بازگشت

هل أحاديث المهدي مختصّة بالشيعة؟


إنّ أحاديث المهديّ لم تختصّ بروايتها طائفة من المسلمين، بل هي من أکثر الأحاديث اشتراکاً بين المسلمين، کافّة.

ومن المؤکَّد أنّ الأحاديث في المهديّ المنتظر المرويّة بطرق أهل السُنّة، والمبشِّرة بالمهديّ لا تقلّ عن التي رواها الشيعة.

ولکن بعضهم يُحاول - بشتّي الطرق والأساليب - أن ينسبها إلي الشيعة، ويحسبهم - فقط - المسؤولين عنها، فهو يقول:

«وقد تقبّل الفکر الشيعيّ سيلاً من الأساطير والأحاديث «الموضوعة» عن طريق الموالي، وتسرّب «بعض» منه إلي بعض محدّثي أهل السُنّة الّذين تساهلوا في الرواية عن أصحاب الفرق المخالفة». [1] .

إنّ في هذا الکلام:

1 - الحکم علي الفکر الشيعي - فقط - بتقبّل هذه الأحاديث.

2 - الحکم علي من نقلها من محدّثي أهل السُنّة بالتساهل، وتسرّب بعض الأحاديث إليهم.

3 - الحکم علي الأحاديث کلّها بالوضع.

إنّها أحکام قاسية، لا يحقّ لأحد - له أدني معرفة بعلوم الحديث - أن يُطلقها بکلّ رخاء!

وسنجيب عن کلّ واحد من هذه الأحکام بتفصيل، إلّا أنّا نحاول أن نظهر هنا



[ صفحه 12]



ما في هذا الکلام القصير من التهافت الواضح:

فإذا کان الشيعة هم المتقبّلين لأحاديث المهديّ، وإنّما «البعض» منها «تسرّب» إلي «البعض» من محدّثي أهل السُنّة!

فلماذا يقول - بعد ثمانية أسطر فقط -:

تُمکن الإشارة إلي «ضخامة» هذا «الرکام» الذي رواه أهل السُنّة «وحدهم». [2] .

فکيف انقلب «البعضُ المتسرّبُ» إلي «رکامٍ ضخمٍ» بعد ثمانية أسطر فقط من الکلام الأوّل؟!

وإذا کانت الأحاديثُ موضوعةً!

فلماذا يقول - بعد صفحة واحدة فقط -:

أُشير إلي أنّ «الکثير» من هذه الأحاديث مخرّج في «الصحاح» - باستثناء البخاري ومسلم! - کما خرّج بعضها الحاکم في المستدرک، وابن حنبل في مسنده، بالإضافة إلي سنن الداني، ونعيم بن حمّاد، وغيرها کثير. [3] .

ولا حاجة إلي التعليق علي هذا، بعد وضوح التهافت: بين کون الأحاديث «موضوعة»، وتسرّب «البعض» منها إلي «المتساهلين» من أهل السُنّة. وبين کون «الکثير» من هذه الأحاديث، مخرّجاً في «الصحاح».

لِما بين «الموضوعة» وبين «الصحاح»، وبين «البعض» المتسرّب، وبين «الکثير» المخرّج، من التهافت والتنافي.

إنّ مثل هذه التصرّفات، لا يصدر عن عارف بمصطلح الحديث، کما إنّ مثل تلک الأحکام القاسية لا يصدر ممّن يعرف ما يخرج من رأسه! ويجري به قلمه.

علي أنّ الحکم «بالتساهل» علي أصحاب «الصحاح» ليس إلّا جهلاً بتاريخ



[ صفحه 13]



الحديث وتاريخ المحدِّثين، وعدمَ وقوفٍ علي ما عاناه أهل الحديث في سبيل جمعه وضبطه وتدوينه وتحريره.

إنّ من ينزل إلي هذه التخوم الدانية في المعرفة بالمصطلحات الحديثية وبتاريخ الحديث وأهله وقواعده، لا يحقّ له أن يقتحم بحر «النقد» الواسع.

وسنبيّن في الفصول التالية وجوه البطلان في أحکامه القاسية تلک.



[ صفحه 14]




پاورقي

[1] تراثنا وموازين النقد (ص185).

[2] تراثنا وموازين النقد (ص186).

[3] تراثنا وموازين النقد (ص186).