عزوجل ريحا فقلعت ذلک الرمل من مکانه إلي المکان الذي قال اليهودي، فلما أصبح نظر إلي الرمل قد نقل کله، فقال: يا روزبه أنت ساحر وأنا لا أعلم فلاجرجنک من هذه القرية لئلا تهلکها، قال: فأخرجني وباعني من امرأة سلمية فأحبتني حبا شديدا وکان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لک کل منه وما شئت وهب وتصدق.

قال: فبقيت في ذلک الحائط ما شاء الله فبينا أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة، فقلت في نفسي: والله ما هؤلاء کلهم أنبياء ولکن فيهم نبيا قال: فأقبلوا حتي دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله صلي الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وأبو ذر والمقداد وعقيل بن أبي طالب [2] وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول الله صلي الله عليه وآله يقول لهم: کلوا الحشف ولا تفسدوا علي القوم شيئا، فدخلت علي مولاتي فقلت لها: يا مولاتي هبي لي طبقا من رطب، فقالت: لک ستة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقا من رطب، فقلت في نفسي: إن کان فيهم نبي فإنه لا يأکل الصدقة، ويأکل الهدية،



[ صفحه 165]



فوضعته بين يديه، فقلت: هذه صدقة فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: کلوا وأمسک رسول الله وأمير المؤمنين وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب، وقال لزيد: مد يدک وکل فقلت في نفسي هذه علامة، فدخلت إلي مولاتي فقلت لها: هبي لي طبقا آخر، فقالت: لک ستة أطباق قال: فجئت فحملت طبقا من رطب فوضعة بين يديه فقلت: هذه هدية، فمد يده وقال: بسم الله کلوا ومد القوم جميعا أيديهم فأکلوا، فقلت في نفسي هذه أيضا علامة، قال: فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت من النبي صلي الله عليه وآله التفاته، فقال: يا روزبه تطلب خاتم النبوة، فقلت: نعم، فکشف عن کتفيه فإذا أنا بخاتم النبوة معجوم بين کتفيه عليه شعرات قال: فسقطت علي قدم رسول الله صلي الله عليه وآله اقبلها، فقال لي: ياروزبه ادخل إلي هذه المرأة وقل لها يقول لک محمد بن عبد الله تبيعينا هذا الغلام؟ فدخلت فقلت لها: يا مولاتي إن محمد بن عبد الله يقول لک: تبيعينا هذا الغلام؟ فقالت قل له: لا أبيعک إلا بأربعمائة نخلة مائتي نخلة منها صفراء ومائتي نخلة منها حمراء، قال: فجئت إلي النبي صلي الله عليه وآله: فأخبرته، فقال: وما أهون ما سألت، ثم قال: قم يا علي فاجمع هذا النوي کله فجمعه وأخذه فغرسه، ثم قال: إسقه فسقاه أمير المؤمنين فما بلغ آخره حتي خرج النخل ولحق بعضه بعضا فقال: لي ادخل إليها وقل لها يقول لک محمد بن عبد الله: خذي شيئک وادفعي إلينا شيئنا قال: فدخلت عليها وقلت ذلک لها، فخرجت ونظرت إلي النخل فقالت: والله لا أبيعکه إلا بأربعمائة نخلة کلها صفراء، قال: فهبط جبرئيل عليه السلام فمسح جناحيه علي النخل فصار کله أصفر، قال: ثم قال لي: قل لها: إن محمدا يقول لک: خذي شيئک وادفعي إلينا شيئنا قال: فقلت لها ذلک فقالت: والله لنخلة من هذه أحب إلي من محمد ومنک، فقلت لها: والله ليوم واحد مع محمد أحب إلي منک ومن کل شيء أنت فيه، فأعتقني رسول الله صلي الله عليه وآله وسماني سلمان.

قال مصنف هذا الکتاب رضي الله عنه: کان اسم سلمان روزبه بن خشبوذان و ما سجد قط لمطلع الشمس وإنما کان يسجد لله عزوجل وکانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية وکان أبواه يظنان أنه إنما يسجد لمطلع الشمس کهيئتهم، وکان سلمان



[ صفحه 166]



وصي وصي عيسي عليه السلام في أداء ما حمل إلي من انتهت إليه الوصية من المعصومين، وهو آبي عليه السلام [3] وقد ذکر قوم أن «أبي» [4] هو أبو طالب. وإنما اشتبه الامر به، لان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن آخر أوصياء عيسي عليه السلام فقال: «آبي» فصحفه الناس وقالوا: «أبي» ويقال له: «بردة» أيضا.


پاورقي

[1] في بعض النسخ «فرصف حب محمد».

[2] فيه وهم کما لا يخفي لان اسلام عقيل علي ما ذکروه قبل الحديبية وهو لم يشهد المواقف التي قبلها وقد أخرج مع المشرکين کرها إلي بدر واسر وفداه عمه العباس بن عبد المطلب وکان حمزة ـ رضي الله عنه ـ استشهد يوم أحد، واسلام سلمان کان بقباء حين قدوم النبي صلي الله عليه وآله المدينة مهاجرا، وعده ابن عبد البر فيمن شهد بدرا، فان لم نقبل ذلک فلا أقل من حضوره في غزوة الاحزاب فان المسلمين حفروا الخندق بمشورته، فکيف يجمع بين حمزة وعقيل مع النبي صلي الله عليه وآله في حائط من حيطان المدينة قبل اسلام سلمان رضي الله عنه. ولا يقال: لعل عقيل تصحيف جعفر، لان جعفر حينذاک في الحبشة وقدم المدينة بعد فتح خيبر، ثم اعلم أن الامر في الخبر سهل لانه مرسل وهو کما تري يشبه القصص والاساطير، والله العالم.

[3] آبي بمد الهمزة وامالة الياء من ألقاب علماء النصاري. وسيأتي في باب نوادر الکتاب اواخر الجزء الثاني أن آخر اوصياء عيسي عليه السلام رجل يقال له: بالط. وکأن اسم ذلک الرجل «آبي بالط».

[4] کذا ولعل النکتة في عدم النصب حفظ صورة الکلمة لئلا يشتبه بأبي.