بازگشت

معرکة قرقيسيا و السفياني


بالوقت الذي تکون الحرب في قرقيسيا مستعرة يتولي السفياني زمام الاُمور في بلاد الشام ويخضعها تحت سلطانه، فعن علي عليه السلام:«... إذا ملک کور الشام الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين والأردن، وقنسرين، فتوقعوا عند ذلک الفرج...». [1] ويظهر من بعض الأخبار، أنه يبادر فور سيطرته علي أرض الشام بتتبع الحرکات والأحزاب الثورية التي تترکز خصوصاً في فلسطين أو بالقرب من حدودها. وقد اُشير الي تلک الحرکات بعبارة(أهل المشرق)کما في هذا الخبر:«يبايع السفياني أهل الشام، فيقاتل أهل المشرق فيهزمهم من فلسطين حتي ينزلوا مرج الصّفر [2] ، ثم يلتقون فتکون الدائرة علي أهل المشرق حتي ينزلوا الثنيّة [3] ثم يقتتلون فتکون الدائرة علي أهل المشرق حتي يأتوا الحُص [4] ، ثم يقتتلوا فتکون الدائرة علي أهل المشرق حتي يبلغوا المدينة الخربة يعني قرقيسيا، ثم يقتتلون فتکون الدائرة علي أهل المشرق حتي ينتهوا الي عاقرقوفا [5] ، ثم يقتتلون فتکون الدائرة علي أهل المشرق. فيحوز السفياني الأموال» [6] .

ويظهر أنّ السفياني يدخل في معرکة قرقيسيا الي جانب الروم وهم أسياده الذين مهّدوا له السيطرة علي دول المنطقة، أو يکون هو واجهة الروم في تلک المعرکة، من دون أن يشترک الروم فيها مباشرة. ويظهر من بعض الأخبار أنّ الحلف الذي يبرمه مع الترک ضد المسلمين في هذه الوقعة، سوف ينحل بعد أو أثناء معرکة قرقيسيا، فقد روي عن الحکم بن نافع:«يقاتل السفياني الترک، ثم يکون استئصالهم علي يد المهدي...» [7] ولابد لنا أن نفترض أنّ مقاتلة السفياني للترک إما أن تکون إبان المعرکة أو في نهايتها أو علي إثرها مباشرةً، لأن فترة حکم السفياني کما صرحت بها الأخبار قصيرة لا تتجاوز التسعة أشهر، فحرکته کلها اعتباراً من أوّل ظهوره ومطالبته بالسلطة وحتي آخر عهده لا تزيد علي خمسة عشر شهراً، ومن غير المحتمل أن تکون مقاتلته للترک خلال الستة أشهر الاُولي قبيل توليه للسلطة في الشام، لأنه في تلک الفترة يکون منشغلاً بتدبير المؤامرات وإثارة الفتن، فمتي يتسني له فرصة مقاتلتهم؟

فعن أبي جعفر عليه السلام يسأل بعض أصحابه:«کم تعدون بقاء السفياني فيکم؟ قال: قلت: حمل امرأة: تسعة أشهر.قال: ما أعلمکم يا أهل الکوفة» [8] وعن الصادق عليه السلام:«أنّ السفياني يملک بعد ظهوره علي الکور الخمس حمل امرأة، ثم قال: استغفر اللَّه حمل جمل، وهو من الأمر المحتوم الذي لابد منه» [9] .

وعنه عليه السلام:«السفياني من المحتوم، وخروجه من أوّل خروجه الي آخره خمسة عشر شهراً ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملک الکور الخمس، ملک تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً» [10] .

إنّ أکبر الخسائر في هذه المعرکة سوف تکون من نصيب الترک، فقد روي في بعض الأخبار:«ترد الترک الجزيرة حتي يسقوا خيلهم من الفرات، فيبعث اللَّه عليهم الطاعون فيقتلهم فلا يفلت منهم إلّا رجل واحد». [11] والمراد من الطاعون ليس بالضرورة المرض المعروف، بل ربما کان کناية عن الموت السريع الذي يحصل باستعمال بعض الأسلحة ذات الدمار الشامل کالسلاح الکيمياوي والذري. فقد روي عن الصادق عليه السلام في حديث مهزم الأسدي، أنه قال:«... يا أبا محمد، أنه لابد أن يکون قدام ذلک طاعونان: الطاعون الأبيض والطاعون الأحمر؟ قلت: جعلت فداک، أي شي ء الطاعون الأبيض، وأي شي ء الطاعون الأحمر؟ قال عليه السلام: الطاعون الأبيض: الموت الجارف، والطاعون الأحمر: السيف» [12] .

وروي عن النبي صلي الله عليه وآله:«للترک خرجتان خرجة منها خراب اذربايجان، وخرجة يخرجون في الجزيرة.. فيهم ذبح اللَّه الأعظم لا ترک بعدها». [13] وهذه الخسائر التي سوف يمني بها الترک في هذه المعرکة تضاف الي ما تتکبده قوات ولد العباس والمراوني، کما أسلفنا. والحصيلة النهائية لتلک الخسائر يصعب تصورها. فعن علي عليه السلام:«لا يخرج المهدي حتي يقتل ثلاث ويموت ثلاث ويبقي ثلاث». [14] وفي رواية اُخري:«لا يخرج المهدي حتي يقتل من کل تسعة سبعة، ومنها قتل النفس الزکية» [15] .

يتلقي السفياني علاوة علي الدعم الغربي دعماً من بعض نصاري العرب القاطنين في بلاد الشام. روي عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال:«يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من کلب. فيقتل حتي تبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فيجتمع له قيس فيقتلها حتي لا يمنع ذنب تلعة...» [16] .


پاورقي

[1] اکمال الدين، الصدوق: 651:2.

[2] مُرج الصُفر: موضع بدمشق(مراصد الاطلاع): 1254:3.

[3] الثنية:(وهي ثنية العُقاب): هي ثنية مشرفة علي غوطة دمشق يطؤها القاصد الي دمشق من حمص: 301:1، تاريخ دمشق: 81:26 الهامش - نقلاً عن معجم البلدان للحموي.

[4] الحص: موضع بنواحي حمص المصدر: 406:1.

[5] وهي عقرقوف بالقرب من بغداد.

[6] الفتن، ابن حماد: 79 مخطوط.

[7] الملاحم والفتن، ابن طاووس: 41، البرهان، المتقي الهندي: 694 ح153.

[8] الغيبة، الطوسي: 278.

[9] الغيبة، الطوسي: 273.

[10] بحار الأنوار، المجلسي: 248:52.

[11] الملاحم والفتن، ابن طاووس: 40.

[12] الغيبة، النعماني: 290.

[13] نوائب الدهور في علائم الظهور، محمد حسن ميرجهاني: 122.

[14] البرهان، المتقي الهندي: 644 ح119.

[15] البرهان: 645 ح 120.

[16] المصدر السابق: 148، ح 123.