واقعية علامات الظهور
إن کل عملية تغيير اجتماعي يرتبط نجاحها بشروط وظروف موضوعية لا يتأتي لها أن تحقق هدفها إلّا عندما تتوفر تلک الشروط والظروف.
وتتميز عمليات التغيير الاجتماعي التي تتم عن طريق الأنبياء بأنها لا ترتبط في جانبها الرسالي بالظروف الموضوعية، لأن الرسالة التي تعتمدها عملية التغيير هنا ربانية وليست من صنع الظروف؛ نعم لکنها من جهة التنفيذ تعتمد الظروف الموضوعية ويرتبط نجاحها وتوقيتها بتلک الظروف.
من هنا فإن علامات الظهور التي تحدثت عن بروز ظواهر اجتماعية، ثم إشارتها الي وقوع بعض الأحداث کالحروب وغيرها ماهي إلّا تعبير عن ظواهر قد أنتجتها ظروف موضوعية، ولهذا فهي نبوءات صادرة عن الغيب تکشف عن تحولات في حياة الاُمة، والغرض منها توعية الاُمة بمستقبلها واستفادة ذلک لغرض الهداية وتفادي الظواهر السيئة منها وعدم الوقوع فيها، ثم التفاعل مع الظواهر الصحيحة والإرتباط معها.
إذاً فعلامات الظهور تکشف لنا عن ثلاث حقائق:
الاُولي: إن عملية التغيير لا ترتبط بالظروف والمعادلات الآنية، بقدر ما تشکّل الظروف مناخاً ملائماً لعملية التغيير والاصلاح.
الثانية: إن التخطيط لليوم الموعود خاضع لإرادة ربّانية والکلام في علامات الظهور کلام عن إرادة غيبية.
الثالثة: لما کانت عملية التغيير التي يتولّاها الإمام المهدي عليه السلام ترتبط من الناحية التنفيذية بظروف موضوعية کأي عملية تغيير اُخري تساهم في توفير المناخ الملائم لها، وأنها لا تقتصر علي مساحة معينة من العالم، بل تشمل عملية التغيير کل العالم إنطلاقاً من شمولية الرسالة؛ من هنا جاءت علامات الظهور کتعبير عن تلک التحولات الاجتماعية الشاملة لکل العالم.