بازگشت

حديث الملائکة


ثمَّ إنَّ لحن کلام الملائکة حيث قالوا:

(..أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ..) (البقرة/30).

وإن کان الظاهر منه الاحتجاج أو التعجُب إلاّ أنَّهم لم يکونوا بصدد ذلک کيف وهم

(..عِبَادٌ مُکْرَمُونَ- لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء/26،27).

فماذا کانوا يهدفون من قولهم هذا؟ إنَّهم کانوا يريدون أن يطَّلعوا علي حقيقة الأمر في مسألة الخلافة الإلهية فکانوا لا يرون عملاً أعظم ممّا يمارسونه هُم من التسبيح بحمده تعالي والتقديس غافلين عن مرحلةٍ أخري والتِّي هي أعظم من التسبيح والتقديس وهي العبوديَّة التِّي هي جوهرة کنهها الربوبيَّة! ومن هنا کانوا يتسائلون حول هذه الخلافة؟ وکانوا يتوقعون الوصول إلي مستوي الإستخلاف کما في الحديث:

(عن الصادق عليه السلام...يا ربِّ إن کنت ولابدَّ جاعلاً في أرضک خليفةً فاجعله منّا) (بحار الأنوار ج 11 ص 108 رواية 17الباب1-ج57 ص 367 رواية 4 باب4-ج 61 ص 299 رواية 7 باب47-ج 63 ص 83 رواية 38 باب2-ج 99 ص 32 رواية 7 باب4)

ومن ناحية أخري کانت الملائکة قد اطلعت ومن قبل أن يُخلق الإنسان أنَّه بخروجه من الجنَّة سوف يرتکب الجرائم البشعة من الإفساد في الأرض بل سفک الدماء حيث يقولون:

(..أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِکُ الدِّمَاءَ..) (البقرة/30).

أما کيف علموا ذلک فلسنا بصدد الحديث عنه هنا - فبناءً علي ذلک يکون استفهام الملائکة أمراً طبيعيّاً وفي محلِّه.