بازگشت

نفي التوقيت


إنّ مسألة تحقق الظهور وقيام الدولة وإن کان أمراً حتمياً، إلّا أنه لم يخرج عن وعي الإنسان وإرادته ودوره في التمهيد، وأنّ من أسرار الغيبة هو إنتظار الظرف الملائم للظهور، والذي يستوجب أن يکون العالم البشري قد نضج وتأهل لقبول الرسالة الإسلامية، ثم القناعة المطلقة بقيادة الإمام المهدي عليه السلام بمحض الإرادة؛ ولذا لم تکن إرشادات المعصوم ووصاياه تعمد الي التصريح بتحديد المدة التي يظهر بها الإمام لئلا تکون مدعاة للاتکال والاسترخاء والعزلة، فالملاحظ للأخبار الصادرة عن النبي صلي الله عليه وآله والأئمةعليهم السلام من بعده بخصوص مسألة الظهور يجدها قد واجهت هذا اللون من التفکير، فقد روي النعماني بسنده عن أبي بصير عن أبي عبداللَّه، قال: قلت له: جعلت فداک متي خروج القائم عليه السلام؟

فقال عليه السلام:«يا أبا محمد، إنّا أهل البيت لا نوقّت، وقد قال محمدصلي الله عليه وآله کذب الوقّاتون» [1] .

وروي بسنده عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام، قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام:«يا محمد، من أخبرک عنا توقيتاً فلا تهب أن تکذبه، فإنّا لا نوقّت لأحد وقتاً» [2] .

وبسنده عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقرعليه السلام: قال: قلت إنّ لهذا الأمر وقتاً؟ فقال عليه السلام:«کذب الوقاتون، کذب الوقاتون» [3] .

وجاء عن الإمام المهدي عليه السلام نفسه عن أبي جعفر محمد بن عثمان العمري النائب الثاني:«وأما ظهور الفرج فإنّه الي اللَّه وکذب الوقاتون» [4] .

وإذا کانت مسألة الظهور تجري وفق أسباب وعلل تتفاعل فيما بينها سلباً وإيجاباً، فمنها ما هو الثابت المرتبط بالإرادة الإلهية، ومنها ماهو واقع وفق قانونه، کما هي السنن المشروطة تحت الخيار الإنساني، کما يکون البعض منها في موقع المقتضي أو الشرط، وأن بعضها قد يکون بمنزلة المانع.

وعليه، فإنّ هذا اللون من العلاقة بين المقتضيات والشروط والموانع الذي يتعلق بالأهداف(علامات الظهور)يدعونا أن نتعامل معها لا بمعزل عن عللها وأسبابها، لذا فقد يتأخر الحدث وقد يتقدم وقد تلغي بعض المقدمات والصور المتوقعة قبله أو معه، وقد تحدث اُخري لم تکن من قبل؛ وهو معني البداء الذي يمنع من الإخبارات القاطعة بالأحداث الواقعة ضمن نطاق القوانين الطبيعية القابلة للتغير» [5] .

وقد ورد عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال:«لولا آية في کتاب اللَّه لأخبرتکم بما کان وما يکون، وبما هو کائن الي يوم القيامة»وهذه الآية هي:«يمحو اللَّه ما يشاءُ ويُثبت وعنده اُم الکتاب [6]  [7] .

وبناءً علي ذلک فإنّ تحديد زمن مجي ء الظرف المقدر لظهور الإمام المنتظرعليه السلام غير وارد، ولهذا رفض الأئمة من أهل البيت عليهم السلام التوقيت وکذّبوا من نقله عنهم.


پاورقي

[1] الغيبة، النعماني: 156.

[2] الغيبة، النعماني: 155.

[3] الغيبة، النعماني: 158.

[4] کمال الدين وتمام النعمة للصدوق: 452 - 451.

[5] الإمام المهدي، عدنان البکاء: 232.

[6] الرعد: 39.

[7] بحار الأنوار: 97:4.