بازگشت

العلة الغائية


لا يحدث أيُّ شيء في الکون ولا يتحقق أيُّ معلول إلاّ بعد تواجد علته التامَّة وهذا أصل ثابت عقلاً من أراد أن يتطلَّع عليه بالتفصيل فليراجع کتبَ الحکمة المتعالية.

ثمَّ:

إنَّه يستحيل تحقق أمرٍ ممکن إلاّ بتواجد علله الأربعة وهي:

الفاعلية - الماديَّة - الصوريَّة - والغائيَّة.

ولا بأس بتوضيح ذلک من خلال ذکر مثال فنقول:

لو أردنا صنع کرسيٍّ خشبي بمواصفات خاصَّة فلا يمکن أن يتحقق ذلک الکرسي بتلک المواصفات إلاّ بتحقق تلک العلل الأربعة: فيلزم وجود نجّارٍ يمثِّل الفاعل لذلک الکرسي فلولا الفاعل لما حدث الفعل، والأخشاب التِّي تمثِّل مادته ولولا المادة لما تواجد الشيء، وصورة الکرسي أعني شکله الخاص المتميِّز عن شکل السرير والباب وغيرهما من الأشياء المصنوعة من الخشب، والغاية من ذلک الکرسي التي هي الجلوس عليه وإلاّ لم يکن الکرسي کرسياً، و من المعلوم أنَّ العلة الغائية مقدمَّةٌ علماً مؤخرة عيناً کما قيل أوّل الفکر آخرُ العمل، فأوَّل ما يتصوَّره النجّار هو الغاية من الکرسي أعني الجلوس کما أنَّ أوَّل ما يتحقق في الخارج هو الجلوس، ولا يخفي دور العلَّة الغائية في فعل الفاعل فالغاية هي التِّي تدعو الفاعل إلي الفعل ولولاها لم يفعل، ولذا قال الحکماء العلة الغائية علة فاعليةُ الفاعل.

وأيضاً الغاية لها دور رئيسي في کيفيَّة الفعل وکميَّة المادة وکيفيَّة الصورة المنتخبة فالعلَّة الغائية هي التِّي تُخيِّم علي سائر العلل وتوِّجهها توجيهاً ينسجم مع الغاية.