بازگشت

متاع إلي حين


ثمَّ إنَّ القرآن الکريم حينما يتحدَّث عن الهبوط يقول:

(وقلنا اهبطوا بعضکم لبعض عدو ولکم في الأرض مستقر ومتاع إلي حين) [1] .

فالاستقرار في الأرض کمتاع ليس هو طوال الدهر بل هو إلي حين منه والحين هو مقطع من الدهر والدهر يتعلَّق بالعالم الذي قبل قيام القيامَّة الذي يشتمل علي الزمان والمکان وکلُّ ذلک من عوارض الجسم فلولا الجسم وحدوده وأبعاده لما کان يتحقق مفهوم المکان ولولا المکان لما کان هناک زمانٌ في البين ولهذا نشاهد أنَّ الله سبحانه وتعالي يقول:

(هل أتي علي الإنسان حين من الدهر لم يکن شيئا مذکورا) [2] .

وقد شرحنا ذلک بالتفصيل في تفسيرنا لسورة الإنسان فراجع وأيضاً ينقل سبحانه عقيدةَ الدهريين بقولهم:

(وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلکنا إلا الدهر وما لهم بذلک من علم إن هم إلا يظنون) [3] .

وإن کانت هذه العقيدة باطلة من بنيانها.

ومن هنا نشاهد أنَّه تعالي عندما يتحدَّث عن الحاجات التِّي نفتقر إليها في حياتنا الدنيويَّة يحدِّد صلاحيتها إلي حين

(وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلک المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يرکبون وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولاهم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعا إلي حين) [4] .

(والله جعل لکم من بيوتکم سکنا وجعل لکم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنکم ويوم إقامتکم ومن أصوافها و أوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلي حين) [5] .

وقد وضَّحنا السر في ذلک(عند شرح معني الهبوط) وسوف يتَّضح لک في ما بعد إنشاء الله.

فإذاً إلي حين لا يعني إلي يوم القيامة بل يعني إلي يوم ما قبل القيامة لأنَّه عند قيام القيامة کلُّ شيء يتغيَّر فالشمس تتکور والکواکب تنتثر والبحار تتفجَّر.

فهاهنا سؤال يطرح نفسَه وهو متي يتحقق ذلک الحين؟ وهل هناک سبيل للوصول إلي ذلک؟

أقول: نعم هناک سبيل واضح للوصول إلي الجواب وهو الرجوع إلي أمر إبليس بعد إغوائه لآدم وزوجته وذلک لأنَّ حقيقة الدنيا متقوِّمة بإبليس وجنوده فلولاه لما کانت هذه البسيطة التِّي نعيش عليها هي الدنيا بل کانت الجنَّة بعينها کما کانت قبل عصيان آدم عليه السلام وقد شرحنا هذا الأمر بالتفصيل سابقاً فراجع.

وأمّا إبليس فيطلب من الله أن يبقيه إلي يوم يوعدون:

(قال رب فأنظرني إلي يوم يبعثون) [6] (قال أ رأيتک هذا الذي کرمت علي لئن أخرتني إلي يوم القيامة لأحتنکن ذريته إلا قليلا) [7] .

فکان إبليس عليه لعائن الله يريد البقاء إلي يوم القيامة وهل قبل الله هذا الطلب؟ کلا!! حيث أنَّه تعالي أجابه:

(قال فإنک من المنظرين)

ولکن إلي متي؟؟

(إلي يوم الوقت المعلوم)

فهناک يومٌ موقوت محدَّد لا يُنظر الشيطان بعده ولم تقم القيامة حينئذٍ بعدُ فمادام لم يتواجد الشيطان فلا إغواء يعتري الإنسان نعم هذا لا يعني سلب الاختيار عن الإنسان تماماً بل هناک بعض من الناس الذين لا يزالون يعيشون الکفر والعصيان قطعاً ولکنَّهم غير ممکَّنين في الأرض،فهناک أرضٌ وسماءٌ ولکنَّه لا يُطلَق عليها الدنيا وهو ذلک اليوم الذي وعد الله آدم ليرجعه إلي جنَّته کما في خطبة أمير المؤمنين الآتية

وفي هذا اليوم سوف ينتقم الله من جميع الظالمين بالحجَّة عليه السلام وقد ورد في تفسير قوله تعالي:

(أ فمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه کمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) [8] .

وفي الحديث:

(کنز العمّال روي الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده إلي محمد بن علي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز و جل ا فمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه قال الموعود علي بن أبي طالب وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا و وعده الجنة له و لأوليائه في الآخرة) [9] .

فهناک وعدٌ إلهي سوف يلاقيه الإنسان المؤمن وهو ليس من الحياة الدنيا ولا يتعلَّق بالقيامة فمتي هو إذاً؟

سوف يتضح لک ذلک الزمان الذي يُحقق الله فيه وعده فانتظر.


پاورقي

[1] البقرة 36 والأعراف 24.

[2] الانسان1.

[3] الجاثية 24.

[4] يس 41-44.

[5] النحل 80.

[6] ص79.

[7] الإسراء 62.

[8] القصص 61.

[9] بحار الأنوار ج 53 ص 76 رواية 79 باب 29.