الرفض الاجتماعي
وهاهنا وبصريح العبارة نقول:
أنَّ التکليف الرئيسي الذي يُمثِّل أهم التکاليف في عصر الغيبة هو ما أشرنا إليه سابقاً وهو الرفض ولکن هذا التکليف ليس هو تکليفاً فردياً فحسب بل هو تکليفٌ اجتماعي فيلزم علي المؤمن أن يکون رفضُه رفضاً ينطلق من منطلق شرعي الهي حتي يتقرب به إلي الله فيکون عبادةً من نمط العبادات الاجتماعية التي تخيِّم علي جميع العبادات الفردية.
ولأجل أن يتَّسم الرافض للمجتمع الفاسد بوسامٍ إلهي ينبغي له أن يمارس الأمور التالية:
الأول: البناء الفردي وأعني به السعي للتقرب إلي الله بالتلبس بلباس التقوي الذي هو خير لباسٍ حتَّي يرتفع مستوي رفضه هذا من السلب المطلق الذِّي هو(لا) إلي سلبٍ يتضمَّن إيجاباً. وعندئذ سوف يکون رفضُه رفضاً مقدَّساً له معني ومفهوم رسالي عميق فليست کلُّ لاءٍ هي بالفعل لاء، بل هذا النمط من اللاء أفضل من ملايين نعم إن صحَّ القياس بينهما.
فهذا الرفض ليس من السکوت المذموم الذي هو حالةٌ سلبيةٌ جوفاءُ تُعرقل الإنسان والمجتمع. کلاّ! بل هو حالةُ صراخٍ ليس مثلها صراخ(ويکفيک نموذجاً سکوت عليٍّ عليه السلام طوال خمسة وعشرين سنة) وهذه الحالة هي الحالة التکاملية التِّي تبني الإنسان وترفع من مستواه إلي الأعلي وتجعله يتکامل شيئاً فشيئاً من دون الوقوف عند حدٍّ.. وکذلک تُنمِّي المجتمع وترفع مستواه وتجعله يعيش عيشة عزيزة لا يتسرب إليها ذلٌّ وهوان ولا تعتريها آفةٌ وخذلان. فلِمَ لا تکون هذه الحالة أفضل العبادة؟ ولِمَ لا يکون أفضل الجهاد؟ ولم لا يصل هذا الإنسان المتحلِّي به إلي مستوي المتشحط بدمه في سبيل الله؟