التورُّط في الدنيا ومزاحماتها وکثراتها ومن ثمَّ السعي لتصاحبها بنحو تامّ کلٌّ يريده وهذا ما أوجد العداوة والبغضاء بين الناس:

(وقلنا اهبطوا بعضکم لبعض عدو)

وأوَّل حادث حدث هو قتل قابيل هابيل حيث يقول تعالي:

(فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) [1] .

(من أجل ذلک کتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فکأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فکأنما أحي الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن کثيرا منهم بعد ذلک في الأرض لمسرفون) [2] .

ثمَّ إنَّ إرسال الرسل وإنزال الکتب لم يکن ضمن المُخطَّط الأوَّل، ولم يکن بني آدم يفتقر إلي الهداية بهذه الصورة لأنَّه کان يعيش عالم الأنوار ولکن حيث أنّ الإنسان قد وقع في معرض الهلاک بسبب مکائد الشيطان وحِيَلِه کان من اللازم عليه سبحانه أن يُرسل الرسل ويُنزل معهم الکتب حيناً بعد حين لئلاّ يکون للناس علي الله حجّة.

ومن الطبيعي أنّهما قد ارتکبا خلافاً لأوامر الله ولهذا يقول سبحانه

(وناداهما ربُّهما ألم أنهَکُما عن تلکما الشجرةِ وأقل لکما إن الشيطانَ لکما عدوٌّ مبينٌّ قالا رَبَّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنکوننَّ من الخاسرين) [3] .