بازگشت

لولاک لما خلقت آدم


إنَّ قصَّة خلق آدم طويلة إلاّ أنَّنا نحاول الإشارة إلي بعض الجوانب المهمَّة منها، قال تعالي:

(وإذ قال ربُّک للملائکةِ إنِّي جاعلٌ في الأرض خليفة) (البقره/30)

فهاهنا يُذکِّر الله سبحانه نبيَّنا تلک القضيَّةَ التِّي حدثت عند خلق آدم فيقول وإذ أي أُذکر ذلک الحدث، والظرف إذ منصوب بإضمار أذکر(تفسير الکشاف للزمخشري ج1 ص271).

فيستفاد من ذلک أنَّ النبي الأکرم صلي الله عليه وآله وسلم کان قد شهد تلک المشاهد من بداية الخلق حيث يقول سبحانه:(وإذ قال ربّک للملائکة إني جاعل في الأرض خليفة)

وبطبيعة الحال کان صلوات الله عليه يعلم تفصيلاً وعلي مستوي الجزئيات تلک القضايا والحوادث التي مرَّت من بداية خلق آدم وما حدث بعد ذلک ومهمّة القرآن ليست هي إلاّ تذکيره عليه السلام بها، ومن هنا نشاهد أنَّه سبحانه يقول:(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْکَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْکَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ کُنتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (يوسف/3).

ولا يخفي الفرق بين الغفلة وبين الجهل فهو صلوات الله عليه لم يکن جاهلاً بتلک القصص بل کان عالماً بها والقرآن إنَّما يُذکِّره بما کان يعلمه وغفل عنه. وقد ذُکرت کلمة إذ بهذا المعني في أکثر من مائتي موردٍ من القرآن، کما أنَّه قد صرَّح سبحانه بقوله(واذکر) في موارد عشرة وهي:

1-(وَاذْکُرْ فِي الْکِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَکَانًا شَرْقِيًّا) (مريم/16).

2-(وَاذْکُرْ فِي الْکِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ کَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا) (مريم/41).

3-(وَاذْکُرْ فِي الْکِتَابِ مُوسَي إِنَّهُ کَانَ مُخْلَصًا وَکَانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (مريم/51).

4-(وَاذْکُرْ فِي الْکِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ کَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَکَانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (مريم/54).

5-(وَاذْکُرْ فِي الْکِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ کَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا) (مريم/56).

6-(..وَاذْکُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص/17).

7-(وَاذْکُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَي رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) (ص/41).

8-(وَاذْکُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ) (ص/45).

9-(واذْکُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْکِفْلِ وَکُلٌّ مِنْ الأَخْيَارِ) (ص/48).

10-(وَاذْکُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ..) (الأحقاف/21).

فإذاً النبيُّ صلي الله عليه وآله کان عالماً بتأريخ السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم وذلک لعلمه بالغيب وهذه الحقيقة من عقائدنا المسلَّمة الثابتة عقلاً ونقلاً وليس هنا موضع الحديث عنها.

علي أنهم أوَّل ما خلق الله کما سيتضح لک فيما بعد وفي الزيارة الجامعة المنقولة في عيون أخبار الرضا عليه السلام مسنداً عن الإمام النقي عليه السلام:

(خلقکم الله أنواراً فجعلکم بعرشه مُحدقين حتَّي منَّ علينا بکم فجعلکم في بيوت أذن الله أن ترفع ويُذکر فيها اسمه) (بحار الأنوار ج100 ص103 رواية1 باب6).

فهم إذاً قد شاهدوا جميع ما خلق الله من الموجودات وکانوا قد اطَّلعوا عليها.