بازگشت

خلق الإنسان


وأمّا بخصوص الإنسان هناک حديث بين المتکلمين:

فقال المعتزلة أنَّ الغاية في إيجاد العباد هو إيصال النفع إليهم وهذا باطلٌ لأنَّه يعني أنَّ الله قد استفاد بفعله واستکمل وهو الکامل فتعالي عن ذلک.

وأمّا الأشاعرة فقد أنکروا الغاية بالمرة وهذا يعني أنَّ الله ليس بحکيم في فعله کيف وکل فعل لا غاية له يکون ناقصا معطَّلا وعبثاً والله سبحانه أجلُّ من أن يصدر منه فعلٌ بلا حکمة.

وأمّا الحکماء الإلهيين يقولون أنَّه لا بدّ من غاية في صنعه تعالي ولکن لا غاية في صنعه وفعله وراء ذاته وذلک لأنَّه هو أجمل من کلِّ جميل وأجل من کل جليل وکل جمال وجلال وکمال ليس هو إلاّ انعکاس من بهاء جماله وظلّ من شمس جلاله ورشحة من بحر کماله فمنظوره ومعشوقه لا يکون إلا ذاته تعالي ولذلک قالوا: العالي لا يلتفت إلي السافل بالذات إلا بالعرض.

ونعم ما قال الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا:

(لو إن إنسانا عرف الکمال الذي هو واجب الوجود الذي هو فوق التمام ثم فرض أنه منظم العوالم علي مثاله، کان غرضه الواجب الوجود فإذا کان الواجب هو الفاعل فهو الغرض لذاته في فعله).

شرحه:

لو أنَّ الإنسان عرف الله سبحانه وتعالي بأنَّه هو الکمال المطلق الذي ليس فيه نقصٌ أصلاً والجمال الحقيقي الذي ليس فيه عيبٌ مطلقاً وکذا سائر الصفات فمن الطبيعي أنَّه لا يطلب غيرَه ولا يرغب إلاّ إليه حيث أنَّ الإنسان يعشق الأکمل والأجمل.

وهذا الکلام بعينه يجري بالنسبة إلي الله تبارک وتعالي فهو الفاعل لجميع الأشياء فماذا تري يکون الغرض من فعله؟ ليس هناک أي غرضٍ وغاية وراء فعله إلاّ ذاته المُقدَّسة فغايته نفسُه لا شيء خارج عن نفسه تأمَّل.

أقول:

من هذا المنطلق يمکننا أن نصل إلي فلسفة الخلق فلم يخلق الله الإنسان إلاّ لنفسه لا لشيء آخر لأنَّه مهما تصورنا من غايات فهي ناقصة لا يمکن أن يتوجَّه إليها الله أصلاً فکيف تکون هي غاية لفعله يستکمل بها نفسه!!

وهناک شواهدُ کثيرةٌ من القرآن الکريم کذلک الأحاديث الشريفة تدلُّ علي ذلک نکتفي هاهنا علي سورة الانشقاق الآيات 6-8 ومن ثمَّ نشير إلي بعض النماذج الأخر من الآيات والروايات لنعطي هذا البحث المهم حقَّه إنشاء الله تعالي: