بازگشت

مبدا الحق الالهي


وهنا.. أود أن أشير إلي مفارقة وقع فيها بعض الکتاب حول الموضوع، وهي اعتبارهم أمثال هذا الحکم من نوع (الحق الإلهي)..

وفي عقيدتي: أن منشأ المفارقة هو عدم التفرقة بين الحق الإلهي، الفکرة المعروفة في التاريخ، والتي تمثلت في حکم الفراعنة بمصر القديمة، وفي حکم الملوک في القرنين السابع عشر والثامن عشر في أوربا، وخاصة في فرنسا [1] .. وبين الحق الإلهي الذي يتبناه التشريع الإسلامي.

ذلک أن الأولي تؤمن بالحق الإلهي تکويناً..

ومعناه: أن الحاکم إن لم يکن إلهاً کالفراعنة يتصرف بمربوبيه کيف يشاء.. فالله تعالي سلطه علي الناس بالشکل الذي لا يسوغ لهم بحال من الأحوال محاسبته أو معارضته، لأن تسلطه شيء لابد وأن يقع،..

ولعلنا ندرک ذلک أيضاً من تسميته بـ(التفويض الإلهي) أيضاً.

وإن الإسلام يؤمن بالحق الإلهي تشريعاً..

ومعناه: أن الله تعالي - بصفته مشرعاً للدستور - منح الحاکم نبياً أو إماماً أو غيرهما ممن تتوفر فيه شروط الحاکم المسلم حق الحکم بين الناس قانونياً (لتحکم بين الناس بما أراک الله) [2] .

ومن فرض التشريع الإسلامي علي الأمة مراقبة الحاکم المراقبة التامة، ومحاسبته المحاسبة الشديدة، وعزله حين المخالفة والإصرار عليها، يفهم بذلک بوضوح. والتاريخ الإسلامي مملوء بوفرة من شواهد محاسبة الأمة للحکام المسلمين [3] .


پاورقي

[1] يقرأ: دکتور محمد طه بدوي ودکتور محمد طلعت الغنيمي، النظم السياسية والاجتماعية، ص 259.

[2] الاية 105 من سورة النساء.

[3] يقرأ للاطلاع علي بعض الشواهد: الميرزا النائيني، تنبيه الأمة وتنزيه الملة.