بازگشت

خروج السفياني: (من المحتوم)


يخرج رجل يقال له السفياني: (عثمان بن عنبسة من آل أبي سفيان من نسل يزيد بن معاوية)، يظهر في الوادي اليابس في حدود الشام (عمق دمشق).. يمثل رمزاً للحکام المسلمين المنحرفين المناهضين للحق وآخرهم.. و زمان خروجه - بحسب الروايات المعتبرة [1] - في شهر رجب، ربما في العاشر منه و المحتمل أنه يوم جمعة ويفصل بينه وبين ظهور الامام المهدي (عليه السلام)، يوم ظهور النور المقدس في مکة المکرمة ستة أشهر فقط.

(عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: السفياني من المحتوم و خروجه في رجب، فإذا ملک الکور الخمس ملک تسعة أشهر و لم يزد عليها يوماً). [2] .

(عن الباقر (عليه السلام) قال: السفياني و القائم في سنة واحدة) [3] .

(عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: خروج السفياني واليماني و الخراساني في سنة

واحدة في شهر واحد في يوم واحد، نظام کنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً). [4] .

(عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) إنه قال: قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام): إذا اختلف رمحان بالشام فهو آيه من آيات الله، قيل: و ما هي يا أمير المؤمنين، قال رجفة تکون بالشام – (لعلها إشارة إلي زلزال) - يهلک فيها أکثر من مائة ألف يجعلها الله رحمة للمؤمنين، و عذاباً علي الکافرين، فإذا کان ذلک، فانظروا إلي أصحاب البراذين الشهب المحذوفة والرايات الصفر، يقتل من المغرب حتي تحل بالشام، و ذلک عند الجزع الأکبر والموت الأحمر، فإذا کان ذلک فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها مرمرسا – (أغلب الروايات حرستا) – فإذا کان ذلک خرج ابن آکلة الأکباد من الوادي اليابس حتي يستوي علي منبر دمشق، فإذا کان ذلک فانتظروا خروج المهدي) [5] .. وهذا إشارة واضحة إلي بداية خروج السفياني.

لعل أفضل تصور عن حرکة السفياني و ما يفعل في المجتمع الإسلامي من مصائب وأهوال ما ذکره السيد الجليل البارع العلامة محمد الصدر في کتابه ما بعد الظهور (ص165-167).. ننقله بتصرف وإضافات:

إن (دمشق) الشام ستکون يومئذ مسرحاً لحروب داخلية، و صِدام مسلح بين فئات ثلاث (الأبقع، و الأصهب، و السفياني.. و هي تمثل مراکز الثقل السياسي و العسکري) کلها منحرفة عن الحق، و کل منها يريد الحکم لنفسه – و لا تعبر لنا الروايات اتجاهاتهم العقائدية – فيتقاتل الأبقع و أنصاره مع السفياني، فينتصر السفياني و يقتل الأبقع و من تبعه، ثم يتقاتل السفياني مع الأصهب فيکون النصر کذلک للسفياني، و هو الذي يفوز في هذه المعمعة.. وهذا مصداق لقول الله تعالي (فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ کَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [6] .. يسيطر السفياني علي الموقف في الشام و يتبعه أهلها، إلا عدد قليل و يحکم الکور الخمس: دمشق، و حمص، و فلسطين، والأردن، و قنسرين.

حين يستتب للسفياني الأمر، يطمع بالسيطرة علي العراق، و يفکر في غزوها عسکرياً، فيوجه إليها جيشاً (قوامه ثمانون ألفاً) يکون هو قائده. فيلتقي في طريقه جيشاً أرسله حکام العراق من أجل دفعه، فيقتتل الجيشان في منطقة تسمي قرقيسيا (منطقة واقعة في سوريا قريبة من الحدود العراقية) و يشترک في القتال الترک و الروم، و يکون قتالهما ضارباً، يقتل فيه من الجبارين حوالي مائة ألف.. و الجبارون کناية عن إن کل من يقتل - يومئذ - من المعرکة هو من الفاسقين المنحرفين، وبذلک تتخلص المنطقة من أهم القواد العسکريين، الذين يحتمل أن يجابهوا المهدي (عليه السلام) عند ظهوره.

علي أية حال، النصر سوف يکون للسفياني في هذه المعمعة أيضاً، فيدخل العراق ويضطر إلي منازلة (اليماني) في أرض الجزيرة (وهي أرض ما بين النهرين في العراق) فيسيطر عليها أيضاً، ويحوز من جيش اليماني ما کان قد جمعه من المنطقة خلال عملياته العسکرية.

ثم يسير إلي الکوفة، فيمعن فيها قتلاً و صلباً و سبياً.. و يقتل أعوان آل محمد صلي الله عليه وآله و رجلاً من المحسوبين عليهم.. ثم ينادي مناديه في الکوفة: من جاء برأس من شيعة علي (عليه السلام)، فله ألف درهم، فيثب الجار علي جاره، و هما علي مذهبين مختلفين في الإسلام، و يقول: هذا منهم، فيضرب عنقه، و يسلم رأسه إلي سلطات السفياني، فيأخذ منها ألف درهم.

لا تستطيع حرکة ضعيفة، وتمرد صغير يحدث في الکوفة من قبل أهلها ومؤيديهم التخلص من سلطة السفياني، بل سيتمکن السفياني من قتل قائد الحرکة بين الحيرة و الکوفة، وحينها تراق دماء کثيرة.

وحين يستتب له الأمر في العراق - أيضا - يطمع في غزو إيران فيصل إلي منطقة شيراز (باب اصطخر) فيلتقي مع الخراساني في معرکة.. کذلک يطمع في غزو الأراضي المقدسة في الحجاز، فيرسل جيشاً ضخماً إلي المدينة المنورة لاحتلالها، قوامه إثنا عشر ألف رجل، قائده رجل من بني أمية يقال له خزيمة – أغلب الروايات تؤکد أن السفياني نفسه ليس فيه – فيسير هذا الجيش بعدته و سلاحه متوجهاً نحو مدينة الرسول صلي الله عليه وآله، و يکون الإمام المهدي (عليه السلام) يومئذ بمکة المکرمة، بداية أيام ظهوره، فيتابع أخباره، فيرسل السفياني جيشاً في أثره متوجهاً نحو مکة، محاولاً قتله و الإجهاز عليه و علي أصحابه، و ظاهر سياق الروايات أن الجيش المتوجه إلي مکة هو الجيش الذي کان متوجها إلي المدينة المنورة، بعد أن نهبها لمدة ثلاثة أيام، و خربوا مسجد الرسول صلي الله عليه وآله.

إلا أن مکة المکرمة حرم آمن، لا يمکن أن يخاف فيه المستجير کما إن الإمام المهدي (عليه السلام) قائد مذخور لليوم الموعود و هداية للعالم، لا يمکن أن يقتل و لا بدّ من حمايته.. و من هنا تقضي الضرورة و المصلحة إفناء هذا الجيش و القضاء عليه، بفعل إعجازي إلهي، فيخسف به في البيداء ولا ينجوا منه إلا اثنان (بشير و نذير، وهما من قبيلة جهينة – ولذا جاء القول وعند جهينة الخبر اليقين) [7] يخبرون الناس عما حصل لرفاقهم.

بعد الخسف لا يعني ذلک القضاء علي السفياني، فبعد أن ملک سوريا والعراق والأردن وفلسطين ومنطقة واسعة من شبه الجزيرة العربية، سيبقي حکمه جاثماً علي المنطقة، ريثما يتحرک الإمام المهدي (عليه السلام) بعد الخسف بقليل، و يرد بجيشه إلي العراق و يناجزه القتال فيسيطر عليه ويقتله - يومئذ - بوادي الرملة.. و تتم سيطرة الإمام المهدي (عليه السلام) علي کل المنطقة التي کانت محکومة للسفياني، و من هنا تکون الفرصة مؤاتية للإمام (عليه السلام) للفتح العالمي.

لا بدّ أن نشير إلي بعض الأحاديث الشريفة و الروايات التي تؤکد خروج السفياني و أحواله حسب ما توفر لنا من مصادر.. قال: أمير المؤمنين (عليه السلام): (يخرج ابن آکلة الأکباد من الوادي اليابس، و هو رجل ربعه وحش الوجه ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة، و هو من ولد أبي سفيان، حتي يأتي أرضاً ذات قرار و معين فيستوي علي منبرها) [8] و المقصود بالأرض ذات قرار و معين هي دمشق.

عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه: (.. لا بدّ لبني فلان أن يملکوا، فإذا ملکوا ثم اختلفوا تفرق ملکهم وتشتت أمرهم، حتي يخرج عليهم الخراساني و السفياني، هذا من المشرق و هذا من المغرب، يستبقان إلي الکوفة کفرسي رهان، هذا من هنا و هذا من هنا، حتي يکون هلاک بني فلان علي أيديهما، أما إنهم لا يبقون منهم أحداً). [9] .

(عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في حديث طويل.. و منادٍ ينادي من السماء – إشارة إلي النداءات الثلاثة في رجب – و يجيئکم صوت من ناحية دمشق بالفتح – (الأصوات هي المؤتمرات و اللقاءات التي تحدث في دمشق و ما يصدر عنها من بيانات) – و تخسف قرية من قري الشام تسمي الجابية – (الخسف ربما معارک عسکرية داخلية أو دولية و القصف الجوي من أسباب الخسف.. و هذا بحسب ما يظهر في الرواية قبل وصول الترک والروم إلي منطقة و بالتحديد قبل معرکة قرقيسيا) – و تسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن – المسجد الأموي – و مارقة تمرق من ناحية الترک و يعقبها مرج الروم، وسيقبل أخوان الترک حتي ينزلوا الجزيرة، و سيقبل مارقة الروم حتي ينزلوا الرملة، فتلک السنة يا جابر، فيها اختلاف کثير في کل أرض من ناحية المغرب، فأول أرض المغرب أرض الشام، يختلفون عند ذلک علي ثلاث رايات، راية الأصهب و راية الأبقع و راية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع، فيقتتلون فيقتله السفياني و من تبعه، و يقتل الأصهب، ثم لا يکون له همة إلا الاقتتال نحو العراق، و يمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها، فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، و يبعث السفياني جيشا إلي الکوفة، وعدتهم سبعون ألفاً فيصيبون من أهل الکوفة قتلاً وصلباً وسبياً فبينما هم کذلک، إذ أقبلت رايات من قبل خراسان، وتطوي المنازل طياً حثيثاً، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثم يخرج رجل من موالي أهل الکوفة في ضعفاء،فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والکوفة، و يبعث السفياني بعثاً إلي المدينة، فينفر المهدي منها إلي مکة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلي مکة، فيبعث جيشاً علي أثره فلا يدرکه، حتي يدخل مکة خائفاً يترقب علي سنة موسي بن عمران، قال وينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء يا بيداء بيدي بالقوم، فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم إلي أقفيتهم، وهم من کلب و فيهم نزلت هذه الآية (يَا اَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْکِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَکُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَي أَدْبَارِهَا). [10] [11] .

(عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: إذا استولي السفياني علي الکور الخمس فعدوا له تسعة أشهر، و زعم هشام أن الکور الخمس دمشق، و فلسطين، و الأردن، و حمص، و حلب). [12] .

(عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال:.. إذا کان ذلک خرج السفياني، فيملک قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام، فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين علي الحق، يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرار، حتي إذا انتهي إلي بيداء المدينة، خسف الله به، وذلک قول الله (عليه السلام) في کتابه (وَلَوْ تَرَي إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَکَانٍ قَرِيبٍ) [13] [14] .

(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: کأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتکم بالکوفة، فنادي مناديه، من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار علي جاره، و يقول هذا منهم فيضرب عنقه و يأخذ ألف درهم، أما إمارتکم يومئذ لا تکون إلا لأولاد البغايا، کأني أنظر إلي صاحب البرقع، قلت و من صاحب البرقع، قال: رجل منکم يقول بقولکم يلبس البرقع، فيحوشکم – أي يجيئکم – فيعرفکم و لا تعرفونه، فيغمز بکم رجلاً رجلاً، أما أنه لا يکون إلا ابن بغي). [15] .

بعد الإيضاح عن حرکة السفياني و الأدلة المختصرة علي ذلک من الروايات الشريفة، و علي کثرتها في الموضوع، و کذلک بعض آيات القران الکريم.. نؤکد القول [16] بأن: السفياني من أبرز العلامات وأوثقها وأمتنها رواية، وتکاد لا تداني قوتها إلا ظاهرة النداء، وآية خسف البيداء، وهي کما ستري مختصة بالسفياني وخاصة أن الخسف يکون بجيشه.

والقول بحتم السفياني مقبول، وواضح الدلالة.. و لا ريب أن محو صورة السفياني، سيؤدي إلي محو صورة الخسف، و إذا ما جمعت روايات الصيحة و الخسف إلي روايات السفياني، أخرجت تواتراً أکيداً.. کما سيؤدي محو السفياني إلي محو الأصهب و الأبقع و ربما قرقيسيا أو بعض منها، و کذلک فتنة الشام، و فتن بلاد العراق، و حتي جزءٍ من صورة اليماني و الخراساني وغير ذلک مما سيمحو أغلب علامات الظهور.. لذا نؤکد حتم السفياني بالجملة، والله العالم.

و لا باس بذکر حديث الشيخ الطوسي في أماليه، وللصدوق في معاني الأخبار.. عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّا و آل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا صدق الله، وقالوا کذب الله، قاتل أبو سفيان رسول الله صلي الله عليه وآله، و قاتل معاوية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و قاتل يزيد بن معاوية، الحسين بن علي (عليه السلام)، و السفياني يقاتل القائم (عليه السلام)). [17] .


پاورقي

[1] السفياني – محمد فقيه ص118.

[2] غيبة النعماني ص202.

[3] غيبة النعماني ص178.

[4] غيبة النعماني ص171، إعلام الوري ص429، بحار الأنوار ج52 ص232.

[5] غيبة النعماني ص206، غيبة الشيخ الطوسي ص277، بحار الأنوار ج52 ص253.

[6] سورة مريم (37).

[7] بشارة الإسلام ص21، يوم الخلاص ص293.

[8] کمال الدين ص651، بشارة الإسلام ص46.

[9] غيبة النعماني ص171، بحار الأنوار ج52 ص234، إلزام الناصب ج2 ص130.

[10] سورة النساء (47).

[11] غيبة النعماني ص187، بحار الأنوار ج52 ص238.

[12] غيبة النعماني ص205، إلزام الناصب ج2 ص116.

[13] سورة سبأ، (51).

[14] غيبة النعماني ص206، بحار الأنوار ج52 ص252.

[15] غيبة الطوسي ص273، بحار الأنوار ج52 ص215، بشارة الإسلام ص124.

[16] السفياني – محمد فقيه ص106.

[17] بحار الأنوار ج52 ص190، إلزام الناصب ج2 ص131، السفياني – فقيه ص125، يوم الخلاص ص694.