بازگشت

المقدمة


المعرکة بين الحقّ والباطل بدأت منذ أن وجد الإنسان علي وجه الأرض، ومنذ تلقّي آدم أوّل نبي مقاليد الخلافة الربّانية حتي هذا اليوم، وستستمر حتي ظهور المهدي وقيام دولة الحق علي يديه وتحقيق ما جاءت به الرسالات السماوية.

وقد تعددت أساليب الصراع بين الحق والباطل واتخذت أشکالاً مختلفة، إلّا أنه يبقي المحور الأساس في ذلک الصراع هو الخلافة، ولما استدعت المعرکة أن يجنّد لها کل القوي بين الطرفين لأجل إحراز هزيمة الطرف الآخر کانت الدولة کهدف يسعي إليها الطرفان ليتم بواسطتها تطبيق اُطروحته واستخدامها کقوة لإذلال الآخر، قال الإمام الصادق عليه السلام:«للحق دولة وللباطل دولة وکلاهما ذليل في دولة صاحبه» [1] .

ولکن ثمة سؤال: من هو الذي يکتب له البقاء والي صالح مَن ستحسم المعرکة؟ إن علم اللَّه بالماضي والحاضر والمستقبل هو الذي يقرر المسألة، فقد وردت أخبار عن الأنبياء قبل الإسلام وعزّزها النبي الخاتم ومن بعده الأوصياءعليهم السلام علي أن الأرض ستورث من قبل الصالحين من عباده.

وإنطلاقاً من ذلک فقد هيأ النبي والأئمةعليهم السلام ذهنية الاُمة لأجل قبول ذلک المخطط الإلهي الذي سينتهي بدولة الحقّ المرتقبة، وربط حاضر الاُمة بذلک المخطط المستقبلي ضمن آلية تتکفل برقيها من حالة الي اُخري في ضوء السنن الإلهية، ولذا لم يکن الواقع المستقبلي في مفهومه عند مدرسة أهل البيت وحتمية انتصار خط العصمة قائماً علي أساس فکرة نبوأتية أو هاجس حالم، وإنما هي واقع حتمي التحقق عبر تمکين المؤمنين من طغاة الأرض.

وعلي هذا التأسيس نجد اليوم الموعود والتخطيط له من جملة ما يهدف إليه النبي صلي الله عليه وآله والأئمة من بعده، وترسيخ الاعتقاد به واستخدامه کعنصر تربوي يساهم في رفع وعي الاُمة باستمرار حتي يوم الظهور.

علامات الظهور المذکورة في کتبنا تشکل مفردة من ذلک التخطيط وقد ساهمت وستساهم في تأهيل الاُمة من أجل قبولها لمنطق العدالة والعمل من أجل تحقيق ذلک اليوم الذي تقام فيه، فهي إذاً جزء منه ومندکّة فيه، ولا يمکن تناولها بمعزل عنه، وقد اُريد لها أن تکون مرجعاً لوعي الاُمة والارتقاء بها الي أسلم المواقف وأرفعها وذات التأثير في مستقبلها الموعود.

والدراسة التي بين أيدينا عن علامات الظهور واحدة من تلک الجهود التي نأمل منها أن تساهم في رفد حرکة الاُمة وهي تسعي من أجل رضي اللَّه سبحانه عن طريق الإرتباط بخط العصمة المتمثل في المهدي.

وقد رکّز الحديث فيها ضمن عدد من الفصول علي أمل أن تکون بمثابة عرض لمسألة علامات الظهور ومدي الفائدة والهدف الذي تمنحه للقارئ حين الاطلاع عليها.


پاورقي

[1] بحار الأنوار: 365:52، عن الغيبة للنعماني.