بازگشت

ابليس ليس من الملائکة


إنَّ الخصال الباطنيَّة لإبليس هي التِّي جرَّته إلي عدم إطاعة أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام وأساس ذلک هو الکفر بالله سبحانَّه فهو الذي أدَّي إلي الاستکبار والإباء من السجود والفسق عن أمر ربِّه، وبذلک يمکننا الجمع بين الآيات الثلاثة وهي:

ألف:(وإذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبي واستکبر وکان من الکافرين) [1] .

ب:(وإذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي) [2] .

ج:(وإذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس کان من الجن ففسق عن أمر ربه) [3] .

أقول:

الظاهر أنَّ الآية الأخيرة لا تريد القول بأنَّ کلَّ من کان من الجنِّ فهو فاسق، کيف وهناک نفرٌ منهم آمنوا بالرسول صلي الله عليه وآله وقد تحدَّث عنهم القرآن بالتفصيل في سورة الجنّ، بل أنَّه تعالي حيث ذکر الملائکة قبل ذلک وبيَّن أنَّهم أُمروا بالسجود للإنسان ومن خصوصيّاتهم أنّهم لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، حيث أنَّهم عقول محضة لا تعتريها الهوي والشهوة، فربّما يستغرب السامع من عدم إطاعة إبليس فأراد الله سبحانه أن يدفع هذا الوهم المُقدَّر فقال:

(کان من الجنّ ففسق عن أمر ربِّه)

وقد فرَّع سبحانه الفسوق علي کونه من الجنّ حيث أنَّه کان مخيَّراً بين الإطاعة وعدمها. فالاستثناء ليس مُتصِّلاً بل هو منفصل فيه لطافةٌ أدبيَّة يصل إليها المتأمِّل، والحديث التالي دليل علي ذلک:

(ففي تفسير علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال.. کان إبليس منهم بالولاء و لم يکن من جنس الملائکة) (بحار الأنوار ج63 ص234 رواية73 باب3-ج63 ص273 رواية160 باب3).

والحاصل أنَّ جميع الملائکة بلا استثناء سجدوا لآدم عليه السلام إلاّ إبليس حيث کان کافراً من قبل إلاّ أنَّه کان يکتُم کفره فأبي واستکبر حينما أُمر بالسجود:

(وعن أبي عبد الله عليه السلام قال فلما أمر الله الملائکة بالسجود لآدم أخرج ما کان في قلب إبليس من الحسد) [4] .

ومن ثمَّ صار الکفر أقدم من الشرک

(ففي الکافي الشريف بإسناده عن مسعدة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام... إلي أن قال وسئل عن الکفر والشرک أيهما أقدم فقال الکفر أقدم و ذلک إنَّ إبليس أوَّل من کفر و کان کفره غير شرک لأنه لم يدع إلي عبادة غير الله و إنما دعا إلي ذلک بعد فأشرک) [5] .

وأوَّل ما عصي به الله من الذنوب هو الکبر

(فقال علي بن الحسين عليه السلام… فأوَّل ما عصي الله به الکبر وهي معصية إبليس حين أبي و استکبر وکان من الکافرين) [6] .


پاورقي

[1] البقرة 34.

[2] طه 116.

[3] الکهف 50.

[4] بحار الأنوار ج 63 ص 234 رواية 73 باب 3.

[5] الکافي ج 2 ص 386 رواية 8، وبحار الأنوار ج 72 ص 96 رواية 11 باب 98.

[6] الکافي ج 2 ص 317 رواية 8، ج 2 ص 130 رواية 11.