بازگشت

البعد التربوي لعلامات الظهور


قام النبي صلي الله عليه وآله والأئمة من بعده بتزويد الاُمة في عصر حضور الإمام المعصوم، أو غيبته بوعي يمکنها من التعامل مع الأحداث المستقبلية، ضمن ما عرف بعلامات الظهور، وقد اتّخذ هذا التراث نسقاً معرفياً متجهاً نحو أشکال مختلفة وهو بطبيعة الحال تراث يتکلم عن أحداث غيبية، فمنها الذي قد تحقق ومنها ما لم يتحقق.

أ - الأخبار التي تنبئ ببقاء الاُمة الإسلامية واستمراريتها وعدم تعرضها للموت والإنهيار أو السقوط، لأن الثقة ببقاء الاُمة يکون دافعاً للتضحية ومواصلة العمل، والتغيير من أجل تحقيق الهدف التاريخي، الذي أقرته الرسالة:

1 - قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:«سيأتي قوم من بعدکم، الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منکم قالوا: يا رسول اللَّه نحن کنا معک ببدر واُحد وحنين ونزل فينا القرآن، فقال: إنّکم لو تُحَمَّلوا ما حُمّلوا لم تصبروا صبرهم» [1] .

2 - قال صلي الله عليه وآله:«إنّه سيکون في آخر هذه الاُمة قوم لهم مثل أجر أولهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنکر ويقاتلون أهل الفتن» [2] .

3 - وقال صلي الله عليه وآله أيضاً:«يا علي! واعلم أن أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً، قوم يکونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبي، وحجتهم الحجة، فآمنوا بسواد علي بياض» [3] .

4 - وعنه صلي الله عليه وآله:«لا تزال طائفة من اُمتي يقاتلون علي الحق ظاهرين الي يوم القيامة، قال فينزل عيسي بن مريم عليه السلام، فيقول أميرهم: تعال صلّ بنا، فيقول لا، إنّ بعضکم علي بعضٍ أمر ليکرم اللَّه هذه الاُمة» [4] .

5 - وعنه صلي الله عليه وآله أيضاً:«لا تبرح عصابة من اُمتي ظاهرين علي الحق لا يبالون من خالفهم، حتي يُخرج المسيح الدجال فيقاتلونه» [5] .

6 -«لا يزال هذا الدين قائماً، تقاتل عليه عصابة من المسلمين حتي تقوم الساعة» [6] .

7 -«إنّ اللَّه تعالي يبعث لهذه الاُمة علي رأس کل مائة سنة من يُجدد لها دينها» [7] .

8 -«يوشک أن تداعي عليکم الاُمم من کل اُفق، کما تداعي الأکَلَةَ علي قصعتها، قال قلنا: يا رسول اللَّه! أمن قلة بنا يومئذٍ؟ قال: أنتم يومئذٍ کثير، ولکن تکونون غُثاء کغثاء السّيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوکم ويجعل في قلوبکم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: حب الحياة وکراهية الموت» [8] .

9 - ويشير الإمام علي بن أبي طالب في إحدي خطبه، الي شدة المحن والبلاء في آخر الزمان الذي يطال المؤمنين إلّا أنه تبقي ثلة صامدة لا يزيدها البلاء إلّا تقوي وتعلقاً في الدين.

قال عليه السلام:«وذلک زمان لا ينجو فيه إلّا کل مؤمن نُومَة، إن شهد لم يُعرف وإن غاب لم يفقد، اُولئک مصابيح الهدي وأعلام السُري.. أيها الناس! إنّ اللَّه قد أعاذکم من أن يجور عليکم أو يُعذبکم من أن يبتليکم؛ وقد قال جلّ من قائل:«إن في ذلک لآيات وإن کنا لمُبتلين [9]  [10] .

ب - الأخبار الصادرة عن النبي صلي الله عليه وآله وأهل بيته المعصومين ذات العلاقة بعلامات الظهور، أو الأخبار التي تتحدث عن المستقبل الإسلامي، لو أراد الباحث تصنيفها مثلاً، أو ملاحظتها من حيث بعدها السنني، أو ملاحظتها من جهة علاقتها وارتباطها بالمخطط الإلهي، الذي ينتهي بظهور القائم عليه السلام، والذي يصف الإمام الصادق عليه السلام نظام أحداثه کنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً. [11] أو تطبيق العدالة الإسلامية المرتقبة علي وجه الأرض، لو أراد الباحث ذلک کلّه لوجد أن العلامات من خلال تلک الرؤية تکشف عن اُمور منها:

أولاً: إن الأخبار الواردة عن بيت العصمة تستهدف تربية الاُمة وترويضها جيلاً بعد جيل من أجل قبول العدالة والتضحية من أجلها.

ثانياً: ومن تلک الأخبار التي تتحدث عن علامات الظهور ما يکشف عن کون العلامة تبدأ صغيرة وتتحدث عن المستقبل القريب، ثم تتسع فتأتي علامات تتحدث عن المستقبل البعيد، حتي تصبح شاملة لکل العالم.

ثالثاً: کثافة المحن وشدتها حين اقتراب الظهور.

ولما کانت العلامات تمتلک قصداً تربوياً، أو تکشف عن مخطط تربوي يستهدف کل العالم، من أجل أن يکون مؤهلاً لقبول الإسلام کمنهج ثم الارتباط بخط العصمة - العدل الثاني للرسالة - کقيادة للعالم لابد من مرورها بمخطط شامل، من هنا نجد العلامات قد شملت کل الصنوف من الابتلاءات.


پاورقي

[1] الغيبة للطوسي: 457، الخرائج والجرائح للراوندي: 1149:3.

[2] معجم أحاديث المهدي عليه السلام: 49:1، عن الدلائل: 513:6، تهذيب تاريخ دمشق: 60:1.

[3] کمال الدين وتمام النعمة للصدوق: 288.

[4] مسند أحمد بن حنبل: 345:3.

[5] مجمع الزوائد للهيثمي: 306:7، المعجم الکبير للطبراني: 386:19.

[6] فتح الباري للعسقلاني: 249:3، مسند أبي داود الطيالسي: 104، مجمع الزوائد: 288:7.

[7] المستدرک علي الصحيحين للحاکم النيسابوري: 522:4، سنن أبي داود: 311:2، درر السمط في خير السبط ابن البار: 121.

[8] مسند أحمد بن حنبل: 278:5، للتفصيل راجع معجم أحاديث المهدي عليه السلام: 78:1.

[9] المؤمنين: 30.

[10] نهج البلاغة، الخطبة 152:103.

[11] غيبة النعماني: 262.