بازگشت

الغاية من الدين


الدين بما له من المعني له علَّة فاعليَّة وهي مؤسِّسُه وشارعُه، وله علَّة ماديَّة وهي محتواه، وله علَّة صورية وهي ما تسمَّي بالشريعة التِّي تتمثَّل في العبادات والنُسُک المختلفة، وهناک علَّة غائيَّة للدين وهو الغرض من الشريعة، فما هي تلک؟ وما هي علَّة بعث الرسل وإنزال الکتب؟

من الطبيعي أنَّه للوصول إلي جواب صحيح ينبغي لنا مراجعة القرآن الکريم، يقول سبحانه:

(هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون) [1] و في آية أخري(هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله وکفي بالله شهيداً) [2] .

فالغاية العمليَّة من بعث الرسول هي أن يظهر الله دينه علي الدين کلِّه، وهذا لا يمکن إلاّ مع تمکين الدين علي کلِّ البسيطة حتَّي لا تکون فتنة ويکون الدين کلُّه لله، وعلي ضوء هذه الغاية يمکننا فهم روح جميع العبادات فالعبادة التِّي لا تنطلق من هذه الغاية لا قيمة لها لأنَّها تکون حينئذٍ عشوائيَّة.

ومن هنا نعرف السرّ في ما سنتحدَّث عنه في خاتمة الحديث بالتفصيل من أنَّ أفضل العبادة هو انتظار الفرج، وهذه الغاية هي الوعد الحسن الذي جاء في قوله تعالي(أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه کمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) [3] والذي شرحناه سابقاً وأيضاً هي التي يذکرها الله في قوله(وعد الله الذين آمنوا منکم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض کما استخلف الذين من قبلهم وليمکنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشرکون بي شيئا ومن کفر بعد ذلک فأولئک هم الفاسقون) [4] .

فإذاً لا يمکننا تفسير الدين تفسيراً صحيحاً ومعرفته معرفةً مستوعبة شاملة إلاّ أن ننطلق من تلک الغاية.

ثمَّ إنَّ هناک مسألة أخري ينبغي لنا التأمُّل فيها وبالأحري سؤال مهمٌّ يجب الإجابة عنه وهو:

ماذا يعني ظهور الدين؟ و ماذا سيکون بعد ذلک؟

أقول:إنَّ ظهور الدين وتمکينه لا يعني إلاّ حکومة الله علي الأرض والاستقرار في جواره تعالي وزوال الشرک به من رأس، الجلي منه والخفيّ(يعبدونني لا يشرکون بي شيئاً) [5] وبعبارة أخري ظهور الدين يعني:


پاورقي

[1] الصف 9 والتوبة 33.

[2] الفتح 28.

[3] القصص 61.

[4] النور 55.

[5] النور 55.