بازگشت

الانتظار و جانباه الإيجابي و السلبي


إنَّ کلمة الانتظار تدُّل علي حالتين کامنتين في روح المنتظر، فمع التأمَّل في هذه الکلمة نشاهد أنَّها تدلُّ علي جانبين أساسيين(إيجابيٌ وسلبيٌ) لکل منهما دور مهمّ في معني الکلمة وهذان الجانبان هما:

1- الإيجابي: الجانب المطلوب و المحبوب للمنتظِر و المتوقَّع الوصول إليه وهو الخير والبرکة وتمکين الدين علي الأرض کلِّه فلو لم يتوقع حدوث حالة جديدة و إيجابية في المستقبل فلا مصداقية للانتظار ولا معني له.

2- السلبي: الجانب غير المطلوب و غير المحبوب الذي يتمثَّل في الحالة الفعلية التي يعيش فيها المنتظر تلک الحالة المُؤذية التي يأمل المنتظر أن يتخلَّص منها،فلو کان الوضع الفعلي هو الوضع المطلوب فلا معني للانتظار إذاً ولا مبرر له.

وبعبارة أوضح: هناک تناسب عکسي بين أمرين هما:

1-اليأس من الحالة الفعليَّة المعاشَة.

2-الرغبة في الحالة المستقبليَّة المتوقعة.

هذا ما يستفاد من نفس الکلمة من دون النظر إلي أي أمرٍ آخر خارج الکلمة وتشهد لهذه الحقيقة الآية الکريمة التِّي وردت في هذا المجال حيث المعني والسياق وحيث الأحاديث الدالَّة علي ذلک:

قال تعالي:(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويکشف السوء ويجعلکم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذکرون) [1] .

فالآية الکريمة تشير إلي الجانبين المتواجدين في نفس المضطر:

1- سوءٌ غير مکشوف وهو السوء المطلق الذي من خلاله حدثت سائر مصاديق السوء وهذا السوء يتمثَّل في أمرٍ واحد وهو أنَّ خلافة الأرض ليست بيد المُضطَر.

2- وهناک توقُّع ورجاء و رغبة کامنة في نفس المضطر وهي أن تکون الخلافة العامَّة علي جميع الأرض له ولمن يقتدي به ويخطو خطاه.

وأمّا الحديث عن شخصيَّة المضطر وأنَّه من هو؟ فهو خارج عن بحثنا ههنا ولکن قوله تعالي(ويجعلَکم خلفاء الأرض) يُنبأنا عن حقائق کثيرة لعلَّنا شرحناها فيما بعد.

فلا يمکن للمؤمن ممارسةُ عمليةِ الانتظار إلاّ بعد عرفان أمرين متلازمين:

الأول: وهو الأصل والأهم ويتمثَّل في معرفة تلک الخلافة الإلهيَّة وهذا هو التولِّي.

الثاني: وهو تابعٌ وملازم للأصل وهو معرفة السوء الذي يتمثَّل في الواقع الفعلي ومن ثمَّ التبرِّي منه.

وکلا الأمرين يفتقران إلي الوعي والتدبُّر والدقَّة فنقول:

إنَّه من الأفضل أن نبدأ بالأمر الثاني أعني معرفة السوء ورفضه تحت عنوان الإنتظار والرفض ثمَّ نتحدَّث عن الأمر الأوَّل تحت عنوان الانتظار والرجاء.


پاورقي

[1] النمل62.