متن الکتاب
کلمة السويدي فأقول: لقد قال هذا الفاضل في کتابه (سبائک الذهب) 78، لما وصل إلي اسم محمد بن الحسن العسکري (ع) ما لفظه: (وکان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وکان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقني الأنف، صبيح الجبهة. وزعم الشيعة أنه غاب في السرداب بسر من رأي والحرس عليه، سنة مائتين واثنتين وستين، وأنه صاحب السيف القائم المنتظر قبل قيام الساعة، وله قبل قيامه غيبتان، إحداهما أطول من الأخري. قلت: ومما يبطل کون المهدي محمد هذا هو المنتظر قبل الساعة: أصولهم التي أصلوها للإمامة وهي ما ذکروا في کتبهم من أن نصب الإمام واجب علي الله تعالي، وأنه لا يجوز علي الله أن يخلو (الظاهر: يخلي) الزمان من الإمام، وعندهم الإمامة محصورة في
[ صفحه 13]
هؤلاء الاثني عشر الذين [1] ذکرناهم، وهم الذين يوجبون العصمة لهم [2] ، فيقتضي أن الله قد ترک ما هو واجب عليه من عدم نصب المهدي إماما بعد موت أبيه، بل أخر ذلک إلي آخر الزمان. إن قالوا: إنه إمام الآن. فنقول: وأي فائدة من إمام مختف عاجز، لا يقدر علي رفع الظلم؟ مع أن زمان الأئمة الذين قبله کان أقرب لنبي الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، وقد ظهروا، وهذا الزمان أحوج إلي ظهور الإمام فيه، لبعده عن عصر النبوة، وزيادة الجور فيه. والذي اتفق عليه العلماء: أن المهدي هو القائم في آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلا، والأحاديث فيه وفي ظهوره کثيرة ليس هذا الموضع محل ذکرها، لأن هذا الکتاب لا يتسع لنقل مثل هذا) انتهي ما قال. الرد أقول: ومما يشيب الطفل الصغير، ويهرم الشيخ الکبير عجبا، قول ذلک الفاضل: - ومما يبطل کون المهدي محمد هذا هو... الخ، لأنه ادعي ولم يأت بالدليل عليه، وکيف يمکن لأحد أن يقيم برهانا علي هذه الدعوي الفاسدة، ويتسني لمن له عقل سليم، أن يثبت أن دعوي المهدي (ع) هو محمد بن الحسن (ع) القائم بالسيف يبطلها أصولنا التي أصلناها للإمامة؟! في حين أنها هي المثبتة لوجود صاحب الزمان، وکونه قائما بالسيف. فإنا نقول [3] : إن الإمام يحث الناس علي الطاعات، ويصدهم عن المعاصي،
[ صفحه 14]
ويمنعهم عن التغالب والتهاوش، ويبعثهم علي التناصف والتعادل، وکل من يصدر منه هذه الأمور فهو لطف، فالإمام لطف، وکل لطف واجب علي الله تعالي، فنصب الإمام واجب عليه تقدس، ما دام الناس موجودين، ولو کان زمنهم أبعد الأزمنة عن عصر النبوة. لا يقال الإمام إنما يکون لطفا، إذا کان متصرفا بالأمر والنهي، وأنا لا نقول به، فما نعتقده لطفا، لا نقول بوجوبه، وما نقول بوجوبه ليس بلطف: لأنا نقول: إن وجود الإمام نفسه لطف بوجوه: أحدها: أنه يحفظ الشرائع، ويحرسها عن الزيادة والنقصان وثانيها: أن اعتقاد المکلفين بوجود الإمام، وتجويز نفوذ حکمه عليهم في کل وقت سبب لردعهم عنم الفساد وتقربهم إلي الصلاح. وهذا معلوم بالضرورة، کما عليه فرقتنا الناجية، بعدما عرفت ولي الله في عصرها وإمامها، فإنها تقرب إلي الصلاح وترتدع عن الفساد في الدين وغيره. وثالثها: إن تصرف الإمام لا شک أنه لطف، وذلک لا يتم إلا بوجوده، فيکون وجود نفسه لطفا، وتصرفه لطفا آخر. ولأنا نقول (أنظر (تلخيص الشافي) و (الغيبة ص 11) لشيخ الطائفة، و (شرح) التجريد) للعلامة ص 285 - 286): الإمامة اللطفية يعتبر فيها ثلاث جهات: الأولي منها: ما يجب علي الله تعالي، وهو خلق الإمام، وتمکينه بالقدرة والعلم والنص عليه باسمه ونسبه، وهذا قد فعله الله تعالي في صاحب الزمان، لأنه قال في کتابه المبين للنبي (ص): (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) (سورة النجم)،
[ صفحه 15]
فظهر أن کلما يقول ويأمر به النبي (ص) هو عن أمر الله عز وجل، والنبي (ص) قد قال بإمامة صاحب الزمان وأخبر عنه، وأمر بإطاعته، کما وصل إلينا من الأخبار الکثيرة، والروايات الجمة المتواترة، من أوثق مصادرها، فلو لم يکن نصبه من الله عز وجل قد نصب المهدي بن الحسن (ع) إماما لنا، وهو صاحب زماننا عجل الله فرجه. والثانية: ما يجب علي الإمام، وهو تحمله للإمامة وقبوله لها، وهذا قد فعله الإمام صاحب الزمان (ع)، کما يظهر من الروايات الکثيرة التي فيها ذکر الذين وصلوا إلي خدمته، في زمان غيبته الصغري [4] والثالثة: ما يجب علي الرعية، وهو مساعدته، والنصرة له، وقبول أوامره وامتثال قوله، ومن المعلوم أن الرعية لم تکن تساعده وتنصره، وتقبل أوامره، کما لم تفعل مع أئمتنا الذين مضوا قبل هذا الإمام، فغيبته وحضوره من هذا الجهة سواء [5] . وبهذا يندفع بالکلية ما أشکل به بقوله، فنقول: وأي فائدة في إمام مختف عاجز لا يقدر علي رفع الظلم؟ مع أن هذا الإشکال بزعم هذا الفاضل يجري في الله تبارک وتعالي عن ذلک أيضا
[ صفحه 16]
لأن الله - وهو أجل من جميع المخلوقات - مختف عن أبصارنا کما يدل قوله عز وجل: [لا تدرکه الأبصار] [6] ، وهو أقدر من الإمام علي رفع الظلم لأنه مستجمع لجميع الصفات الکمالية، ومع ذلک کله لا يرفع الظلم والمناکير والفواحش من الناس، فيقال: - تقدس شأنه عن ذلک کله وتعالي -: ما الفائدة في أن الله تعالي مختف عاجز لا يقدر علي رفع الظلم؟! وأما ما قال: زعم الشيعة: 1 - أنه غاب في السرداب بسر من رأي والحرس عليه سنة مائتين واثنتين وستين و 2 - أنه صاحب السيف القائم المنتظر قبل قيام الساعة، و 3 - له قبل قيامه غيبتان إحداهما أطول من الأخري، و 4 - عندهم الإمامة محصورة في هؤلاء الاثني عشر، و 5- وهم الذين يوجبون العصمة لهم. فنقول: إن مثل هذا الکاتب الکبير، لا يحسن به أن ينسي أو يتناسي ما يذهب إليه جماعته، وأهل مذهبه، فإن أعاظم علماء أهل السنة شار کونا في الأربعة الأخيرة. وأما الزعم الأول: فلا أدري من أين أثبت أنه من رأي الإمامية ومذهبهم وهو ما لا يذهب إليه أحد منهم [7] ، وعلي کل تقدير فليس هو من الأصول في المذهب، والشؤون الکبيرة من الباب، لأن الشأن کله في إثبات غيبته سواء کانت في السرداب أو غيره.
[ صفحه 20]
وأما الأمور الأخر التي زعم اختصاص الشيعة في الذهاب إليها، والقول بها، فهو قول عار عن الاطلاع، والسبر لمذاهب السلف من قومه، وإليک کشف القناع عن هذه الحقيقة، لتعرف الحق حقا فتتبعه. فنقول: فأما الزعم الأول والثاني منها، وهو: أن محمدا هو صاحب السيف القائم المنتظر قبل قيام الساعة، وأن له قبل قيامه غيبتين، إحداهما أطول من الأخري - وبعد هذا کله فهل تبقي قيمة لما ذکره السويدي؟! ملاحظة: - لا ينافي ما تقدم احترامنا لهذا السرداب، وتقديسنا له، وذلک لما ثبت عندنا - وصرح به جماعة من المؤرخين والمحدثين - من أن هذه الأرض الواسعة بما فيها السرداب الطاهر، والمحيطة بالبقعة المبارکة التي دفن فيها الإمامان الحسن العسکري ووالده الهادي عليهما السلام وغيرهما من أهل البيت، کانت موضع سکني الإمامين وعوائلهما وذويهما، وعليها منازلهم ودورهم. فالسرداب إذا بقعة يجب تقديسها والتبرک بها، ولذلک ورد الأمر بزيارة الإمام المهدي وذکره (ع) في هذا المکان الطاهر.
[ صفحه 21]
فهو مما طفحت به کتب القوم، مصرحة بهذا الزعم، من دون تلويح أو تلميح: العلامة ابن طلحة فمنهم الشيخ کمال الدين محمد بن طلحة الشافعي، وقد عقد في کتابه (مطالب السئول في مناقب آل الرسول) فصلا خاصا [8] لذکر الإمام الحجة المنتظر. وقد ذکر أنه ابن الحسن العسکري (ع)، وبعد أن أفاض في البيان عن حليته، وشمائله، وکيفية حکمه، أخذ بسرد البراهين علي وجوده، وإثبات أنه هو المهدي القائم بالسيف، بما يوجب طمأنينة القلوب، وإنقاع غللها، وما يدرأ شکوک المشککين وإليک نص بيانه: قال: (الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمد بن الحسن الخالص ابن علي المتوکل ابن محمد القانع ابن علي الرضا بن موسي الکاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر عليهم السلام، شعر: فهذا الخلف الحجة قد أيده الله هداه منهج الحق وآتاه سجاياه وأعلي في ذري العلياء بالتأييد مرقاه وآتاه حلي فضل عظيم فتحلاه وقد قال رسول الله قولا قد رويناه وذو العلم بما قال إذا أدرک معناه يري الأخبار في المهدي جاءت بمسماه وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه
[ صفحه 22]
ويکفي قوله مني لإشراق محياه ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه ولن يبلغ ما أدته أمثال وأشباه فمن قالوا هو المهدي فما مانوا بما فاهوا وقد رتع من النبوة في أکناف عناصرها، ورضع من الرسالة أخلاف أواصرها وترع من القرابة بسجل معاصرها وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها، فاقتني من الأنساب شرف نصابها، واعتلي عند الانتساب علي شرف أحسابها، واجتني جنا الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطهر البتول، والمجزوم بکونها بضعة من الرسول، فالرسالة أصلها، وأنها لأشرف العناصر والأصول، فأما مولده فبسر من رأي، في ثالث وعشرين رمضان [9] سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة. وأما نسبه أبا وأما، فأبو محمد الحسن الخالص ابن علي المتوکل ابن محمد القانع ابن علي الرضا بن موسي الکاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين الزکي ابن علي المرتضي أمير المؤمنين عليه السلام، وقد تقدم ذکر ذلک مفصلا. وأمه أم ولد تسمي: صقيل، وقيل: حکيمة، وقيل: غير ذلک. وأما اسمه: فمحمد، وکنيته: أبو القاسم، ولقبه: الحجة، والخلف الصالح وقيل: المنتظر.
[ صفحه 23]
وأما ما ورد عن النبي (ص) في المهدي من الأحاديث الصحيحة: فمنها: ما نقله الإمامان أبو داود والترمذي کل واحد منهما بسنده في (صحيحه) يرفعه إلي أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: [المهدي مني، وأجلي الجبهة، أقني الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، کما ملئت جورا وظلما، ويملک سبع سنين]. ومنها: ما أخرجه أبو داود بسنده في (صحيحه) يرفعه إلي علي (ع) قال: قال رسول الله (ص): [لو لم يبق من الدهر إلا يوم واحد لبعث الله رجلا من أهل بيتي، يملأها عدلا کما ملئت جورا]. ومنها: ما رواه أيضا أبو داود في (صحيحة) يرفعه بسنده إلي أم سلمة زوج النبي (ص) قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: [المهدي من عترتي من ولد فاطمة]. ومنها: ما رواه القاضي أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي في کتابه المسمي. ب (شرح السنة)، وأخرجه الإمامان البخاري ومسلم، کل واحد منهما بسنده في (صحيحه) يرفعه إلي أبي هريرة، قال: قال رسول الله: [کيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيکم وإمامکم منکم]. ومنها: ما أخرجه أبو داود والترمذي بسندهما في (صحيحهما) يرفعه کل واحد منهما بسنده إلي عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله (ص): [لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلک اليوم، حتي يبعث الله رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت جورا وظلما] وفي رواية أخري (لا تنقضي الدنيا حتي يملک العرب رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).
[ صفحه 24]
هذه الروايات عن أبي داود والترمذي. ومنها: ما نقله الإمام أبو إسحاق بن محمد الثعلبي في (تفسيره) يرفعه بإسناده إلي أنس بن مالک قال: قال رسول الله (ص): (نحن بنو عبد المطلب سادة الجنة: أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين والمهدي). فإن قال معترض: هذه الأحاديث النبوية الکثيرة بتعدادها، المصرحة بجملتها وأفرادها، متفق علي صحة إسنادها، ومجمع علي نقلها عن رسول الله (ص) وإيرادها وهي صحيحة صريحة في إثبات کون المهدي من ولد فاطمة وأنه من رسول الله، وأنه من عترته، وأنه من أهل بيته، وأن اسمه يواطي اسمه، فإنه يملأ الأرض قسطا وعدلا، وأنه من ولد عبد المطلب، وأنه من سادات الجنة، وذلک مما لا نزاع فيه، غير أن ذلک لا يدل علي أن المهدي الموصوف بما ذکره من الصفات والعلامات، هو: هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجة الخلف الصالح، فإن ولد فاطمة کثيرون، وکل من يولد من ذريتها إلي يوم القيامة يصدق عليه أنه من ولد فاطمة، وأنه من العترة الطاهرة، وأنه من أهل البيت، فتحتاجون مع هذه الأحاديث المذکورة إلي زيادة دليل علي أن المهدي المراد هو الحجة المذکور ليتم مرامکم. فجوابه: إن رسول الله (ص) لما وصف المهدي بصفات متعددة، من ذکر اسمه ونسبه ومرجعه إلي فاطمة وإلي عبد المطلب، وأنه أجلي الجبهة، أقني الأنف، وعدد الأوصاف الکثيرة التي جمعتها الأحاديث الصحيحة المذکورة آنفا، وجعلها علامة ودلالة علي أن الشخص الذي يسمي بالمهدي، وتثبت له الأحکام المذکورة، هو الشخص الذي اجتمعت تلک الصفات فيه، ثم وجدنا تلک الصفات المجعولة علامة ودلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره، فيلزم القول بثبوت تلک الأحکام له، وأنه صاحبها، وإلا فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل، ولا يثبت.
[ صفحه 25]
ما هو مدلوله، قدح ذلک في نصبها علامة ودلالة من رسول الله (ص). فإن قال المعترض: لا يتم العمل بالعلامة والدلالة إلا بعد العلم باختصاص من وجدت فيه بها دون غيره، وتعينه لها، فأما إذا لم يعلم تخصيصه وانفراده بها فلا يحکم له بالدلالة. ونحن نسلم أنه من زمن رسول الله (ص) إلي ولادة الخلف الصالح الحجة محمد (ع) ما وجد من ولد فاطمة شخص جمع تلک الصفات التي هي العلامة والدلالة غيره، لکن وقت بعثة المهدي وظهوره وولايته هو في آخر أوقات الدنيا عند ظهور الدجال، ونزول عيسي بن مريم، وذلک سيأتي بعد مدة مديدة، ومن الآن إلي ذلک الوقت المتراخي الممتد أزمان متجددة، وفي العترة الطاهرة من سلالة فاطمة کثيرة يتعاقبون ويتوالدون إلي تلک الأيام، فمجوز أن يولد من السلالة الطاهرة، والعترة النبوية، من يجمع تلک الصفات فيکون هو المهدي المشار إليه في الأحاديث المذکورة، ومع هذا الاحتمال والإمکان کيف يبقي دليلکم مختصا بالحجة محمد المذکور؟. فالجواب: أنکم إذا عرفتم أنه إلي وقت ولادة الخلف الصالح، وإلي زماننا هذا لم يوجد من يجمع تلک الصفات والعلامات بأسرها سواه، فيکفي ذلک في ثبوت تلک الأحکام له عملا بالدلالة الموجودة في حقه، وما ذکرتموه من احتمال أن يتجدد مستقبلا في العترة الطاهرة، من يکون بتلک الصفات، لا يکون قادحا في إعمال الدلالة، ولا مانعا من ترتيب حکمها عليها،، فإن دلالة الدليل راجعة لظهورها، واحتمال تجدد ما يعارضها مرجوح، ولا يحوز ترک الراجح بالمرجوح، فإنه لو جوزنا ذلک لامتنع العمل بأکثر الأدلة المثبتة للأحکام، إذ ما من دليل إلا واحتمال تجدد ما يعارضه متطرق إليه، ولم يمنع ذلک من العمل به وفاقا، والذي يوضح ذلک ويؤکده: أن رسول الله - فيما أورده الإمام مسلم بن الحجاج في (صحيحة) يرفعه
[ صفحه 26]
بسنده - قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (يأتي عليک مع أمداد أهل اليمن أويس بن عامر من مراد، ثم من قرن کان به رص، فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة، هو بر لو أقسم علي الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لک فافعل) فالنبي صلي الله عليه وسلم ذکر اسمه ونسبه وصفته وجعل ذلک علامة دلالة علي أن المسمي بذلک الاسم، المتصف بتلک الصفات: لو أقسم علي الله لأبره، وأنه أهل لطلب الاستغفار منه، وهذه منزلة عالية، ومقام عند الله تعالي عظيم، فلم يزل عمر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله (ص) وبعد وفاة أبي بکر رضي الله عنه يسأل أمداد اليمن من الموصوف بذلک، حتي قدم وفد من اليمن، فسألهم فأخبر بشخص متصف بذلک، فلم يتوقف عمر رضي الله عنه في العمل بتلک العلامة والدلالة التي ذکرها رسول الله (ص)، بل بادر إلي العمل بها واجتمع به وسأله الاستغفار، وجزم أنه المشار إليه في الحديث النبوي لما علم تلک الصفات فيه مع وجود احتمال أن يتجدد في وفود اليمن مستقبلا من يکون بتلک الصفات. فإن قبيلة مراد کثيرة، والتوالد فيها کثير، وعين ما ذکرتموه من الاحتمال موجود، وکذلک قضية الخوارج لما وصفهم رسول الله (ص) بصفات ورتب عليها حکمهم، ثم بعد ذلک لما وجدها علي (ع) موجودة في أولئک في واقعة حروراء والنهروان، جزم بأنهم هم المرادون بالحديث النبوي وقاتلهم وقتلهم، فعمل بالدلالة عند وجود الصفة، مع احتمال أن يکون المرادون غيرهم، وأمثال هذه الدلالة، والعمل بها مع قيام الاحتمال کثيرة، فعلم أن الدلالة الراجحة لا تترک لاحتمال المرجوح. ونزيده بيانا وتقريرا فنقول: لزوم ثبوت الحکم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه أمر يتعين العمل فيه، والمصير إليه، فمن ترکه وقال: بأن صاحب الصفات المراد بإثبات الحکم له، ليس هو هذا بل شخص غيره سيأتي،
[ صفحه 27]
فقد عدل عن النهج القويم، ووقف نفسه موقف المليم، ويدل علي ذلک: أن الله عز وجل وعلا لما أنزل في التوراة علي موسي: أنه يبعث النبي العربي في آخر الزمان خاتم الأنبياء، ونعته بأوصافه وجعلها علامة ودلالة علي إثبات حکم النبوة له، وصار قوم موسي يذکرونه بصفاته ويعلمون أنه يبعث، فلما قرب زمان ظهوره وبعثه صاروا يهددون المشرکين به، ويقولون: سيظهر الآن نبي نعته کذا وصفته وکذا، ونستعين به علي قتالکم، فلما بعث ووجدوا العلامات والصفات بأسرها التي جعلت دلالة علي نبوته أنکروه، وقالوا ليس هو هذا، بل هو غيره وسيأتي، فلما جنحوا إلي الاحتمال، وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال، أنکر الله تعالي عليهم کونهم ترکوا العمل بالدلالة الموجودة في الحال، أنکر الله تعالي عليهم کونهم ترکوا العمل بالدلالة التي ذکرها لهم في التوراة، وجنحوا إلي الاحتمال وهذه القصة من أکبر الأدلة وأقوي الحجج علي أنه يتعين العمل بالدلالة عند وجودها، وإثبات الحکم لمن وجدت تلک الدلالة فيه، فإذا کانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت الأحکام المذکورة موجودة في الحجة الخلف الصالح محمد، تعين إثبات کون المهدي المشار إليه من غير جنوح إلي الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال. فإن قال المعترض: نسلم لکم أن الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعين العمل بها، ولزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه، لکن نمنع وجود تلک العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمد، فإن من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة أن يکون اسم أبيه مواطيا لاسم أب النبي (ص)، هکذا صرح به الحديث النبوي علي ما أوردوه وهذه الصفة لم توجد فيه، فإن اسم أبيه الحسن واسم أب النبي (ص) عبد الله وأين الحسن من عبد الله؟ فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة وإذا لم يوجد جزء العلة لا يثبت حکمها، فإن الصفات الباقية لا تکفي في إثبات تلک الأحکام، إذ النبي (ص) لم يجعل تلک الأحکام ثابتة إلا لمن اجتمعت تلک الصفاتفيه کلها التي جزؤها مواطاة اسمي الأبوين في حقه، وهذه لم
[ صفحه 28]
تجتمع في الحجة الخلف، فلا يثبت تلک الأحکام له. وهذا إشکال قوي. فالجواب [10] : لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبني عليهما الغرض: الأول: أنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب علي الجد الأعلي، وقد نطق القرآن الکريم بذلک فقال تعالي: (ملة أبيکم إبراهيم) [11] وقال تعالي حکاية عن يوسف (ع): (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) [12] ونطق بذلک النبي (ص) في حديث الإسراء، أنه قال: (قلت: من هذا؟ قال: أبوک إبراهيم). فعلم أن لفظة الأب تطلق علي الجد وإن علا. فهذا أحد الأمرين. الأمر الثاني: أن لفظة الاسم تطلق علي الکنية وعلي الصفة، وقد استعملها الفصحاء، ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث، حتي ذکرها الإمامان -
[ صفحه 29]
البخاري ومسلم کل منهما يرفعه إلي سهل بن سعد الساعدي، أنه قال عن علي (ع): (أن رسول الله (ص) سماه بأبي تراب، لم يکن له اسم أحب إليه منه) فأطلق لفظة الاسم علي الکنية، ومثل ذلک قال الشاعر:
أجل قدرک أن تسمي مؤنته
ومن کناک فقد سماک للعرب
ويروي: ومن يصفک: فأطلق التسمية علي الکناية أو الصفة، وهذا شايع ذايع في لسان العرب فإذا وضح ما ذکرناه من الأمرين، فاعلم أيدک الله بتوفيقه: أن النبي (ص) کان له سبطان: أبو محمد الحسن، وأبو عبد الله الحسين، ولما کان الحجة الخلف الصالح. محمد، من ولد أبي عبد الله الحسين، ولم يکن من ولد أبي محمد الحسن، وکانت کنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبي (ص) علي الکنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه، وأطلق علي الجد لفظة الأب، فکأنه قال: يواطي اسمه اسمي فهو محمد وأنا محمد، وکنية جدة اسم أبي إذ هو عبد الله، وأبي عبد الله، لتکون تلک الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز، وحينئذ تنتظم الصفات، وتوجد بأسرها مجتمعة للحجة الخلف الصالح محمد وهذا بيان کاف شاف في إزالة ذلک الإشکال فافهم) انتهي کلام محمد بن طلحة الشافعي [13] .
[ صفحه 31]
ومنهم الشيخ محي الدين ابن العربي [14] .
[ صفحه 32]
في کتابه (الفتوحات) [15] ، فإنه يقر بأن المهدي الذي يأتي قبل القيامة، ما هو إلا محمد بن الحسن العسکري (ع) الذي هو اعتقاد الإمامية، ويبين جملة من فضائله ومناقبه، وهذا قوله: (اعلموا أنه لا بد من خروج المهدي، لکن لا يخرج حتي تملأ الأرض جورا وظلما، فيملأها قسطا وعدلا، وهو من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة رضي الله تعالي عنها، جده الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الإمام الحسن العسکري ابن الإمام علي النقي - بالنون - ابن الإمام محمد التقي - بالتاء - ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسي الکاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالي عنه يواطئ اسمه اسم رسول الله (ص)، يبايعه المسلمون بين الرکن والمقام، يشبه
[ صفحه 33]
رسول الله (ص) في الخلق - بفتح الخاء - وقريبا منه في الخلق، أسعد الناس به أهل الکوفة، يقسم المال بالسوية، ويعدل به في الرعية، يمشي الخضر بين يديه، يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا، ويقفو أثر رسول الله (ص)، له ملک يسدده من حيث لا يراه، يفتح المدينة الرومية بالتکبير، مع سبعين ألفا من المسلمين، يعز الله به الإسلام بعد ذله، ويحييه بعد موته، ويضع الجزية، ويدعو إلي الله بالسيف فمن أبي قتل، ومن نازعه خذل، يحکم بالدين الخالص عن الرأي، ويخالف في غالب أحکامه مذاهب العلماء، فينقبضون لذلک، لظنهم أن الله تعالي لا يحدث بعد أئمتهم مجتهدا، (وأطال في ذکر وقائعه معهم ثم قال [16] - واعلم أن المهدي إذا خرج يفرح به المسلمون، خاصتهم وعامتهم، وله رجال إلهيون، يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء له، يتحملون أثقال المملکة عنه، ويعينونه علي ما قلده الله به، ينزل عليه عيسي بن مريم (ع) بالمنارة البيضاء، شرق دمشق متکئا علي ملکين، ملک عن يمينه وملک عن يساره، والناس في صلاة العصر، فيتنحي الإمام من مقامه، فيتقدم فيصلي بالناس،، يؤم الناس بسنة نبينا محمد (ص) ويکسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويقبض الله إليه المهدي طاهرا مطهرا). (3) الشيخ الشعراني ومنهم: عبد الوهاب الشعراني [17] .
[ صفحه 34]
في کتابه (لواقح الأنوار في طبقات الأخيار) [18] قال في ذکر من رأي الحجة. (ومنهم: الشيخ الصالح العابد الزاهد ذو الکشف الصحيح، والحال العظيم الشيخ حسن العراقي المدفون فوق الکوم المطل علي برکة الرطلي، کان رضي الله عنه قد عمر نحو مائة سنة وثلاثين سنة، ودخلت عليه مرة أنا وسيدي أبو العباس الحرشي فقال: أحدثکم بحديث تعرفون به أمري من حين کنت شابا إلي وقتي هذا؟ فقلنا:
[ صفحه 35]
نعم. فقال: کنت شابا أمرد أنسج العباء في الشام وکنت مسرفا علي نفسي، فدخلت جامع بني أمية، فوجدت شخصا علي الکرسي، يتکلم في أمر المهدي وخروجه، فتشرب حبه قلبي، وصرت أدعو في سجودي بأن الله يجمعني عليه، فمکثت نحو سنة وأنا أدعو، فبينما أنا بعد المغرب في الجامع إذ دخل علي شخص عليه عمامة کعمائم العجم وجبة من وبر الجمل، فجس بيده علي کتفي، وقال لي: ما لک بالاجتماع بي؟ فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا المهدي، فقبلت يده وقلت: إمض بنا إلي البيت فأجاب وقال: أخل لي مکانا لا يدخل علي فيه أحد غيرک، فأخليت له، فمکث عندي سبعة أيام، وأمرني بصوم يوم، وإفطار يوم، وبصلاة خمسمائة رکعة في کل ليلة، وأن لا أضع جنبي علي الأرض للنوم إلا غلبة، ثم طلب الخروج وقال لي، يا حسن لا تجتمع بأحد بعدي، ويکفيک ما حصل لک مني، فما ثم إلا دون ما وصل إليک مني، فلا تتحمل منة أحد بلا فائدة، قلت: سمعا وطاعة وخرجت أودعه، فأوقفني عند عتبة باب الدار، وقال: من هنا، فأقمت علي ذلک سنين عديدة (إلي أن قال الشعراني بعد ذکر سياحة حسن العراقي): وسألت المهدي عن عمره فقال: يا ولدي، عمري الآن ستمائة سنة وعشرون سنة. ولي عنه الآن مائة سنة، فقلت ذلک لسيدي علي الخواص فوافقه علي عمر المهدي رضي الله عنه) وأيضا قال الشعراني في کتابه (اليواقيت والجواهر) [19] ما لفظه: (المبحث الخامس والستون، في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبر بها
[ صفحه 36]
الشارع (ص) حق لا بد أن يقع کلها قبل قيام الساعة، وذلک کخروج المهدي، ثم الدجال، ثم نزول عيسي، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ورفع القرآن، وفتح سد يأجوج ومأجوج، حتي لو لم يبق من الدنيا إلا مقدار يوم واحد لوقع ذلک کله، قال الشيخ تقي الدين بن أبي منصور في (عقيدته): وکل هذه الآيات تقع في المائة الأخيرة، من اليوم الذي وعد به رسول الله (ص) أمته، بقوله: إن صلحت أمتي فلها يوم، وإن فسدت فلها نصف يوم، يعني: من أيام الرب المشار إليها بقوله: (وأن يوما عند ربک کألف سنة مما تعدون)، قال بعض العارفين: وأول الألف محسوب من وفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء، فإن تلک المدة کانت من جملة أيام نبوة رسول الله ورسالته، فمهد الله تعالي بالخلفاء الأربعة البلاد، ومراده (ص) - إن شاء الله - بالألف: قوة سلطان شريعته، إلي انتهاء الألف، ثم تأخذ في الاضمحلال، إلي أن يصير الدين غريبا کما بدئ، وذلک الاضمحلال يکون بدايته، من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر، فهناک يترقب خروج المهدي. وهو من أولاد الإمام الحسن العسکري، ومولده (ع) ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلي أن يجتمع بعيسي بن مريم (ع) فيکون إلي وقتنا هذا - وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة - سبعمائة سنة وست وستين [20] هکذا أخبرني الشيخ حسن العراقي، المدفون فوق کوم الريش المطل علي برکة الرطلي بمصر المحروسة، عن الإمام المهدي حين اجتمع به، ووافقه علي ذلک شيخنا سيدي علي الخواص رحمهما الله. وعبارة الشيخ محي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات هکذا:
[ صفحه 37]
واعلموا: أنه لا بد من خروج المهدي رضي الله عنه، ولکن لا يخرج حتي تمتلئ الأرض جورا وظلما، فيملأها قسطا وعدلا، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله تعالي ذلک اليوم، حتي يلي هذا الخليفة، وهو من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة رضي الله عنها، جدة الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الحسن العسکري، ابن الإمام علي النقي - بالنون - ابن محمد التقي - بالتاء - ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسي الکاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب، يواطئ اسمه اسم رسول الله، يبايعه المسلمون ما بين الرکن والمقام، يشبه رسول الله (ص) في الخلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخلق - بضمها - إذ لا يکون أحد مثل رسول الله (ص) في أخلاقه، والله تعالي يقول: (إنک لعلي خلق عظيم)، هو أجلي الجبهة، أقني الأنف، أسعد الناس به أهل الکوفة، يقسم المال بالسوية، ويعدل في الرعية، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي اعطني، وبين يديه المال، فيحثي [21] له ما استطاع أن يحمله، ويخرج علي فترة من الدين، يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل جاهلا وجبانا وبخيلا، فيصبح عالما شجاعا کريما، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا، يقفو أثر رسول الله ولا يخطئ، له ملک يسدده من حيث لا يراه، يحمل الکل، ويعين الضعيف، ويساعد علي نوائب الحق يفعل ما يقول، ويقول ما يفعل، ويعلم ما يشهد، ويصلحه الله في ليلة، يفتح المدينة الرومية بالتکبير مع سبعين ألف من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمي مأدبة الله بمرج عکا، يبيد الظلم وأهلة، ويقيم الدين، وينفخ الروح في الإسلام،
[ صفحه 38]
يعز الله به الإسلام بعد ذله، ويحييه بعد موته، يضع الجزية، ويدعو إلي الله بالسيف فمن أبي قتل، ومن نازعه خذل، يظهر الدين ما هو عليه في نفسه حتي لو کان رسول الله (ص) حيا لحکم به، فلا يبقي في زمانه إلا الدين الخالص عن الرأي، يخالف في غالب أحکامه مذاهب العلماء، فينقبضون منه لذلک، لظنهم أن الله تعالي لا يحدث بعد أئمتهم مجتهدا، وأطال في ذلک، وفي ذکر وقائعه معهم - ثم قال: - واعلم أن المهدي إذا خرج يفرح به جميع المسلمين خاصتهم وعامتهم، وله رجال إلهيون، يقيمون دعوته، وينصرونه وهم الوزراء له، يتحملون أثقال المملکة ويعينونه علي ما قلد الله له، ينزل عليه عيسي بن مريم (ع) بالمنارة البيضاء، شرقي دمشق، متکئا علي ملکين، ملک عن يمينه، وملک عن شماله، والناس في صلاة العصر، فيتنحي له الإمام من مکانه، فيتقدم ويصلي بالناس يؤم الناس بسنة النبي (ص) ويکسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويقبض الله إليه المهدي طاهرا مطهرا. وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق، ويخسف بجيشه في البيداء فمن کان مجبورا من ذلک الجيش مکرها يحشر علي نيته، وقد جاءکم زمانه، وأظلکم أوانه، وقد ظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية، قرن رسول الله وهو قرن الصحابة، ثم الذي يليه، ثم الذي يلي الثاني، ثم جاء بينها فترات وحدثت أمور، وانتشرت أهواء، وسفکت دماء، فاختفي إلي أن يجئ الوقت المعلوم، فشهداؤه خير الشهداء، وأمناؤه أفضل الأمناء. قال الشيخ محي الدين: وقد استوزر الله تعالي له طائفة خبأهم الحق له في مکنون غيبه، أطلعهم کشفا وشهودا علي الحقائق، وما هو أمر الله عليه في عباده، وهم علي أقدام رجال من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي
[ صفحه 39]
، لکن لا يتکلمون إلا بالعربية، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصي الله قط، هو أخص الوزراء. - (وبعد فصل صحيفة يقول): فإن قلت: فما صورة ما يحکم به المهدي إذا خرج؟ هل يحکم بالنصوص؟ أو بالاجتهاد؟ أو بهما؟. فالجواب - کما قاله الشيخ محي الدين -: أنه يحکم بما ألقي إليه ملک الالهام من الشريعة، وذلک أن يلهمه الله الشرع المحمدي فيحکم به کما أشار إليه حديث المهدي: (وأنه يقفو أثري)، فعرفنا (ص) أنه متبع لا مبتدع، وأنه معصوم في حکمه، إذ لا معني للمعصوم في الحکم إلا أنه لا يخطئ، وحکم رسول الله (ص) لا يخطئ، فإنه (ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) وقد أخبر عن المهدي أنه لا يخطئ، وجعله ملحقا بالأنبياء في ذلک الحکم. قال الشيخ: فعلم أنه يحرم علي المهدي القياس مع وجود النصوص التي منحه الله إياها علي لسان ملک الالهام، بل حرم بعض المحققين علي جميع أهل الله القياس، لکون رسول الله مشهودا لهم، فإذا شکوا في صحة حديث أو حکم، رجعوا إليه في ذلک فأخبرهم بالأمر الحق يقظة ومشافهة، وصاحب هذا المشهد لا يحتاج إلي تقليد أحد من الأئمة غير رسول الله. قال الله تعالي: (قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني)، وأطال في ذلک) انتهي. (4) الشيخ الموؤدي ومنهم: علي أکبر بن أسد الله الموؤدي [22] ، إذ قال في کتاب (المکاشفات حاشية النفحات) في ترجمة علي بن سهل بن الأزهر الأصفهاني [23] :
[ صفحه 40]
(ولقد قالوا: إن عدم الخطأ في الحکم مخصوص بالأنبياء أکد الخصوصية والشيخ رضي الله عنه يخالفهم في ذلک، لحديث ورد في شأن الإمام المهدي الموعود، علي جده وعليه الصلاة والسلام - کما ذکر ذلک صاحب (اليواقيت) منه حيث قال - صرح الشيخ رضي الله عنه في (الفتوحات) بأن الإمام المهدي يحکم بما ألقي إليه الالهام من الشريعة، وذلک أنه يلهمه الشرع المحمدي فيحکم به، کما أشار إليه حديث المهدي (أنه يقفو أثري لا يخطئ) فعرفنا (ص) أنه متبع لا مبتدع، وأنه معصوم في حکمه، إذ لا معني للمعصوم في الحکم إلا أنه لا يخطئ وحکم رسول الله (ص) لا يخطئ، فإنه (ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) وقد أخبر عن المهدي أنه لا يخطئ، وجعله ملحقا بالأنبياء في ذلک الحکم، وأطال صاحب (اليواقيت) في ذلک، نقلا عن الشيخ رضي الله عنه، وعن غيره من العلماء والفضلاء من أهل السنة والجماعة. وقال رحمة الله عليه في المبحث الحادي والثلاثين في بيان عصمة الأنبياء، من کل حرک ء وسکون، وقول وفعل ينقص مقامهم الأکمل، وذلک لدوام عکوفهم في حضرة الله تعالي الخاصة، فتارة يشهدونه سبحانه، وتارة يشهدون أنه يراهم ولا يرونه ولا يخرجون أبدا عن شهود هذين الأمرين، ومن کان مقامه کذلک لا يتصور في حقه مخالفة قط صورية کما سيأتي بيانه، وتسمي هذه حضرة الاحسان، ومنها عصم الأنبياء وحفظ الأولياء، فالأولياء يخرجون ويدخلون، والأنبياء مقيمون. ثم قال في المبحث الخامس والأربعين: - قد ذکر الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: أن للقطب خمسة عشر علامة أن يمد بمد العصمة والرحمة والخلافة والنيابة، ومدد حملة العرش، ويکشف له عن حقيقة الذات وإحاطة الصفات،
[ صفحه 41]
إلي أخره.. فبهذا صح مذهب من ذهب إلي کون غير النبي معصوما، ومن قيد العصمة في زمرة معدودة، ونفاها عن غير تلک الزمرة، فقد سلک مسلکا آخر، وله أيضا وجه يعلمه من علمه، فإن الحکم بکون المهدي الموعود رضي الله عنه موجودا وهو کان قطبا بعد أبيه الحسن العسکري (ع) کما کان هو قطبا بعد أبيه. إلي الإمام علي بن أبي طالب.. کرمنا الله بوجوههم، يشير إلي صحة حصر تلک الرتبة في وجوداتهم من حين کانت القطبية في وجود جده علي بن أبي طالب إلي أن تتم فيه، لا قبل ذلک، فکل قطب فرد يکون علي تلک الرتبة نيابة عنه، لغيبوبته عن أعين العوام والخواص لا عن أعين أخص الخواص، وقد ذکر ذلک عن الشيخ صاحب (اليواقيت) وعن غيره أيضا رضي الله عنه، فلا بد أن يکون لکل إمام من الأئمة الاثني عشر عصمة [24] خذ هذه الفائدة) ثم ذکر ما نقلناه قريبا عن الشعراني، وعن محي الدين ابن العربي. (5) رشد الدين الدهلوي ومنهم: الفاضل رشيد الدين الدهلوي الهندي [25] ، فإنه نقل في کتابه (إيضاح لطافة
[ صفحه 42]
المقال) عن محمد پارسا، قوله الذي نذکره فيما يلي من کتابه (فصل الخطاب) مرتضيا له: (6) الحافظ محمد پارسا ومنهم: محمد پارسا [26] .
[ صفحه 43]
إذ يقول في کتابه (فصل الخطاب) [27] : - (ولما زعم أبو عبد الله جعفر بن أبي الحسن علي الهادي رضي الله عنه، أنه لا ولد لأخيه أبي محمد الحسن العسکري رضي الله عنه، وادعي أن أخاه الحسن العسکري رضي الله عنه جعل الإمامة فيه، سمي الکذاب، وهو المعروف بذلک [28] ، والعقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر، وعقب علي هذا في ثلاثة: عبد الله وجعفر وإسماعيل وکان مولد المنتظر ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، أمه: أم ولد يقال لها: نرجس، توفي أبوه وهو ابن خمس سنين، فاختفي إلي الآن، وأبو محمد الحسن العسکري، ولده محمد رضي الله عنه: معلوم عند خاصة أصحابه، وثقات أهله. ويروي: أن حکيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد رضي الله عنه، عمة أبي محمد الحسن العسکري رضي الله عنه، کانت تحبه، وتدعو له، وتتضرع أن تري له
[ صفحه 44]
ولدا، وکان أبو محمد الحسن العسکري اصطفي جارية يقال لها: نرجس، فلما کان ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، دخلت حکيمة، فدعت لأبي محمد العسکري، فقال لها: يا عمة کوني الليلة عندنا لأمر، فأقامت کما رسم فلما کان وقت الفجر، اضطربت نرجس، فقامت إليها حکيمة، فلما رأت المولود أتت به أبا محمد الحسن العسکري رضي الله عنه، وهو مختون مفروغ عنه، فأخذ وأمر يده علي ظهره وعينيه وأدخل لسانه في فمه، وأذن في أذنه اليمني وأقام في الأخري. ثم قال: يا عمة اذهبي به إلي أمه، فذهبت به وردته إلي أمه، قالت حکيمة: فجئت إلي أبي محمد الحسن العسکري رضي الله عنه، فإذا المولود بين يديه في ثياب صفر، وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي، فقلت: سيدي هل عندک من علم في المولود المبارک، فتلقيه إلي؟ فقال: أي عمة هذا المنتظر هذا الذي بشرنا به. فقالت حکيمة: فخررت لله تعالي ساجدة شکرا علي ذلک. قالت: ثم کنت أتردد إلي أبي محمد الحسن العسکري رضي الله عنه، فلما لم أره فقلت له يوما: يا مولاي، ما فعلت بسيدنا ومنتظرنا؟ قال: استودعناه الذي استودعته أم موسي ابنها. (وأخرج فيه [29] عن ابن مسعود [30] ، فقال: عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله تعالي ذلک اليوم حتي يبعث الله تعالي فيه رجلا من أمتي - أو من أهل بيتي -: يواطي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا.
[ صفحه 45]
وفي أخري: (لا تنقضي الدنيا حتي يملک العرب رجل من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي) أخرجه أبو داود رحمه الله. وقوله (ص): اسمه اسم أبي - في إحدي روايتي أبي داود رحمه الله - ينفي صريحا ما ذهب إليه الإمامية. (ثم أفاد في الحاشية في (أن اسمه اسم أبي) بهذا): - ذکر في بعض الروايات أبو داود رحمه الله: - اسمه اسم أبي - وأهل البيت لا يصححون هذه الرواية لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه، والجمهور من أهل السنة نقلوا: أن زائدة کان يزيد في الأحاديث. ذکر الإمام الحافظ أبو الحافظ البستي رحمه الله في کتاب (المجروحين من المحدثين): - زائدة مولي عثمان رضي الله عنه، روي عنه أبو الزياد، منکر الحديث جدا، وهو مدني، لا يحتج به لو وافق الثقات، فکيف إذا انفرد، وزائدة بن أبي الرقاد الباهلي من أهل البصرة، يروي المناکير عن المشاهير، لا يحتج بخبره، ولا يکتب إلا للاعتبار. وقالوا: يحتمل أن الراوي وهم بحرف تقديره: واسم أبيه اسم ابني، والمراد بابنه الحسن، وکذلک قالوا في الخبر الذي فيه: أن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه قال - وقد نظر إلي ابنه الحسن رضي الله عنه -: (إن ابني هذا سيد، وسيخرج من صلبه رجل يسمي باسم نبيکم، يشبهه في الخلق، يملأ الأرض عدلا) قالوا: فإن الراوي وهم أيضا في حرف واحد وهو: الياء، فأراد أن يقول: الحسين، فقال الحسن. (ثم قال بعد کلام له) والأخبار في ذلک أکثر من أن تحصي، ومناقب المهدي رضي الله عنه صاحب الزمان، الغائب عن الأعيان، الموجود في کل زمان، کثيرة، وقد تظاهرت الأخبار علي ظهوره، وإشراق نوره، يجدد الشريعة المحمدية
[ صفحه 46]
ويجاهد في الله حق جهاده، ويطهر من الأدناس أقطار بلاده، زمانه زمان المتقين، وأصحابه خلصوا من الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه وطريقه، واهتدوا من الحق إلي تحقيقه، به ختمت الخلافة والإمامة، وهو الإمام من لدن مات أبوه إلي يوم القيامة، وعيسي (ع) يصلي خلفه، ويصدقه علي دعواه، ويدعو إلي ملته التي هو عليها، والنبي (ص) صاحب الملة. (7) الشيخ عبد الحق الدهلوي منهم: الشيخ عبد الحق الدهلوي [31] ، إذ قال في رسالة (مناقب وأحوال أئمة أطهار) [32] :
[ صفحه 47]
(وأبو محمد حسن عسکري [33] ، ولد أو محمد رضي الله عنهما معلوم أست نزد خواص أصحاب وثقات أهلش وروايت کرده اند: حکيمة بنت أبي جعفر محمد جواد رضي الله عنه که عمه أبو محمد حسن عسکري رضي الله عنه باشد، ودوست ميداشت ودعا ميکرد، وتضرع مينمود، که اورا پسري بوجود به بيند، وأبو محمد حسن عسکري رضي الله عنه جاريهء را بر گزيده بود که نرجس ميگفتند، چون شب نصف شعبان سنه خمس وخمسين ومائتين شد، حکيمه نزد أبو محمد حسن عسري آمد، اورا دعا کرد، وحسن عسکري التماس نمود که ياعمه امشب نزد ما باش که کاري درپيش است، حکيمه بالتماس حسن عسکري شب درخانه ايشان بايستاد چون وقت فجر رسيد، نرجس بدرد زه مضطرب شد، حکيمه نزد نرجس امد، مولودي ديد بوجود امده، مختون مفروغ عنه، يعني: ختنه کرده شده، فارغ از ختنه وکار شست وشوکه مولودرا کنند، نرد حسن عسکري أورد، بگرفت ودست برپشتش وچشمانش فرود أورد، وزبان خودرا در دهنش در أورد، ودر گوش راست أو أذان، ودر گوش چپ أو إقامت وکفت: عمه ببر اورا پيش مادرش، پس حکيمه أو را بمادرش سپرد، وحکيمه ميگويد: که بعد اورا پيش أبو محمد حسن عسکري رضي الله عنه امدم، مولود را پيش وي ديدم در جامهاي زد ونوري وعظمتي ديدم که دل من تمام کرفتار أو شد کفتم: سيدي هيچ علمي داري بحال أين مولود مبارک که أون علم را بمن القا کني؟ گفت: ياعمه أين مولود منتظر ما است که ما را بدان بشارت دارده بودند، حکيمه کفت: پس من بزمين
[ صفحه 48]
افتادم وبشکرانه ان بسجده رفتم، ديگر تزد أبو محمد حسن عسکري امد ورفت ميکردم، روزي نزدوي امدم مولود را نديدم، پرسيدم أي مولاي من أون سيد منتظر ما چه شد؟ فرمود: اورا سپرديم بانکس که ما در موسي عليه الصلاة والسلام پسر خودرا بوي سپرده). (8) السيد جمال الدين الشيرازي ومنهم: السيد جمال الدين عطاء الله [34] ابن السيد غياث الدين فضل الله ابن السيد عبد الرحمن حيث قال في کتابه (روضة الأحباب) [35] . (الکلام دربيان امام دوازدهم مؤتمن محمد بن الحسن، تولد همايون ان در درج ولايت وجوهر معدن هدايت، بقول اکثر اهل روايت در منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين در سامره اتفاق افتاد، وقيل: في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين، ومادر أون عالي کوهر: أم ولد بوده ومسماة بصقيل، يا: سوسن، وقيل: نرجس، وقيل: حکيمة. وآن امام ذو الاحترام در کنيت ونام باحضرت خير الأنام عليه واله تحف الصلاة والسلام موافقت دارد، ومهدي منتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان در ألقاب أو
[ صفحه 49]
منتظم است. در وقت پدر بزرگوار خود بروايت أول که بصحت أقرب است، پنجساله بود، وبقول ثاني: در ساله. وحضرت واهب العطايا آن شکوفه گلزار را مانند يحيي وزکريا [36] سلام الله عليهما در حالت طفوليت حکمت کرامت فرمود ودر وقت صبا بمرتبهء بلند امامت رسانيد [37] ، وصاحب الزمان يعني مهدي دوران در زمان معتمد خليفه في سنة خمس وستين، ياسنة ست وستين ومائتين علي اختلاف القولين، در سردابهء سر من رأي، از نظر فرق برايا غايب شد). الترجمة (الکلام في بيان الإمام الثاني عشر المؤتمن: محمد بن الحسن، مولده - علي ما هو قول أکثر الرواة في منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، في سامراء، وقيل: في الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين، وأمه: أم ولد تسمي: صقيل، أو سوسن، وقيل: نرجس، وقيل: حکيمة. وهذا الإمام يواطئ اسمه وکنيته: اسم رسول الله (ص) وکنيته، ولقبه: المهدي المنتظر، والخلف الصالح وصاحب الزمان. وکان عمره في زمان أبيه علي الرواية الأولي التي هي أقرب إلي الصحة خمس سنين، وعلي القول الثاني سنتين، آتاه الله الحکمة صبيا کما فعل بيحيي وزکريا [38] ، وصاحب الزمان: أعني المهدي
[ صفحه 50]
في زمان الخليفة المعتمد في سنة خمس وستين، أو ست وستين ومائتين علي اختلاف القولين، قد غاب في سرداب في سر من رأي). (9) سبط ابن الجوزي ومنهم: سبط ابن الجوزي [39] إذ يقول في کتابه (تذکرة خواص الأمة في معرفة الأئمة 204) ط إيران)
[ صفحه 51]
(ذکر أولاده [40] : - منهم: محمد الإمام. (فصل): هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي الرضي ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام، وکنيته: أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة، وصاحب الزمان، القائم المنتظر والتالي، وهو آخر الأئمة. أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن البزاز عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): (يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه کاسمي، وکنيته ککنيتي، يملأ الأرض عدلا، کما ملئت جورا، فذلک هو المهدي) وهذا حديث مشهور، وقد أخرج أبو داود، والزهري، عن علي بمعناه، وفيه (لو لم يبق من الدهر إلا يوم واحد لبعث الله من أهل بيتي من يملأ الأرض عدلا). وذکره في روايات کثيرة، ويقال له: ذو الاسمين: محمد، وأبو القاسم. قالوا: أمه أم ولد، يقال لها: صقيل، وقال السدي: يجتمع المهدي وعيسي بن مريم، فيجئ وقت الصلاة، فيقول المهدي لعيسي: تقدم، فيقول عيسي: أنت أولي بالصلاة، فيصلي عيسي وراءه مأموما. قلت: فلو صلي المهدي خلف عيسي لم يجز لوجهين: أحدهما: لأنه يخرج عن الإمامة بصلاته مأموما فيصير تبعا، والثاني: لأن النبي (ص) قال: (لا نبي بعدي) وقد نسخ جميع الشرائع، فلو صلي عيسي بالمهدي، لتدنس وجه (لا نبي بعدي) بغبار الشبهة.
[ صفحه 52]
وعامة الإمامية [41] علي أن الخلف الحجة موجود، وأنه حي يرزق، ويحتجون علي حياته بأدلة، منها: - أن جماعة طالت أعمارهم کالخضر وإلياس، فإنه لا يدري کم لهما من السنين، وأنهما يجتمعان کل سنة، فيأخذ هذا من شعر هذا، وهذا من شعر هذا، وفي التوراة: إن ذا القرنين عاش ثلاث آلاف سنة، والمسلمون يقولون ألفا وخمسمائة سنة. وقال محمد بن إسحاق: عاش عوج بن عناق، ثلاثة آلاف سنة وستمائة سنة، ولد في حجر آدم وعناق أمه، وقتله موسي بن عمران، وأبوه سيحان، وعاش الضحاک وهو - بيورسب - ألف سنة، وکذلک: طهمورث. وأما من الأنبياء، فخلق کثير، بلغوا الألف، وزادوا عليها: کآدم ونوح وشيث، ونحوهم، وعاش قينان، تسعمائة سنة، وعاش مهلائيل ثمانمائة، وعاش نفيل بن عبد الله سبعمائة سنة، وعاش عامر بن الضرب خمسمائة، وکان حاکم العرب، وکذا تيم الله بن ثعلبة، وکذا سام بن نوح، وعاش الحرث بن مضاض الجرهمي أربعمائة سنة، وهو القائل: کأن لم يکن بين الحجون إلي الصفا، وکذا: رفخشند، وعاش قس بن ساعدة ثلاثمائة وثمانين سنة، وعاش کعب بن جمعة الدوسي ثلاثمائة وتسعين سنة، وعاش سلمان الفارسي مائتين وخمسين سنة، وقيل: ثلاثمائة،... في خلق يطول ذکرهم).
[ صفحه 53]
(10) الحافظ الکنجي ومنهم: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الکنجي الشافعي [42] ، إذ يقول في کتابه البيان في أخبار صاحب الزمان) [43] : -
[ صفحه 54]
من الأدلة علي کون المهدي حيا باقيا بعد غيبته إلي الآن، وأنه لا امتناع في بقائه، کبقاء عيسي بن مريم، والخضر، وإلياس، من أولياء الله تعالي، وبقاء الأعور الدجال، وإبليس اللعين من أعداء الله تعالي وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالکتاب والسنة. أما عيسي (ع) فالدليل علي بقائه قوله تعالي: (وأن من أهل الکتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) ولم يؤمن به منذ نزول هذه الآية إلي يومنا هذا أحد، فلا بد أن يکون في آخر الزمان. ومن السنة: ما رواه مسلم في (صحيحه عن ابن سمعان في حديث طويل في قصد الدجال، قال: فينزل عيسي بن مريم عليه الصلاة والسلام عند المنارة البيضاء بين مهرودتين واضعا کفيه علي أجنحة ملکين. وأما الخضر وإلياس فقد قال ابن جرير الطبري: الخضر وإلياس باقيان يسيران في الأرض. وأما الدجال فقد روي مسلم في (صحيحه) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله (ص) حديثا طويلا عن الدجال، فکان فيما حدثنا أن قال: (يأتي وهو محرم عليه أن يدخل عتبات المدينة، فينتهي إلي بعض السياخ التي تلي المدينة فيخرج إليه رجل هو خير الناس، أو من خير الناس فيقول الدجال: إن قتلت هذا ثم أحييته أتشکون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه: والله
[ صفحه 55]
ما کنت فيک قط أشد بصيرة مني الآن، قال: فيريد الدجال أن يقتله، فلن يسلط عليه). قال إبراهيم بن سعيد: يقال: أن هذا الرجل هو الخضر. وهذا لفظ صحيح مسلم. وأما الدليل علي بقاء اللعين إبليس، فالکتاب، وهو قوله تعالي: (إنک من المنظرين). وأما بقاء المهدي، فقد جاء في تفسير الکتاب العزيز عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالي: (ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون) قال: هو المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها، وأما من قال: إنه عيسي، فلا منافاة بين القولين، إذ هو مساعد للمهدي. وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسرين في تفسير قوله تعالي: (وأنه لعلم للساعة) قال: هو المهدي يکون في آخر الزمان. وبعد خروجه تکون أمارات الساعة وقيامها... الخ). (11) الصلاح الصفدي. ومنهم: صلاح الدين الصفدي [44] حيث قال في (شرح الدائرة) [45] :
[ صفحه 56]
(إن المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمة، أولهم سيدنا علي، وآخرهم المهدي رضي الله عنهم، ونفعنا الله بهم). (12) الشيخ العطار ومنهم: الشيخ العطار النيسابوري [46] ، إذ قال في کتابه (مظهر الصفات) [47] . (مصطفي ختم رسل شد در جهان مرتضي ختم ولايت در عيان جمله فرزندان حيدر أوليا جمله يک نوراند حق کرد أين ندا - إلي أن قال بعد ذکر أسماء الأئمة الأحد عشر -: - صد هزاران أوليا روي زمين از خدا خواهند مهدي رايقين يا إلهي مهديم از غيب ار تا جهان عدل کردد اشکار مهدي هاديست تاج أتقياء بهترين خلق برج أولياء أي ولاي تو معين امده بر دل وجانها همه روشن شده أي تو ختم أولياي أين زمان وزهمه معني نهاني جان جان أي تو هم پيدا وپنهان امده بنده عطارت ثنا خان امده)
[ صفحه 57]
(13) العلامة ابن الصباغ ومنهم: نور الدين علي بن محمد بن أحمد المعروف بابن الصباغ المالکي المکي [48] إذ يقول في کتابه (الفصول المهمة 308 - 319):
[ صفحه 58]
(الفصل الثاني عشر في ذکر أبي القاسم محمد الحجة الخلف الصالح ابن أبي محمد الحسن الخالص - وهو الإمام الثاني عشر - وتاريخ ولادته ودلائل إمامته، وذکر طرف من أخباره وغيبته، ومدة قيام دولته، وذکر کنيته ونسبه وغير ذلک مما يتصل به. (ثم قال فيه بعد نقل بعض الأحاديث): - روي ابن الخشاب [49] في کتابه (مواليد أهل البيت) يرفعه بسنده إلي علي بن موسي الرضا (ع) أنه قال: (الخلف الصالح من ولد أبي الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان القائم المهدي). وأما النص علي إمامته من جهة أبيه: فروي محمد بن علي بن بلال، قال: خرج إلي أمر أبي محمد الحسن بن علي العسکري، قبل مضيه بسنتين، يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلي قبل مضيه بثلاثة أيام، يخبرني بالخلف بأنه ابنه من بعده. وعن أبي هاشم الجعفري قال: (قلت لأبي محمد الحسن بن علي: جلالتک تمنعني من مسألتک، فتأذن أن أسألک؟ فقال: سل، فقلت: يا سيدي هل لک ولد؟ قال: نعم: قلت: فإن حدث حادث، فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة. ولد أبو القاسم محمد الحجة ابن الحسن الخالص، بسر من رأي، ليلة النصف
[ صفحه 59]
من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة، وأما نسبه أبا وأما فهو: أبو القاسم محمد الحجة ابن الحسن الخالص ابن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الکاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. وأما أمه: فأم ولد: يقال لها: نرجس خير أمة، وقيل: اسمها غير ذلک وأما کنيته: فأبو القاسم. وأما لقبه: فالحجة، والمهدي، والخلف الصالح والقائم المنتظر، صاحب الزمان، وأشهرها: المهدي، صفته عليه السلام: شاب مرفوع القامة، حسن الوجه والشعر، يسيل شعره علي منکبيه، أقني الأنف أجلي الجبهة، بوابه: محمد بن عثمان، معاصره: المعتمد، قيل: أنه غاب في السرداب، والحرس عليه، وکان ذلک سنة ست وسبعين [50] ومائتين للهجرة. وهذا طرف يسير مما جاء من النصوص الدالة علي الإمام الثاني عشر عن الأئمة الثقات، والروايات في ذلک کثيرة أضربنا عن ذکرها، وقد دونها أصحاب الحديث
[ صفحه 60]
في کتبهم واعتنوا بجمعها. (ثم بعد ذکر أحاديث کثيرة جاءت في صاحب الزمان قال:) وعن ابن هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فقلت له: هل شهدت بدرا؟ قال: نعم، فقلت: ألا تحدثني بما سمعت من رسول الله (ص) في علي (ع) وفضله؟ قال: بلي أخبرک، (أن رسول الله (ص) مرض مرضة، نقه منها، فدخلت عليه فاطمة (ع) وأنا جالس عن يمين النبي (ص) فلما رأت فاطمة ما برسول الله (ص) من الضعف خنقتها العبرة حتي بدت دموعها علي خدها، فقال لها رسول الله (ص): ما يبکيک يا فاطمة؟ قالت: أخشي الضيعة يا رسول الله. فقال رسول الله (ص): (يا فاطمة إن الله تعالي اطلع علي الأرض اطلاعة علي خلقه، فاختار منهم أباک، فبعثه نبيا، ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلک فأوحي إلي أن انکحه فاطمة فأنکحته إياک، واتخذته وصيا، أما علمت أن بکرامة الله تعالي إياک زوجک أغزرهم علما، وأکثرهم حلما، وأقومهم سلما؟ فاستبشرت فأراد رسول الله (ص) أن يزيدها من مزيد الخير الذي قسمه الله تعالي لمحمد (ص) قال: فقال لها: يا فاطمة، ولعلي ثمانية أضراس - يعني: مناقب -:
إيمان بالله ورسوله، وحکمته، وزوجته، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنکر، يا فاطمة، نحن أهل البيت أعطينا ست خصال، لم يعطها أحد من الأولين ولا يدرکها أحد من الآخرين غيرنا: نبينا خير الأنبياء، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلک، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيک، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناک، ومنا مهدي الأمة الذي يصلي خلفه عيسي بن مريم، ثم ضرب علي منکب الحسين (ع) وقال: من هذا مهدي هذه الأمة.) هکذا أخرجه الدارقطني صاحب (الجرح والتعديل).
[ صفحه 61]
(ثم قال بعد نبذة من الکلام): - قال الشيخ أبو سعيد محمد بن يوسف ابن محمد الکنجي الشافعي في کتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان): من الدلالة علي کون المهدي حيا باقيا منذ غيبته إلي الآن، أنه لا امتناع في بقائه کبقاء عيسي إلي آخره. (وقال في آخر المبحث): - قال بعض علماء أهل الأثر: المهدي هو القائم المنتظر، وقد تعاضدت الأخبار علي ظهوره وتظاهرت الروايات علي إشراق نوره، وسيستسفر ظلمة الأيام والليالي بسفوره، وتنجلي برؤيته الظلم انجلاء الصباح عن ديجوره، ويخرج من أسرار الغيبة فيملأ القلوب بسروره. (وقال في ذکر الإمام الحسن العسکري (ع): - وخلف أبو محمد الحسن رضي الله عنه من الولد: - ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق، وکان قد أخفي مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت وخوف السلطان، وتطلبه الشيعة وحبسهم والقبض عليهم). (14) الشاه ولي الله الدهلوي ومنهم: الشاه ولي الله الدهلوي [51] (والد صاحب التحفة) في کتابه (النزهة)،
[ صفحه 62]
إذ قال فيه: إن والده روي في کتابه (لمسلسلات) الشهير ب (فضل المبين) هذا الحديث: - (قلت: شافهني ابن عقله بإجازة جميع ما يجوز له روايته، ووجدت في مسلسلاته حديثا مسلسلا بانفراد کل راو من رواته بصفته عظيمة تفرد بها، قال رحمه الله: - أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي، أنا حافظ عصره جمال الدين الباهلي، أنا مسند وقته: محمد الحجازي الواعظ، أنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراني، أنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي، أنا مقرئ زمانه الشمس محمد بن الجزري، أنا الإمام
[ صفحه 63]
جمال الدين محمد بن محمد الجمال زاهد عصره، أنا الإمام محمد بن مسعود محدث بلاد فارس في زمانه، أنا شيخنا إسماعيل بن مظفر الشيرازي عالم وقته، أنا عبد السلام ابن أبي الربيع الحنفي محدث زمانه، أنا أبو بکر عبد الله بن شاپور القلانسي شيخ عصره، أنا عبد العزيز، ثنا محمد الآدمي إمام أوانه، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان نادرة عصره، ثنا أحمد بن محمد بن هشام البلاذري حافظ زمانه، ثنا محمد بن الحسن بن علي المحجوب [52] إمام عصره ثنا الحسن بن علي عن أبيه عن جده عن أبي جده علي بن موسي الرضا، ثنا موسي الکاظم قال: ثنا أبي جعفر الصادق، ثنا أبي محمد الباقر بن علي ثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين السجاد، ثنا أبي الحسين سيد الشهداء، ثنا أبي علي ابن أبي طالب سيد الأولياء، قال: أخبرنا سيد الأنبياء محمد بن عبد الله (ص) قال: أخبرني جبرئيل سيد الملائکة: قال: قال الله تعالي سيد السادات (إني أنا الله لا إله إلا أنا، من أقر بي بالتوحيد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي) قال الشمس بن الجزري: کذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة، والعهدة فيه علي البلاذري).
[ صفحه 64]
(15) الحافظ الحموي ومنهم: صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد الحموي الجويني [53] ، حيث قال في
[ صفحه 65]
کتابه (فرائد السمطين في فضائل المرتضي والبتول والسبطين) [54] (المهدي من ولدي تکون له غيبة، إذا ظهر يملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت جورا وظلما). عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله (ص): (إن عليا وصيي ومن ولده القائم المنتظر المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن الثابتين علي القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الکبريت الأحمر، فقام إليه جابر ابن عبد الله فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدک غيبة؟ قال: أي وربي، ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الکافرين، ثم قال: يا جابر إن هذا أمر من أمر الله، وسر من سر الله، فإياک والشک، فإن الشک في أمر الله عز وجل کفر). عن الحسن ابن خالد، قال: قال علي بن موسي الرضا رضي الله عنه: (لا دين لمن لا ورع له وإن أکرمکم عند الله أتقاکم، أي: أعملکم بالتقوي. - ثم قال -: أن الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء، يطهر الله به الأرض من کل جور وظلم وهو الذي يشک الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة، فإذا خرج أشرقت الأرض بنور ربها، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا، وهو الذي تطوي له الأرض ولا يکون له ظل، وهو الذي ينادي مناد من السماء، يسمعه جميع أهل الأرض، ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فإن الحق فيه ومعه، وهو قول الله عز وجل: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين). فهؤلاء أعاظم أهل السنة، وأکابر محدثيهم، کما تراهم يصرحون بعقيدتهم
[ صفحه 66]
في المهدي المنتظر، ويهتفون بما نحن نعتقده من وجوده الآن، وغيابه عن الأبصار وما هم إلا جل من کل، ممن صرح بهذا الاعتقاد، ونوه بهذا الحکم العادل، وهل بعدما سمعت من الأحاديث المتضافرة، وأقوال علماء أهل السنة المتکاثرة مجال لمريب؟ ومطمع المشکک؟ والحق أحق أن يتبع، والباطل أجدر أن يمحي عن صحيفة الصدور. [55] .
[ صفحه 85]
الأئمة اثنا عشر وأما الزعم الرابع: وهو حصر الإمامة في هؤلاء الاثني عشر، فعلي أن قواعدنا التي مهدناها للإمامة وشروطها عندنا تنطبق عليهم، وتوجب حصرها فيهم عليهم السلام - فد دلت عليه الأحاديث النبوية الکثيرة [56] ، الصادرة من طرقهم: فمنها: ما رواه مسلم في کتاب الإمارة من (صحيحه) عن جابر، قال: سمعت رسول الله يقول: (لا يزال الدين قائما حتي تقوم الساعة، أو يکون عليهم اثنا عشر خليفة کلهم من قريش). ومثله في (مسجد أحمد) [57] وفي رواية لمسلم أيضا عن جابر: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتي يمضي فيهم اثنا عشر خليفة). وهذا الحديث قاض بوجود الأئمة الاثني عشر ما دام الدين إلي قيام الساعة، وهو بالضرورة لا يتم إلا علي مذهبنا [58] ، ويرشد إلي ذلک ما رواه مسلم أيضا في المقام المذکور عن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان).
[ صفحه 86]
ورواه أحمد أيضا عن ابن عمر. فإنه دال علي انحصار الإمامة في قريش، وبضميمة الحديث الأول الدال علي أن الأئمة اثنا عشر من قريش، يثبت أن الأئمة ما دام الإسلام هو اثنا عشر من قريش، وهو مذهبنا ومطلوبنا. ومنها: - ما رواه أحمد في (مسنده) 1 / 398 عن مسروق قال: کنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرؤنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله کم يملک هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلک. ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله (ص) فقال: (اثنا عشر کعدة نقباء بني إسرائيل) [59] ونحوه في هذا الجزء ص 406، وذکره ابن حجر وحسنه في (الصواعق) في الفصل الثالث من الباب الأول وهذا الحديث الشريف يدل علي ما نذهب إليه، لأنه يحصر عدد الخلفاء في اثني عشر، کما أن تمثيلهم بنقباء بني إسرائيل يفيد أن الخلافة لا تکون إلا بالنص، لا بالقهر والغلبة، لأن نقباء بني إسرائيل کانوا منصوصين لقوله تعالي: (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل، وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) [60] .
[ صفحه 87]
علي أن سؤال الصحابة للنبي (ص) إنما هو عن خلفائه بالنص، لا بتأمير الناس أو بالتغلب، إذ لا يهم الصحابة السؤال عن ذلک، لأن ملک الملوک، وتغلب السلاطين، لا يبتني عادة علي الدين، لأن السلاطين بلا نص لا ينحصرون بعدد فيسأل عنهم، بل جرت العادة أن مثل هؤلاء يوجدون في کل زمان، کما هو الأغلب بل لا يعقل أن النبي (ص) يترک الصحابة وأهل ملته بلا إمام منصوب منصوص منه، حتي يسألوا عن غير المنصوص أو الأعم منه فثبت أن المراد من الاثني عشر، أئمتنا الذين نحن نقول بإمامتهم، وهم الذين قد نص عليهم الرسول، فهم الأئمة بالفعل، ولهم الزعامة الکبري علي الأمة. ولا يضر بإمامتهم فعلا عدم نفوذ کلمتهم، - کما أشرنا إليه في أوائل الکتاب - لأن معني إمامتهم أنهم يملکون التصرف، وإن حجزهم الناس، کالأنبياء المقهورين إذ هم ولاة الأمر، وإن حسمت أيدي التصرف منهم، وکما لا يجوز أن يقال لا فائدة في نبوة النبي الممنوع عن التصرف، لا يجوز أن يقال: لا فائدة في إمامة الإمام الممنوع عنه: لأن الفائدة لا تنحصر بالتصرف، لکفاية أن يکون بهم إيضاح الحجة [61] ونشر العلم الحق، بل لو لم يتمکنوا حتي من هذا، فالفائدة في وجودهم أن تکون الحجة لله بوجودهم علي الناس، وإن حبسوهم، أو غيبوهم خوفا، فإن التقصير من الناس، ولئلا يکون للناس حجة علي الله تعالي بعدم نصب الهادي لهم
[ صفحه 88]
کما قال الله تعالي: (لئلا يکون للناس علي الله حجة بعد الرسل) [62] ، فکما أن النبي (ص) حجة لا تبطل نبوته بحبسه أو غيبته، فکذا الإمام. ولا أثر لطول الغيبة أو قصرها، فلقد غاب نبينا (ص) في الغار وغيره ولم تبطل نبوته، فهکذا غاب إمامنا الحجة القائم المنتظر، ولم تبطل إمامته [63] . وإن بقي شک لأحد بعد ذلک في حصر الإمامة في أئمتنا الاثني عشر، فنحن نورد له بعض الأحاديث الشريفة الدالة علي إمامتهم بتصريح أسمائهم التي رويت من طريق السنة، لينکشف عن قلبه غطاء الشک، وغيوم الشبهة.
[ صفحه 89]
فمنها: ما في (فرائد السمطين) [64] عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم يهودي يقال له مغثل، فقال: يا محمد أسألک عن أشياء، تلجج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت علي يديک. قال: سل يا أبا عمارة، فقال: يا محمد صف لي ربک، فقال (ص): لا يوصف إلا بما يوصف به، وکيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدرکه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والأبصار أن تحيط به، جل وعلا عما يصفه الواصفون، ناء في قربه. وقريب في نأيه، هو کيف الکيف، وأين الأين، فلا يقال له: أين هو؟ وهو منقطع الکيفية والأينونية، فهو الأحد الصمد کما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد، ولم يولد، ولم يکن له کفوا أحد. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن قولک: أنه واحد لا شبيه له، أليس الله واحد، والإنسان واحد؟ فقال (ص): - الله عز وعلا، واحد حقيقي أحدي المعني، أي لا جزء ولا ترکب له، والإنسان واحد ثنائي المعني، مرکب من روح وبدن، قال: صدقت. فأخبرني عن وصيک من هو؟ فما من نبي، إلا وله وصي وأن نبينا موسي بن عمران، أوصي يوشع بن نون. فقال (ص): إن وصيي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين قال: يا محمد فسمهم لي. فقال (ص) إذا مضي الحسين فابنه علي، فإذا مضي علي فابنه محمد، فإذا مضي محمد فابنه جعفر، فإذا مضي جعفر فابنه موسي، فإذا مضي مضي موسي فابنه علي، فإذا مضي علي فابنه محمد، فإذا مضي محمد فابنه علي فإذا مضي علي فابنه الحسن، فإذا مضي الحسن فابنه الحجة محمد المهدي. فهؤلاء الاثنا
[ صفحه 90]
عشر: قال: أخبرني کيفية موت علي والحسن والحسين: قال (ص): يقتل علي بضربة علي قرنه، والحسن يقتل بالسم، والحسين يذبح، قال: فأين مکانهم؟ قال: الجنة في درجتي. قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنک رسول الله، وأشهد أنهم الأوصياء بعدک ولقد وجدت في کتب الأنبياء المتقدمة وفيما عهد إلينا موسي بن عمران (ع) أنه إذا کان آخر الزمان، يخرج نبي يقال له: أحمد، ومحمد، هو خاتم الأنبياء، لا نبي بعده، فيکون أوصياؤه بعد اثني عشر، أولهم ابن عمه وختنه، والثاني والثالث کانا أخوين من ولده، ويقتل أمة النبي، الأول بالسيف، والثاني بالسم، والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف والعطش في موضع الغربة، فهو کولد الغنم يذبح ويصبر علي القتل، لرفع درجاته، ودرجات أهل بيته وذريته، ولا خراج محبيه وأتباعه من النار، وتسعة الأوصياء منهم، من أولاد الثالث، فهؤلاء الاثنا عشر عدد الأسباط. قال (ص): أتعرف الأسباط؟ قال نعم، إنهم کانوا اثني عشر، أولهم لاوي بن برخيا، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة ثم عاد، فأظهر الله به شريعته بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملک، حتي قتل الملک. قال (ص): کائن في أمتي ما کان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة. وأن الثاني عشر من ولدي يغيب حتي لا يري، ويأتي علي أمتي بزمن لا يبقي من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقي من القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله تبارک وتعالي له بالخروج، فيظهر الله الإسلام به، ويجدده، طوبي لمن أحبهم وتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم، وطوبي لمن تمسک بهداهم، فأنشأ مغثل شعرا:
[ صفحه 91]
صلي الإله ذو العلي
عليک يا خير البشر
أنت النبي المصطفي
والهاشمي المفتخر
بکم هدانا ربنا
وفيک نرجو ما أمر
ومعشر سميتهم
أئمة اثنا عشر
حباهم رب العلي
ثم اصطفاهم من کدر
قد فاز من والاهم
وخاف من عادي الزهر
آخرهم يسقي الظما
وهو الإمام المنتظر
من کان عنهم معرضا
فسوف تصلاه سقر
منها: ما ذکره السيد جمال الدين عطاء الله ابن السيد غياث الدين فضل الله في کتابه (روضة الأحباب): - (از جابر بن يزيد الجعفي مرويست که کفت: شنيدم از جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، که ميکفت: که چون ايزد متعال نازل کردانيد بر پيغمبر خود أين ايه (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منکم) کفتم يا رسول الله: مي شناسيم ما خدا ورسول اورا، پس کيستند أصحاب أمر؟ که خدا يتعالي إطاعت إيشانرا قرين ساخته است به طاعت تو پس کفت رسول الله (ص): (هم خلفائي من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر - وستدرکه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام - ثم الصادق جعفر ابن محمد ثم موسي بن جعفر ثم علي بن موسي ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم حجة الله في أرضه وبقيته في عباده: محمد بن الحسن بن علي، ذلک
[ صفحه 92]
الذي يفتح الله عز وجل علي يديه مشارق الأرض ومغاربها، وذلک الذي يغيب عن شيعته وأوليائه، غيبة لا يبيت فيها علي القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان. جابر کفت: کفتم يا رسول الله: أيا در غيبت إمام شيعه انتفاع يابند؟ فقال: أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيؤون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته کانتفاع الناس بالشمس وإن علاها سحاب. أي جابر إن أسرار مکنونه الهي است، پس پنهان دار انرا مکر از کسيکه أهل آن باشد). الترجمة [65] (عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله علي نبيه (ص) (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منکم) قلت: يا رسول الله، عرفنا الله عز وجل ورسوله، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتک؟ قال: هم خلفائي، يا جابر، أئمة المسلمين بعدي، أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد ابن علي المعروف بالتوراة بالباقر وستدرکه يا جابر، فإذا أدرکته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي. ثم سمي وکني حجة الله علي أرضه، وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي. ذاک الذي يفتح الله تعالي ذکره علي يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاک الذي يغيب عن شيعته وأوليائه، غيبة لا يبيت فيها علي القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان.
[ صفحه 93]
فقال جابر: فقلت: يا رسول الله، فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به، ويستضيؤون بنور ولايته کانتفاع الناس بالشمس، وإن علاها السحاب. يا جابر، هذه أسرار مکنونة إلهية فاکتمها إلا عن أهلها). ومنها: ما في (ينابيع المودة) ص 327 عن جابر الجعفي قال: قلت للباقر رضي الله عنه: يا بن رسول الله، إن قوما يقولون: إن الله تعالي جعل الإمامة في عقب الحسن رضي الله عنه!! قال: يا جابر (إن الأئمة هم الذين نص عليهم الرسول صلي الله عليه وآله بإمامتهم، وهم اثنا عشر. وقال: لما أسري بي إلي السماء وجدت أسماءهم مکتوبة علي ساق العرش بالنور اثني عشر اسما، أولهم علي وسبطاه وعلي ومحمد وجعفر وموسي وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد القائم الحجة المهدي). ومنها: ما في ذلک الکتاب أيضا ص 430: - وقوله تعالي: (والسماء ذات البروج). عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول: قال رسول الله (ص): (أنا السماء، وأما البروج فالأئمة من بيتي وعترتي، أولهم علي وآخرهم المهدي وهم اثنا عشر). ومنها: ما في ذلک الکتاب أيضا ص 442 عن کتاب (المناقب) عن واثلة بن الأصقع بن قرخاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (دخل جندل بن جنادة ابن جبير اليهودي علي رسول الله (ص) فقال: يا محمد، أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله. فقال (ص): أما ما ليس لله. فليس لله شريک
[ صفحه 94]
وأما ما ليس عند الله. فليس عند الله ظلم العباد. وأما ما لا يعلمه الله. فذلک قولکم يا معشر اليهود،: - أن عزير ابن الله. والله لا يعلم أنه له ولد، بل يعلم أنه مخلوقه وعبده، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنک رسول الله حقا وصدقا ثم قال: إني رأيت البارحة في النوم، موسي بن عمران (ع) فقال: يا جندل أسلم علي يد محمد خاتم الأنبياء، واستمسک أوصياءه من بعده، فقلت: أسلم فلله الحمد أسلمت، وهداني بک، أخبرني يا رسول الله عن أوصيائک من بعدک لا تمسک بهم، قال: أوصيائي اثنا عشر، قال جندل: هکذا وجدناهم في التوراة. وقال: يا رسول الله سمهم لي: فقال: أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي، ثم ابناه الحسن والحسين، فاستمسک بهم، ولا يغرنک جهل الجاهلين، فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين، يقضي الله عليک، ويکون آخر زادک من الدنيا شربة لبن تشربه، قال جندل: وجدنا في التوراة، وفي کتب الأنبياء (ع): إيليا وشبرا، وشبيرا، فهذه اسم علي والحسن والحسين، فمن بعد الحسين؟ وما أساميهم؟ قال: إذا انقضت مدة الحسين، فالإمام ابنه علي ويلقب بزين العابدين، فبعده ابنه محمد ويلقب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعي بالصادق، فبعده ابنه موسي يدعي بالکاظم، فبعده ابنه علي يدعي بالرضا، فبعده ابنه محمد يدعي بالتقي والزکي، فبعده ابنه علي يدعي بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يدعي بالعسکري، فبعده ابنه محمد يدعي بالمهدي والقائم والحجة، فيغيب ثم يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت جورا وظلما، طوبي للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين علي محبته، أولئک الذين وصفهم الله في کتابه وقال: (هدي للمتقين الذين يؤمنون بالغيب) ثم قال تعالي: (أولئک حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) فقال جندل: الحمد لله الذي وفقني بمعرفتهم).
[ صفحه 95]
وأما الزعم الخامس: - وهو إيجاب العصمة لهم عليهم لسلام، فعندنا لکل من يتولي الرئاسة العامة في الدين والدنيا واجبة له، وتلک الرئاسة خلافة عن النبي، قد کانت حاصلة لأئمتنا الاثني عشر (ع) کما أثبتناه، فيلزمهم العصمة وکتبنا غاصة بالدلائل العقلية والبراهين القطعية لهذا الزعم، ولما لم يک کتابنا هذا يتسع لإيراد هذا الدلائل قد ترکناه هنا، فمن أراد مزيد الاطلاع فليرجع إلي کتبنا [66] ، ففيها ما ينفع الغلة، ويزيل العلة. وأما أهل السنة: فمع أن أکثرهم لم يوجبوها للأنبياء أيضا - يعتقدون بعصمة أئمتنا کما مضي فيما نقلناه عن علي أکبر بن أسد الله الموؤدي في الکتاب. وله بحث طويل مشبع في کتاب (دراسات اللبيب) للعالم العارف الکبير محمد معين بن محمد أمين السندي، فليراجع [67] .
[ صفحه 96]
(فوائد ثلاث) الأولي: لو يشکل علينا أحد، إنا نقول: لما غاب إمامنا الثاني عشر المنتظر کان سنه خمس سنين وکان صبيا لم يبلغ الحلم، ومع ذلک نقول: أن الإمامة کانت حاصلة له في ذلک السن، وهذا مما لا يمکن، إذ أقل مراتب الإمامة والولاية: البلوغ والکمال. فجوابه: إن العقل لا يستبعد عن الله عز وجل، أن يتخذ أحدا وليا ويجعله نبيا، أو وصيا أو إماما للناس وهو صبي لم يبلغ الحلم، لأنه قادر علي إيجاد کل شئ ممکن، کما فعل بيحيي وعيسي، فمع کونهما صبيين - بل الأخير کان رضيعا - آتاهما الحکمة والعقل والکمال، وجعلهما نبيين کما تدل علي رسالة يحيي الآية الشريفة الفرقانية: (يا يحيي خذ الکتاب بقوة، وآتيناه الحکم صبيا) [68] وعلي نبوة عيسي قوله تعالي: (قالوا کيف نکلم من کان في المهد صبيا قال أني عبد الله آتاني الکتاب وجعلني نبيا) [69] فکذلک إمامنا الثاني عشر عجل الله فرجه، قد آتاه الله الحکمة، وجعله إماما وهو صبي، ونذکر بملاءمة المقام قول العلامة ابن حجر الذي يدل علي أن محمدا ابن الحسن العسکري (قد آتاه الله الحکمة في الصبا) لکي يدرأ شکوک المتشککين، وهو في کتابه (الصواعق المحرقة) ص 124 ط مصر في ذکر أبي محمد الحسن الخالص ابن علي (ع) ما لفظه: (ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لکن آتاه الله فيها الحکمة، ويسمي القائم المنتظر، قيل: لأنه ستر بالمدينة
[ صفحه 97]
وغاب، فلم يعرف أين ذهب). الثانية: إن قال قائل: إذا فرضتم أن محمدا ابن الحسن قد غاب، وهو باق إلي أن يجتمع بعيسي بن مريم فهذا مما لا يعقل، لأنه يلزم أنه يعيش أزيد من العمر الطبيعي (وأکثره مائة وعشرون سنة). فنقول في جوابه: أن العقل لا يستطيع أن ينفي عيشة الإنسان أزيد من العمر الطبيعي، کما عاش آدم، وشيث، ونوح، وعيسي، وإلياس، وإدريس، والخضر، وابن عاد، ومهلائيل، وحارث بن مضاض الجرهمي، وعمر الصيفي، وحارثة الکلبي، وطي بن أدد، وعبيد بن الأبرص، وغير ذلک من المعمرين کما يظهر لمن يري (کتاب المعمرين) [70] لأبي حاتم السجستاني. ولا بأس لو ننقل بحثا طريفا للمقتطف [71] يناسب هذا الموضوع، وهو هذا: (هل يخلد الإنسان في الدنيا؟ ما هي الحياة؟ وما هو الموت؟ وهل قدر الموت علي کل حي؟ کل حبة حنطة جسم حي، وقد کانت في سنبلة، والسنبلة نبتت من حبة أخري، وهذه من سنبلة وهلم جرا بالتسلسل، ويسهل استقصاء تاريخ القمح إلي ستة آلاف سنة، أو أکثر، فقد وجدت حبوبه بين الآثار المصرية والآشورية القديمة دلالة علي أن المصريين والآشوريين والأقدمين کانوا يزرعونه ويستغلونه، ويصنعون خبزهم من دقيقه، والقمح الموجود الآن لم يخلق من لا شئ، بل هو متسلسل من ذلک القمح القديم، فهو جزء حي من جزء حي من جزء حي، وهلم جرا إلي ستة
[ صفحه 98]
آلاف سنة أو سبعة، بل إلي مئات الألوف من السنين، وحبوب القمح التي نراها ناشفة لا تتحرک ولا تنمو هي في الحقيقة حية مثل کل حي، ولا ينقصها الظهور دلائل الحياة إلا قليل من الماء، فحياة القمح متصلة منذ ألوف من السنين إلي الآن، وهذا الحکم يطلق علي کل أنواع النبات ذوات البزور وذوات الأثمار. وما الحيوان بخارج عن هذه القاعدة، فإن کل واحد من الحشرات والأسماک والطيور والوحوش والدبابات، حتي الإنسان سيد المخلوقات کان جزءا صغيرا من والديه، فنما کما نميا وصار مثلهما، وهما من والديهما وهلم جرا، والإنسان الذي يخلف نسلا يکون نسله جزءا حيا منه، کما أن البزرة جزء من الشجرة. وهذا الجزء الحي تکون فيه جراثيم صغيرة جدا، مثل الجراثيم التي کانت أعضاء والديه، فتکون أعضاؤه بالغذاء الذي تتناوله وتمثله، فتصير نواة التمر نخلة ذات جذوع وسعوف وعروق وتمر، وبزرة الزيتون شجرة ذات ساق وأغصان وورق وثمر، وقس علي ذلک سائر أنواع النبات وکذا بيوض الحشرات والأسماک، والطيور، والوحوش والدبابات، حتي الإنسان. وهذا کله من الأمور المعروفة التي يختلف فيها اثنان، ولکن الشجرة نفسها قد تعمر ألف سنة أو ألفي سنة، والإنسان لا يعمر أکثر من سبعين أو ثمانين سنة وفي النادر يبلغ مائة سنة، فالجراثيم المعدة لإخلاف النسل تبقي حية وتنمو کما تقدم ولکن سائر أجزاء الجسم يموت کان الموت مقدور عليه، وقد مرت القرون، والناس يحاولون التخلص من الموت أو إطالة الأجل، ولا سيما في هذا العصر عصر مقاومة الأمراض والآفات بالدواء والوقاية ولم يثبت علي التحقيق أن أحدا عاش فيه 120 سنة مثلا.
[ صفحه 99]
لکن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: أن کل الأنسجة الرئيسية من جسم الحيوان تقبل البقاء إلي ما لا نهاية له، وأنه في المکان أن يبقي الإنسان حيا ألوفا من السنين، إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته، وقولهم هذا ليس مجرد ظن، بل هو نتيجة عملية مؤيدة بالامتحان. فقد تمکن أحد الجراحين من قطع جزء من جسم حيوان وإبقائه حيا أکثر من السنين التي يحياها ذلک الحيوان عادة، أي صارت حياة ذلک الجزء مرتبطة بالغذاء الذي يقدم لها بعد السنين التي يحياها، فصار في الإمکان أن يعيش إلي الأبد ما دام الغذاء اللازم موفورا له. وهذا الجراح هو (الدکتور الکس کارل) من المشتغلين في معهد (رکفلر بنيويورک): وقد امتحن ذلک في قطعة من جنين الدجاج، فبقيت تلک القطعة حية نامية أکثر من ثمان سنوات، وهو وغيره امتحنا قطعا من أعضاء جسم الإنسان من أعصابه وعضلاته وقلبه وجلده وکليتيه، فکانت تبقي حية نامية ما دام الغذاء اللازم موفورا لها، حتي قال الأستاذ (ديمندبرل) من أساتذة جامعة (جونس هبکنس): (إن کل الأجزاء الخلوية الرئيسية من جسم الإنسان قد ثبت إما أن خلودها بالقوة صار أمرا مثبتا بالامتحان أو مرجحا ترجيحا تاما لطول ما عاشته حتي الآن). وهذا القول غاية في الصراحة والأهمية علي ما فيه من التحرس العلمي. والظاهر: أن أول من امتحن ذلک في أجزاء من جسم الحيوان هو (الدکتور جاک لوب) وهو من المشتغلين في معهد (رکفلر) أيضا، فإنه کان يمتحن توليد الضفادع من بيضها إذا کان غير ملقح، فرأي أن بعض البيض يعيش زمانا طويلا وبعضها يموت سريعا، فقاده ذلک إلي امتحان أجزاء من جسم الضفدع فتمکن من
[ صفحه 100]
إبقاء هذه الأجزاء حية زمانا طويلا. ثم أثبت (الدکتور ورن لويس) وزوجته: أنه يمکن وضع أجزاء خلوية من جسم جنين الطائر في سائل ملحي فتبقي حية، وإذا أضيف إليه قليل من بعض المواد الأولية جعلت تلک الأجزاء تنمو وتتکاثر. وتوالت التجارب، فظهر أن الأجزاء الخلوية من أي حيوان کان يمکن أن تعيش وتنمو في سائل فيه ما يغذيها، ولکن لم يثبت حينئذ ما ينفي موتها إذا شاخت فقام الدکتور (کارل) وجرب التجارب المشار إليها آنفا، فأثبت منها أن هذه الأجزاء لا تشيخ کما يشيخ الحيوان الذي أخذه منه، بل تعيش أکثر مما يعيش هو عادة. وقد شرع في التجارب المذکورة في شهر يناير سنة 1912، ولقي عقبات کثيرة في سبيله، فتغلب عليها هو ومساعدوه، وثبت له أولا أن هذه الأجزاء الخلوية تبقي حية ما لم يعرض لها عارض يميتها، أما من قلة الغذاء، أو من دخول بعض المکروبات وثانيا: أنها لا تکتفي بالبقاء حية، بل تنمو خلاياها وتتکاثر کما لو کانت باقية في جسم الحيوان. ثالثا: أنه يمکن قياس نموها وتکاثرها ومعرفة ارتباطهما بالغذاء الذي يقدم لها. ورابعا: أن لا تأثير للزمن، أي أنها لا تشيخ وتضعف بمرور الزمن، بل لا يبدو عليها أقل أثر للشيخوخة، بل تنمو وتتکاثر هذه السنة کما کانت تنمو وتتکاثر في السنة الماضية وما قبلها من السنين، وتدل الظواهر کلها علي أنها ستبقي حية نامية، ما دام الباحثون صابرين علي مراقبتها وتقديم الغذاء الکافي لها، فشيخوخة
[ صفحه 101]
الأحياء ليست سببا بل هي نتيجة ولکن لماذا يموت الإنسان؟ ولماذا نري سنيه محدودة؟ لا تتجاوز المائة إلا نادرا جدا، وغايتها العادية سبعون أو ثمانون!. والجواب: أن أعضاء جسم الحيوان کثيرة مختلفة وهي مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا محکما حتي أن حياة بعضها تتوقف علي حياة البعض الآخر، فإذا ضعف بعضها ومات بسبب من الأسباب مات بموته سائر الأعضاء، ناهيک بفتک الأمراض المکروبية المختلفة، وهذا مما يجعل متوسط العمر أقل جدا من السبعين والثمانين، ولا سيما وأن کثيرين يموتون أطفالا، وغاية ما ثبت الآن من التجارب المذکورة، أن الإنسان لا يموت، لأنه عمر کذا من السنين سبعين أو ثمانين أو مائة أو أکثر، بل لأن العوارض تنتاب بعض أعضائه فتتلفها، ولارتباط أعضائه بعضها ببعض تموت کلها، فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض، أو يمنع فعلها، لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين کما يحيا بعض أنواع الأشجار، وقلما ينتظر أن تبلغ العلوم الطبية، والوسائل الصحية، هذه الغاية القصور، ولکن لا يبعد أن تدانيها فيتضاعف متوسط العمر أو يزيد ضعفين أو ثلاثة). وهذا البحث اللطيف قاض بأن إمکان أن يعيش الإنسان أزيد من العمر الطبيعي ثابت، وهو مقصودنا، علي أن المخاطب أيضا يذکر في کتابه ذلک (السبائک) کثيرا من الذين عاشوا ألوفا من السنين [72] .
[ صفحه 102]
الثالثة: لما ثبت غيبة القائم الحجة المنتظر (ع) فلا بد وأن تکون لسبب من الأسباب [73] فالسبب في غيبته (ع) هو الخوف من الأعداء وإيذائهم، والخشية من الشر والقتل، وهذا واقع للأنبياء أيضا، فقد غاب نبينا محمد (ص) من خوف الأعداء في الغار واستتر کما استتر موسي (ع) قبله خوفا من أعدائه فقال: (ففررت منکم لما خفتکم... الآية) [74] ، واستتر إدريس عشرين سنة عن قومه، ولا فرق في طول مدة الاستتار وقصرها - کما أشرنا إليه سابقا - لأن الکلام في أنه هل يصح أن يکون خوف الأعداء علة للغيبة أم لا؟ والصحة قد ثبتت، فإذا جاز ذلک جاز في جميع المواقع. أضف إلي ذلک، أن الله تبارک وتعالي قد جعل لظهوره علامات وآيات، وبعضها إلي الآن لم يقع، فهو (ع) قبل وقوع هذه الآيات ممنوع عن الخروج مثلما کان جده النبي (ص)، فإنه مع کونه مبعوثا بالرسالة لم يظهر علنا إلي مدة ثلاث سنوات بل کان يدعو الناس مختفيا کما في (إنسان العيون) المعروف ب (السيرة الحلبية) 1 / 456 - 457
[ صفحه 103]
(عن ابن إسحاق، أن مدة ما أخفي (ص) أمره، أي المدة التي صار يدعو الناس فيها خفية بعد نزول: يا أيها المدثر، ثلاث سنين، أي فکان من أسلم إذا أراد الصلاة يذهب إلي بعض الشعاب يستخفي بصلاته من المشرکين، أي کما تقدم فبينما سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله - (ص) ورضي عنهم - في شعب من شعاب مکة، إذ ظهر عليهم نفر من المشرکين وهم يصلون، فنکروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتي ضرب سعد بن أبي وقاص رجلا منهم بلحي بعير وقاتلوهم، وهو أول دم أريق في الإسلام، ثم دخل (ص) هو وأصحابه مستخفين في دار الأرقم. إلي أن قال -: - فکان (ص) وأصحابه يقيمون الصلاة بدار الأرقم، ويعبدون الله تعالي فيها إلي أن أمره الله تعالي بإظهار الدين، أي وهذا السياق يدل علي أنه (ص) استمر مستخفيا هو وأصحابه في دار الأرقم إلي أن أظهر الدعوة، وأعلن (ص) في السنة الرابعة، أي وقيل: مدة استخفائه أربع سنين، وأعلن في الخامسة). فهکذا إمامنا الثاني عشر (ع) إذا يأمره الله تعالي بعد وقوع هذه الآيات يظهر ويخرج، ويملأ الأرض عدلا کما ملئت جورا. فإن فعل قبل ذلک لعصي الله. والعاصي ظالم، والظالم لا ينال الإمامة و (لا ينال عهدي الظالمين... الآية)، والوجه ظاهر. والله أعلم بالصواب. وهذا ما أردنا ذکره علي العجال والله ولي التوفيق.
کما وقعت أخطاء بسيطة معدودة لا تخفي علي القارئ الکريم. رقم الايداع في المکتبة الوطنية ببغداد (69) 1973 في 6 / 2 / 1973.
پاورقي
[1] الظاهر: الذين.
[2] نوجب العصمة للنبي والصديقة الزهراء والأئمة الاثني عشر عليهم الصلاة والسلام في جميع أدوار حياتهم، وفي جميع أقوالهم وأفعالهم.
[3] أنظر (شرح التجريد للعلامة) ص 284 - 285
[4] ولذلک عين خلفاء واحدا بعد الآخر وهم عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان، وأبو القاسم الحسين بن روح، وعلي بن محمد الصمري، ليکونوا الواسطة بينه وبين الشيعة، والأبواب إليه، وکان (ع) يجيب علي الأسئلة علي أيديهم، ويبلغون الأحکام عنه إلي الشيعة هذا في الغيبة الصغري وأما في الکبري فقد أرجع الشيعة إلي فقهاء الطائفة وأمرهم بأخذ الأحکام منهم والانقياد له باعتبارهم خلفائه عليهم. کل هذا مع ما أشار إليه المؤلف دليل علي تحمله للإمامة، وقبوله للقيام بأعبائها.
[5] قال المحقق الطوسي نصير الملة والدين رضي الله عنه: (وجوده لطف وتصرفه لطف آخر، وعدمه منا) التجريد ص 285 بشرح العلامة
[6] سورة الأنعام. عقيدتنا في السرداب.
[7] أقول: ليس هذا الرجل أول من نسب هذا الاعتقاد - وهو الاعتقاد بغيبة الإمام (ع) في السرداب في مدينة سامراء - إلي الشيعة الإمامية، بل قد سبقه في ذلک جماعة من علماء طائفته، کابن حجر، وابن طولون، وابن الوردي... ولقد زاد بعضهم علي هذا بقوله: أن الشيعة يعتقدون ببقائه (ع) في السرداب فينتظرون خروجه منه، ومن هؤلاء ابن تيمية في (منهاج السنة!!) ومن هؤلاء أيضا [.......] = ابن خلدون حيث قال في (المقدمة ص 352) عن الاثني عشرية ما نصه: (يزعمون أن الثاني عشر من أئمتهم - وهو محمد بن الحسن العسکري ويلقبونه بالمهدي - دخل السرداب بدارهم بالحلة وتغيب حين اعتقل مع أمه وغاب هناک، وهو يخرج آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا، ويشيرون بذلک إلي الحديث الواقع في کتاب الترمذي في المهدي، وهم إلي الآن ينتظرونه ويسمونه المنتظر لذلک، ويقفون في کل ليلة بعد صلاة المغرب بباب هذا السرداب وقد قدموا مرکبا فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج حتي تشتبک النجوم ثم ينفضون ويرجئون الأمر إلي الليلة الآتية وهم علي ذلک لهذا العهد) ولا يخفي ما فيه من أغلاط وافتراءات. وقد أخذ هذا آخرون ممن تقدم وتأخر منهم، حتي أن قائلهم قال: (أما آن للسرداب أن يلد الذي... هذا، ومن العجيب أنهم لم يذکروا، أو ينوهوا عن حديث واحد جاء من طرق الشيعة مفيدا لهذا المعني المدعي، أو اسم کتاب لعالم من علمائهم نقلوا عنه ذلک! علي أن هذا الاعتقاد لم يأت في أي کتاب للشيعة في أي موضوع کان، وهذه کتبهم منتشرة بفضل المطابع، متوفرة لکل أحد أضف إلي ذلک: أن علماء هذه الطائفة ينفون هذه النسبة، ويعدونها من جملة المفتريات التي لا أصل لها والموجهة إلي الشيعة الإمامية. فقد قال الحجة الکبير الميرزا حسين النوري صاحب المستدرک وغيره من مصادر الحديث لدي هذه الطائفة، قال في (کشف الأستار ص): (نحن کلما راجعنا وتفحصنا لم نجد لما ذکروه أثرا، بل ليس في الأحاديث ذکر للسرداب أصلا...) وقال آية الله السيد صدر الدين الصدر - قدس سره - في کتاب (المهدي ص 155): (وأما بعض ما يقوله في هذا الباب بعض عوام الشيعة ونسبه إلينا کثير من خواص أهل السنة فلا أعرف له مدرکا، ولم أجد له مستندا). وقال الشيخ الإربلي رحمه الله في (کشف الغمة ج 3 ص 283): (والذين يقولون بوجوده لا يقولون أنه في سرداب، بل يقولون أنه موجود، يحل ويرتحل، ويطوف في الأرض...) وقال شيخنا الحجة المجاهد الشيخ عبد الحسين الأميني في (الغدير ج 3 ص 308 - 309) في دحض مفتريات القصيمي صاحب کتاب (الصراع بين الإسلام والوثنية) قال ما نصه: (وفرية السرداب أشنع وإن سبقه إليها غيره من مؤلفي أهل السنة لکنه زاد في الطمور نغمات بضم الحمير إلي الخيول وادعائه اطراد العادة في کل ليلة واتصالها منذ أکثر من ألف عام. والشيعة لا تري أن غيبة الإمام في السرداب ولا هم غيبوه فيه ولا أنه يظهر منه، إنما اعتقادهم المدعوم بأحاديثهم أنه يظهر بمکة المعظمة تجاه البيت، ولم يقل أحد في السرداب: أنه مغيب ذلک النور، وإنما هو سرداب دار الأئمة بسامراء، وأن من المطرد إيجاد السراديب في الدور وقاية من قايظ الحر، وإنما اکتسب هذا السرداب بخصوصه الشرف الباذخ لانتسابه إلي أئمة الدين وأنه کان مبوأ لثلاثة منهم کبقية مساکن هذه الدار المبارکة، وهذا هو الشأن في بيوت الأئمة عليهم السلام ومشرفهم النبي الأعظم في أي حاضرة کانت، فقد أذن الله أن ترفع ويذکر فيها اسمه. وليت هؤلاء المتقولين في أمر السرداب اتفقوا علي رأي واحد في الأکذوبة حتي لا تلوح عليها لوائح الافتعال فتفضحهم فلا يقول ابن بطوطة في رحلته 2 ص 198: أن هذا السرداب المنوه به في الحلة، ولا يقول القرماني في أخبار الدول: أنه في بغداد، ولا يقول الآخرون: أنه بسامراء. ويأتي القصيمي من بعدهم فلا يدري أين هو، فيطلق لفظ السرداب ليستر سوأته...) فعلم أنه لا دليل لما ذکر السويدي وغيره، ولا مستند لهم في هذه النسبة لا في حديث من الأحاديث، ولا في کلام لواحد من العلماء، وناهيک بهؤلاء النافين أئمة نياقد، وأعلاما محيطين بالأخبار والآثار. إذا عرفت ذلک، فاعلم أن الأمر بالعکس من ذلک، فلقد أرسله بعض علماء أهل السنة إرسال المسلم، مما يدل علي أنهم هم القائلون به. ومن هؤلاء: الحافظ السيد جمال الدين الشيرازي صاحب (روضة الأحباب) حيث قال - في عبارته الآتية في الکتاب - ما ترجمته (قد غاب في سرداب في سر من رأي). ومنهم: قاضي القضاة ابن خلکان حيث قال بترجمة الإمام الحسن العسکري (ع) في (وفيات الأعيان ج 1 ص 372) (وهو والد المنتظر صاحب السرداب). ومنهم: ابن الصباغ المالکي حيث حکي القول بغيبته (ع) في السرداب من غير رد عليه. کما سيأتي في الکتاب. ومنهم: الحافظ الکنجي الشافعي حيث قال في (البيان) ما نصه: (وأما الجواب عن أفکارهم بقاؤه في سرداب من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه فعنه جوابان: أحدهما: بقاء عيسي (ع) في السماء من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه، وهو بشر مثل المهدي (ع)، فکما جاز بقاؤه في السماء - والحالة هذه - فکذلک المهدي (ع) في السرداب. فإن قلت: إن عيسي (ع) يغذيه رب السماء من خزائن غيبه. قلت: لا تفني خزائنه بانضمام المهدي (ع) إليه في غذائه. فإن قلت: إن عيسي خرج عن طبيعته البشرية. قلت: هذه دعوي باطلة، لأنه تعالي قال لأشرف الأنبياء: قل إنما أنا بشر مثلکم فإن قلت: اکتسب ذلک من العالم العلوي. قلت: هذا يحتاج إلي توقيف ولا سبيل إليه. والثاني: بقاء الدجال في الدير - علي ما تقدم - بأشد الوثائق مجموعة يداه إلي = عنقه ما بين رکبتيه إلي کعبه بالحديد، وفي رواية: في بئر موثوق، وإذا کان بقاء الدجال ممکنا علي الوجه المذکور من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه، فما المانع من بقاء المهدي مکرما من غير الوثاق؟ إذ الکل في مقدور الله تعالي. فثبت: أنه غير ممتنع شرعا ولا عادة) وهنا قال الشيخ الإربلي بعد نقله ما ذکر: (فأما قوله: أن المهدي (ع) في سرداب وکيف يمکن بقاؤه من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه؟ فهذا قول عجيب وتصور غريب، فإن الذين أنکروا وجوده (ع) لا يوردون هذا، والذين يقولون بوجوده لا يقولون أنه في سرداب، بل يقولون أنه حي موجود يحل ويرتحل ويطوف في الأرض ببيوت وخيم وخدم وحشم وإبل وخيل وغير ذلک وينقلون قصصا في ذلک وأحاديث يطول شرحها...)
[8] ص 293.
[9] الصحيح: أن ولادته عليه الصلاة والسلام کانت في النصف من شعبان - لا في الثالث والعشرين من رمضان - وفي سنة خمس وخمسين ومائتين لا ثمان وخمسين. وهذا هو الصحيح وعليه أکثر علماء أبناء السنة المذکورة عباراتهم في هذا الکتاب وغيرهم.
[10] يدل ما تقدم في أوائل کلامه، وهکذا صريح عبارة الحافظ محمد پارسا الآتية وغيرهما علي ورود هذا الحديث في (صحيح أبي داود) بلفظ آخر بدون هذه الجملة، وسيأتي الکلام عليه بالتفضيل، وخلاصته: أن هذه الجملة مزيدة في الحديث من رجل اشتهر بالزيادة في الأحاديث. وأما ما أجاب به ابن طلحة عن ذلک من التوجيهين الوجيهين، إنما يأتي بعد غض النظر عما ذکر، وبعد التسليم بصحة الروايات الواردة في الصحاح الستة، وإلا فلا داعي للتأويل المذکور حملا له علي الأحاديث الکثيرة، وذلک بعد ثبوت وجود أحاديث ضعيفة وموضوعة فيها وفي (الصحيحين) فضلا عن غيرهما.
[11] سورة الحج.
[12] سورة يوسف.
[13] موجز ترجمته هو أبو سالم کمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي الذي صرح تقي الدين أبو بکر أحمد بن شهبة المعروف بابن جماعة الدمشقي الأسدي في طبقات الشافعية) مخطوط بأنه کان أحد الصدور والرؤساء المعظمين، ولد سنة 582، وتوفي في سابع رجب سنة 652. ويقول اليافعي في (مرآة الجنان: (الکمال محمد بن طلحة النصيبي المفتي الشافعي، وکان رئيسا محتشما بارعا في الفقه والخلاف، ولي الوزارة مرة، ثم زهد وجمع نفسه، توفي بحلب في شهر رجب، وقد جاوز السبعين، وله (دائرة الحروف) قلت: وابن طلحة المذکور لعله الذي روي عن السيد الجليل المقدار الشيخ المشکور عبد الغفار صاحب الرواية في مدينة قوص، قال: أخبرني الرضي الأصمع قال: طلعت جبل لبنان، فوجدت فقيرا، فقال لي: رأيت البارحة في المنام قائلا يقول: لله درک يا ابن طلحة ماجد ، ترک الوزارة عامدا فتساطنا لا تعجبوا من زاهد في زهده ، في درهم لما أصاب المعدنا قال: فلما أصبحت ذهبت إلي الشيخ ابن طلحة فوجدت السلطان الملک الأشرف علي بابه وهو يطلب الإذن عليه فقعدت حتي خرج السلطان، فدخلت عليه فعرفته بما قال الفقير، قال: إن صدقت رؤياه فأنا أموت إلي أحد عشر يوما وکان کذلک. وابن جماعة يقول في (طبقات الفقهاء الشافعية): محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن الشيخ کمال الدين أبو سالم العريني العدوي النصيبي مصنف کتاب (العقد الفريد) أحد الصدور والرؤساء المعظمين، ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وتفقه وشارک في العلوم، وکان فقيها بارعا عارفا بالمذهب والأصول والخلاف، توسل عن الملوک، وساد وتقدم وسمع الحديث، وحدث ببلاد کثيرة، وفي سنة ثمان وأربعين کتب تقليده بالوزارة فاعتذر وتنصل فلم يقبل منه، فتولاه يومين ثم انسل خفية، وترک الأموال والموجود، ولبس ثوبا قطنيا وذهب، فلم يدر أين ذهب، وقد نسب إلي الاشتغال بعلم الحروف والأوفاق وأنه يستخرج من ذلک أشياء من المغيبات، وقيل: إنه رجع عنه، فالله أعلم، توفي بحلب في رجب سنة اثنتين وخمسين وستمائة) (-) وراجع أيضا (الدرر الکامنة لابن حجر) و (نفحات الأنس لعبد الرحمن الجامي) و (أبجد العلوم لصديق حسن) وتجد نصوص کلماتهم في حقه في (عبقات الأنوار) في مجلد حديث التشبيه. هذا، وقد قال الشيخ ابن طلحة بعد کلامه المنقول عنه ما نصه: (وأما ولده فلم يکن له ولد ليذکر لا أنثي ولا ذکر). قلت: إن عمومات النکاح، والأدلة الواردة في فضيلة الزواج والحث عليه، تقتضي کونه متزوجا، وهذا هو الذي يذکره الخواص من عباد الله الصالحين ثم قال: (وأما عمره، فإنه ولد في أيام المعتمد علي الله، خاف فاختفي وإلي الآن، وقدرة الله واسعه، وحکمه وألطافه بعباده عظيمة عامة، وليس ببدع ولا بمستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين، ولا امتداد عمره إلي حين فقده، مد الله تعالي أعمار جمع کثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه، ومن مطروديه وأعدائه، فمن الأصفياء عيسي عليه السلام، ومنهم: الخضر، وخلق آخرون من الأنبياء طالت أعمارهم... وأما من الأعداء المطرودين فإبليس والدجال... وکل هذه لبيان اتساع القدرة الربانية في تعمير بعض خلقه، فأي مانع يمنع من امتداد عمر الصالح الخلف الناصح إلي أن يظهر فيعمل ما حکم الله له به).
[14] هو الشيخ الأکبر، رأس أجلاء العارفين، أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي المولود بمرسية سنة 560 والمتوفي سنة 638 والمدفون بصالحية الشام، وقبره بها معروف مزور، وعليه قبة مشيدة. وترجمته ومرتبته في العلم والکمال وکونه من العلماء الفخام وثقة مذکور في الکثير من کتب أهل السنة ک (تاريخ ابن النجار البغدادي) و (تکملة الإکمال لابن نقطة) و (تاريخ حلب لابن العديم) و (الوفيات لزکي الدين المنذري) و (تاريخ ابن الأبار) و (تاريخ ابن الزبير) و (مشتبه النسبة لأبي العلاء الفرضي) و (تاريخ مصر لقطب الدين الحلبي) و (مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي) و (ذيل المرأة = لقطب الدين اليونيني) و (کتاب المسالک لابن فضل الله) و (لطائف المنن لأحمد ابن عطاء الله الإسکندري) و (الإرشاد للعلامة اليافعي) و (الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي) و (فوات الوفيات لمحمد بن شاکر بن أحمد الکتبي) و (تنبيه الغبي لجلال الدين السيوطي) و (لواقح الأنوار) و (تنبيه الأغبياء للشعراني) و (نفخات الأنس لعبد الرحمن الجامي) و (مدينة العلوم للفاضل الأزنيقي) و (الإشاعة لأشراط الساعة للبرزنجي) و (الصبح الصادق لنظام الدين السهالي) وغيرها من الکتب المعتبرة.
[15] لا يحضرني کتاب (الفتوحات) ولقد وجدت هذا الکلام منقولا عنه في کتاب (مشارق الأنوار ص 131) للشيخ حسن العدوي الحمزاوي، وفي کتاب (اليواقيت والجواهر ص 288) للشعراني. رأيت من (الفتوحات) طبعة مصرية حديثة.
[16] هذا قول صاحب (مشارق الأنوار).
[17] وهو الشيخ العارف الخبير أبو المواهب عبد الوهاب بن علي الشعراني المتوفي سنة 973. وهو من أجلة علماء السنة وأکابرهم کما هو مذکور في کتبهم، ويعتقده شاه ولي الله: من أولياء الله کما لا يخفي علي من يري رسالته المسماة ب (الانتباه في سلاسل أولياء الله)، وأبو مهدي الأستاذ عبد الله محمد بن العياشي المغزلي في (مفتاح کنز الدراية ورواية المجموع من درر المجلد المسموع) يعده من مشايخه وأساتذته کما يقول في ذکر حزب البحر (صحبته - أي شيخه - المدة المذکورة في أول الترجمة، وعادت علي برکة صحبته، وهو صحب العلامة القاضي بدر الدين محمد بن يحيي بن عمر القرافي آخر قضاة العدل بمصر، والشيخ العارف بالله تعالي الواعظ المتکلم علي القلوب أبا عبد الله محمد بن الترجمان الحنفي، وهما صحبا الولي العارف بالله صاحب التصانيف السائرة أبا محمد عبد الوهاب الشعراوي، وهو صحب شيخ الإسلام أبا يحيي زکريا بن محمد الأنصاري، وهو صحب الشيخ الإمام الحافظ المقري أبا النعيم زين الدين رضوان بن محمد العقبي، وهو صحب شيخ الإسلام وأستاذ القراء شمس الدين أبا الخير محمد بن محمد الجزري - ثم قال بعد ذکر هذه السلسلة الطويلة -: وليتأمل المحب المخلص المتطلب الصلاح الحريص علي اتصال حزب الفلاح والنجاح: ما اتفق له في هذه الطريقة المنيفة والسلسلة الشريفة من الاتصال بأعيان الصحابة الأربعة الخلفاء، وأرباب المذاهب الأربعة الأئمة الحنفاء، فلله الحمد والمنة وإياه نسأل الاعتصام بالسنة) (-) وراجع أيضا (التحفة البهية في طبقات الشافعية للشرقاوي)، وکتابه (لواقح الأنوار) هو طبقات الصوفية وهو من الکتب المعتبرة لديهم.
[18] هکذا نقله جدي العلامة رحمه الله في کتابه (استقصاء الافحام ص 92) (-) راجع (لواقح الأنوار ص 139 ج 2) الطبعة الأولي بمصر سنة 1373 هجرية.
[19] کتاب (اليواقيت) بمنزلة الشرح لمغلقات (الفتوحات) (-) وهو کذلک من الکتب المعتبرة التي يعتمدون عليها، انظر (دراسات اللبيب) وغيره..
[20] کذا.
[21] أي: يصب.
[22] هو من متأخري علماء الهند السنيين وثقاتهم، ترجمته في دانشمند أنه عامة ومهدي موعود.
[23] هکذا وجدناه في کتاب (استقصاء الافحام) ص 98.
[24] فيه إشارة إلي عصمة أئمتنا الاثني عشر عليهم السلام، وسنشير إلي هذا البيان في مبحث العصمة.
[25] موجز ترجمته وهو من کبار علماء الهند ومحدثي تلک البلاد المتأخرين، له کتب کثيرة ومصنفات شهيرة، وهو من تلامذة الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب کتاب (التحفة الاثنا عشرية في الرد علي الإمامية) ومن أشهر المتخرجين من مدرسته. ولقد اتبع هذا الرجل شيخه المذکور في التهجم علي الشيعة الإمامية، ونسخ علي منواله. تجد ترجمته وکلمات علماء طائفته فيه وفي إظهار منزلته في مواضع عديدة من (عبقات الأنوار).
[26] موجز ترجمته هو الحافظ محمد بن محمد بن المحمود البخاري المعروف بخواجه پارسا، من أعيان علماء الحنفية، وأکابر مشايخ النقشبندية، توفي بالمدينة المنورة سنة 822 ودفن بها قال الکفوي في (أعلام الأخيار): (محمد بن محمد بن محمود الحافظ البخاري المعروف بخواجه محمد پارسا، أعز خلفاء الشيخ الکبير خواجة بهاء الدين نقشبند قدس الله أرواحهما، کان من نسل حافظ الدين الکبير تلميذ شمس الأئمة الکرودي وقد نص عليه في ذکر محمود الانجيرفغنوي، في قلب الکتيبة الحادية عشر. ولد في ست وخمسين وسبعمائة، وقرأ العلوم علي علماء عصره وکان قد بهر علي أقرانه في دهره، وحصل الفروع والأصول، وبرع في المعقول والمنقول، وکان شابا قد أخذ الفقه عن قدوة وبقية أعلام الهدي الشيخ الإمام الشيخ العارف الرباني أبي الطاهر محمد بن الحسن بن علي الطاهري، ووقع منه الإجازة في أواخر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة في بخارا، وروي عن خواجة محمد پارسا أنه قال: أجازني بقية أعلام الهدي أبو الطاهر، أني أروي عنه ما قرأت عليه، وما سمعت من الأصول والفروع، وأدرس ما أقرأنيه من المعقول والمنقول علي الشرط المشروط عند النقلة والرواة وقد أکملت في تلک السنة العشرين، وذلک في أواخر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة. وأخذ أبو الطاهر عن الشيخ الإمام مولانا صدر الشريعة عبيد الله البرهاني المجبول، ووقع الإجازة منه في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وهو أخذ عن جدة تاج الدين محمود بن صدر الشريعة أحمد بن جمال الدين عبيد الله المجبولي، عن أبيه أحمد عن أبيه جمال الدين عن الشيخ الإمام المفتي إمام زاده صاحب الشرعة عن عماد الزربخري عن أبيه شمس الأئمة الزربخري عن عن شمس الأئمة السرخسي، عن شمس الأئمة الحلوائي عن أبي علي النسفي عن الشيخ الإمام أبي بکر محمد بن الفضل عن عبد الله السنعوني، عن أبي عبد الله بن أبي حفص الکبير عن أبيه عن محمد عن أبي حنيفة. رحمهم الله أجمعين. وأخذ الفروع والأصول عن المولي العالم الکامل إلياس بن يحيي بن حمزة الرومي، وأجازه ببخارا يوم الجمعة الحادي والعشرين من شعبان سنة إحدي وعشرين وثمانمائة وأخذ عنه أيضا ولده المولي العارف الرباني حافظ الدين محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري الشهير بخواجه أبو النصر پارسا).
[27] هکذا وجدناه في (ينابيع المودة ص 451).
[28] ولقد وردت أخبار ذکرها الأصحاب في ذم جعفر ابن الإمام علي الهادي (ع) ولکن هناک رواية عن الإمام المهدي عجل الله تعالي فرجه يقول (ع) فيها: سبيله سبيل أخوة يوسف.
[29] أي: أخرج محمد پارسا في (فصل الخطاب).
[30] استقصاء الافحام في رد منتهي الکلام ص 104.
[31] موجز ترجمته هو: أبو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري العارف المحدث الفقيه صاحب التصانيف الشائعة الکثيرة، وقد ذکر أحواله ومؤلفاته جماعة کثيرة في کتبهم. قال الصديق حسن خان الهندي في کتابه (أبجد العلوم): (الشيخ عبد الحق الدهلوي، وهو المتضلع في الکمال الصوري والمعنوي، رزق من الشهرة قسطا جزيلا، وأثبت المؤرخون ذکره إجمالا وتفصيلا، حفظ القرآن، وجلس علي مسند الإفادة وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، ورحل إلي الحرمين الشريفين، وصحب الشيخ عبد الوهاب المتقي خليفة الشيخ علي المتقي، واکتسب علم الحديث، وعاد إلي الوطن واستقر به اثنتين وخمسين سنة بجمعية الظاهر والباطن ونشر العلوم وترجمة کتاب (المشکاة) بالفارسي، وکتب شرحا علي (سفر السعادة) وبلغت تصانيفه مائة مجلد ولد في محرم سنة 958، وتوفي سنة 1052، وأخذ الخرقة القادرية من الشيخ موسي القادري من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني، وکان له اليد الطولي في الفقه الحنفي وأيضا ذکره الشيخ عبد القادر البدايوني وغيرهم).
[32] استقصاء الافحام ص 106.
[33] من أراد معرب هذه العبارة فلينظر إلي ما نقلناه سابقا عن (فصل الخطاب) من قوله: - ويروي.
[34] هو: من کبار السنة وأعلامهم، ويعده ملا علي القاري من مشايخه في (المرقاة)، وينقل عنه الحسين بن محمد الحسن الديار بکري في (تاريخ الخميس) وعبد الحق الدهلوي في (مدارج النبوة) والشاه ولي الله في (إزالة الخفاء) وغيرهم من علمائهم في کتبهم. (-) کعبد العزيز الدهلوي في (رسالة أصول الحديث) والصديق حسن خان في (الحطة) وصاحب (حبيب السير). وتجد کلمات هؤلاء وغيرهم في ترجمته في (عبقات الأنوار) في حديث التشبيه.
[35] هکذا نقله جدي العلامة رحمه الله في (الاستقصاء) ص 107.
[36] الذي أوتي الحکمة صبيا هو يحيي وعيسي، لا زکريا عليهم الصلاة والسلام، ولعل الاشتباه من الناسخ.
[37] فيه إشارة إلي صحة إمامته في الصبا، کما سيأتي.
[38] قد تقدم في هامش الأصل، أن ذکر زکريا من غلط الناسخ، وأن الصحيح: عيسي.
[39] هو من أکابر أئمة أهل السنة، ومعتمديهم، وتوثيقه وتعديله ومدحه وثناؤه مذکور في الکتب الرجالية ک (مرآة الجنان لليافعي) و (روضة المناظر لابن الشحنة) و (کفاية المتطلع) لتاج الدين و (مدينة العلوم للأزنيقي) و (المسند للخوارزمي) و (کشف الظنون) و (أعلام الأخيار للکفوي) وغيرها. وقد قال ابن خلکان بعد ترجمة ابن الجوزي (وکان سبطه شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي الواعظ المشهور، حنفي المذهب ، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه، وقبول عند الملوک وغيرهم وصنف تاريخا کبيرا رأيناه بخطه في أربعين مجلدا سماه (مرآة الزمان). توفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وخمسين وستمائة بدمشق، بمنزله بجبل قاسيون، ودفن هناک ومولده في سنة إحدي وثمانين وخمسمائة ببغداد، وکان هو يقول: أخبرتني أمي أن مولدي سنة اثنتين وثمانين، رحمه الله تعالي) (-) قلت: وقد اعتمد علي تاريخه المذکور، ونقل عنه أکابر علمائهم، وثقات محدثيهم کالشيخ الکابلي في (الصواقع) وعبد العزيز الدهلوي في (التحفة) والصفدي في (الوافي بالوفيات) والبرهان الحلبي في (السيرة) والسمهودي في مواضع من (جواهر العقدين) ورشيد الدين في بعض کتبه، وقد کتب عليه القطب اليونيني (ذيلا) اعتمدوا عليه کذلک.
[40] الضمير يرجع إلي الإمام الحسن العسکري ابن علي المتقدم ذکره علي هذا کما لا يخفي.
[41] لا يخفي أن هذا العارف ينقل احتجاج الإمامية علي بقاء القائم (ع) مجردا فلو لم يکن يرضي به لکان رد عليه، کما هو دأبه في هذا الکتاب، وعدم رده يدل علي رضائه به، علي أنه اعترف قبل هذا بأن المهدي هو محمد بن الحسن (ع). وعلي القارئ إمعان النظر في کلامه لکي لا يشتبه عليه الأمر، والله الهادي. (-) قلت: مجرد اعترافه بولادته دليلا علي إذعانه بوجوده (ع).
[42] موجز ترجمته هو من کبار السنة، ومعتمديهم، وذو الفضل الباهر، والنبل الفاخر وهو عندهم في غاية من الوثوق والاعتبار. قال نور الدين ابن الصباغ المالکي (الذي تأتي ترجمته فيما بعد) في کتابه (الفصول المهمة) - وقد نقل فيه عنه کثيرا - (کتاب (کفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب) تأليف الإمام الحافظ (هما لقبان جليلان عندهم (-) وقد جاء في (عبقات الأنوار) حديث النور ص 151 - 153 الکلمات التي وردت عن الذهبي والقاري وابن حجر وغيرهم في بيان معني هذين اللقبين، ومعني الشيخ أيضا في اصطلاحهم) أبي عبد الله محمد بن يوسف الکنجي الشافعي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما... الخ) وقال مصطفي بن عبد الله القسطنطيني في کتابه (کشف الظنون) (وکفاية الطالب في مناقب علي ابن أبي طالب للشيخ الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الکنجي الشافعي المتوفي سنة 608 وأيضا قال فيه: (البيان في أخبار صاحب الزمان للشيخ أبي عبد الله المطيري أيضا تمسک بإفاداته ونقل عنه کثيرا في کتابه (الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة) فمن جملة ما نقل عنه فيه هذا: (قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الکنجي الشافعي في کتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) من الدلالة علي کون المهدي حيا باقيا من غيبته إلي الآن، وأنه لا امتناع في بقائه کبقاء عيسي بن مريم والخضر وإلياس وإبليس اللعين من أعداء الله، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالکتاب والسنة...) إلي آخر ما نقلناه في الأصل.
[43] لا يحضرني کتاب (البيان) ولقد نظرت هذا منقولا عنه في کتاب (نور الأبصار ص 150) وفي (الفصول المهمة ص 317) (-) قلت: عقد الکنجي في (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص 521 النجف الأشرف مع (کفاية الطالب) له سنة 1390، بابا خاصا لإثبات بقاء الإمام (ع) وهذا أوله: (الباب الخامس والعشرون في الدلالة علي کون المهدي عليه السلام حيا باقيا مذ غيبته إلي الآن، ولا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسي وإلياس والخضر...) وهو يختلف في الألفاظ مع ما نقله السيد المؤلف، ولکن المعني واحد... فراجع.
[44] موجز ترجمته هو من العلماء الکبار، المولود في سنة 696 والمتوفي بسنة 764. قال خير الدين الزرکلي في کتابه (الأعلام): (صلاح الدين خليل بن إيبک بن عبد الله الصفدي، أديب، مؤرخ، کثير التصانيف الممتعة، ولد في صفد بفلسطين، وإليها نسبته، وتعلم في دمشق، فعاني صناعة الرسم فمهر بها، ثم ولع بالأدب وتراجم الأعيان، وتولي ديوان الانشاء في صفد ومصر وحلب، ثم وکالة بيت المال في دمشق فتوفي بها، له زهاء مائتي مصنف منها (الوافي بالوفيات - خ) کبير جدا في التراجم... الخ).
[45] ينابيع المودة ص 471.
[46] موجز ترجمته: هو الفقيه الشافعي من أعلام السنة وأحبارهم، والعلامة ابن المغازلي ينقل عنه کثيرا ويصرح بأنه فقيه شافعي في کتابه (المناقب) ولا يخفي جلالته علي من رأي کتاب (العبر للذهبي) (-) و (نفحات الأنس للجامي) و (تذکرة الشعراء لدولت شاه بن علاء الدولة) ولقد صرح الشيخ عبد العزيز الدهلوي في (التحفة) بأنه من علماء أهل السنة وشعرائهم العرفاء.
[47] ينابيع المودة ص 473.
[48] موجز ترجمته هو من أکابر علماء السنة العظام وأعاظم نبهائهم الفخام، وأماثل محدثيهم الأعلام. قد عده نجم الدين عمر بن فهد المکي في (إتحاف الوري بأخبار أم القري) من علماء مکة المعظمة، وأثبت أن وفاته کانت في سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وأحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي في کتابه (ذخيرة المال) يذکره بمثل ألقاب: الشيخ والإمام، التي جلالتها غير خفية علي المحققين، ويصرح فيه بأنه من العلماء المالکيين، وينقل کثيرا عن کتابه (الفصول المهمة) وعبد الله بن محمد المطيري - بعدما أطرأ في ثنائه ومدحه - عده من العلماء العاملين الأعيان، وجعل کتابه (الفصول المهمة) مأخذا لکتابه (الرياض الزاهرة في فصل آل بيت النبي وعترته الطاهرة) إذ نقل فيه کثيرا عن (الفصول المهمة)، وإکرام الدين ابن نظام الدين محب الحق الدهلوي قد صرح باعتماده عليه وأکثر النقل عنه في کتابه (سعادة الکونين في بيان فضائل الحسنين) وغيرهم من العلماء السنيين ينقلون عنه في کتبهم کثيرا، ويصرحون باعتمادهم عليه، کعلي بن عبد الله السمهودي الشافعي في کتابه (جواهر العقدين) ونور الدين علي بن إبراهيم الحلبي الشافعي في کتابه (إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون) ومحمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري في کتابه (الصراط السوي في مناقب آل النبي) وعبد الرحمن بن عبد السلام الصفوي الشافعي في کتابه (نزهة المجالس ومنتخب النفائس) ومحمد محبوب عالم في (تفسير شاهي) والشيخ محمد بن علي الصبان في (إسعاف الراغبين) والشيخ حسن العدوي الحمزاوي في (مشارق الأنوار) والسيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي في (نور الأبصار) وغيرهم.
[49] هو من علماء أهل السنة المتوفي سنة 567، ومشهور مقبول عندهم، قال الزرکلي في (الأعلام): (أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب أعلم معاصريه بالعربية من أهل بغداد مولدا ووفاة، وکان عارفا بعلوم الدين، مطلعا علي شئ من الفلسفة والحساب والهندسة، مستهترا في حياته، مبتذها في عيشه وملبسه، کثير المزاح، يلعب بالشطرنج مع العوام علي قارعة الطريق، ويتعمم بالعمامة حتي تسود وتتقطع، وقف کتبه علي أهل العلم قبيل وفاته. من تصانيفه (شرح الجمل للجرجاني) و (الرد علي التبريزي في تهذيب الاصلاح) و (نقد المقامات الحريرية).
[50] إن للمهدي عليه السلام - کما دلت الروايات الکثيرة - غيبتين، إحداهما أطول من الأخري، فالغيبة الأولي - وهي المعبر عنها بالصغري - کانت حتي سنة 329 أي سنة وفاة السفير الرابع من السفراء الأربعة وهو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري رضي الله تعالي عنه. فمدة هذه الغيبة الصغري 74 سنة علي أن يکون أولها سنة ولادة الإمام (ع) وهي سنة 255، و 69 سنة علي أن يکون أولها سنة وفاة أبيه العسکري (ع) وهي سنة. 260 والغيبة الثانية - وهي المعبر عنها بالکبري - فأولها سنة 329. أي منذ وفاة السمري (ره)، فما ذکره ابن الصباغ وکذا السويدي نفسه في عبارته في هذا المورد غير واضح.
[51] موجز ترجمته هو من العلماء الکبار السنيين توفي سنة 1176. قال محمد معين بن محمد أمين في کتابه (دراسات اللبيب): (ولقد سمعنا شيخنا عالم الهند، وعارف وقته الشيخ الأجل ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي رحمه الله تعالي يدعي ويقول حديثا من الأحاديث الصحيحة يرد علي العلماء الأربعة بأجمعهم يکون حجة عليهم فيما ذهبوا إليه، والأمر علي ما قال رحمه الله تعالي، ونفعنا ببرکات حقائقه وعلومه وأحواله). وقال الشيخ أکمل شرف الدين محمد في کتابه (الوسيلة إلي الله): (ومن کان له لطف قريحة، وطالع مصنفاته (الضمير يرجع إلي ولي الله الدهلوي) الشريفة، وتحقق بقواعدها وقوانينها، لم تبق له ريبة في تصديق هذا المطلب الأهني، والمقصد الأقصي، (قل الحق من ربکم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليکفر) خصوصا کتاب (الحجة البالغة) و (اللمحات) و (ألطاف القدس) و (الهمعات في المکتوب المرسل إلي المدينة) و (المسوي) وغير ذلک. وغير هذين العلمين من علماء السنة أيضا نقلوا فضله وترجمته في کتبهم کأبي علي محمد الملقب بارتضا العمري الجوقاموي البخاري في (مدارج الإسناد) ورشيد الدين الدهلوي في (الإيضاح) وحيدر علي الهندي في (منتهي الکلام) وصديق حسن خان الهندي في (أبجد العلوم) وغيرهم، (-) قلت: هذا، بالإضافة إلي الکلمات التي وصفه بها في الثناء عليه، ابنه وتلميذه عبد العزيز الدهلوي في (بستان المحدثين) و (رسالة أصول الحديث) وغيرهما من کتبه، وإنه ليتباهي بکون والده - ولي الله هذا - هو الواسطة بينه وبين أئمة الحديث عندهم، وبأنه أعطاه إجازة جميع ما يجوز له روايته... تجد کل ذلک في مواضع عديدة من (عبقات الأنوار)... فعلي هذا فإن عبد العزيز الدهلوي أيضا يروي هذا الحديث، وهذه فائدة.
[52] وهو الإمام صاحب الزمان والغائب المنتظر عليه السلام، فولي الله الدهلوي قد روي هذا الحديث الشريف بسنده عن مولانا الحجة معبرا عنه ب (المحجوب إمام عصره) فهو يعتقد بوجود هذا الإمام وحياته - وأنه محمد بن الحسن - إلي أن يظهره الله تعالي، وهذا الحديث رواه أصحابنا رضوان الله عليهم أجمعين بأسانيدهم الصحيحة عن الإمام علي بن موسي الرضا (ع) وفيه بعده: (بشروطها وأنا من شروطها) راجع (التوحيد) لأبي جعفر الصدوق وغيره.
[53] موجز ترجمته هو صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن عبد الله بن علي ابن محمد بن حمويه الحموي الجويني المتوفي سنة 723، من أعلام السنيين الکبار، وعلمائهم الأحبار. ولا يخفي مآثره السنية علي من يري (تذکرة الحافظ) و (العبر) للذهبي، و (مرآة الجنان لليافعي) و (طبقات الشافعية لجمال الدين الأسنوي) و (نظم درر السمطين لمحمد بن يوسف الزرندي) و (توضيح الدلائل لشهاب الدين أحمد) و (جواهر العقدين لنور الدين السمهودي). قال الذهبي في (تذکرة الحافظ) في ذکر شيوخه (وسمعت من الإمام المحدث الأوحد الأکمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية، قدم علينا طالب حديث، وروي لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي. وکان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء، علي يده أسلم غازان الملک. مات سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وله ثمان وسبعون سنة) وقال اليافعي في (مرآة الجنان) في وقائع المائة الثامنة: (وفيها قدم الشام شيخ الشيوخ صدر الدين إبراهيم ابن الشيخ سعد الدين ابن حمويه الجويني، فسمع الحديث، وروي عن أصحاب المؤيد الطوسي، وأخبر أن ملک التتار غازان بن أرغون أسلم علي يده بواسطة نائبه نوروز (بالراء بين الواوين والزاء في آخره) وکان يوما مشهودا) وقال عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي في (طبقات الشافعية): (صدر الدين إبراهيم بن سعد الدين محمد بن المؤيد المعروف بالحموي (نسبة إلي مدينة حماة لأن جده کان من أبناء ملوکها) کان المذکور: إماما في علوم الحديث والفقه، وکثير الأسفار في طلب العلم، طويل المراجعة، مشهورا بالولاية هو وأبوه سکن بقرية من قري نيسابور، وتوفي بها حوالي السبعمائة).
[54] ينابيع المودة ص 448.
[55] أقول: نستدرک عليه - إتماما للفائدة - بذکر جماعة آخرين من کبار علمائهم الذين وافقونا في عقيدتنا، بأن المهدي أرواحنا فداه مولود، وأنه حي باق إلي أن يأذن الله تعالي له بالظهور. فإن منهم من صرح بهذا الاعتقاد تصريحا کاملا، ومنهم من صرح بولادته عليه السلام وأنه ابن الحسن العسکري (ع) فحسب، وذلک يستلزم کونه معتقدا ببقائه وحياته بلا ريب، وإلا لذکر أو نوه عما يخالفه. (16) الحافظ القندوزي ومنهم: الحافظ الشيخ سليمان بن أحمد القندوزي الحنفي المتوفي سنة 1294 حيث قال في (ينابيع المودة ص 540) ما نصه: (الباب التاسع والسبعون: في ذکر ولادة القائم المهدي عليه السلام، وزايجة ولادته، وزايجة عيسي (ع). - فنقل قصة ولادته عن موسي بن محمد بن القاسم بن حمزة ابن الإمام موسي الکاظم (ع) عن حکيمة بنت الإمام الجواد (ع) وعمه الإمام العسکري (ع) المتقدمة سابقا، ثم قال في ص 541 ما نصه) (وفي فصل الخطاب للسيد الشيخ الکامل العالم العامل خواجة محمد پارسا أسبق خلفاء بهاء الدين محمد الملقب ب (شاه نقشبند) قدس الله سرهما، وأفاض علينا فتوحهما وبرکاتهما: ومن أئمة أهل البيت الطيبين: أبو محمد الحسن العسکري، ولد سنة إحدي وثلاثين ومائتين، يوم الجمعة السادس من ربيع الأول، ودفن بجنب أبيه، وکانت مدة بقاء الحسن العسکري بعد أبيه رضي الله عنهما، ست سنين، ولم يخلف ولدا غير أبي القاسم محمد المنتظر المسمي بالقائم والحجة والمهدي، وصاحب الزمان، وخاتم الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. وکان مولد المنتظر النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، أمه: أم ولد، يقال لها: نرجس. توفي أبوه وهو ابن خمس سنين، فاختفي إلي الآن. وأبو محمد الحسن العسکري ولده محمد المنتظر المهدي رضي الله عنه معلوم عند خاصة أصحابه، وثقات أهله) إلي آخر ما نقل عنه المؤلف رحمه الله. ثم قال - بعد نقل کلام عن (الصواعق) لابن حجر، سيأتي نصه -: (فالخبر المعلوم المحقق عند الثقات، إن ولادة القائم (ع) کانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين في بلدة سامراء...) والحافظ البلخي: من ثقات علماء أهل السنة وأعلامهم، ومن مشايخ الصوفية وأعاظمهم. راجع ترجمته في مقدمة کتابه (ينابيع المودة) ط النجف الأشرف. رجال الحديث الدهلوي ومنهم: الحافظ وکبار العلماء الذين جاءت أسماؤهم في سند حديث ولي الله الدهلوي المتقدم نقله في الکتاب. وهم: (17) الشيخ حسن بن علي العجمي المتوفي سنة (18) الحافظ جمال الدين الباهلي المتوفي سنة (19) الشيخ محمد الحجازي الواعظ المتوفي سنة (20) الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بکر السيوطي المتوفي 910 - (911) ظ (21) الحافظ أبو نعيم رضوان العقبي المتوفي سنة (22) الحافظ شمس الدين ابن الجزري المتوفي سنة 833 (23) الإمام الزاهد جمال الدين محمد بن محمد الجمال المتوفي سنة (24) الحافظ محمد بن مسعود البغوي المتوفي سنة (25) الشيخ إسماعيل مظفر الشيرازي المتوفي سنة (26) الشيخ المحدث عبد السلام بن أبي الربيع المتوفي سنة (27) الشيخ أبو الکرم عبد الله بن شاپور القلانسي المتوفي سنة (28) الإمام الشيخ محمد الآدمي المتوفي سنة (29) الشيخ سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان المتوفي سنة (30) الحافظ أحمد بن محمد بن هاشم البلدذري المتوفي سنة (31) الشيخ علي الخواص ومنهم: الشيخ علي الخواص، فقد تقدم عن الشيخ الشعراني قوله في (اليواقيت والجواهر) بعد کلام له حول الإمام المهدي (ع) (هکذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق کوم الريش المطل علي برکة الرطلي بمصر المحروسة عن الإمام المهدي حين اجتمع به، ووافقه علي ذلک شيخنا سيدي علي الخواص رحمهما الله) فهو إذا من المعتقدين بوجود الإمام المهدي وحياته منذ ولادته. موجز ترجمة والشيخ علي الخواص: من کبار مشايخ الصوفية، فقد ذکره الشيخ الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ج 2 ص 150) بقوله: (ومنهم: شيخي وأستاذي وسيدي: علي الخواص البرلسي رضي الله عنه ورحمه الله، کان رضي الله عنه أميا لا يکتب ولا يقرأ، وکان رضي الله عنه يتکلم في معاني القرآن العظيم والسنة المشرفة کلاما نفيسا تحير فيه العلماء، وکان محل کشفه اللوح المحفوظ عن المحو والإثبات، فکان إذا قال قولا لا بد أن يقع علي الصفة التي قال. وکنت أرسل له الناس يشاورونه عن أحوالهم، فما کان قط يحوجهم إلي کلام، بل کان يخبر الشخص بواقعته التي أتي لأجلها قبل أن يتکلم، فيقول: طلق مثلا، أو شارک، أو فارق، أو اصبر، أو سافر، أو لا تسافر. فيتحير الشخص ويقول: من أعلم هذا بأمري؟! وکان له طب غريب... وسمعت سيدي محمد بن عنان رضي الله عنه يقول: الشيخ علي البرلسي أعطي التصريف في ثلاثة أرباع مصر، وقراها، وسمعته يقول مرة أخري: لا يقدر أحد من أرباب الأحوال أن يدخل مصر إلا بإذن الشيخ علي الخواص رضي الله عنه. وکان رضي الله عنه يعرف أصحاب النوبة في سائر أقطار الأرض، ويعرف من تولي منهم ساعة ولايته ومن عزل ساعة عزله، ولم أر هذا القدم لأحد غيره من مشايخ مصر إلي وقتي هذا. وکان له اطلاع عظيم علي قلوب الفقراء، فکان يقول: فلان اليوم زاد فتوحه کذا وکذا دقيقة، وفلان نقص اليوم کذا وکذا...) إلي غير ذلک من الکرامات التي ذکرها له حتي ص 169. (32) العلامة ابن الحساب ومنهم: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن الخشاب، إذ تقدمت روايته في الکتاب، رواها الشيخ ابن الصباغ عن کتابه (مواليد أهل البيت). وابن الخشاب من مشاهير علمائهم، وکبار محدثيهم، وقد نقل المؤلف رحمه الله ترجمته عن (الأعلام) ويمکنک الاطلاع علي مزيد من ترجمته، بمراجعة: 1 - إنباه الرواة علي أنباه النحاة للقفطي ج 2 ص 91. 2 - بغية الوعاة لجلال الدين السيوطي ج 2 ص 29 3 - الکامل في التاريخ لابن الأثير ج 9 ص 114. 4 - وفيات الأعيان لابن خلکان ج 1 ص 47 - 53. 5 - مرآة الجنان لليافعي ج 3 ص 381. (33) الشيخ حسن العراقي ومنهم: الشيخ حسن العراقي، وقد علمت من رواية الشيخ الشعراني المتقدمة أنه قد اجتمع بالإمام المهدي عليه الصلاة والسلام. موجز ترجمته: والعراقي - هذا - من کبار مشايخ الصوفية، ذکره الشيخ الشعراني في (لواقح الأنوار ج 2 ص 139) بقوله: (ومنهم: الشيخ العارف بالله تعالي سيدي حسن العراقي رحمه الله تعالي، المدفون بالکوم خارج باب الشعرية...) وسيأتي بيان معني قوله: - ومنهم... في أول الترجمة. (34) ابن حجر المکي ومنهم: الحافظ الشيخ ابن حجر الهيتمي المکي، فقد قال الحافظ القندوزي في (ينابيع المودة ص 543) ما نصه: (وفي الصواعق المحرقة للشيخ ابن حجر الهيتمي المکي الشافعي: أبو محمد الحسن الخالص العسکري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ولما حبسه المعتمد ابن المتوکل وقع قحط شديد، فخرج المسلمون للاستسقاء ثلاثة أيام لم يستسقوا، فخرج النصاري ومعهم راهب، فلما مد يده إلي السماء غيمت فأمطرت في اليوم الأول ثم في اليوم الثاني کذلک، فشک بعض جهلة المسلمون وارتد بعضهم: فشق ذلک علي المعتمد، فأمر بإحضار الحسن العسکري وقال له: أدرک أمة جدک (ص)، قبل أن يهلکوا، فقال الحسن: في إطلاق أصحابه من السجن، فأطلق کلهم له، فلما رفع الراهب يده مع النصاري غيمت السماء، فأمر الحسن رضي الله عنه رجلا بالقبض بما في يد الراهب، فإذا عظم آدمي في يده، فأخذه من يده وقال: استسق فرفع يده إلي السماء فزال الغيم، وظهرت الشمس، فعجب الناس من ذلک، فقال المعتمد: ما هذا يا أبا محمد؟ فقال: هذا عظم نبي قد ظفر به هذا الراهب، وما کشف عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر، وامتحنوا ذلک العظيم الشريف وزالت الشبهة عن الناس، ورجع الحسن إلي داره. وتوفي رضي الله عنه، ويقال: أنه مات بالسم، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه عشر سنين، لکن أتاه الله تعالي الحکمة، وسمي القائم المنتظر لأنه ستر وغاب، فلم يعرف أين ذهب). موجز ترجمته وابن حجر - کما هو معروف - من أکابر علماء تلک الطائفة، ومن المحدثين المعتمدين عندهم، وقد اشتهر بتهجمه علي الشيعة الإمامية، وکتاب (الصواعق المحرقة) أکبر شاهد علي ذلک.. وله أيضا (تطهير الجنان... توفي سنة (35) ابن بدر الدين الرومي ومنهم: المولي محمد الشهير بابن بدر الدين الرومي الحنفي، الشيخ الحرم المحمدي المتوفي سنة 1001. قال في شرحه علي (البردة) المسمي ب (طراز البردة) في شرح قول البوصيري: محمد سيد الکونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجم) قال - بعد کلام له -: (وبه ختم النبوة التشريعية، فلا نبي بعده إلي يوم القيامة. وسيختم بولده الصالح المسمي باسمه، المکني بکنيته، الولاية التامة، والإمامة العامة، المبشر بأن يملأ الأرض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا، ولا تأتينکم الساعة إلا بغتة. اللهم اکشف هذه الغمة عن هذه الأمة بظهوره وحضوره، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا). راجع (عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار) مجلد حديث النور. کان شيخ الحرم المحمدي توفي سنة 1001. وقد ذکر الکاتب الجلبي القسطنطيني کتابه المذکور في (کشف الظنون ج 2 ص 1333). (36) الشبلنجي ومنهم: السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي، فقد قال في کتابه (نور الأبصار ص 168) ما نصه:: - فصل في ذکر مناقب محمد بن الحسن الخالص ابن علي الهادي ابن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الکاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم. أمه: أم ولد، يقال لها: نرجس، وقيل: صقيل، وقيل سوسن، وکنيته: أبو القاسم، ولقبه الإمامية بالحجة، والمهدي، والخلف الصالح، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان. وأشهرها المهدي) ثم نقل کلمات ابن الصباغ، وابن حجر، والشعراني، وابن العربي، وکلمة الحافظ الکنجي بطولها وقد تقدمت جميعا، ولا شک في أن نقله لهذه الکلمات ظاهر في أنه يعتقد هذا الإعتقاد ويذهب إلي هذا المذهب. موجز ترجمته وإليک بعض مصادر ترجمته: 1 - ريحانة الأدب ج 2 ص 399. 2 - الکني والألقاب للمحدث القمي ج 2 ص 324. 3 - هدية العارفين ج 2 ص 483. 4 - ذيل کسف الظنون ص 683. (37) القونوي ومنهم: الشيخ صدر الدين القونوي، فقد قال الحافظ البلخي القندوزي في (ينابيع المودة ص 561) ما نصه: (قال الشيخ صدر الدين القونوي قدس الله سره، وأفاض علينا فيوضه وعلومه في شأن المهدي الموعود عليه السلام، شعرا: يقوم بأمر الله في الأرض ظاهرا علي رغم شيطانين يمحق للکفر يؤيد شرع المصطفي وهو ختمه ويمتد من ميم بأحکامها يدري ومدته ميثاق موسي وجنده خيار الوري في الوقت يخلو عن الحصر علي يده محق اللئام جميعهم بسيف قوي المتن علک أن تدري حقيقة ذاک السيف والقائم الذي يعين للدين القويم علي الأمر لعمري هو الفرد الذي بأن سره بکل زمان في مضاء له يسري تسمي بأسماء المراتب کلها خفاء وإعلانا کذاک إلي الحشر إلي آخر الأبيات. قال البلخي (وقال الشيخ صدر الدين لتلاميذه في وصاياه: أن الکتب التي کانت لي من کتب الطب والحکمة وکتب الفلاسفة بيعوها، وتصدقوا بثمنها علي الفقراء. وأما کتب التفاسير والأحاديث والتصوف فاحفظوها في دار الکتب، واقرأوا کلمة التوحيد لا إله إلا الله سبعين ألف مرة ليلة الأولي بحضور القلب، وبلغوا مني سلاما إلي المهدي (ع)). موجز ترجمته = والشيخ القونوي - کما يظهر من (طبقات الشعراني) - من أعاظم مشايخ الصوفية، وکبار أهل الله عز وجل وإليک نص کلامه: - ومنهم: الشيخ محمد القونوي رحمه الله، صاحب ابن العربي، له (تفسير الفاتحة) في مجلد، وله مؤلفات أخر، عاش نيفا وستين سنة، ومات سنة اثنتين وسبعين وستمائة بقونوية، وأوصي أن ينقل تابوته إلي دمشق يدفن عند الشيخ محي الدين ابن العربي شيخه، فلم يتفق، وکان مبتلي بالإنکار عليه إلي أن مات رضي الله عنه) ج 1 ص 203. ويقصد من الضمير في قوله: ومنهم... ما ذکره في أول کتابه بعد الخطبة. وهذا نصه: (وبعد فهذا کتاب لخصت فيه طبقات جماعة من الأولياء الذين يقتدي بهم في طريق الله عز وجل من الصحابة والتابعين إلي آخر القرن التاسع، وبعض المعاشر، ومقصودي بتأليفه فقه طريق القوم في التصرف من آداب المقامات والأحوال لا غير...) ثم قال - بعد کلام طويل -: (فأولهم أبو بکر الصديق...) ثم قال: (ومنهم: الإمام عمر بن الخطاب) ثم قال: (ومنهم الإمام عثمان بن عفان) ثم قال: (ومنهم: الإمام علي ابن أبي طالب) ومن ذلک يفهم شأن القونوي. ويشير بقوله: وکان مبتلي بالإنکار عليه إلي أن مات، إلي ما ذکر قبل ذلک في المقدمة من ص 4 إلي ص 17، من محن جماعة من المتصوفة، وإنکار العلماء، وسائر الناس عليهم أفعالهم، وطعنهم في أقوالهم وعقائدهم، وقد شرح هناک محن الشيخ ابن العربي، وابن الفارض، والحلاج، والرفاعي، وغيرهم (38) الصبان ومنهم: الشيخ محمد الصبان، فإن له کلاما مفصلا حول الإمام المهدي (ع) في کتابه (إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار ص 133) ومن ذلک قوله: (وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في کتابه (اليواقيت والجواهر): المهدي من ولد الإمام حسن العسکري، مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باق إلي أن يجتمع بعيسي بن مريم، هکذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق کوم الريش المطل علي برکه الرطلي بمصر المحروسة عن الإمام المهدي حين اجتمع به ووافقه علي ذلک سيدي علي الخواص رحمها الله تعالي. وقال الشيخ محي الدين في (الفتوحات): اعلموا أنه لا بد من خروج المهدي (ع) لکن لا يخرج حتي تمتلئ الأرض جورا وظلما، فيملؤها قسطا وعدلا، وهو من عترة رسول الله (ص) ومن ولد فاطمة رضي الله تعالي عنها، جده الحسين بن علي ابن أبي طالب، ووالده حسن العسکري ابن الإمام علي النقي - بالنون - ابن الإمام محمد الجواد ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسي الکاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد النقي - بالتاء - ابن الإمام زين العابدين علي ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله تعالي عنهم. يواطئ اسمه اسم رسول الله (ص) يبايعه المسلمون بين الرکن والمقام، يشبه رسول الله (ص) في الخلق بفتح الخاء، وينزل منه في الخلق بضمها، إذ لا يکون أحد مثل رسول الله (ص) في أخلاقه...) إلي آخر ما نقل عنه في الکتاب. ثم قال بعد نقل کلمات أخري عن ابن العربي: (ولا يخفي أن ما ذکره من کون جده الحسين مناف لما مر من ترجيح رواية کون جده الحسن، وأن ما ذکره من کون والده الحسن العسکري مناف لما مر في بعض الروايات من کون اسم أبيه يواطئ اسم أبي رسول الله ((ص) إلي آخره. (مع الصبان) لقد علم من الشيخ الصبان، أنه لا يختلف مع الشيخ الشعراني في کون الإمام المهدي (ع) مولودا باقيا إلي أن يجتمع بعيسي بن مريم، وبذلک يتم غرضنا. وإنما يختلف مع الشيخ ابن العربي، في جهات أهمها جهتان: الأولي: ما ذکره من أن جده عليهما السلام هو الإمام الحسين ابن أمير المؤمنين عليه السلام، لأنه يرجح القول بأنه من ولد الإمام الحسن الزکي عليه السلام. والثانية: ما ذکره من أنه (ع) خلف الإمام الحسن العسکري (ع) لأنه مناف لما مر في بعض الروايات. وأما الجهات الأخري: فهي جزئية، کمدة إقامته إماما، ومدة مکثه وحياته، وحکم الجزية في عهده إلي غير ذلک. أقول: يقصد (الصبان) بقوله (لما م