خسف البيداء: (من المحتوم)
بعد أن يسمع السفياني خبر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يبعث بجيش إلي الأماکن المقدسة في الحجاز، فيصل جيش السفياني إلي المدينة المنورة في (12محرم)، أي بعد خروج الإمام (عليه السلام) بيومين، وأمير جيش الغزو رجل من بني کلب يقال له (خزيمة) أطمس العين الشمال وعلي عينه ظفرة غليظة، وينزل المدينة في دار أبي الحسن الأموي.. ويبقي الجيش الأموي في مدينة الرسول (عليه السلام) مدة ثلاثة أيام، ينهبونها ويرتکبون فيها المجازر ويفتکون بأهلها ويقتلون رجالها ويسبون بناتها ونساءها، ويکسرون منبر الرسول صلي الله عليه وآله ويهدمون القبر الشريف وتروث خيلهم في مسجد المصطفي صلي الله عليه وآله.. ثم يخرج جيش السفياني من المدينة قاصداً غزو مکة المکرمة والقضاء علي حرکة المهدي (عليه السلام) في بدايات ظهورها، ولأهمية هذا الجيش يسمي بجيش الهملات [1] ، فإذا توسط الجيش البيداء الواقعة بين مکة والمدينة بعد إنتهاء الجبال علي بعد إثني عشر ميلاً من منطقة (ذات الجيش)، وهي أرض بيضاء مسطحة قرب بدر الکبري، يصل الجيش المنطقة وقت الليل فيبيت الجيش فيها (ليلة مقمرة -15محرم) فيأمر الله تعالي جبرائيل (عليه السلام) فيصرخ فيهم صرخة الغضب وينادي: يا بيداء أبيدي القوم الظالمين، فتنخسف الأرض بهم وبقواتهم المسلحة، لا يفلت منهم إلا (بشير ونذير) رجلان من جهينة، يضرب الملک علي وجهيهما فتحول الي القفاء، فيذهب أحدهما بشيراً للقائم (عليه السلام) بأمر الملک، حيث يأمره أن يذهب للحجة (عليه السلام) ويتوب علي يده ويبشره بهلاک جيش السفياني بالخسف، والآخر يبعثه نذيراً للسفياني بالشام لينذره، ويخبره بهلاک جيشه فيصل إليه ويخبره بذلک ويموت النذير.
وتصبح مکة بعد هذا الخسف منطقة الأمان، لا يجرأ أحد أن يذهب إليها من الملوک والحکام، فکل قائد أو ظالم يطلب منه ويکلف بالذهاب إلي مکة وغزوها، يستقيل ويتراجع ولا يقبل خوفاً من وقوع الخسف به، فيبقي حرم الله محفوظاً لا يقربه ظالم أو غاشم، فيستقر الأمر للإمام - روحي فداه - فيرتب جيشه فيها ويجتمع إليه المؤمنون.
وبعد إن تکمل العدة من الجند (عشرة الآف) يسير من مکة متوجهاً إلي المدينة المنورة فيمر جيش الإمام (عليه السلام) علي موضع الخسف، فيخبرهم الإمام (عليه السلام) بمکان الخسف.. وبعد هلاک قوات السفياني في الحجاز (الخسف بالبيداء) والهزيمة التي مني بها علي يد الخراساني واليماني في العراق، تنتقل المعرکة إلي ساحته، ويقوم بتجميع قواته في الشام إستعداداً لأکبر معارک المنطقة في أحداث الظهور، معرکة تحرير القدس التي يمتد محورها من دمشق إلي طبرية فالقدس.
جاءت الأحاديث بدلالات صريحة توضح بمن يکون الخسف وزمانه ومکانه وکيفيته والناجي منه:
عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (للقائم خمس علامات السفياني واليماني والصيحة من السماء وقتل النفس الزکية والخسف بالبيداء). [2] .
عن أبي عبد الله (عليه السلام): (.. وخسف البيداء من المحتوم). [3] .
عن الاصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (.. وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من بني کَلَب، وإثني عشر ألف عنان من خيل السفياني تتوجه إلي مکة والمدينة، أميرها رجل من بني أمية يقال له خزيمة، أطمس العين الشمال، علي عينه ظفرة غليظة يتمثل بالرجال، لا ترد له راية حتي ينزل بالمدينة في دار يقال لها: دار أبي الحسن الأموي، ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد قد اجتمع اليه ناس من الشيعة، ثم يعود إلي مکة في جيش أميره من غطفان، إذا توسط القاع الأبيض خسف به فلا ينجو إلا رجلان يحول الله وجهيهما إلي قفاهما ليکونا آية لمن خلفهما). [4] .
ويومئذ تأويل هذه الآية (وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَکَانٍ قَرِيبٍ! وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّي لَهُمْ التَّنَاوُشُ مِنْ مَکَانٍ بَعِيدٍ! وَقَدْ کَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَکَانٍ بَعِيدٍ! وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ کَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ کَانُوا فِي شَکٍّ مُرِيبٍ). [5] .
وقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْکِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَکُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَي أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ کَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَکَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً). [6] .
عن الإمام الصادق (عليه السلام): (.. ويبعث السفياني عسکراً إلي المدينة، فيخربونها، ويهدمون القبر الشريف، وتروث بغالهم في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله). [7] .
عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلي الله عليه وآله: (.. و يحل الجيش الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيام بلياليها ثم يخرجون متوجهين إلي مکة حتي إذا کانوا بالبيداء، بعث الله جبرائيل فيقول يا جبرائيل إذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها، ولا يفلت منها إلا رجلان من جهينة. فلذلک جاء القول (وعند جهينة الخبر اليقين) ولذلک قوله تعالي (وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا)). [8] .
عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام): (.. ويبعث السفياني بعثاً إلي المدينة فينفي المهدي منها إلي مکة، فيبلغ أمير الجيش السفياني أن المهدي قد خرج إلي مکة، فيبعث جيشاً علي أثره، فلا يدرکه حتي يدخل مکة خائفاً يترقب علي سنة موسي بن عمران، قال: وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم، فيخسف بهم). [9] .
عن الإمام الباقر (عليه السلام): (.. السفياني من ذرية أبي سفيان بن حرب، فيرسل إليهم بعثاً فينزلون بالبيداء في ليلة مقمرة فيقول راع ناظر إليهم يا ويح أهل مکة ما جاء، فيذهب ثم يرجع فلا يراهم فيقول سبحان الله ارتحلوا في ساعة واحدة فياتي منزلهم فيجد قطيعه قد خسف بعضها وبعضها علي ظهر الأرض فيعالجها فلا يطيقها فيعلم أنهم قد خسف بهم). [10] .
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (.. وأما جيش المدينة فإنه إذا توسط البيداء صاح به جبرائيل صيحة عظيمة، فلا يبقي منهم أحد وخسف الله به الأرض، ويکون آخر الجيش رجلان أحدهما بشير والآخر نذير، فيصيح بهما جبرئيل فيحول الله وجهيهما إلي القفا، و يرجع نذير إلي السفياني و يخبره بما أصاب الجيش). [11] .
عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام):(..ثم يقبل علي القائم رجل وجهه إلي قفاه، و قفاه الي صدره، ويقف بين يديه فيقول:يا سيدي أنا بشير، أمرني ملک من الملائکة أن ألحق بک، وأبشرک بهلاک جيش السفياني بالبيداء، فيقول له القائم: بين قصتک وقصة أخيک؟ فيقول الرجل: کنت وأخي في جيش السفياني، وخربنا الدنيا من دمشق إلي الزوراء وترکناها جماء، وخربنا الکوفة وخربنا المدينة، وکسرنا المنبر، وراثت بغالنا في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله وخرجنا منها.. نريد إخراب البيت وقتل أهله، فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها (نزلنا) فصاح بنا صائح: يا بيداء أبيدي القوم الظالمين، فانفجرت الأرض وابتلعت کل الجيش، فو الله ما بقي علي وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي، فإذا نحن بملک قد ضرب وجوهنا فصارت إلي ورائنا کما تري، فقال لأخي: ويلک يا نذير إمض إلي الملعون السفياني بدمشق فانذره بظهور المهدي من آل محمد صلي الله عليه وآله وعرفه أن الله قد أهلک جيشه بالبيداء. وقال لي: يا بشير الحق بالمهدي بمکة وبشره بهلاک الظالمين، وتب علي يده فإنه يقبل توبتک، فيمر القائم يده علي وجهه فيرده سوياً کما کان ويبايعه ويکون معه). [12] .
عن الإمام الباقر (عليه السلام): يخرج (القائم) عائداً إلي المدينة حتي يمر بالبيداء، فيقول هذا مکان القوم الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله تعالي: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَکَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ! أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ)). [13] [14] .
پاورقي
[1] بحار الأنوار ج52 ص223.
[2] غيبة النعماني ص169، إعلام الوري ص426، منتخب الأثر ص458، بشارة الإسلام ص119.
[3] غيبة النعماني ص172، منتخب الأثر ص455، تاريخ الغيبة الکبري ص500.
[4] بحار الأنوار ج52 ص273، إلزام الناصب ج2 ص119، بشارة الإسلام ص58، يوم الخلاص ص677.
[5] سورة سبأ (51-54).
[6] سورة النساء (47).
[7] إلزام الناصب ج2 ص166، يوم الخلاص ص701.
[8] بحار الأنوار ج52 ص187، منتخب الأثر ص456، بشارة الإسلام ص21، يوم الخلاص ص673.
[9] غيبة النعماني ص188، بشارة الإسلام ص102، تاريخ الغيبة الکبري ص521.
[10] بشارة الاسلام ص 184، يوم الخلاص ص 692.
[11] إلزام الناصب ج 2ص198، يوم الخلاص ص 679.
[12] بشارة الإسلام ص270، إلزام الناصب ج2 ص259، المهدي من المهد إلي الظهور ص364، يوم الخلاص ص293.
[13] سورة النحل (45-46).
[14] بحار الأنوار ج52 ص224، إلزام الناصب ج2 ص117، يوم الخلاص ص307.