افراد الجيش: (الأنصار)
هم المؤمنون الصالحون الذين يلتحقون بالإمام المهدي (عليه السلام) في مکة المکرمة وغيرها من المدن، وينضوون تحت لوائه ويحاربون أعداءه، وهؤلاء الأنصار عدد ضخم من الجيش، لايقل عن عشرة الآف شخص مقاتل في نواته الأولي عند بدء الحرکة، وقد جاء في الخبر عن الإمام الصادق (عليه السلام) (وما يخرج إلا في أولي قوة، وما تکون أولو قوة أقل من عشرة الآف) [1] .. وهذا العدد کافٍ للمهدي (عليه السلام) في أول حرکته، فکلما اتسعت حرکته فإن جيشه يتسع، وتتضح أهدافه وتتکاثر أسلحته، ولذا سمي جيش الإمام المهدي (عليه السلام) (بجيش الغضب)، باعتبارهم يمثلون غضب الله تعالي علي المجتمع الفاسد، وشعار الجيش (يالثارات الحسين) بما للشعار من معني، ووحدة الأهداف بين حرکة الإمام الحسين (عليه السلام) وحرکة الإمام المهدي (عليه السلام).
ويستفاد من مجمل الأحاديث والروايات، أن هؤلاء الأنصار (العقد أو الحلقة کما عبرت عنه بعض الروايات) جماعات وجماهير لهم نصيب وافر من الإيمان الکامل والعقيدة الراسخة ]أقل امتيازاً من الأصحاب (313)[، ويخرج الإمام المهدي (عليه السلام) من مکة في بداية ظهوره بهذا العدد من الأنصار (عشرة الآف رجل) يمثلون نواة جيشه.. ومن الطبيعي أن الآلاف من الناس سوف يلتحقون به مع مرور الوقت.. وعلي هذا تستطيع تصور مدي کثرة جيوش الإمام وعساکره.
رابعا: وجود قاعدة شعبيه مؤيدة ذات مستوي مـن النضــج
والوعي:
وهنا لا بدّ أن نشير إلي نقطتين مهمتين:
1- إستعداد شعوب العالم:
إن المؤمنين المخلصين يمثلون الطليعة الواعية والرائدة الأولي في يوم الظهور، ولکن تطبيق الأيدلوجية الفکرية (الإسلام) يحتاج إلي عدد أکبر من القواعد الشعبية الکافية، ليکونوا هم المثل الصالحة لتطبيق قوانين وتعاليم الإسلام في العالم، حين يبدأ انتشاره يومئذ.. وهنا لا بدّ من بلوغ الأمة الإسلامية ککل إلي درجة من النضج الفکري والثقافي، بحيث تستطيع أن تستوعب وتتفهم القوانين والأساليب الجديدة التي يتخذها الإمام المهدي (عليه السلام) في دولة الحق والعدل، ولا يتم ذلک إلا باستعداد جماعات کثيرة من البشر للتجاوب مع حرکة يوم الفجر المقدس وتعليماته.. وهذا الشعور والاستعداد يتوفر لهذه الجماعات وإن کانت قبل الظهور تمارس شيئاً من العصيان والإنحراف.
2- اليأس والقنوط العالمي من التجارب السابقة:
يأس العالم أو الرأي العام العالمي ککل من الحلول المدعاة للمشاکل العالمية من غير طريق الإسلام.. وهنا لا بدّ أن يشعر الناس بفشل کل التجارب السابقة، التي ادعت لنفسها حل مشاکل العالم، ثم افتضح أمرها وانکشف زيفها، وذلک بسبب شيوع الظلم والجور والفساد والاضطهاد الشديد إلي درجة أن يصل المجتمع الإنساني إلي حد القنوط من تحقق الإصلاح عن طريق المنظمات العالمية التي تحمل عناوين مختلفة.. وينعکس هذا الشعور علي شکل الرغبة والحاجة والإلحاح لطلب أفکار أو اطروحة عادلة جديدة (الأيدلوجية الإسلامية) تکفل الحل الحقيقي للمشاکل والمظالم العالمية.. من هنا فإن شعور الجماهير بالظلم والإضطهاد، بالإضافة إلي أن يتوفر لديها النمو الذهني والفکري، والرغبة للقضاء علي هذا الظلم والإستبداد.. سيکون هذا من أفضل الأرضيات لتقبل يوم الظهور وتعليماته.
للإيضاح، ينبغي أن نتحدث عن شرائط الظهور بشکلب موجز، ويمکن تلخيص أهمها فيما يلي:
1- وجود الأيدلوجية الفکرية الکاملة (الدين الإسلامي)، التي تتکفل حل کل مشاکل البشرية وتستأصل جميع مظالمها.
2- وجود القائد المحنک العظيم، الذي يمتلک القابلية للقيام بمهام يوم الظهور ونشر العدل في العالم کله.
3- وجود العدد الکافي من الأفراد (الأصحاب - الأنصار) لفتح العالم علي أساس العدل.
4- بلوغ الأمة الإسلامية ککل إلي درجة من النضج الفکري والثقافي، بحيث تستطيع أن تستوعب وتتفهم القوانين والأساليب الجديدة التي يتخذها القائد المهدي (عليه السلام) في دولة الحق والعدل (القاعدة الشعبية).
5- يأس العالم والرأي العام العالمي ککل من الحلول المدعاة للمشاکل العالمية من غير طريق الإسلام (القاعدة الشعبية).
6- تطرف إنحراف الظالمين إلي حد يکون علي مستوي نبذ الشريعة الإسلامية ومخالفة أحکامها. [2] .
فعندما تکون کل الشرائط المطلوبة قد اجتمعت في زمن واحد.. فالأيدلوجية الفکرية موجودة بين البشر، متمثلة بتعاليم الإسلام، والقائد موجود متمثل بالإمام المهدي (عليه السلام)، وأصبحت الأمة قابلة لتفهم القوانين والتعاليم الجديدة، التي تکون علي وشک الصدور في اليوم الموعود، والعدد الکافي من الجيش العقائدي القيادي متوفر لفتح العالم، ونشر العدل والسلام مع وجود العامل المساعد لهم، وهو انکشاف نقاط الضعف لکل التجارب البشرية والمبادي والقوانين الوضعية السابقة علي الظهور واليأس من حل بشري جديد.. فإذا اجتمعت هذه الشرائط، کان يوم الظهور (الفجر المقدس) ناجزاً، لاستحالة تخلف الوعد الإلهي والبشارة النبوية.. ومن هنا نعرف أن وقت الظهور منوط باجتماع هذه الشرائط.. بل نستطيع القول بأن هذه الشرائط بصيغتها الموسعة، تکون هي الشروط الأساسية لانجاح يوم الظهور، وعليها تکتب له النجاح والتقدم والتوسع والإنتشار.
بعد هذا الإيضاح لشرائط الظهور في هذا القسم وشرح علامات الظهور في الفصل الثالث.. يمکننا أن نوضح بعض الفروق بينهما سواء من ناحية الفهم والمعني أو الخصائص والصفات:
1- ارتباط الظهور بالشرائط ارتباط واقعي، وارتباطه بالعلامات کدلالة واعلام وکشف.
2- لشرائط الظهور ارتباط سببي وواقعي، أما علامات الظهور فهي عبارة عن عدة حوادث مبعثرة لا يوجد بينهما ارتباط واقعي.
3- إن شرائط الظهور لا بدّ أن تجتمع في وقت زمني واحد، بعکس علامات الظهور فهي حوادث مبعثرة في الزمان.
4- علامة الظهور حادثة طارئة، لا يمکن بطبعها أن تدوم مهما طال زمانها، بخلاف شرائط الظهور وبعض أسبابها، فإنها بطبعها قابلة للبقاء.
5- إن العلامات تحدث وتنفذ بأجمعها قبل الظهور، في حين أن الشرائط لاتوجد بشکل متکامل إلا عند الظهور.
6- شرائط الظهور من المتعذر تماماً التأکد من اجتماعها، أما علامات الظهور فبالإنتباه والتدقيق، يمکن التأکد مما وجد منها ومما لم يوجد. [3] .
پاورقي
[1] الإرشاد للمفيد ج2 ص383 بلفظ مختلف، کمال الدين وتمام النعمة الصدوق ص654، تاريخ ما بعد الظهور ص270، المهدي من المهد إلي الظهور ص428.
[2] تاريخ ما بعد الظهور للسيد الصدر ص203.
[3] تاريخ الغيبة الکبري للسيد الصدر ص396-399.