بازگشت

الشجرة المنهية


واختلفوا في الشجرة المنهية فقيل کانت السنبلة رَوَوه عن ابن عباس، قيل هي الکرمة رَوَوه عن ابن مسعود والسدي وقيل هي شجرة الکافور وقال الشيخ في التبيان رُوي عن علي عليه السلام انَّه قال شجرة الکافور وقيل هي التينة وقيل شجرة العلم علم الخير والشر وقيل هي شجرة الخُلد التي کانت تأکل منها الملائکة.

ولا طريق إلي معرفة تلک الشجرة إلاّ أحاديث أئمتنا عليهم السلام وهي مختلفة:

فبعضها: تقول أنَّها الحنطة کالأحاديث التالية:

1-(تميم القرشي عن أبيه عن حمدان بن سليمان عن علي بن محمَّد بن الجهم قال...قال الرضا علي بن موسي عليه السلام... إن الله تبارک وتعالي قال لآدم أسکن أنت و زوجک الجنَّة وکلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة وأشار لهما إلي شجرة الحنطة) [1] .

2-(الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق عليه السلام انه قال في قوله تعالي و بدت لهما سوآتهما کانت سوآتهما لا تري، فصارت تري بارزة وقال الشجرة التي نهي عنها آدم هي السنبلة) [2] .

3-(محمَّد بن عمر بن علي بن عبد الله البصري عن محمَّد بن عبد الله بن احمد ابن جبلة عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي عن أبيه عن الرعن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال کان علي بن أبي طالب عليه السلام بالکوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام..... وسأله لم صار الميراث للذکر مثل حظ الأنثيين فقال من قبل السنبلة کان عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فأکلت منها حبه وأطعمت آدم حبتَين فمن أجل ذلک ورِث الذکر مثل حظِّ الأنثيين) [3] .

وبعضها: تقول أنَّها شجرة الحسد:

(قال موسي بن محمَّد بن الرضا....قال أخي علي بن محمَّد عليه السلام.... الشجرة التي نهي الله عنها آدم و زوجته أن يأکلا منها شجره الحسد عهد إليهما أن لا ينظرا إلي من فضل الله علي خلائقه بعين الحسد فنسي و نظر بعين الحسد و لم نجد له عزما) [4] .

وأماّ الکافور والتينة والکرمة فلم أعثر علي أحاديثها إلاّ أنَّه هناک حديث يجمع بين الکل وهو:

(ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن الهروي قال قلت للرضا عليه السلام يا ابن رسول الله اخبرني عن الشجرة التي أکل منها آدم وحواء ما کانت فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة ومنهم من يري أنَّها العنب ومنهم من يروي أنَّها شجره الحسد فقال کلٌّ ذلک حقٌّ قلت فما معني هذه الوجوه علي اختلافها فقال يا أبا الصلت إنَّ شجر الجنة تحمل أنواعاً فکانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست کشجر الدنيا وإنَّ آدم عليه السلام لما أکرمه الله تعالي ذکره بسجود ملائکته له وبإدخاله الجنَّة قال في نفسه هل خلق الله بشراً أفضل منِّي فعلم الله عزَّ وجلَّ ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسک يا آدم فانظر إلي ساق عرشي فرفع آدم رأسه فنظر إلي ساق العرش فوجد عليه مکتوبا لا اله إلا الله محمَّد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وزوجه فاطمة سيده نساء العالمين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنَّة فقال آدم عليه السلام يا رب من هؤلاء فقال عز وجل من ذريتک وهم خير منک ومن جميع خلقي ولولا هم ما خلقتک ولا خلقت الجنَّة والنار ولا السماء والأرض فإياک أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجک عن جواري فنظر إليهم بعين الحسد و تمني منزلتهم فتسلط الشيطان عليه حتي أکل من الشجرة التي نهي عنها و تسلط علي حواء لنظرها إلي فاطمة عليها السلام بعين الحسد حتي أکلت من الشجرة کما أکل أدم فأخرجهما الله عز وجل عن جنته وأهبطهما عن جواره إلي الأرض) (بحار الأنوار ج11 ص164 رواية9 باب3).

أقول: ويستفاد من هذا الحديث أنَّ جنَّة آدم لإنْ کانت من جنّات الدنيا لم تکن من التِّي يطلق عليها اسم الجنَّة مجازاً کما اعتقد بذلک بعض المفسِّرين بل کانت هي الجنَّة حقيقةً حيث کانت ذات وعاء أوسع من الدنيا لأنَّه قد اجتمعت جميع تلک الثمار في شجرة واحدة من أشجارها وهذا شأن عالم الوحدة.

ولا بأس ههنا أن ننقل کلمة حول الآخرة لإمامنا قدِّس سرُّه ذکرها في کتابه القيِّم شرح دعاء السحر تحت عنوان(ليس في الآخرة تزاحم بين الکثرات) قال:

(سمعت من أحد المشايخ من أرباب المعرفة رضوان الله عليه يقول: أنَّ في الجنَّة شربةً من الماء فيها جميع اللذات من المسموعات بفنونها من أنواع الموسيقي والألحان المختلفة، ومن المبصرات بأجمعها من أقسام لذات الأوجه الحسان وسائرها من الأشکال والألوان، ومن سائر الحواس علي ذلک القياس حتّي الوقاعات وسائر الشهوات کلٌّ يمتاز عن الآخر. وسمعت من أحد أهل النظر رحمه الله تعالي يقول: أنَّ مقتضي تجسُّم الملکات وبروزها في النشأة الآخرة أنَّ بعضَ الناس يُحشر علي صُوَرٍ مختلفة، فيکون خنزيراً وفأرة وکلباً إلي غير ذلک في آنٍ واحد. ومعلوم أنَّ ذلک لسعة الوعاء وقربها من عالم الوحدة والتَّجرد وتنزُّهها عن تزاحم عالم الطبيعة والهيولي انتهي کلامه أعلي الله مقامه) [5] .

ثمَّ إنّ في الحديث قد ذکرت کلمة الحسد وهل المقصود منه الحسد المصطلح لدينا والذي هو من المحرمّات الذي هو يأکل الإيمان کما تأکل النار الحطب؟

قال العلاّمة المجلسي رحمه الله:

المراد بالحسد الغبطة التي لم تکن تنبغي له عليه السلام و يؤيده قوله عليه السلام وتمنَّي منزلتهم [6] .

أقول: ولنا حول هذا النوع من الحسد کلام نبيُّنه في محله إنشاء الله.


پاورقي

[1] بحار الأنوار ج 11 ص 79 رواية 8 باب 4.

[2] بحار الأنوار ج 11 ص 145 رواية 14 باب 2.

[3] بحار الأنوار ج 11 ص 167 رواية 13 باب 2.

[4] بحار الأنوار ج 10 ص 386 رواية 1 باب 23.

[5] شرح دعاء السحر للإمام الخميني ص 39، 40.

[6] بحار الأنوار ج 11 ص 165 رواية 9 باب 3.