بازگشت

الصيحة السماوية: (من المحتوم)


هذه العلامة إحدي المحتومات الخمسة.. و الصيحة عبارة عن صوت ونداء، يسمع من السماء في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان وهي ليلة القدر يسمعه أهل الأرض، کل قوم بلغتهم، فيذهلون له، توقظ النائم وتقعد القائم، وتوقف القاعد وتخرج الفتاة من خدرها لشدة مالها من الهيبة، والمنادي بهذا النداء جبرائيل (عليه السلام) (قرب الصبح) [1] بلسان فصيح: ألا إن الحق مع المهدي (عليه السلام) وشيعته. ثم ينادي إبليس اللعين بعد ذلک وسط النهار (قرب المغرب) بين الأرض والسماء ليسمعه جميع الناس: ألا إن الحق مع عثمان و شيعته (السفياني: عثمان بن عنبسة).

عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): (خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم.. قلت له: وکيف يکون النداء؟ فقال: ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن الحق مع آل علي وشيعته، ثم ينادي إبليس في آخر النهار ألا إن الحق مع عثمان و شيعته، فعند ذلک يرتاب المبطلون). [2] .

فالمبرر لحدوث هذه الصيحة السماوية هو:

أ – التنبيه علي قرب الظهور.

ب- إيجاد الإستعداد النفسي لدي المؤمنين المخلصين.

خاصة وان توقيت حدوث هذه العلامة، في أفضل ليالي السنة، وفي أفضل الشهور، والتوجه الديني في هذا الوقت يبلغ ذروته لدي المسلمين.. وستکون ردة الفعل وأهميته متلائمة مع مضمونه، کونه يشير إلي القائد (المهدي (عليه السلام)) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فعند ذلک يظهر المهدي علي أفواه الناس، ويشرئبون حبه، ولا يکون لهم ذکر غيره.

عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) إنه قال: (الصيحة لا تکون إلا في شهر رمضان، لأن شهر رمضان شهرُ الله وهي صيحة جبرائيل إلي هذا الخلق، ثم قال ينادي مناد من السماء بإسم القائم، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقي راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد ولا قاعد إلا قام علي رجليه، فزعاً من ذلک الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلک الصوت، فأجاب: فإن الصوت صوت جبرائيل الروح الأمين، وقال (عليه السلام) الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشکوا في ذلک وأسمعوا و أطيعوا، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي ألا إن فلاناً قتل مظلوماً ليشکک الناس ويفتنهم، فکم في ذلک اليوم من شاک متحير، قد هوي في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان، فلا تشکوا فيه إنه صوت جبرائيل، وعلامة ذلک أنه ينادي باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام، حني تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها علي الخروج، وقال لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم، صوت من السماء وهو صوت جبرائيل باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه، والصوت الذي من الأرض هو صوت إبليس اللعين، ينادي باسم فلان أنه قتل مظلوماً يريد بذلک الفتنة، فاتبعوا الصوت الأول وإياکم والأخير إن تفتتنوا به.. ثم قال (عليه السلام) بعد حديث طويل.. إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم، فعند ذلک فانتظروا الفرج، وليس فرجکم إلا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان وخروج القائم إن الله يفعل ما يشاء). [3] .

عن عبد الله بن سنان قال: (کنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) سمعت رجلاً من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة، يعيرونا ويقولون لنا: إنکم تزعمون أن منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وکان متکئاً فغضب وجلس ثم قال: لا ترووه عني وأرووه عن أبي ولا حرج عليکم في ذلک، أشهد أني قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إن ذلک في کتاب الله (عليه السلام) لبيّن حيث يقول: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) [4] فلا يبقي في الأرض يومئذ أحد إلا خضع، وذلت رقبته لها، فيؤمن أهل الأرض، إذا سمعوا الصوت من السماء، ألا إن الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته قال: فإذا کان من الغد صعد إبليس في الهوي حتي يتواري عن الأرض ثم ينادي، ألا إن الحق في عثمان بن عفان و شيعته، فانه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه، قال: فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت علي الحق، وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلک يتبرؤون منا، ويتناولونا فيقولون إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت، ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قول الله (عليه السلام): (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)). [5] [6] .

عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ينادي مناد من السماء إن فلانا هو الأمير، وينادي مناد إن علياً وشيعته هم الفائزون، قلت: فمن يقاتل المهدي بعد هذا، فقال: رجل من بني أمية، وإن الشيطان ينادي إن فلاناً و شيعته هم الفائزون، قلت: فمن يعرف الصادق من الکاذب، قال: يعرفه الذين کانوا يروون حديثنا، ويقولون انه يکون قبل أن يکون، ويعلمون أنهم هم المحقون الصادقون). [7] .

وهذا النداء مصداق لقوله تعالي (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَي فَمَا لَکُمْ کَيْفَ تَحْکُمُون). [8] .

إذاً، هذا النداء والصيحة السماوية (صوت جبرائيل) کحدث کوني کبير غير معهود، فيه عنصر إعجازي، يسبب فزعاً ورعباً في قلوب أعداء الله، ويکون بشارة کبري للمؤمنين عن قرب الفرج.. وهذا مصداق لقوله تعالي (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ). [9] وقوله تعالي (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِي مِنْ مَکَانٍ قَرِيبٍ! يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِکَ يَوْمُ الْخُرُوجِ). [10] .

ماذا يجب علي المؤمنين أن يفعلوا أثناء حدوث الصيحة أو الفزعة؟

إن تعاليم أهل البيت تؤکد الآتي:

أ‌-فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة المذکور، فادخلوا بيوتکم،

واغلقوا أبوابکم، وسدوا الکوي، ودثروا أنفسکم، وسُدّوا آذانکم - ففي الخبر: إن من آثار هذه الصيحة أن يصعق له سبعون ألفاً، ويصم له سبعون ألفاً، من شدة وقوة هذا الصوت [11] - فإذا أحسستم بالصيحة فخروا سجداً وقولوا: سبحان ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلک نجا، ومن برز لها هلک. [12] .

هذا، إلي جانب ما ينبغي من الشکر الواجب لله تعالي علي کل من وفقه الله سبحانه وتعالي لبلوغ نعمة إدراک العهد الميمون بظهور القائم المنتظر (عجل الله تعالي فرجه).

ب‌-تخزين الطعام ما يکفي الفرد وأهله مدة عام:

عن الإمام الباقر (عليه السلام): (آية الحوادث في رمضان: علامة في السماء من بعدها اختلاف الناس، فإذا أدرکتها فاکثر من الطعام). [13] .

عند حدوث الصيحة السماوية يقع بعدها اختلاف الناس وحروب وفتن (وهي إشارة إلي معرکة قرقيسيا) ويقع بعده قحط وغلاء في الأطعمة.. فمن التعاليم القيِّمة التي أخبر بها الأئمة عليهم السلام تحفظاً علي المسلمين والمؤمنين من شيعتهم لئلا يقعوا في الضيق عند وقوع الحوادث، الإکثار من تخزين الطعام والإستعداد للمؤنة، والمراد منه مقدار سنة بحسب ما يکفي الفرد ومن يعول - سيأتي ذکر الموضوع لا حقا -.. لله در هؤلاء الأئمة العظام عليهم السلام ما أروعهم وما أعظم رأفتهم بشيعتهم ومحبيهم، حقاً إنهم فخر لمن يواليهم ويرتبط بهم.


پاورقي

[1] بحار الأنوار ج52 ص274.

[2] الإرشاد للمفيد ج2 ص371، غيبة الطوسي ص266، إعلام الوري ص429.

[3] غيبة النعماني ص170، بحار الأنوار ج52 ص231، النجم الثاقب ج1 ص126، تاريخ ما بعد الظهور ص125.

[4] سورة الشعراء (4).

[5] سورة القمر (2).

[6] غيبة النعماني ص173، بحار الأنوار ج52 ص292.

[7] غيبة النعماني ص176، بحار الأنوار ج52 ص295.

[8] سورة يونس (35).

[9] سورة الشعراء (4).

[10] سورة ق (41-42).

[11] بيان الأئمة ج1 ص434.

[12] يوم الخلاص ص542.

[13] يوم الخلاص ص513، بيان الأئمة ج2 ص361.