مذبحة الکوفة
يوم الزينة أي يوم عيد الأضحي المبارک (العاشر من ذي الحجة): بعد المجازر التي ارتکبها جيش السفياني في بغداد و بقائه فيها ثماني عشرة ليلة، يتوجه جنوده إلي الکوفة (النجف) ويرتکبون مذابح و مجازر لا عد لها ولا حصر.
يبعث السفياني جيشاً لغزو الکوفة والنجف قوامه (مائة وثلاثون ألفاً) فينزلون بالروحاء والفاروق وموضع مريم وعيسي بالقادسية (أي ينزلون علي طريق بابل إلي الکوفة، والروحاء موضع قريب من الفرات وقيل أنه نهر عيسي (عليه السلام)، والفاروق هو موضع لتشعب الطرق، وهو مفرق لعدة طرق: طريق منه يذهب إلي القادسية - أي الديوانية - وطريق منه يذهب إلي بابل وبغداد، وطريق منه يذهب إلي ذي الکفل والکوفة والنجف وغيرها.
يسير من جيش السفياني الذي يغزو النجف ثمانون ألفاً، حتي ينزلوا موضع قبر هود (عليه السلام) بالنخيلة (أي رحبة وادي السلام: مقبرة النجف الأشرف الکبري) فيجيؤون إليهم يوم الزينة (أي يوم عيد الأضحي) عن طريق بابل الکوفة، ثم يتجهون إلي النجف، فيسبي الجيش من الکوفة والنجف سبعين ألف بنت بکر - أي غير متزوجات - ويوضعن في المحامل – أي في السيارات - ويُذهب بهن إلي الثوية موضع قبر کميل بن زياد، وبعض أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد بني لکميل صحن وحرم کبير، وقد بنيت الأحياء والبيوت من حوله، فتجمع السبايا من البنات والنساء في صحنه وتوضع الغنائم فيه.
وبعد أن يمعن جيش السفياني في الکوفة قتلاً و صلباً و سبياً.. يقتل أعوان آل محمد صلي الله عليه وآله ورجلاً من المحسوبين عليهم، وينادي مناديه في الکوفة: من جاء برأس من شيعة علي، فله ألف درهم، فيثب الجار علي جاره، وهما علي مذهبين مختلفين في الاسلام، ويقول: هذا منهم فيضرب عنقه، ويسلم رأسه إلي سلطات السفياني، فيأخذ منها ألف درهم.
ولا تستطيع حرکة ضعيفة و تمرد صغير، يحدث في الکوفة من قبل أهلها.. التخلص من سلطة السفياني، بل سوف تفشل وسيتمکن السفياني من قتل قائد الحرکة بين الحيرة والکوفة.
وکأنه يکون قد انهزم بعد فشل حرکته، فيتمکن السفياني من إلقاء القبض عليه في الطريق فيقتله، ويقتل أيضاً سبعين من الصالحين (أي علماء الدين)، وعلي رأسهم رجل عظيم القدر، يحرقه (أي السفياني) ويذر رماده في الهواء بين جالولاء وخانقين، بعد أن يقتل في الکوفة أربعة آلاف شخص.
تخبر الروايات أنه توجد في النجف والکوفة جماعة أو حزب غير متدين يخرج في مظاهرات ومسيرات مؤيدة للسفياني عددهم مائة ألف بين مشرک ومنافق حتي يصلون دمشق.
وبعد أن فتک جيش السفياني بالنجف، وقتل العلماء والصلحاء والمؤمنين، و هدم قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وسبي نساء النجف ونهب أموالهم.. يبدأ بالزحف نحو إيران، فيصل إلي منطقة اصطخر (منطقة شيراز).
يقوم السيد الخراساني، ويستصرخ المؤمنين من أهل إيران، ويطلب منهم نصره أهل العراق، فيجتمع له جيش عظيم مع القوة والاستعداد، علي مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي الخراساني (الرايات السود) مع السفياني بباب اصطخر، فيکون بينهم ملحمة عظيمة، فتنتصر الرايات السود، وتهرب خيل السفياني (وهذه أول هزيمة للسفياني بعد انتصاراته المتکررة والسريعة السابقة) ويقوم السيد اليماني من اليمن (واسمه حسن أو حسين) وقد سمع بهذه الحوادث وعلته الکوارث، فيصل في أسرع وقت إلي الکوفة، فيلتقي مع جيش السيد الخراساني مؤيداً وناصراً له علي جيش السفياني، فيوجهون أسلحتهم علي جيش السفياني ويخرجونهم من النجف، ويرجعون السبايا والغنائم إلي أهلها.. فعند ذلک يتمني الناس المهدي ويطلبونه.
جاءت الروايات الشريفة بدلالات صريحة لإيضاح معالم الأحداث التي تقع في الکوفة والنجف.
فعن الاصبغ بن نباته قال سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (.. ويبعث مائة وثلاثين ألفاً إلي الکوفة وينزلون الروحاء والفاروق فيسير منهم ستون ألفاً حتي ينزلوا الکوفة موضع قبر هود (عليه السلام) بالنخيلة فيهجمون عليهم يوم الزينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له الکاهن الساحر.. وفي مقطع آخر من الحديث.. ويسبي من الکوفة سبعون ألف بکر لا يکشف عنها کف ولا قناع حتي يوضعن في المحامل يذهب بهن إلي الثوية وهي الغري، ثم يخرج من الکوفة في مائة ألف ما بين مشرک ومنافق حتي يقدموا دمشق لا يصدهم عنها صاد إرم ذات العماد، وتقبل رايات من الأرض غير معلمة ليست بقطن ولا کتان ولا حرير مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأکبر، يسوقها رجل من آل محمد تظهر بالمشرق، يوجد ريحها بالمغرب کالمسک الأذفر يسير الرعب أمامها شهراً، حتي ينزلوا الکوفة طالبين بدماء آبائهم فبينما هم علي ذلک إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني يستبقان کأنهما فرسا رهان شعث غبر جرد أصلاب نواصي و أقداح إذا نظرت إلي أحدهم برجل باطنه فيقول لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فانا التائبون وهم الأبدال الذين وصفهم الله في کتابه العزيز (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [1] ونظرائهم من آل محمد). [2] عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال: أبو جعفر الباقر (عليه السلام): (.. في حديث طويل.. ويبعث السفياني جيشاً إلي الکوفة وعدتهم سبعون ألفاً فيصيبون من أهل الکوفة قتلاً وصلباً وسبياً فبينما هم کذلک إذ أقبلت رايات من قبل خراسان وتطوي المنازل طياً حثيثاً و معهم نفر من أصحاب القائم ثم يخرج رجل من موالي أهل الکوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والکوفة). [3] .
عن أبي عبد الله (عليه السلام):.. في خبر طويل أنه قال: (لا يکون ذلک حتي يخرج خارج من آل أبي سفيان يملک تسعة أشهر کحمل المرأة، ولا يکون حتي يخرج من ولد الشيخ فيسير حتي يقتل ببطن النجف فو الله کأني أنظر إلي رماحهم وسيوفهم وأمتعتهم إلي حائط من حيطان النجف يوم الإثنين ويستشهد يوم الأربعاء). [4] .
عن الإصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام): (.. في حديث طويل.. حصار الکوفة بالرصد والخندق وتخريق الزوايا في سکک الکوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة وکشف الهيکل وخفق رايات ثلاثة حول المسجد الأکبر تهتز القاتل والمقتول في النار وقتل سريع وموت ذريع وقتل النفس الزکية بظهر الکوفة في سبعين). [5] .
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (ويکون قتل سبعين من الصالحين (علماء دين)، وعلي رأسهم رجل عظيم القدر، يحرقه (أي السفياني) و يذر رماده في الهواء بين جلولاء وخانقين، بعد أن يقتل في الکوفة أربعة آلاف). [6] .
عن عمر بن إبان الکلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (کأني بالسفياني قد طرح رحله في رحبتکم بالکوفة فينادي مناديه: من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار علي جاره ويقول هذا منهم فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم، أما إمارتکم يومئذ لا تکون إلا لأولاد البغايا کأني أنظر إلي صاحب البرقع، قلت ومن صاحب البرقع، قال: رجل منکم يقول بقولکم يلبس البرقع فيحوشکم فيعرفکم ولا تعرفونه فيغمز بکم رجلاً رجلاً أما أنه لا يکون إلا ابن بغي). [7] .
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا خرجت خيل السفياني إلي الکوفة، بعث في طلب أهل خراسان، و يخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي (أي السفياني) هو والهاشمي (أي الخراساني) برايات سود، علي مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو والسفياني بباب أصطخر، فيکون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر (أي تنتصر) الرايات السود وتهرب خيل السفياني، فعند ذلک يتمني الناس المهدي و يطلبونه). [8] .
پاورقي
[1] سورة البقرة (222).
[2] بحار الأنوار ج52 ص274، إلزام الناصب ج2 ص120، بشارة الإسلام ص58 و 69.
[3] غيبة النعماني ص187، بشارة الإسلام ص102، يوم الخلاص ص637.
[4] بشارة الإسلام ص155.
[5] بحار الأنوار ج52 ص273، بشارة الإسلام ص67، يوم الخلاص ص635.
[6] بحار الأنوار ج52 ص220، يوم الخلاص ص635.
[7] غيبة الطوسي ص273، بشارة الإسلام ص124، يوم الخلاص ص703، بيان الأئمة ج2 ص612.
[8] بشارة الإسلام ص184، يوم الخلاص ص651.