بازگشت

وصية الحسن المشهورة الي والدته


الکلام في الفصل الثالث

وأمّا تعلّقهم بوصيّة أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد (عليهم السلام) في مرضه الّذي توفي فيه إلي والدته المسمّاة بحديث المکناة بأُمّ الحسن رضي الله عنها، بوقوفه وصدقاته، وإسناد النظر في ذلک إليها دون غيرها [1] .

فليس بشيء يُعتمد في إنکار ولدٍ له قائم من بعده مقامه، من قِبل أنّه أمرٌ بذلک تمام ما کان من غرضه في إخفاء ولادته وستر حاله عن متملّک الأمر في زمانه ومَن يسلک سبيله في إباحة دم داعٍ إلي الله تعالي منتظَر لدولة الحقّ.

ولو ذکر في وصيّته ولداً له وأسندها إليه، لناقض ذلک الغرض منه فيما ذکرناه، ونافي مقصده في تدبير أمره له علي ما وصفناه، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه [2] ، ولا سيّما مع اضطراره کان إلي شهادة خواصّ الدولة العباسية عليه في الوصيّة وثبوت خطوطهم فيهما ـ کالمعروف بتدبر مولي الواثق [3] وعسکر الخادم مولي محمّد بن المأمون والفتح بن عبد ربّه وغيرهم



[ صفحه 70]



من شهود قضاة سلطان الوقت وحکّامه ـ لِما قصد بذلک من حراسة [4] قومه، وحفظ صدقاته، وثبوت وصيّته عند قاضي الزمان، وإرادته مع ذلک الستر علي ولده، وإهمال ذکره، والحراسة لمهجته بترک التنبيه [5] علي وجوده، والکفّ لأعدائه بذلک عن الجدِّ والاجتهاد في طلبه، والتبريد [6] عن شيعتهِ لِما يُشنّع به عليهم من اعتقاد وجوده وإمامته.

ومَن اشتبه [7] عليه الأمر فيما ذکرناه، حتّي ظنّ أنّه دليلٌ علي بطلان مقال الإمامية في وجود ولدٍ للحسن (عليه السلام) مستور عن جمهور الأنام، کان بيعداً من الفهم والفطنة، بائناً [8] عن الذکاء والمعرفة، عاجزاً بالجهل عن التصّور أحوال العقلاء وتدبيرهم [9] في المصالح وما يعتمدونه [10] في ذلک من صواب الرأي وبشاهد الحال، ودليله من العرف والعادات.

فصل:

وقد تظاهر الخبر فيما کان عن تدبير أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السلام)، وحراسته [11] ابنه موسي بن جعفر (عليه السلام) بعد وفاته من ضرر



[ صفحه 71]



يلحقه:

بوصيته [12] إليه، واشاع [13] الخبر عن الشيعة إذا ذاک باعتقاد إمامته من بعده، والاعتماد في حجّتهم علي إفراده بوصيّته مع نصّه [14] عليه بنقل خواصّه.

فعدل عن إقراره [15] بالوصيّة عند وفاته، وجعلها إلي خمسة نفر: أوّلهم المنصور [16] ـ وقدّمه علي جماعتهم إذ هو سلطان الوقت ومدبّر أهله ـ ثمّ صاحبه الربيع من بعده، ثمّ قاضي وقته، ثمّ جاريته وأُمّ ولده حميدة البربرية [17] ، وختمهم بذکر ابنه موسي بن جعفر (عليه السلام) [18] ، يستر أمره ويحرس بذلک نفسه.



[ صفحه 72]



ولم يذکر مع ولده موسي أحداً من أولاده، لعلمه بأنّ منهم من يدّعي مقامه من بعده، ويتعلّق بادخاله في وصيّته.

ولو لم يکن موسي [19] (عليه السلام) ظاهراً مشهوراً في أولاده معروف المکان منه وصحّة نسبه واشتهار فضله وعلمه وحکمته وامتثاله وکماله، بل کان مثل ستر الحسن (عليه السلام) ولده، لَما ذکره في وصيّته، ولاقتصر علي ذکر غيره مّمن سميناه [20] ، لکنّه ختمهم في الذکر به کما بيّناه.

وهذا شاهد لِما وصفناه من غرض أبي محمّد (عليه السلام) في وصيّته إلي والدته دون غيرها، وإهمال ذکر ولدٍ له، ونظر له في معناه علي ما بيّناه.



[ صفحه 73]




پاورقي

[1] البحار 50: 329، وفي س: المسمّاة حديث.

[2] ع. ل: وتسفيه، ر: وتسقيه.

[3] هو: هارون بن محمّد بن هارون الواثق بالله، ويکني بأبي جعفر، بويع في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو ابن احدي وثلاثين سنة، وتوفي بسامراء وهو ابن سبع وثلاثين سنة، وکانت خلافته خمس سنين، وقيل: توفي سنة اثنين وثلاثين ومائتين وهو ابن اربع وثلاثين سنة. مروج الذهب 3: 477.

[4] س. ط: حراسته.

[5] ع. ل: البيّنة.

[6] کذا في النسخ، ويحتمل أن يکون: والتنزيه.

[7] ر. ع. ل: وفراسته، س. ط: وحراسته، وما أثبتناه من حاشية نسخة ل.

[8] ل: ثابتاً، س.ط: نائياً.

[9] ل.ر.ع. س: وقد يتوهّم، وما اثبتناه من ط: وحشاية ل.

[10] ل. س. ط: وما يعتمدوه.

[11] ل. س. ط: وحراسة.

[12] ر. ع: بوصيّة.

[13] ل: واشباع.

[14] ر. ل: نصبه.

[15] س. ط: إفراده.

[16] هو: أبو جعفر عبدالله بن محمّد بن عليّ بن عبدالله بن العبّاس بن عبدالمطلب، بويع سنة ستّ وثلاثين ومائة وهو ابن احدي واربعين سنة، ومولده سنة خمس وتسعين، ووفاته سنة ثمان وخمسين ومائة، فکانت ولايته اثنتين وعشرين سنة.

مروج الذهب 3: 281.

[17] هي أُمّ الإِمام الکاظم، والبربرية نسبة إلي بربر، وهم قبائل کثيرة في جبال المغرب، وتلقب حميدة بالمصفاة ولؤلوة، ويقال: هي اندلسية، وکانت من التقيات الثقات، وکان الصادق يرسلها مع أُمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة، ولها کرامات.

تنقيح المقال 3: 76ـ77.

[18] ذکر هذا الخبر الکليني في الکافي 1: 310، وابن شهرآشوب في المناقب 3: 310، والمجلسي في البحار 47: 3.

وفي هذه المصادر أنّه أوصي إلي خمسة: أبو جعفر المنصور، ومحمّد بن سليمان، وعبدالله بن جعفر، وموسي بن جعفر، وحميدة.

[19] ع. ر: ولم موسي.

[20] ل: ولأقبض علي ذکر غيره ممّن سمّينا.