بازگشت

الدليل العقلي


وموجزه:

إن العقل الحاکم بلزوم نصب الإمام حاکماً للدولة الإسلامية والرئاسة العامة بعد النبي (صلي الله عليه وآله) لأجل حفظ الإسلام بصفته مبدأ، ورعاية شؤون المسلمين بصفتهم أمة..

إنه نفسه يحکم بلزوم نصب من يقوم مقامه حال غيبة للغاية نفسها.. وليس هو إلا الفقيه العادل لثبوت نيابته عن الإمام - کما سيأتي -.

يقول صاحب الجواهر في الاستدلال علي وجوب إقامة الحدود من قبل الفقهاء: (إن المقتضي لإقامة الحد قائم في صورتي حضور الإمام وغيبته، وليست الحکمة عائدة إلي مقيمه (يعني به الإمام - عليه السلام -) قطعاً، فتکون عائدة إلي مستحقه، والي نوع المکلفين (يعني الأمة)..

وعلي التقديرين لابد من إقامته مطلقاً..

وثبوت النيابة لهم (يعني الفقهاء) في کثير من المواضع علي وجه يظهر منه عدم الفرق بين مناصب الإمام أجمع..

بل يمکن دعوي المفروغية منه بين الأصحاب؛ فان کتبهم مملوءة بالرجوع إلي الحاکم، المراد به نائب الغيبة في سائر المواضع..

قال الکرکي - في المحکي من رسالته التي ألفها في صلاة الجمعة -:

اتفق أصحابنا علي أن الفقيه العادل الأمين الجامع لشرائط الفتوي - المعبّر عنه بالمجتهد في الأحکام الشرعية - نائب من قبل أئمة الهدي في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل) [1] .

علي أننا - فيما يبدو لي - إذا لم نلتزم بثبوت حکم العقل بلزوم نصب حاکم عام للدولة الإسلامية زمن الغيبة، يکون الدليل المشار إليه قاصراً عن إثبات الإمامة..

ويترتب عليه ما يلي:

1- انحصار دليل الإمامة بالنص بالدليل النقلي..

2- صحة الرأي الأول - علي تقدير تمامية دليله - القائل برجوع أمر الحکومة في غير موارد النص - کما في زمن الغيبة - إلي المسلمين.

3- أو نقول: إن الغاية من نصب الإمام بعد النبي (صلي الله عليه وآله) عقلاً، هي: قيام الإمام بمهمة إتمام عملية التغيير الاجتماعي الشامل الذي استهدفه الإسلام بصفته حرکة اجتماعية ثورية؛ وذلک لإنهاء فترة الانتقال حيث تتم فيها عملية التغيير الاجتماعي الشامل - إن تم دليل هذا الرأي-.

وفي ضوئه:

يعود أمر تشريع قضية الحکومة إلي الإمام الذي ستنتهي علي يديه فترة الانتقال بإنهاء عملية التغيير الاجتماعي الشامل.

إلا أنه حيث لم توات الظروف التاريخية الأئمة (عليهم السلام) للقيام بمهمة إنهاء فترة الانتقال يعود الأمر إلي التماس الحکم من النصوص إن کانت،.. وإلا فمن العقل [2] .

ولما کان الدليل العقلي المشار إليه ثابتاً - کما هو مبرهن عليه في محله - فلابد من الأخذ بما ينهي إليه، وهو: حکم العقل بلزوم نصب حاکم عام للمسلمين زمن الغيبة؛ وليس هو إلا الفقيه العادل.

وذلک لدوران الأمر بين عدم النصب أو نصب الفقيه العادل.

حيث ثبت بطلان الأول (وهو عدم النصب) بالدليل العقلي المشار إليه، يتعين الثاني (وهو نصب الفقيه العادل).


پاورقي

[1] ص 618.

[2] الرأي المشار إليه لأستاذي الجليل العلامة المحقق السيد محمد تقي الحکيم.

تراجع: محاضراته في التاريخ الإسلامي علي طلبة کلية الفقه.