اعتراضات للزيدية
قال بعض الزيدية: إن الرواية التي دلت علي أن الائمة اثنا عشر قول أحدثه الامامية قريبا وولدوا فيه أحاديث کاذبة.
فنقول ـ وبالله التوفيق ـ: إن الاخبار في هذا الباب کثيرة والمفزع والملجأ إلي نقلة الحديث وقد نقل مخالفونا من أصحاب الحديث نقلا مستفيضا من حديث عبد الله ابن مسعود ما حدثنا به أحمد بن الحسن القطان المعروف بأبي علي بن عبد ربه الرازي وهو شيخ کبير لاصحاب الحديث قال: حدثنا أبو يزيد محمد بن يحيي بن خلف بن يزيد المروزي بالري في شهر ربيع الاول سنة اثنين وثلاثمائة، عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين المعروف باسحاق بن راهويه، عن يحيي بن يحيي، [1] عن هشام، عن مجالد [2] عن الشعبي، عن مسروق قال: بينا نحن عند عبد الله بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه إذ قال له فتي شاب: هل عهد إليکم نبيکم صلي الله عليه وآله کم يکون من بعده خليفة؟ قال: إنک لحدث السن وإن هذا شيء ما سألني عنه أحد (من) قبلک، نعم
[ صفحه 68]
عهد إلينا نبينا صلي الله عليه واله أنه يکون من بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني اسرائيل.
وقد أخرجت بعض طرق هذا الحديث في هذا الکتاب وبعضها في کتاب النص علي الائمة الاثني عشر عليهم السلام. بالامامة. ونقل مخالفونا من أصحاب الحديث نقلا ظاهرا مستفيضا من حديث جابر بن سمرة ما حدثنا به أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، و کان من أصحاب الحديث قال: حدثني أبو بکر بن أبي داود، [3] عن إسحاق بن إبراهيم ابن شاذان، عن الوليد بن هشام، عن محمد بن ذکوان [4] قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن سيرين، عن جابر بن سمرة السوائي قال: کنا عند النبي صلي الله عليه وآله فقال: يلي هذه الامة اثنا عشر، قال: فصرخ الناس فلم أسمع ما قال: فقلت لابي ـ وکان أقرب إلي رسول الله صلي الله عليه وآله مني: ما قال: رسول الله صلي الله عليه وآله؟ فقال: قال: کلهم من قريش وکلهم لا يري مثله.
وقد أخرجت طرق هذا الحديث أيضا، وبعضهم روي «اثنا عشر أميرا»، وبعضهم روي «اثنا عشر خليفة» فدل ذلک علي أن الاخبار التي في يد الامامية، عن النبي صلي الله عليه وآله والائمة عليهم السلام بذکر الائمة الاثني عشر أخبار صحيحة. [5] .
قالت الزيدية: فان کان رسول الله صلي الله عليه وآله قد عرف امته أسماء الائمة الاثني عشر فلم ذهبوا عنه يمينا وشمالا وخبطوا هذا الخبط العظيم؟
فقلنا لهم: إنکم تقولون: إن رسول الله صلي الله عليه وآله استخلف عليا عليه السلام وجعله الامام بعده ونص عليه وأشار إليه وبين أمره وشهره، فما بال أکثر الامة ذهبت عنه و
[ صفحه 69]
تباعدت منه حتي خرج من المدينة إلي ينبع [6] وجري عليه ما جري، فان قلتم: إن عليا عليه السلام لم يستخلفه رسول الله صلي الله عليه وآله فلم أودعتم کتبکم ذلک وتکلمتم عليه، فان الناس قد يذهبون عن الحق وإن کان واضحا، وعن البيان وإن کان مشروحا کما ذهبوا عن التوحيد إلي التلحيد، ومن قوله عزوجل: «ليس کمثله شيء» إلي التشبيه.
پاورقي
[1] هو يحيي بن يحيي بن بکر بن عبد الرحمن التميمي الحنظلي أبو زکريا النيسابوري ثقة. وأما اسحاق بن راهويه فهو أبو يعقوب الحنظلي المروزي المحدث الفقيه، قال ابن حنبل: اسحاق عندنا امام من أئمة المسلمين وما عبر جسر أفضل منه (راجع تهذيب التهذيب ج 11 ص 296 وج 1 ص 216).
[2] في بعض النسخ «هشام بن خالد» وفي أکثرها «هشام بن مجالد» وفي مسند أحمد ج 1 ص 398 هذا الحديث بعينه «عن حماد بن زيد، عن المجالد، عن الشبعي» وعليه فالمراد هشام بن سنبر الدستوائي الذي يأتي، يروي عن مجالد بن سعيد بن عمير أبي عمرو هو کما قال ابن حجر ليس بالقوي. وفي کفاية الاثر أيضا «عن هشام الدستوائي، عن مجالد بن سعيد» وهذا هو الصواب لما في طريق الشيخ في کتاب الغيبة «عن عميس بن يونس عن مجالد بن سعيد» وقلنا المراد بهشام أبو بکر البصري واسم ابيه «سنبر» وهو ثقة ثبت. وفي الخصال «هيثم بن خالد» وهو تصحيف. وأما الشعبي فهو عامر بن شراحيل أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل کما في التقريب. وأما مسروق فهو مسروق بن الاجدع بن مالک الهمداني الوادعي ثقة فقيه عابد.
[3] في الخصال «أبو بکر بن أبي زواد» ولم أظفر به.
[4] في بعض النسخ من الخصال «مخول بن ذکوان» ولم أجده.
[5] روي أحمد في مسنده هذا الحديث ونحوه من أربع وثلاثين طريقا عن جابر بن سمرة راجع المسند ج 5 ص 87 إلي ص 108. ورواه الخطيب أيضا في التاريخ ج 14 ص 353 من حديث جابر بن سمرة ونحوه في ج 6 ص 263 من حديث عبد الله بن عمرو وأخرجه مسلم في صحيحة کتاب الامارة بطرق عديدة من حديث جابر.
[6] في بعض النسخ «البقيع».