استدلال علي وجود امام غائب من العترة يظهر و يملا الارض عدلا
وقال بعض علماء الامامية: کان الواجب علينا وعلي کل عاقل يؤمن بالله و برسوله وبالقرآن وبجميع الانبياء الذين تقدم کونهم کون نبينا محمد صلي الله عليه وآله أن يتأمل حال الامم الماضية والقرون الخالية فإذا تأملنا وجدنا حال الرسل والامم المتقدمة شبيهة بحال أمتنا وذلک أن قوة کل دين کانت في زمن أنبيائهم عليهم السلام إنما کانت متي قبلت الامم الرسل فکثر أتباع الرسول في عصره ودهره فلم تکن أمة کانت أطوع لرسولها بعد أن قوي أمر الرسول من هذه الامة لان الرسل الذين عليهم دارت الرحي قبل نبينا محمد صلي الله عليه وآله نوح وإبراهيم وموسي وعيسي عليهم السلام هم الرسل الذين في يد الامم آثارهم وأخبارهم، ووجدنا حال تلک الامم اعترض في دينهم الوهن في المتمسکين به لترکهم کثيرا مما کان يجب عليهم محافظته في أيام رسلهم وبعد مضي رسلهم وکذلک ما قال الله عزو جل: «قد جاءکم رسولنا يبين لکم کثيرا مما کنتم تخفون من الکتاب ويعفوا عن کثير». [1] .
وبذلک وصف الله عزوجل أمر تلک القرون فقال عزوجل: «فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا» [2] وقال الله عزو جل لهذه الامة: «ولا يکونوا کالذين أوتوا الکتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم». [3] .
[ صفحه 66]
وفي الاثر «أنه يأتي علي الناس زمان لا يبقي فيهم من الاسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه» وقال النبي صلي الله عليه وآله: «إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبي للغرباء» فکان الله عزوجل يبعث في کل وقت رسولا يجدد لتلک الامم ما انمحي من رسوم الدين واجتمعت الامة إلا من لا يلتفت إلي اختلافه، ودلت الدلائل العقلية أن الله عزوجل قد ختم الانبياء بمحمد صلي الله عليه وآله فلا نبي بعده، ووجدنا أمر هذه الامة في استعلاء الباطل علي الحق والضلال علي الهدي بحال زعم کثير منهم أن الدار اليوم دار کفر وليست بدار الاسلام، ثم لم يجر علي شيء من اصول شرايع الاسلام ما جري في باب الامامة، لان هذه الامة يقولون: لم يقم (لهم) بالامامة منذ قتل الحسين عليه السلام إمام عادل لا من نبي امية ولا من ولد عباس الذين جارت أحکامهم علي أکثر الخلق، ونحن والزيدية وعامة المعتزلة وکثير من المسلمين يقولون: إن الامام لا يکون إلا من ظاهره ظاهر العدالة، فالامة في يد الجائرين يلعبون بهم و يحکمون في أموالهم وأبدانهم بغير حکم الله، وظهر أهل الفساد علي أهل الحق و عدم اجتماع الکلمة، ثم وجدنا طبقات الامة کلهم يکفر بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض.
ثم تأملنا أخبار الرسول صلي الله عليه وآله فوجدناها قد وردت بأن الارض تملا قسطا وعدلا کما ملئت جورا وظلما برجل من عترته، فدلنا هذا الحديث علي أن القيامة لا تقوم علي هذه الامة إلا بعد ما ملئت الارض عدلا، فان هذا الدين الذي لا يجوز عليه النسخ ولا التبديل سيکون له ناصر يؤيده الله عزوجل کما أيد الانبياء و الرسل لما بعثهم لتجديد الشرايع وإزالة ما فعله الظالمون فوجب لذلک أن تکون الدلائل علي من يقوم بما وصفناه موجودة غير معدومة، وقد علمنا عامة اختلاف الامة وسبرنا أحوال الفرق، فدلنا أن الحق مع القائلين بالائمة الاثني عشر عليهم السلام دون من سواهم من فرق الامة، ودلنا ذلک علي أن الامام اليوم هو الثاني عشر منهم وأنه الذي أخبر رسول الله صلي الله عليه وآله به ونص عليه. وسنورد في هذا الکتاب ما روي عن النبي صلي الله عليه وآله في عدد الائمة عليهم السلام وأنهم اثنا عشر والنص علي القائم الثاني عشر،
[ صفحه 67]
والاخبار بغيبته قبل ظهوره وقيامه بالسيف إن شاء الله تعالي.
پاورقي
[1] المائدة: 18.
[2] مريم: 59.
[3] الحديد: 16.