بازگشت

العلاقة بين الانسان و الملائکة


ينبغي لنا أن نبيِّن مدي العلاقة والارتباط المتواجد بين الملائکة وبيننا نحن البشر، فهناک ترابط حيوي له دور في حرکة الإنسان الرسالي الذي ينطلق من مبدأ العقل والقلب، فکما أنَّ الاعتقاد بالتوحيد والنبوة والإمامة وسائر الأصول له تأثير في تعامل الإنسان وارتباطه مع ما حولَه من الموجودات کذلک الاعتقاد بالملائکة أيضاً له ذلک الدور الذي يسيِّره نحو الکمال المطلق.

ومن هذا المنطلق صار الإيمان بالملائکة من جملة الأمور العقائديَّة التِّي قد آمن بها الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم، وآمن بها کلّ المؤمنين.

(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ کُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَکَ رَبَّنَا وَإِلَيْکَ الْمَصِيرُ) (البقرة/285).

وفي موطن آخر نشاهد أنَّ الله سبحانه حکم علي الکافرين بالملائکةِ، بالضلال البعيد فيقول:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْکِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَي رَسُولِهِ وَالْکِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَکْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا) (النساء/136).

وأما دور الملائکة ومسئولياتهم الخطيرة تجاه الإنسان فهي کثيرة والملاحظ في القرآن الکريم أنَّ من أهمِّ أدوار الملائکة هو الصلاة المستمرة علي النبيِّ تبعاً لصلاة الله تعالي عليه:

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِکَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (الأحزاب/56).

وأيضاً صلاتهم علي المؤمنين

(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْکُمْ وَمَلاَئِکَتُهُ لِيُخْرِجَکُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَي النُّورِ وَکَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) (الأحزاب/43).

ولابدّ أن نعلم أنَّ هناک مرحلة أهمّ من ذلک وهي التعرُّف علي الملائکة الموکَّلةِ علينا خاصَّة لأنه لا محالة سوف نواجههم ويواجهوننا بل نصحبهم ويصحبوننا في کلٍ من عالمي البرزخ والآخرة.

ففي تفسير الإمام:

(قال عليه السلام قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم … فإنَّ کلَّ واحدٍ منکم معه ملکٌ عن يمينه يکتب حسناته و ملکٌ عن يساره يکتب سيئاته…) (بحار الأنوار ج63 ص271 رواية 158 باب3)

کلُّ ذلک أدَّي إلي طرح موضوع خلقة آدم - وخلافة بنيه في الأرض -علي الملائکة فقال تعالي لهم:

(..إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً..) (البقرة/30).

والظاهر أنّه ليس المراد أنّ آدم نفسَه يکون خليفة في الأرض بل کان خلق آدم لأجل تلک الخلافة التّي سوف يمنحها ويجعلها سبحانه لبعضٍ من وُلده وهم الخُلَّص من عباده وهم الذين يجدر أن يطلق عليهم الإنسانُ الکامل بمعني الکلمة.

وبالطبع هم نور واحد وحقيقة فاردة وإن تکثّروا في عالم الطبيعة ومن هنا نشاهد أنّه سبحانه لم يذکر الخليفة بصورة الجمع فلم يقل خلائف أو خلفاء بل جعلها مفردة.