بازگشت

هل مسألة المهدي، من العقائد؟


إنّ بعض شيوخ أهل السُنّة حشروا الاعتقاد بالمهديّ ضمن عقيدة المسلم، فقال من اعترض عليهم:

کان ينبغي استبعاده.

لأنّ الشيعة يعتبرونه من العقيدة، لأنّه إمام، والإمام منها.

وإن کان من أشراط الساعة، فکان عليه أن يتذکّر أنّ أحاديثها من أخبار الآحاد التي لا تثبت بها عقيدة. [1] .

نقول: إنّ الدليل الأوّل المذکور لاستبعاد کون أمر المهديّ من العقائد حسب عقيدة أهل السُنّة، جيّد:

فأهل السُنّة يرون الإمامة من فروع العمل الواجب علي الأُمّة، لا من أُصول الاعتقاد الذي يُبتني عليه الايمان، والمهديّ علي فرض ثبوته وصحّة خبره إنّما هو خليفة، لا أکثر.

ولکن إذا صحّت الأخبار بمعني المهديّ وتکاثرت إلي حدّ التواتر المفيد للعلم، فهي خارجة عن الآحاد.

وقد عرفت دعوي التواتر من عدّة من أعلام الحديث، فلماذا لا تثبت به العقيدة العلميّة؟!

وإذا لم يتمّ التواتر، لکن صحّت الأخبار، وبرئت أسانيدها من الغلط والسهو، وفرضنا أنّه لا يدخل مضمونها في العقيدة، فهل يجوز للمسلم أن يرفضه، ويحکم بوضعه وبطلانه؟!



[ صفحه 55]



إنّ العلماء قرّروا في مثل هذا أنّه: إذا لم يکن حديث المهديّ من العقائد، فهو ملحق بما يجب الالتزام به لا کمعتقد، بل باعتبار صدور الخبر الصحيح به.

کما قال الشيخ محمّد الخضر حسين: إذا ورد حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم بأنّه يقع في آخر الزمان کذا، حصل العلم به ووجب الوقوف عنده، من غير حاجة إلي أن يکثر رواة هذا الحديث حتي يبلغ مبلغ التواتر. [2] .

ولا أقلّ من عدّ هذه الأحاديث مثل أحاديث العمل التي يلتزم بها العلماء والفقهاء وجميع المسلمين باعتبارها صادرة من الرسول صلي الله عليه وآله وسلم حجّةً معتبرة، ودليلاً شرعياً علي مداليلها، فيجب الالتزام بها علي مَنْ يعتقد بالإسلام ديناً، وبمحمّد صلي الله عليه وآله وسلم نبيّاً.

أمّا ردّها ونبذها وتسفيه الملتزم بها، فهذا ما لم يلتزم به مسلمٌ لا قديماً ولا حديثاً، إلّا من قبل هذه الشرذمة ابن خلدون ومن لفّ لفّه، بأدلّة واهية.



[ صفحه 56]




پاورقي

[1] تراثنا وموازين النقد (ص198).

[2] نظرة في أحاديث المهديّ، في مجلّة التمدّن الإسلامي - الدمشقيّة.