بازگشت

مقدمة


أحداث وأخبار تتسارع يومياً، زلزال مدمر هنا وعاصفة قوية هناک، إنقلاب عسکري هنا و حرب طاحنة هناک، سقوط طائرة هنا و حادث تصادم مروع هناک.. و هکذا الأحداث دواليک تتسارع يومياً، وفي زحمة هذه الأحداث وخضمها، ينسي الإنسان أو يتناسي، يغفل أو يغيب عن ذهنه، الأحداث والأخبار التي من الممکن أن تعطيه دلالة مهمة، وعلامة بارزة لقرب ظهور إمامنا صاحب الزمان (عجل الله فرجه).

کثير من الناس لا يعرفون أصلا ما هي علامات الظهور، لم يَطَّلِع عليها أو لم يسمع بها، ولم تخطر له علي بال، وبعضهم وإن کان سمع بعض هذه العلامات.. إلا أن العلامات تظل مبهمة لديه، ومع وفرتها، تداخل الغث مع السمين.. فشکک بعض الناس في کثير منها، حتي أنهم أصبحوا لا يعرفون المحتوم من غيره.

وفي هذا الکتاب، أحاول قدر الإمکان، تسليط الضوء علي علامات ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وأسعي لتبويبها علي شکل أحداث متسلسلة زمنيا، لکي يستطيع المؤمن المنتظِر للفجر المقدس أن يتابعها و يترقبها.. فکثير من الکتّاب حاول تبويب العلامات علي نوعين فقط: محتوم وغير محتوم، أو ذکروا العلامات مجملا من غير تبويب.. إلا أنني، لم أجد من رتب أحداث وعلامات الظهور علي شکل أحداث زمنية متسلسلة، وهذا هو الأهم في الفترة الزمنية الحالية للمؤمنين.. حتي لا ينخدعوا بمدعي المهد ويه، وحتي لا تتخطفهم الأحداث بکثرتها.. وهذا هو موضوع الفصل الثالث، حيث تم ترتيب أحداث النصف الثاني لسنة الظهور علي شکل تسلسل زمني شهري (من شهر رجب – حتي شهر محرم).. واعتمدنا في ذلک علي الروايات الشريفة، التي توضح تاريخاً أو تثبت توقيتاً معيناً کيوم أو شهر، من غير تحديد للسنة، وهذا منهج بحثنا في هذا الفصل، ووفقنا والحمد لله، لتحديد جميع علامات الظهور المحتومة، وهناک علامات ظهور عديدة، لم نستدل فيها علي تحديد زمني معين، ولذا لم نذکرها – وتحتاج إلي من يبحث فيها – ويعتبر هذا الجزء (الفصل الثالث) بحق صلب وعمود الکتاب، والدافع الأساسي وراء کتابته سد الثغرة في المکتبة الاسلامية.

أما في التمهيد، أو بعبارة أخري، مدخل لبحث الموضوع، فحاولت أن أناقش أصل الفکرة (وجود الإمام المهدي (عليه السلام))، واعتمـدت الأسلـوب العلمي الرصين، في الرد علي المشککين باستخدام الإحصائيات والفهارس من القرآن الکريم والأحاديث الشريفة، وضربت أمثلة واضحة من کلا المصدرين.

أما في الفصل الأول، فتطرقت إلي الغيبة الصغري باختصار، وکيف بدأ تهيئة الناس تدريجياً لتقبل فکرة الغيبة الکبري.. وکما حدث التدرج في موضوع الغيبة من صغري إلي کبري، ليعتادها الناس ويألفوها، کذلک الأمر بالنسبة للظهور، من ظهور أصغر إلي الظهور الأکبر (الفجر المقدس).

ما في الفصل الثاني فتکلمت عن إرهاصات عامة للظهور وفساد آخر الزمان، وتقدم عصر الفتن والظلم علي عصر الظهور والعدل، وهذا مضمون واضح للروايات.. ثم حاولت أن أناقش علامـات الظهـور کأخبار وتنبؤات مستقبلية، هل تحقق بعض منها عبر التاريخ؟ وأثبتنا ذلک وضربنا بعض الأمثلة المثبتة.

أما في الفصل الرابع والأخير.. فبحثت في شرائط الظهور وأوضحتها علي شکل نقاط، وذکرت الخصائص والصفـات، باعتبار إذا اجتمعت هذه الشـرائط، کان يوم الفجر المقدس ناجزاً.. ومن ثم تکلمت عن الفرق بين علامات الظهور وشرائط الظهور.

أما في القسم الثاني من الفصل الرابع فبحثت في موضـوع البداء وعلامـات الظهور، علماً بأن (البداء) کموضوع فلسفي وعقائدي، کثير من العلماء بحث وکتب فيه، أما ربطه بعلامات الظهور فقليل جداً جداً من کتب فيه، يکاد لا يذکر أو تطرقوا إليه بشکل مختصر جداً کأسطر معدودة، مما دفعنا للبحث فيه، وحاولت قدر الإمکان أن أبسط لغة البحث وأسلوب العرض.

بشکل عام، اعتمدت علي تبسيط لغة الکتابة وتعميق الفکرة، ليکون الکتاب مستوعباً ومتاحاً لأکبر شريحة ممکنة.

أما تسمية الکتاب بـ (الفجر المقدس) وذلک لارتباط وقت الفجر بالإمام المهدي (عليه السلام) بأشياء عديدة.. فولادته (عليه السلام) في الفجر، وظهوره (عليه السلام) في الفجر، وصيحة جبرئيل الدال عليه في رمضان في الفجر.. (وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال في تفسير قوله تعالي:[وَالْفَجْرِ! وَلَيَالٍ عَشْرٍ]إن المراد من الفجر (القائم (عليه السلام))، وروي عنه أيضاً في تفسير سورة[إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ]أن معني[حَتَّي مَطْلَعِ الْفَجْرِ]حتي قيام وظهور القائم (عليه السلام) [1] .

نسأل الله التوفيق.


پاورقي

[1] النجم الثاقب ج1 ص73، إلزام الناصب ج1 ص105، 107.