بازگشت

ملاقاة الجمال و ملاقاة الجلال


ثمَّ إنَّ هناک تمايزا رئيسيا بين الملاقِين ربَّهم وذلک التمايز يرجَع إلي کيفيَّة اللقاء فالموحد المؤمن يلاقي ربَّه سبحانه بجماله ورحمته ورأفته وحنانه ولطفه وعفوه وصفحه کما قال تعالي:

(فأما من أوتي کتابه بيمينه- فسوف يحاسب حسابا يسيرا- وينقلب إلي أهله مسرورا)

فيصل في البداية إلي الجنات التي تجري من تحتها الأنهار ثمَّ يترقي إلي جنّات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه وبالأخير يصل إلي الجنَّة التي جاء ذکرها في أواخر سورة الفجر قال سبحانه:

(يا أيتها النفس المطمئنة- ارجعي إلي ربک راضية مرضية- فادخلي في عبادي- وادخلي جنتي)

وهذه الجنَّة التّي أضافها سبحانه وتعالي إلي نفسه هي جنّة لقاء الله علي حدّ تعبير الإمام قدس سرُّه.

وأمّا الکافر والمُلحد والمنافق فهو يلاقي ربَّه أيضاً ولکن بجلاله وعذابه وسخطه وغضبه وانتقامه لا بعفوه وصفحه کما قال سبحانه وتعالي:

(وأما من أوتي کتابه وراء ظهره- فسوف يدعو ثبورا- ويصلي سعيراً)

فهم يلاقون ربهم حيث يقرُّون بذلک کما قال تعالي:

(ولو تري إذ المجرمون ناکسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون)

فهم يرون جهنَّم ويرون النار الملتهبة وهم في محضر جلال الله وغضبه وانتقامه کما قال:

(ومن أظلم ممن ذکر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون)

فالنتيجة أنَّ الغاية ترجع إلي الربِّ لا غيره.

(ألا إلي الله تصير الأمور) [1] (إنا لله وإنّا اليه راجعون) [2] (وإنَّ إلي ربک المنتهي) [3] .

ومن هنا نشاهد أنَّه تعالي يقول لموسي

(واصطنعتک لنفسي) [4] .

ولو مررنا علي الأدعية المأثورة لأذعنّا بهذه الحقيقة فإليک بعض النماذج المختصرة التِّي صدرت عنهم عليهم السلام:

(لأنَّک غاية أمنيتي ومنتهي بلوغ طلبتي فيا فرحه لقلوب الواصلين ويا حياة لنفوس العارفين ويا نهاية شوق المحبين أنت الذي بفنائک حطت الرحال وإليک قصدت الآمال) [5] (يا رباه يا سيداه يا غاية رغبتاه) [6] (يا غاية أمل الآملين) [7] (يا غاية الطالبين) [8] (يا غاية الراغبين ومنتهي أمل الراجين) [9] .


پاورقي

[1] الشوري 53.

[2] البقرة 156.

[3] النجم 42.

[4] طه 41.

[5] بحار الأنوار ج 94 ص 111 رواية 16 باب 32.

[6] بحار الأنوار ج 86 ص 75 رواية 10 باب 39.

[7] بحار الأنوار ج 90 ص 171 رواية 19 باب 9.

[8] بحار الأنوار ج 95 ص 281 رواية 4 باب 108.

[9] بحار الأنوار ج 98 ص 223 رواية 3 باب 2.