بازگشت

ما الداعي الي ستر ولادته، و السبب الي خفاء امره و غيبته؟


الکلام في الفصل الرابع

فأمّا الکلام في الفصل الرابع، وهو: الاستبعاد الداع (کذا) للحسن (عليه السلام) إلي ستر ولده، وتدبير الأمر في إخفاء شخصه، والنهي لشيعته عن البينونة بتسميته وذکره، مع کثرة الشيعة في زمانه وانتشارهم في البلاد وثروتهم [1] بالأموال وحسن الأحوال [2] ، وصعوبة الزمان فيما سلف علي آبائه (عليهم السلام) واعقتاد ملوکه فيهم، وشدّ غلظهم علي الدائنين بإمامتهم، واستحلالهم الدماء والأموال، ولم يدعهم ذلک إلي ستر وُلدهم ولا مؤهّل الأمر من بعدهم [3] وقول الخصوم: إنّ هذا متناقض في أحوال العقلاء.

فليس الأمر کما ظنّوه، ولا کان علي ما استبعدوه.

والّذي دعا الحسن إلي ستر ولده، وکتمان ولادته، وإخفاء شخصه، والاجتهاد في إهمال ذکره بما خرج إلي شيعته من النهي عن الاشارة إليه، وحظر تسميته، ونشر [4] الخبر بالنصّ عليه.



[ صفحه 74]



شيء ظاهرٌ، لم يکن في أوقات آبائه (عليهم السلام)، فيدعونه [5] من ستر أولادهم إلي ما دعاه إليه، وهو:

أنّ ملوک الزمان إذ ذاک کانوا يعرفون من رأي الأئمّة (عليهم السلام) التقيّة، وتحريم الخروج بالسيف علي الولاة، وعيب مَن فعل ذلک من بني عمّهم ولومهم عليه، وأنّه لا يجوز عندهم تجريد السيف حتّي: ترکد الشمس عند زوالها، ويُسمع نداء من السماء باسم رجل بعينه، ويُخسف بالبيداء، ويقوم آخر ائمّة الحقّ بالسيف ليزيل [6] دولة الباطل.

وکانوا [7] لا يُکبرون بوجود مَن يوجد منهم، ولا بظهور شخصه، ولا بدعوة [8] من يدعو إلي إمام، لأمانهم مع ذلک من فتقٍ [9] يکون عليهم به، ولاعتقادهم [10] قلّة عدد مَن يصغي إليهم في دعوي الإِمامة لهم، أو يصدّقهم فيما يخبرون به من منتظر يکون لهم.

فلمّا جاز وقت وجود المترقّب لذلک، المخوف منه القيام بالسيف، ووجدنا الشيعة الإِمامية مطبقة علي تحقيق أمره وتعيينه [11] والاشارة إليه دون غيره، بعثهم ذلک علي طلبه وسفک دمه، ولتزول [12] الشبهة في التعلّق به، ويحصل الأمان في الفتنة بالاشارة إليه والدعوة إلي نصرته.



[ صفحه 75]



ولو لم يکن ما ذکرناه شيئاً ظاهراً وعلّة [13] صحيحةً وجهةً ثابتةً، لکان غير منکرٍ أن يکون في معلوم الله جلّ اسمه أنّ مَن سلف من آبائه (عليهم السلام) يأمن مع ظهوره، وأنّه هو لو ظهر لم يأمن علي دمه، وأنّه متي قُتل أحدٌ من آبائه (عليهم السلام) عند ظهوره لم تمنع الحکمة من إقامة خليفة يقوم مقامه.

وأنّ ابن الحسن (عليهما السلام) لو يظهر [14] لسفک القوم دمه، ولم تقتض الحکمة التخلية بينهم وبينه، ولو کان في المعلوم للحقّ صلاح‎ٌ بإقامة إمامٍ من بعده لکفي في الحجّة وأقنع في إيضاح المحجّة [15] ، فکيف وقد بيّنا عن سبب ذلک بما لايحيل [16] علي ناظر، والمنّة لله.



[ صفحه 77]




پاورقي

[1] ل. ر. ع: وثروهم، ط: ووثبهم.

[2] ل: الأفعال.

[3] ع: ولا مؤهل الأمن من بعدهم، ل: ولا مؤهل إلاّ من بعدهم، ط: ولا موّهوا الأمر من بعدهم.

[4] يحتمل في بعض النسخ: وتسرّ.

[5] ط: فيدعوهم.

[6] ل: فبزيل خ ل.

[7] ر: فکانوا.

[8] ل. ر. ع. س: ولا يدعوهم، والمثبت من ط.

[9] قال الجوهري: والفتق: شقّ عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم. الصحاح: 4/1539، فتق.

[10] ل. ر. ع: والاعتقادهم.

[11] ل: وتعيّنه.

[12] ط: لتزول.

[13] س: أو علّة.

[14] ر. ع. ل: ويظهر، والمثبت من حاشية ل، وفي س. ط: لو ظهر.

[15] ع. ل. ر. س: الحجّة، والمثبت من ط.

[16] کذا في النسخ، ولعلّ الصحيح: لا يخيل أي لا يشکل، راجع لسان العرب.