ظاهرة الحروب
مرّ بنا حديث ضعف المسلمين وتداعي الاُمم عليهم لضعفهم وخوفهم من الموت وتعلّقهم بالدنيا، أما الاُمم والشعوب التي يکون المسلمون علي تماس معها عند ظهور الإمام المنتظر فمنهم الروم والترک واليهود، وهم الشعوب التي جرت الحروب بينها وبين المسلمين في عصور التاريخ المختلفة، فکيف ستکون العلاقات مع هذه الجهات قبل ظهور الإمام؟
الصراع مع الغرب:
الشعوب الاُوربية التي غزت شاطئ بلاد الشام فيما سمي بالحروب الصليبية، والتي کانت علي علاقة متوتّرة مع الدول الإسلامية منذ بداياتها، وهم الذين مارسوا الاستعمار في العصر الحديث ونال البلدان الإسلامية منه القسط الأوفر - وقد مرّ عليک البرنامج الغربي الذي تنفذه إسرائيل في قلب العالم الإسلامي - وقد أکدت المصادر قوة الروم، حيث ورد عن لسان الرسول صلي الله عليه وآله:«تقوم الساعة والروم أکثر الناس» [1] ، وتثور الحروب بين الروم وبين المسلمين وتقع بينهم هدنة، وتحصل فتنة تدخل کل بيت، وربما تفسير الروم بالحضارة الغربية، يقول الرسول صلي الله عليه وآله:«إن بين يدي الساعة.. فتنة تکون في اُمتي»، قال: وعظّمها(وقيل: فتنة تقع فيکم لا يبقي بيت عربي إلّا دخلته..)والخامسة:«يفيض المال فيکم حتي يعطي الرجل المائة دينار فيتسخطها.. والسادسة: هدنة تکون بينکم وبين بني الأصفر(الروم)» [2] ، وقال:«سيکون بينکم وبين الروم أربع هدن» [3] .
ولعلّ موضوع المال هو ما نعرفه بعد اکتشاف البترول وشمول خيراته بعض الدول والقبائل. أما الحروب والهدن بين المسلمين وبين الروم فهي أيضاً ما نعرفه منذ بداية التاريخ الإسلامي.
الصراع مع إسرائيل:
ما جري بين المسلمين واليهود أمر معروف في المرحلة النبوية، ثم في هذا القرن، ولقد أشارت المصادر الي قتال بين المسلمين واليهود قبل ظهور الإمام، علي أن تحسم المعارک بعد ظهوره. فقد ورد عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:«يقاتلکم اليهود، فتسلطون عليهم حتي يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله». [4] ولقد بدأ قتال اليهود للمسلمين ولما ينته بعد.
معرکة قرقيسيا
روي عن أبي جعفرعليه السلام في حديثه مع مُيسّر:«يا ميسر، کم بينکم وبين قرقيسيا؟ قلت: هي قريب علي شاطئ الفرات، فقال: أما أنه سيکون بها وقعة لم يکن منذ خلق اللَّه تبارک وتعالي السموات والأرض، ولا يکون مثلها مادامت السموات والأرض، مأدبة للطير تشبع منها سباع الأرض وطيور السماء. يهلک فيها قيس ولا يدعي لها داعية. وينادي منادٍ هلمّوا الي لحوم الجبارين» [5] .
إن أکبر رقم تم رصده للقتلي في الحروب هو أربعون مليون إنساناً وذلک بحسب آخر الاحصائيات، وکان ذلک في الحرب العالمية الثانية. وبحسب ما جاء في هذا الحديث فإن عدد الخسائر في الأرواح سوف يتجاوز هذا الرقم بکثير. ولا يمکن بطبيعة الحال أن نتصور حدوث هذا الحجم الرهيب من القتلي في حرب تقليدية تستخدم فيها الأسلحة الاعتيادية، لا سيما إذا إنضاف الي ذلک أنّ تلک الحرب لا تتجاوز تسعة أشهر کما جاء في الکثير من الروايات، وهي الفترة التي يعتلي فيها السفياني سدة الحکم في بلاد الشام.
پاورقي
[1] مسند أحمد: 230:4، وتاريخ البخاري: 16:8، صحيح مسلم: فتن 36 ،35.
[2] مسند أحمد: 174:2 و228:5 و25:6، وصحيح مسلم، جزية 15.
[3] المعجم الکبير، الطبراني: 120:8، بيان الشافعي: 514، عقد الدرر: 36.
[4] صحيح البخاري: 175:4، مسند أحمد: 149 - 135 :2، صحيح مسلم: 188:8، سنن ابن ماجة: 345:3.
[5] روضة الکافي، الکليني: 451 ،295 :8.