بازگشت

توقيت ظهور القائم


قد دلّت عدة من الروايات بالنهي عن التوقيت، أو تعيين وقت محدد لظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، وتکذيب من وَقَّتَ لظهوره (عليه السلام) وقتاً معيناً، لأن ذلک سر من أسرار الله.. عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اله (عليه السلام): (يا محمد من أخبرک عنا توقيتاً فلا تهابه أن تکذبه، فإنا لا نوقت لأحد وقتاً) [1] .. عن الفضيل قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: (کذب الوقاتون، کذب الوقاتون، کذب الوقاتون) [2] .. عن عبد الرحمن بن کثير قال: کنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه مهزم فقال له: جعلت فداک أخبرني عن هذا الأمر، الذي ننتظره متي هو؟ فقال: (يا مهزم کذب الوقاتون، وهلک المستعجلون، ونجا المسلمون، وإلينا يصيرون). [3] .

فمضمون أخبار کثيرة تدل علي أن ظهور الإمام الحجة ابن الحسن (عليه السلام) أمر مخفي، قد أخفاه الله تعالي عن الناس لحکمته.. إن وقت الظهور، وإن کان محدداً في علم الله الأزلي، ولکنه بالنسبة إلي علله وشرائطه ينبغي أن لا يفترض له وقت محدد.

إن توقيت الظهور باعتبار علاماته، وخصوصاً ما صرحت الأخبار بقرب حصولها من زمن الظهور وما تتضمن هذه العلامات من توقيت، مثل خروج السفياني في رجب، والصيحة في رمضان، والخسوف والکسوف في رمضان، وقتل ذي النفس الزکية قبل خمسة عشر يوماً من الظهور، فإن هذا يؤکد بأن العلامات لو وقعت لدلت علي قرب الظهور، وهذه قضيه صادقة لا تشتمل علي التوقيت المنهي عنه علي الإطلاق، وإنما هو توقيت إجمالي، فإن عدم الإطلاع علي زمان وقوع هذه العلامات، يلزم بطبيعة الحال الجهل بزمن ظهوره (عليه السلام) وعدم تحديد وقته.. ولذا فان الأحاديث والأخبار التي ذکرناها في الفصل الثالث، ليس فيها تصريح بوقت أو تعيين زمان محدد للظهور، بل إنما هي علائم للظهور، کما أوضحت عن أئمتنا عليهم السلام، وهي تفيد التلميح واشارات لقرب الظهور، والعلم عند الله سبحانه وتعالي[يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْکِتَابِ]. [4] .

إن الحکمة الإلهية شاءت أن يکون وقت ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) فجائياً من أجل إنجاح يوم الفجر المقدس، باعتبار أن تاريخ الظهور لو کان محدداً معروفاً، لکان من أشد العوامل علي فشل الثورة العالمية وفناء الدوله العادلة، فإنه يکفي أن يحتمل الأعداء ظهوره في ذلک التاريخ، فيجتمعوا للقضاء عليه، في أول أمره وقبل نجاح ثورته واتساع حرکته.. بالإضافة إلي ذلک فإن المؤمنين المخلصين سوف يصابون بإحباط وخيبة أمل، عندما يعرفون وقت ظهوره (عليه السلام) ويکون بعيد جداً عن عصرهم ما سيؤدي إلي الکسل والخمول وعدم توفر الدافعية للإخلاص أکثر وأکثر، وتلاشي الطموح بأن يصبحوا من أنصاره وأعوانه، وکذلک عدم الدعاء له بتعجيل الفرج.

(اللهم عجل فرجه، وسهل مخرجه)


پاورقي

[1] غيبة النعماني ص195، غيبة الطوسي ص262، بشارة الإسلام ص298، بحار الأنوار ج52 ص104.

[2] غيبة الطوسي ص262، بحار الأنوار ج52 ص103، منتخب الأثر ص463.

[3] غيبة النعماني ص198، غيبة الطوسي ص262، بحار الأنوار ج52 ص104، بشارة الإسلام ص299، منتخب الأثر ص463.

[4] سورة الرعد (39).