بازگشت

شبهة


وهنا أود أن أقف قليلاً عند شبهة، کثيراً ما تثار حول العمل عن طريق التکتل السياسي، محاولاً کشف المفارقة فيها، بغية إزالتها.

والشبهة تتلخص في أن الإسلام لا يقر العمل الحزبي،.. والتکتل السياسي - بطبيعته - لا يخرج عن کونه عملاً حزبياً، سواء کان علنياً أو سرياً.

ومنشأ هذه الشبهة - فيما اعتقد - هو التخدير الاستعماري الذي لعب دوره الفعال في تعميق فکرة فصل الدين عن السياسة بأذهان أبناء أمتنا الإسلامية، حتي عاد کل ما يتصل بالسياسة ليس من الإسلام [1] .

إلا أننا متي حاولنا فهم معني الحزب، وما تعنيه الکلمة في لغة القانون والسياسة تتبين المفارقة فتزول الشبهة.

إن مفهوم حزب يعني: المنظمة السياسية التي تعمل وفق أيديولوجية معينة، هادفة إلي تسلم السلطة، فتحقيق غاياتها المتوخاة عن وسيلتها.

وهذا المفهوم للحزب - بطبيعته - يعني أن الحزب ما هو إلا وسيلة أو أسلوب.

ومرّ أن أوضحت قبل هذا - أن الوسائل والأساليب موضوعات وليست بأحکام.

والموضوعات - وهو أمر بديهي - تختلف أحکامها باختلاف ظروفها وأحوالها، وتتبدل بتغيرها..

فقد يکون الحزب في ظرف معين أو حال معين محکوماً بالحرمة، کما لو کان الحکم الإسلامي قائماً وعادلاً، کما في عهد النبي (صلي الله عليه وآله).

وقد يکون الحزب في ظرف معين وحال معين کذلک محکوماً بالوجوب، کما لو کان مقدمة لواجب، أمثال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر، وإرشاد الجاهل، وإقامة الحکم الإسلامي.

وربما کانت الآية الکريمة (فإنّ حزب الله هم الغالبون) [2] ترشد إلي ذلک، حيث تعطي أن حزب الله تعالي وهم الجماعة المناصرة لله هي الغالبة..

والغلبة - طبيعياً - لا تتأتي إلا نتيجة صراع، والصراع کما يکون حول قضايا نظرية، وأخري عملية، من نوع غير سياسي، يکون حول أمثالها من نوع سياسي، ومنها قضية الحکم.

وليس الحزب - في واقعه - متي قام علي أساس من أيديولوجية إسلامية إلا تلک الجماعة التي تشير إليها الآية الکريمة.


پاورقي

[1] يقرأ: المؤلف، حضارتنا في ميدان الصراع.

[2] الآية 56 من سورة المائدة.