تنبيه
قال ابن حجر المکّي في الصواعق المحرقة ـ بعد حکاية کلام الشيخ أبي الحسين الآجري في صلاة المهديّ بعيسي بن مريم، المذکور آنفاً ـ: وما ذکره من أنّ المهديّ يصلّي بعيسي هو الذي دلَّت عليه الاَحاديث.
قال: وأمّا ما صحّحه السعد التفتازاني من أنّ عيسي هو الاِمام بالمهديّ لاَنّه أفضل فإمامته أَوْلي، فلا شاهد له في ما علّله به، لاَنّ القصد بإمامة المهديّ لعيسي إنّما هو إظهار أنّه نزل تابعاً لنبيِّنا، حاکماً بشريعته، غير مستقلٍّ بشيء من شريعة نفسه [1] .
قال سبط ابن الجوزي في تذکرة الخواصّ ـ بعدما نقل کلام السدّي في اجتماع المهديّ وابن مريم وإمامة المهديّ بعيسي ـ: فلو صلّي المهديّ خلف عيسي لم يجز لوجهين:
أحدهما: لاَنّه يخرج عن الاِمامة بصلاته مأموماً فيصير تبعاً.
الثاني: لاَنّ النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم قال: «لا نبيّ بعدي»؛ وقد نسخ جميع الشرائع، فلو صلّي عيسي بالمهديّ لتدنّس وجه «لا نبيّ بعدي» بغبار الشبهة [2] .
وقد حکاه الشهاب القسطلاني في إرشاد الساري عن أبي الفرج ابن الجوزيّ [3] .
[ صفحه 44]
قلت:
حديث الشيخين عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: «کيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيکم وإمامکم منکم؟!» [4] .
وحديث مسلم عن جابر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون علي الحقّ، ظاهرين إلي يوم القيامة، قال: فينزل عيسي ابن مريم فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ لنا؛ فيقول: لا، إنّ بعضکم علي بعض أُمراء، تکرمة الله هذه الاَُمّة» [5] .
صريحان في تفنيد دعوي التفتازانيّ ومن قلَّده في ذلک، والله المستعان.
وقد أفاد الاِمام الحافظ الکنجي في کتابه البيان في أخبار صاحب الزمان کلاماً في هذا المقام ينقطع دونه دابر المفسدين، ويذعن بمتانته کلّ ذي لبّ وحجي ـ وقد تقدّم شطر منه ـ فحقيق ببغاة الحقّ أن يقفوا عليه، ويتدبّروا فيه بإمعان، والله الموفّق والمستعان.
[ صفحه 45]
پاورقي
[1] الصواعق المحرقة: 254 ـ 255.
[2] تذکرة الخواصّ: 325.
[3] إرشاد الساري 14 :491.
[4] صحيح البخاري 4 :325 ح 245، صحيح مسلم 8 :94.
[5] صحيح مسلم 8 :95.