البداء و قيام الإمام المهدي المنتظر
إن ظهور الإمام المهدي المنتظر(عجل الله تعالي فرجه) وقيامه من آکد الأمور المحتومة بل هو أکثر من ذلک، باعتبار قيامه (عليه السلام) وعد إلهي، قال تعالي في کتابه الکريم[وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَي لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِکُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذَلِکَ فَأُوْلَئِکَ هُمْ الْفَاسِقُونَ]. [1] فهذا وعد إلهي صريح للمؤمنين، الذين قاسوا الظلم والعذاب بأن يستخلفهم في الأرض، أي أن يوفقهم سبحانه وتعالي لبسط نفوذهم وسلطتهم وسيادتهم علي العالم أجمع، وهذا ما لم يتحقق علي مدي التاريخ، منذ العصر الغابر إلي عصرنا الحاضر.. أذن فهو ما سيتحقق في مستقبل الدهر يقيناً، طبقاً للوعد الإلهي القطعي غير القابل للتغيير أو التبديل أو التخلف أو المحو (أي غير قابل لتدخل البداء فيه).
إن ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) وقيامه، من الأمور حتميه الوقوع، ولا يتدخل الله سبحانه وتعالي للتغيير فيها، مع قدرته علي ذلک، إذ أن ذلک يتنافي مع صفاته الربوبية ومع حکمته ورحمته.. فمثلا: الله قادر علي فعل القبيح وعلي الظلم ولکن يستحيل صدورها منه، قال تعالي[وَلا يَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَدًا] [2] لأن ذلک يتنافي مع عدل الله، ومع کونه لا يفعل القبيح.. وکذا قيام القائم المهدي (عليه السلام) من هذا القبيل باعتباره وعداً إلهياً، والله سبحانه وتعالي لا يخلف الميعاد.. ولذا روي عن يحي بن وثاب، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: (لو لم يبقي من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلک اليوم، حتي يخرج رجل من ولدي، فيملأها عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً، کذلک سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول). [3] .
پاورقي
[1] سورة النور (55).
[2] سورة الکهف (49).
[3] الإرشاد للمفيد ج2 ص340، إعلام الوري ص401، بحار الأنوار ج51 ص133.