بازگشت

في ذکر طرف من الوجوه الفارقة بين المهدي المنتظر و بين المسيح


إعلم ـ رحمک الله ـ أنّ هذا الباب هو المقصود بالاَصالة، والداعي إلي جمع هذه الرسالة، وأنّ ما تقدّم إنّما هو کالتمهيد له، فنقول وبالله نستعين:

قد مرّ عليک آنفاً قول العلاّمة السفاريني: إنّ الصواب الذي عليه أهل الحقّ أنّ المهديّ غير عيسي.

إذا تقرّر هذا فاعلم: أنّ المتأمِّل في الاَحاديث النبويّة، والآثار المرويّة تظهر له فروق شتّي بين خروج المهديّ المنتظر آخر الزمان، وبين المسيح عيسي بن مريم صلّي الله علي نبيّنا وآله وعليه وسلّم.

1 ـ فمنها: ما ورد في الاَحاديث المستفيضة من کون المهديّ من هذه الاَُمّة، وأنّه من وُلْد فاطمة عليها الصلاة والسلام، وأنّه من ذرّيّة الحسين السبط الشهيد عليه السلام.

ولا ريب أنّ ابن مريم عليه السلام ليس من هذه الاَُمّة المرحومة، بل هو من أنبياء بني إسرائيل، ولا هو من وُلْد فاطمة صلوات الله وسلامه عليه وعليها، بل هو ابن مريم العذراء، ليس له أبٌ فضلاً عن کونه من ذرّيّة الحسين عليه الصلاة والسلام، وهذا ممّا أطبق عليه بنو آدم أبد الآبدين، وهو من أعظم



[ صفحه 30]



الفوارق وأبينها.

قال الشيخ عبـد الحقّ الدهلوي في اللمعات: قد تضافرت الاَحاديث البالغة حدّ التواتر في کون المهديّ من أهل البيت من أولاد فاطمة. انتهي.

قلت:

ويدلّ علي ذلک: ما أخرجه عبد الرزّاق في المصنَّف عن أبي سعيد الخدري، قال: ذکر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بلاءً يصيب هذه الاَُمّة حتّي لا يجد الرجل ملجأً يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي من أهل بيتي فيملاَ به الاَرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً... الحديث [1] .

وأخرج ابن ماجة عن أبي سعيد أيضاً، أنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: «يکون في أُمّتي المهديّ» [2] .

وأخرج أيضاً عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة» [3] .

ورواه أحمد وابن أبي شيبة ونعيم بن حمّاد في الفتن [4] .

وأخـرج أيضـاً عـن عبـد الله بـن مسعود، قال: بينما نحن عنـد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلمّا رآهم النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم «اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نري في وجهک شيئاً نکرهه! فقال:



[ صفحه 31]



نکرهه! فقال: «إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة علي الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتّي يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سـود، فيسـألون الخير فلا يُعْطَوْنَه، فيقاتلون فيُنصـرون، فيعطـون ما سألوا فلا يقبلونه حتّي يدفعوها إلي رجلٍ من أهل بيتي فيملؤها قسطاً کما ملؤوها جَوْراً» [5] .

وأخرج أيضاً عن سعيد بن المسيّب، قال: کنّا عند أُمّ سلمة فتذاکرنا المهديّ، فقالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «المهديّ من وُلْد فاطمة» [6] .

وفي لفظ أبي داود: «المهديّ من عترتي من وُلْد فاطمة» [7] .

وأخرج أبو نعيم وابن ماجة، عن أنس بن مالک، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «نحن سبعة من وُلْد عبـد المطلب سادة أهل الجنّة، أنا، وحمزة، وعليّ، وجـعفر، والحـسن، والحسين، والمهديّ» [8] .

وأخـرج أحـمد وابـن أبـي شـيبة وأبـو داود عـن عـليّ عليه السلام عـن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم قال: «لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملاَُها عدلاً کما مُلئت جوراً» [9] .

وفي حديث عن ابن مسعود: «لطوّل الله ذلک اليوم حتّي يبعث فيه رجلاً منّي، أو: من أهل بيتي..» الحديث [10] .



[ صفحه 32]



وأخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «المهديّ منّي، أجلي الجبهة، أقني الاَنف، يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً کما مُلئت جوراً وظلماً، يملک سبع سنين» [11] .

أخرج أحمد وأبو داود والترمذي، عـن ابـن مسـعود، قـال: قـال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «لا تذهب الدنيا حتّي يملک العرب رجل من أهل بيتي يواطيَ اسمه اسمي» [12] .

قال الترمذيّ: وفي الباب عن عليّ، وأبي سعيد، وأُمّ سلمة، وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح.

وأخرج الترمذي عن ابن مسعود أيضاً، عن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم، قال: «يلي رجل من أهل بيتي يواطيَ اسمه اسمي» [13] .

وأخرج أيضاً عن أبي سعيد، قال: خشينا أن يکون بعد نبيِّنا حدث، فسألنا نبيّ الله صلي الله عليه وآله وسلم فقال: «إنّ في أُمّتي المهديّ..» الحديث [14] .

وأخرج البخاريّ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «کيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيکم وإمامکم منکم؟!» [15] .

وأخرج نور الدين الهيثمي في موارد الظمآن عن أبي هريرة أيضاً، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ ليلة لَمَلَکَ فيها رجل من أهل



[ صفحه 33]



من أهل بيت النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم» [16] .

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود وأبو يعلي والطبراني، عن أُمّ سلمة، قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «يکون اختلاف عند موت خليفة، يخرج رجل من قريش من أهل المدينة إلي مکّة، فيأتيه ناس من أهل مکّة فيخرجونه وهو کاره فيبايعونه بين الرکن والمقام، فيبتعثون إليه جيشاً من أهل الشام، فإذا کانوا بالبيداء خُسِف بهم، فإذا بلغ الناس ذلک أتاه أهل الشام وعصائب من أهل العراق فيبايعونه، وينشأ رجل من قريش أخواله من کلب فيبتعثون إليهم جيشاً فيهزمونهم ويظهرون عليهم فيقسّم بين الناس فيؤهم، ويعمل فيهم بسُنّة نبيّهم صلي الله عليه وآله وسلم، ويلقي الاِسلام بجرانه إلي الاَرض، يمکث سبع سنين» [17] .

وأخرج أحمد والباوردي في المعرفة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «أُبشّرکم بالمهديّ، رجل من قريش ]من عترتي[ [18] يبعث في أُمّتي علي اختلاف من الناس وزلازل، فيملاَ الاَرض قسطاً کما ملئت جوراً وظلماً، ويرضي عنه ساکن السماء وساکن الاَرض..» الحديث [19] .

وأخرج الطبرانيّ في الاَوسط من طريق عمر بن عليّ، عن عليّ بن



[ صفحه 34]



أبي طالب عليه السلام أنّه قال للنبيّ صلي الله عليه وآله وسلم: أمِنّا المهديّ أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: «بل منّا، بنا يختم الله کما بنا فتح، وبنا يُستنقذون من الشرک..» الحديث [20] .

وأخرج نعيم بن حمّاد وأبو نعيم من طريق مکحول، عن عليّ عليه السلام، قال: قلت: يا رسول الله! أمِنّا آلَ محمّـد المهدي أم من غيرنا؟ فقال: «لا، بل منّا..» الحديث [21] .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين، قال: «المهديّ من هذه الاَُمّة، وهو الذي يؤمّ عيسي بن مريم عليه السلام» [22] .

وأخرج نعيم بن حمّاد عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهديّ حقٌّ هو؟ قال: نعم. قلت: ممّن هو؟ قال: من وُلْد فاطمة [23] .

وأخرج أيضاً عن علي عليه السلام، عن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم، قال: «المهديّ رجل من عترتي، يقاتل علي سُنّتي کما قاتلت أنا علي الوحي» [24] .

وبالجملة: فقد تواترت الاَحاديث عن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم بأنّه من أهل بيته، وأنّه يملاَ الاَرض عدلاً کما صرّح بن الشبلنجيّ في نور الاَبصار [25] .



[ صفحه 35]



وقال القنوجي في الاِذاعة: قال بعض حفّاظ الاَُمّة وأعيان الاَئمّة: إنّ کون المهديّ من ذرّيّته صلي الله عليه وآله وسلم ممّا تواتر عنه، فلا يسوغ العدول والالتفات إلي غيره [26] .

2 ـ ومنها: ما ورد في حليتهما، فإنّ بينهما في ذلک اختلافاً بيّناً.

أخرج عبـد الرزّاق في المصنّف وأبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «المهديّ منّي، أجلي الجبهة، أقني الاَنف، يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، يملک سبع سنين» [27] .

وأخرج أبو داود ـ کما في جامع الاَُصول لابن الجزري ـ أنّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: «ليس بيني وبينه ـ يعني عيسي عليه السلام ـ نبيّ، وإنّه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنّه رجل مربوع، إلي الحمرة والبياض، ينزل بين مُمَصّرَتَين، کأنّ رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل..» الحديث [28] .

وأخرج الحموئي في فرائد السمطين بإسناده عن أبي أُمامة الباهليّ، عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، قال: المهديّ من وُلْدي، ابن أربعين سنة، کأنّ وجهه کوکب درّيّ، في خدّه خال أسود، عليه عباءتان قطوانيّتان، کأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الکنوز، ويفتح مدائن الشرک» [29] .

وروي نحوه نعيم بن حمّاد عن عبـد الله بن الحارث [30] .



[ صفحه 36]



وأخرج في فرائد السـمطين أيضاً عن أبي سـعيد الخـدريّ، عـن النبي صلي الله عليه وآله وسلم، قال: «المهديّ منّا أهلَ البيت، رجل من أُمّتي، أشمّ الاَنف، يملاَ الاَرض عدلاً کما مُلئت جوراً» [31] .

ورواه أبو نعيم [32] .

وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا، أعلي الجبهة، يملاَ الاَرض عدلاً، يفيض المال فيضاً» [33] .

وأخرج الرويانيّ في مسنده وأبو نعيم عن حـذيفة، قـال: قـال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «المهديّ رجل من وُلْدي، لونه لون عربيّ، وجسمه جسم إسرائيلي، علي خدّه الاَيمن خال، کأنّه کوکب درّي..» الحديث [34] .

وأخرج أبو عمرو الداني في سننه عن حذيفة أيضـاً، قـال: قـال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «يلتفت المهديّ وقد نزل عيسي بن مريم کأنّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهديّ: تقدّم صلّ بنا..» الحديث [35] .

وفي اللوائح للسفارينيّ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: سُئل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام عن صفة المهديّ، قال: «هو شابٌّ مربوع، حسن



[ صفحه 37]



الوجه، يسيل شعره علي منکبه، يعلو نور وجهه، سواد شعره ولحيته ورأسه».

قال: وفي رواية أُخري عن عليّ عليه السلام: «أنّ المهديّ کثّ اللحية، أکحل العينين، برّاق الثنايا، في وجـهه خـال، أقـني، أجـلي، فـي کتفـه عـلامة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم».

قال: وفي بعض الروايات: «المهديّ أزجّ، أبلج، أعين» [36] .

3 ـ ومنها: افتراقهما ـ عليهما الصلاة والسلام ـ في الاسم والکنية واللقب.

فالمهديّ عليه السلام اسمه: (محمّـد) وکنيته: (أبو القاسم) علي المشهور.

وقيل: اسمه أحمد، وکنيته: أبو عبـد الله، وليس بشيءٍ.

والمسيح بن مريم عليه السلام اسمه: (عيسي).

ولقب المهديّ: الحجّة، والمنتظر، والقائم، والموعود، وغير ذلک.

ولقب عيسي: المسيح، وروح الله، وکلمته.

وأخرج أحمد وأبو داود الترمـذي عـن ابـن مسـعود، قـال: قـال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «لا تذهب الدنيا حتّي يملک العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» [37] .

قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.



[ صفحه 38]



وکذلک أخرج الطبراني في المعجم الکبير أحاديث کثيرة في ذلک بألفاظٍ مختلفة [38] .

وأخرج نعيم بن حمّاد، عن ابن مسعود أيضاً، عن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم قال: اسم المهديّ (محمّـد) [39] .

وأخرج أبو داود عن عليّ عليه السلام أنّه نظر إلي ابنه الحسن فقال: إنّ ابني هذا سيّد کما سمّاه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وسيخرج من صلبه [40] رجل يسمّي باسم نبيّکم، يشبهه في الخُلُق، ولا يشبهه في الخَلْق [41] .

4 ـ ومنها: أنّ مع المهديّ عليه الصلاة والسلام راية رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم المعلّمة ـ کما أخرجه نعيم بن حمّاد عن عبـد الله بن شريک [42] ـ مکتوب عليها: «البيعة لله» ـ کما أخرجه نعيم عن ابن سيرين [43] ـ وکذلک أشياء أُخر.

فقد أخرج نعيم بن حمّاد أيضاً عن أبي جعفر عليه السلام، قال: يظهر المهديّ بمکّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وقميصه، وسيفه،



[ صفحه 39]



وعلامات، ونور، وبيان... إلي آخره [44] .

وقد جاء في أحاديث أنّ صاحب راية المهديّ رجل يقال له: «شعيب بن صالح التميمي» [45] .

وظاهرٌ أنّه ليس لعيسي عليه السلام شيءٌ من ذلک.

5 ـ ومنها: ما رواه الحفّاظ من أنّ عدد أصحاب المهديّ عليه الصلاة والسلام عدّة أهل بدر.

أخرج الطبرانيّ في المعجم الاَوسط والحاکم عن أُمّ سلمة، قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «يُبايِعُ لرجل بين الرکن والمقام عدّةُ أهل بدر..» الحديث [46] .

ومعلومٌ أنّ عيسي بن مـريم عليهما السلام لا ينزل من السـماء بهـذا العـدد، ولا تجتمع معه تلک العِدّة، بل ينزل بعد خروج المهديّ عليه الصلاة والسلام متَّبعاً إيّاه.

6 ـ ومنها: ما تواتر من خروج الدجّال والسفياني قبل ظهور المهديّ المنتظر عليه السلام [47] ، وما ورد من خروج القحطانيّ بعده [48] .

7 ـ ومنها: مساعدة عيسي علي قتل الدجّال بباب (لُدّ) کما صرّح به



[ صفحه 40]



الآبري والشبلنجي في نور الاَبصار بتواتره [49] .

8 ـ ومنها: ما روي مستفيضاً من موت المهدي عليه السلام ببيت المقدس بعد انقضاء مدّة ملکه، وصلاة عيسي بن مريم والمسلمين عليه.

9 ـ ومنها: ما روي من خروج المهديّ عليه السلام ومبايعته بين الرکن والمقام [50] .

أخرج أبو داود في سننه عن أُمّ سلمة عن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم، قال: «يکون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلي مکّة، فيأتيه ناس من أهل مکّة فيخرجونه وهو کاره، فيبايعونه بين الرکن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مکّة والمدينة، فإذا رأي الناس ذلک أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه بين الرکن والمقام..» الحديث [51] .

وأخرج نعيم بن حمّاد عن أبي هريرة، قال: يُبايَع المهديّ بين الرکن والمقام، لا يوقظ نائماً ولا يهريق دماً [52] .

وأمّا المسيح عيسي بن مريم عليه السلام فإنّه ينزل من السماء بعد ظهور المهديّ ووقوع البيعة له.

وقد دلّت السُنّة عن النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم علي نزول عيسي بن مريم عليهما السلام علي المنارة البيضاء شرقيّ دمشق، وحکمه بکتاب الله تعالي، وقتله اليهود



[ صفحه 41]



والنصاري، وإهلاک أهل الملل في زمانه ـ کما قال ابن قيّم الجوزيّة في المنار المنيف [53] .

وأخرج الطبرانيّ في الکبير عن أوس بن أوس: ينزل عيسي بن مريم عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق ـ کما في الجامع الصغير للحافظ السيوطي [54] .

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث النوّاس بن سمعان، عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: «ينزل ـ يعني المسيح بن مريم عليه السلام ـ عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق بين مهرودتين..» الحديث [55] .

10 ـ ومنها: أنّ عيسي بن مريم عليه السلام يقتدي بالمهديّ عليه السلام في الصلاة، فيکون المهديّ إماماً وعيسي مأموماً.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: تواترت الاَخبار بأنّ المهديّ من هذه الاَُمّة، وأنّ عيسي بن مريم سينزل ويصلّي خلفه [56] .

ويدلّ علي ذلک أيضاً:

مـا أخـرجه البخـاري في صـحيحه عـن أبـي هـريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «کيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيکم وإمامکم منکم؟!» [57] .

وأخرج أبو نعيم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «منّا الذي يصلّي عيسي بن مريم خلفه» [58] .



[ صفحه 42]



وفي صحيح ابن حبّان من حديث عطيّة بن عامر نحوه [59] .

وأخرج مسلم وأبو نعيم أيضاً ـ واللفظ له ـ عن جابرٍ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «ينزل عيسي بن مريم فيقول أميرهم المهديّ: تعالَ صلِّ بنا؛ فيقول: لا، إنّ بعضکم علي بعض أُمراء، تکرمة الله لهذه الاَُمّة» [60] .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين، قال: المهديّ ينزل عليه ابن مريم، ويصلّي خلفه عيسي [61] .

وأخرج نعيم بن حمّاد، عن عبـد الله بن عمرو، قال: المهديّ ينزل عليه ابن مريم ويصلّي خلفه عيسي [62] .

تلک عشرة کاملة من وجوه الفرق بين المهديي المنتظر والمسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام، وقد تستنبط وجوه أُخري بالتأمّل في ما ورد من الاَحاديث في هذا الباب، لا تکاد تخفي علي أُولي الاَلباب.

وفي ما أثبتناه هنا غنية وحجّة لمن آتاه الله الحکمة والهداية، وجنّبه سُبل الضلالة والغواية، إنّه خير هادٍ ومعين.



[ صفحه 43]




پاورقي

[1] المصـنّف 11 :371 ـ 372 ح 20770.

[2] سنن ابن ماجة 2 :1366 ح 4083.

[3] سنن ابن ماجة 2 :1367 ح 4085.

[4] الفتن: 254 ح 996، مسند أحمد بن حنبل 1 :84، المصنّف لابن أبي شيبة 15 :197 ح 19490.

[5] سنن ابن ماجة 2 :1366 ح 4082.

[6] سنن ابن ماجة 2 :1368 ح 4086.

[7] سنن أبي داود 4 :107.

[8] سنن ابن ماجة 2 :24.

[9] سنن أبي داود 4 :107، المصنّف لابن أبي شيبة 8 :678 ح 194.

[10] سنن أبي داود 4 :106.

[11] سنن أبي داود 4 :107.

[12] مسند أحمد 1 :377 وص 430، سنن أبي داود 4 :107، سنن الترمذي 4 :438 ح 2230 باب ما جاء في المهديّ.

[13] سنن الترمذي 4 :438 ح 2231 باب ما جاء في المهدي.

[14] سنن الترمذي 4 :439 ح 2232.

[15] صحيح البخاريّ 4 :325 ح 245.

[16] موارد الظمآن: 463 ـ باب ما جاء في المهديّ.

[17] سنن أبي داود 4: 107 ـ 108، مسند أحمد 6 :316، المصنّف 11 :376 ح 20769، مسند أبي يعلي12 :369 ـ 370 ح 6940، المعجم الکبير ـ للطبراني ـ 23 :39 ح 931.

[18] ما بين المعقوفين أثبتناه من العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي.

[19] العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :58.

[20] المعجم الاَوسط 1 :97 ـ 98 ح 157.

[21] کتاب الفتن: 229، وانظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :62.

[22] المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ 8 :679 ح 159.

[23] کتاب الفتن: 228.

[24] کتاب الفتن: 229.

[25] نور الاَبصار: 187 ـ 188، وانظر: موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2 :47.

[26] الاِذاعة لما کان وما يکون: 147.

[27] المصنّف ـ لابن عبد الرزاق ـ 11 :372 ح 20773، سنن أبي داود 4 :107.

[28] سنن أبي داود 4 :115 ح 4324.

[29] فرائد السمطين 2 :314.

[30] انظر: کتاب الفتن: 225.

[31] فرائد السمطين 2 :330.

[32] کتاب الفتن: 232، وانظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :58.

[33] انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :63.

[34] انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :66، موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1 :368.

[35] کتاب الفتن: 348 وص 352، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :81، موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1 :389.

[36] لوائح الاَنوار البهية وسواطع الاَسرار الاِلهية، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2 :12.

[37] مسند أحمد 1 :377 وص 430، سنن أبي داود 4 :107، سنن الترمذي 4 :438 ح 2230، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحـاوي للفتاوي 2 :58 ـ 59.

[38] المعجم الکبير 10 :133 ـ 137 ح 10213 ـ 10230.

[39] کتاب الفتن: 227، وانظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :73.

[40] قد حقّقنا في رسالة مفردة کون المهدي المنتظر عليه السلام من ذرّيّة الحسين السبط الشهيد عليه السلام دون الحسن السبط عليه السلام، والمقصود من إيراد هذا الحديث هنا الدلالة علي حقّيّة خروج المهدي عليه السلام فحسب، فليُعلم ذلک.

[41] سنن أبي داود 4 :108.

[42] کتاب الفتن: 220، وفيه «المغلّبة» بدل «المعلّمة»، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :75.

[43] کتاب الفتن: 220، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :75.

[44] کتاب الفتن: 213، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي 0للفتاوي 2 :71.

[45] کتاب الفتن: 190، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :69.

[46] المعجم الاَوسط 9 :288 ح 9459، المستدرک علي الصحيحين 4 :431.

[47] البدء والتاريخ ـ للبلخي ـ 1 :186، العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :71 وص 75.

[48] کتاب الفتن: 247، البدء والتاريخ ـ للبلخي ـ 1 :184.

[49] نور الاَبصار: 189، وانظر: کتاب الفتن: 341 ـ 342، صحيح مسلم 8 :198.

[50] انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :59 وص 61.

[51] سنن أبي داود 4 :107.

[52] انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :76.

[53] المنار المنيف: 148.

[54] المعجم الکبير1 :217 ح 590، الجامع الصغير: 590 ح 10023.

[55] صحيح مسلم ـ کتاب الفتن وأشراط الساعة ـ باب ذکر الدجّال 8 :197 ـ 198.

[56] فتح الباري 6 :611 باب نزول عيسي بن مريم عليهما السلام.

[57] صحيح البخاريّ 4 :325 ح 245.

[58] العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :64.

[59] الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8 :283 ـ 284 رقم 6764.

[60] صحيح مسلم 1 :95، جامع الاَُصول 10: 329 ـ 330 ح 7832.

[61] المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ 8 :679، وفيه: «المهدي من هذه الاَُمّة وهو الذي يؤمّ الناس».

[62] العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2 :78.