الدليل العلمي
وموجزه: إن جماعة من العلماء المحدثين أمثال: الدکتور الکسيس کارل، والدکتور جاک لوب، والدکتور ورن لويسي وزوجته، وغيرهم، قاموا بإجراء عدة تجارب في معهد (روکفلر) بنيويورک علي أجزاء لأنواع مختلفة من النبات والحيوان والإنسان.
وکان من بين تلکم التجارب ما أجري علي قطع من أعصاب الإنسان وعضلاته وقلبه وجلده وکليتيه.. فرؤي أن هذه الأجزاء (تبقي حية نامية مادام الغذاء اللازم موفوراً لها) وما دامت لم يعرض لها عارض خارجي، وإن خلاياها تنمو وتتکاثر وفق ما يقدم لها من غذاء.
واليک نتائج تجارب الدکتور کارل التي شرع فيها بکانون الثاني سنة 1912 م:
1- (إن هذه الأجزاء الخلوية تبقي حية ما لم يعرض لها عارض يميتها إما من قلة الغذاء، أو من دخول بعض المکروبات.
2- إنها لا تکتفي بالبقاء حية بل تنمو خلاياها، وتتکاثر، کما لو کانت باقية في جسم الحيوان.
3- إنه يمکن قياس نموها وتکاثرها، ومعرفة ارتباطهما بالغذاء الذي يقدم لها.
4- انه لا تأثير للزمن.. أي أنها لا تشيخ ولا تضعف بمرور الزمن، بل لا يبدو عليها أقل أثر للشيخوخة، بل تنمو وتتکاثر هذه السنة، کما لو کانت تنمو وتتکاثر في السنة الماضية وما قبلها من السنين.
وتدل الظواهر کلها علي أنها ستبقي حية نامية، مادام الباحثون صابرين علي مراقبتها وتقديم الغذاء الکافي لها) [1] .
ويقول الأستاذ ديمند وبرل من أساتذة جامعة جونس هبکنس، تعليقاً علي نتائج الدکتور کارل: (إن کل الأجزاء الخلوية الرئيسية من جسم الإنسان، قد ثبت إما أن خلودها بالقوة صار أمراً مثبتاً بالامتحان، أو مرجحاً ترجيحاً تاماً لطول ما عاشته حتي الآن) [2] .
و(أکد تقرير نشرته الشرکة الوطنية الجيوغرافية: أن الإنسان يستطيع أن يعيش (1400) سنة، إذا ما خدر مثل بعض الحيوانات لينام طيلة فصل الشتاء.
ويقول التقرير الآنف الذکر: (إن التخدير أثناء فصل الشتاء يطيل حياة الحيوان الذي يتعرض للتخدير عشرين ضعفاً بالنسبة لحياة الحيوانات المماثلة التي تبقي ناشطة طيلة فصول السنة) [3] .
ولعل من الواضح: أن أمثال هذه التجارب العلمية، التي يحاول العلماء عن طريقها معرفة ما يمد في عمر الإنسان إلي أکثر من العمر الاعتيادي، تنهينا إلي النتيجة التالية.
وهي: ليس هناک تحديد يقرر - في نظر العلم - حداً طبيعياً لعمر الإنسان.. وما التحديدات التقريبية التي يفيدها الإنسان من مشاهداته وملاحظاته إلا تحديدات للعمر الاعتيادي.
ولعل امتداد عمر الإنسان إلي ما فوق سني الأعمار الاعتيادية له - کالذي مررنا به في الدليل التاريخي من أمثال عمر النبي نوح (عليه السلام) - يدعم ما انتهي إليه من عدم وجود حد طبيعي لعمر الإنسان.
وبخاصة وأن العلم - اليوم - قطع مراحل هامة في إعطائه نتائج کبري حول المسألة.. من أهمها: أن الأخذ بالتعاليم الصحية والالتزام بها يوفر للإنسان جواً ملائماً للمحافظة علي حياته ولاستمرار عوامل بقائها.
وما قلة انتشار الأمراض السارية - الآن - وانخفاض نسبة الوفيات، في کثير من المجتمعات المتمدنة، والآخذة في طريقها إلي التحضر، إلا أوضح شاهد علي ذلک.
ومتي أضفنا إلي هذه النتيجة، نتيجة أخري هي: أن عامل الموت هو (الأجل)، وليس الأمراض أو الطوارئ الأخري - کما هو رأي بعض علماء الشريعة - ترتبط مسألة امتداد العمر ارتباطاً وثيقاً، بتوفر الجو الصحي الملائم، وبتأخر الأجل.
وتوفر الجو الصحي الملائم يعود إلي الإنسان نفسه،.. ومن أرعي من الإمام (عليه السلام) لذلک، وهو يعلم أنه معد لمهمته الإلهية الکبري..
وتأخر الأجل يعود إلي الله تعالي، ومتي اقتضت إرادته ذلک - کما تقدم في الدليل العقائدي - توفرت شرائط البقاء والعمر الطويل.
پاورقي
[1] تقرأ: مجلة المقتطف (هل يخلد الإنسان في الدنيا) مج 59 ج3 ص 238 - 240. والسيد صدر الدين الصدر، ص134.
[2] تقرأ: مجلة المقتطف (هل يخلد الإنسان في الدنيا) مج 59 ج3 ص 238 - 240. والسيد صدر الدين الصدر، ص 134.
[3] جريدة الثورة البغدادية، العدد 785.