العلاقات الايمانية في دولة الامام
ويمکن معرفة مستوي وعمق العلاقات الاجتماعية القائمة علي الإيمان من خلال الروايات التالية:
عن نعيم بن حماد وأبونعيم من طريق مکحول عن عليّ قال: قلت:«يا رسول اللَّه. أمِنّا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال: لا، بل منّا، يختم اللَّه به الدين کما فتح بنا. وبنا يؤلف اللَّه قلوبهم بعد عداوة الفتنة کما ألّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرک وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنه اخواناً في دينهم» [1] .
وأخرج مسلم [2] عن أبي هريرة في حديث عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال:«لتذهبنّ الشحناء والتباغض».
وأخرج النعماني [3] بسنده عن عمية بنت نفيل، قالت:
سمعت الحسن(الحسين)بن عليّ عليه السلام، يقول:«لا يکون الأمر الذي تنظرون، حتّي يبرأ بعضکم من بعض، ويتفل بعضکم في وجوه بعض فيشهد بعضکم علي بعض بالکفر ويلعن بعضکم بعضاً. فقلت له: ما في ذلک الزمان من خير! فقال الحسين عليه السلام:«الخير کلّه في ذلک الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلک کلّه».
وأخرج المجلسي في البحار بإسناده عن بريد العجلي، قال: قيل لأبي جعفرعليه السلام: إنّ أصحابنا بالکوفة جماعة کثيرة، فلو أمرتهم لأطاعوک واتبعوک فقال:«يجي ء أحدهم إلي کيس أخيه فيأخذ منه حاجته؟ فقال: لا، فقال: فهم بدمائهم أبخل!... ثم قال: إنّ الناس في هدنة، نناکحهم ونوارثهم ونقيم عليهم الحدود ونؤدي أماناتهم. حتّي إذا قام القائم جاءت المزايلة. [4] ويأتي الرجل إلي کيس أخيه فيأخذ حاجته لا يمنعه» [5] .
وهذه الصورة کافية لأن نستشف من خلالها حياة الاُخوّة، التي يبذرها الإمام القائد في مجتمعه العادل، لو أخذنا بنظر الاعتبار أنها أخبار قيلت طبقاً لفهم المجتمع الذي صدرت فيه.
فحسبنا أن نتصور الاُخوّة التي استطاع رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أن يبذرها في صحابته؛ تلک الاُخوّة الخالصة المبنية علي العقيدة والهدف المشترک، لکي نتصور أنّ الإمام المهدي عليه السلام يقيم مجتمعه علي نفس المستوي الذي أقام النبي صلي الله عليه وآله مجتمعه عليه. طبقاً لما سمعناه عن رسول اللَّه صلي الله عليه وآله - في الخبر -:«...وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة اخواناً کما أصبحوا بعد عداوة الشرک إخواناً في دينهم» [6] .
وأما من ناحية المستوي الثقافي للاُمة، فتعطينا الأخبار الصورة التالية:
أخرج الصدوق في إکمال الدين [7] بسنده عن أبي جعفرعليه السلام قال:
«إذا قام قائمناعليه السلام وضع يده علي رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وکملت بها أحلامهم. وفي رواية الکافي [8] : وضع اللَّه يده...» [9] الخ.
وأخرج النعماني [10] بسنده عن حبّة العرني: قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
«کأني أنظر إلي شيعتنا بمسجد الکوفة قد ضربوا الفساطيط يعلّمون الناس القرآن، کما اُنزل».
وفي خبر آخر عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال:
«کأني بشيعة عليّ في أيديهم المثاني، يعلّمون الناس المثال [المستأنف]» [11] .
وفي حديث آخر [12] عن حمران بن أعين عن أبي جعفرعليه السلام:
إنّه تحدث عن المهدي عليه السلام فقال فيما قال:«وتؤتون الحکمة في زمانه، حتّي أن المرأة لتقضي في بيتها بکتاب اللَّه وسنّة رسول اللَّه صلي الله عليه وآله».
وتربية الإمام لمجتمعه الصالح الذي تجتمع فيه العقول وتتکامل فيه الأحلام، والمراد باجتماع العقول الجانب العلمي أو الثقافي، أي تسالم الاُمة علي عقيدة واحدة ودين واحد.
أما المراد بتکامل الإسلام فهو الارتفاع إلي مستوي التعقل والرشد العاطفي والنفسي الذي ينتج العدالة بمستوياتها العالية.
وحين يشکل الوعي العقائدي والنفسي ظاهرة مألوفة في مجتمع الإمام المهدي، سينتج عنه مستويات اُخري في باقي الحقول والمجالات کالمجال الاقتصادي والاجتماعي والإداري وغيرها.
عن أبي موسي عن النبي صلي الله عليه وآله:
«ليأتين علي الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحداً يأخذها...» [13] .
2 - عن أبي هريرة: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال:
«لا تقوم الساعة - وعد علامات کثيرة حتّي قال: - وحتّي يکثر فيکم المال فيفيض، حتّي يهم رب المال من يقبل صدقته. وحتّي يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا إرَبَ لي به» [14] .
عن أبي هريرة، قال:
قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:«واللَّه، لينزلن ابن مريم، إلي أن قال: ليدعون إلي المال، فلا يقبله أحد» [15] .
عن أبي سعيد، قال:
قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:«من خلفائکم خليفة يحثو المال حثياً، لا يعده عداً، وفي خبر آخر عن أبي سعيد وجابر بن عبداللَّه، قالا: قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله: يکون في آخر الزمان خليفة، يقسم المال ولا يعده».
وذکر له مسلم سندين. وأخرج الحاکم في مستدرکه بهذا المضمون أکثر من حديث واحد [16] .
عن أبي سعيد في حديث عن النبي صلي الله عليه وآله يقول فيه:
«فيبعث اللَّه عز وجل رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً؛ يرضي ساکن السماء وسکان الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئاً إلّا صبته عليهم مدراراً... تتمني الأحياء الأموات مما صنع اللَّه عزّ وجل بأهل الأرض من خيره». وقال الحاکم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه [17] .
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وآله، قال:
«يکون في اُمتي المهدي، إن قصر فسبع وإلا فتسع، تتنعم اُمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط. تؤتي الأرض اُکلها لا تدخر عنهم شيئاً. والمال يومئذٍ کدوس. يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني! فيقول: خذ» [18] .
عن ابن عباس؛ في حديث، قال:
«وأما المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً کما ملئت جوراً، تأمن البهائم والسباع وتلقي الأرض أفلاذ کبدها.قال: قلت: وما أفلاذ کبدها؟ قال: أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة»، وقال الحاکم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه [19] .
عن أبي سعيد: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه وآله قال:
«يخرج في آخر اُمتي المهدي، يسقيه اللَّه الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتکثير الماشية وتعظم الاُمة...»الحديث
قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه [20] .
بسنده عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:
«تقي ء الأرض أفلاذ کبدها أمثال الاسطوان من الذهب والفضة قال: فيجي ء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي. ويجي ء القاتل فيقول: في هذا قتلت. ويجي ء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ثم يدعونه ولا يأخذون منه شيئاً» [21] .
عن أبي سعيد عن النبي صلي الله عليه وآله، في قصة المهدي عليه السلام:
«فيجي ء إليه الرجل فيقول: يا مهدي، اعطني، اعطني، اعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله» [22] .
عن أحمد والماوردي أنه صلي الله عليه وآله قال:
«ابشروا بالمهدي! رجل من قريش من عترتي، يخرج في اختلاف من الناس وزلزال، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً کما ملئت ظلماً وجوراً، ويرضي عنه ساکن السماء وساکن الأرض، وقسم المال بالسوية، ويملأ قلوب اُمة محمد غناه ويسعهم عدله، حتّي أنّه يأمر منادياً فينادي: من له حاجة إلي المال يأتيه. فما يأتيه أحد. إلّا رجل واحد يأتيه، فيقول له المهدي: إئت السادن حتّي يؤتيک. فيأتيه فيقول: أنا رسول المهدي، أرسلني إليک لتعطيني. فيقول: أحث. فيحثو، فلا يستطيع أن يحمله، فيلقي حتّي يکون قدر ما يستطيع أن يحمله. فيخرج، فيندم، فيقول: أنا کنت أجشع الاُمة نفساً. کلهم دعي إلي هذا المال فترکوه غيري، فيرد عليه، فيقول السادن: إنا لا نقبل شيئاً أعطيناه...»الحديث [23] .
عن أبي جعفرعليه السلام أنه ذکر المهدي عليه السلام وخطبته الاُولي في مسجد الکوفة. وقال:
«فإذا کانت الجمعة الثانية، سأله الناس أن يصلي بهم الجمعة، فيأمر أن يخط له مسجدعلي الغري، ويصلي بهم هناک. ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين عليه السلام نهراً يجري إلي الغريين، حتّي ينزل الماء في النجف ويعمل علي فوهته القناطير والأرحاء. [24] فکأني بالعجوز علي رأسها مکتل فيه بر، تأتي تلک الأرحاء فتطحنه بلا کري» [25] .
عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول:
«إذا قام قائم آل محمدعليه السلام بني في ظهر الکوفة مسجداً له ألف باب، واتصلت بيوت أهل الکوفة بنهري کربلاء» [26] .
وقال، سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول:
«إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها... إلي أن قال: وتظهر الأرض من کنوزها حتّي يراها الناس علي وجهها، ويطلب الرجل منکم من يصله بمال ويأخذ منه زکاة، فلا يجد أحداً يقبل منه ذلک. واستغني الناس بما رزقهم اللَّه من فضله» [27] .
عن أبي بصير، قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام:
«إذا قام القائم عليه السلام، هدم المسجد الحرام حتّي يرده إلي أساسه، وحول المقام إلي الموضع الذي کان فيه» [28] .
عن أبي جعفرعليه السلام في حديث طويل أنه قال:
«إذا قام القائم عليه السلام سار إلي الکوفة، فهدم بها أربعة مساجد. ولم يبق مسجد علي وجه الأرض له شرف إلّا هدمها وجعلها جماء ووسّع الطريق الأعظم، وکسر کل جناح خارج في الطريق، وأبطل الکنف والأزيب إلي الطرقات، ولا يترک بدعة إلّا أزالها ولا سنة إلّا أقامها» [29] .
عن المفضل بن عمر، قال:
«سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول: إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها، واستغني الناس.. ويبني في ظهر الکوفة مسجداً له ألف باب، وتتصل بيوت الکوفة بنهر کربلاء بالحيرة، حتّي يخرج الرجل يوم الجمعة علي بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدرکها» [30] .
عن أبي جعفرعليه السلام يقول:
«فيخرج إلي الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس عليه أصيص. ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهراً يجري إلي الغريين، حتّي ينبذ في النجف، ويعمل علي فوهته قناطر وأرحاء علي السبيل. وکأني بالعجوز وعلي رأسها مکتل فيه بر حتّي تطحنه بکربلاء» [31] .
عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول:
«ما تستعجلون بخروج القائم! فواللَّه ما لباسه إلّا الغليظ وما طعامه إلّا الشعير الجشب». [32] وأخرج الراوندي في الخرايج والجرايح نحوه في حديث طويل عن عليّ بن الحسين عليه السلام [33] .
عن محمدبن مسلم الثقفي، قال: سمعت أبا جعفرمحمد بن عليّ الباقرعليه السلام يقول:
«القائم منّا منصور بالرعب مؤيد بالنصر، تطوي له الأرض، وتظهر له الکنوز... ولا يبقي في الأرض خراب إلّا عُمر» [34] .
عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه وآله يقول:
«إنّ ذا القرنين کان عبداً صالحاً... إلي أن قال: وأنّ اللَّه سيجري سنته في القائم من ولدي... ويظهر اللَّه له کنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب، ويملأ الأرض به عدلاً وقسطاً، کما ملئت جوراً وظلماً» [35] .
عن عليّ بن عقبة عن أبيه، قال:
«إذا قام القائم حکم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وأمنت السبل وأخرجت الأرض برکاتها، وردّ کل حقّ إلي أهله... فحينئذٍ تظهر الأرض کنوزها وتبدي زينتها، فلا يجد الرجل منکم موضعاً لصدقته ولا لبرّه، لشمول الغني جميع المؤمنين...»الحديث [36] .
قال أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه - في حديث -:
«ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ولأخرجت الأرض نباتها ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتّي تمشي المرأة بين العراق إلي الشام لا تضع قدميها إلّا علي النبات وعلي رأسها زينتها، لا يهيجها سبع ولا تخافه» [37] .
پاورقي
[1] الحاوي: 129:2.
[2] مسلم: 94:1.
[3] الغيبة للنعماني: 109.
[4] المزايلة هي المفارقة والمباينة بين أهل الحقّ والباطل، والکيس المراد به محل حفظ النقود.
[5] بحار الأنوار: 196 - 195 :13.
[6] بحار الأنوار: 93:51، کنز العمال: 598:14، ح 39682.
[7] اُنظر إکمال الدين: 675، ح30.
[8] الکافي: 25:1، ح21، اُنظر منتخب الأثر: 483.
[9] قال المجلسي الضمير في قوله(يده)إما راجع إلي اللَّه أو إلي القائم عليه السلام، وعلي التقديرين: کناية عن الرحمة والشفقة أو القدرة والاستيلاء وعلي الأخير يحتمل الحقيقة.
[10] غيبة النعماني: 171، وکذلک الخبر الذي بعده.
[11] الغيبة للنعماني: 218، ح 4، بحار الأنوار: 264:5 ح 140.
[12] الغيبة للنعماني: 126.
[13] صحيح البخاري: 74:9.
[14] المصدر السابق: 94:1.
[15] صحيح البخاري: 185:8.
[16] المستدرک للحاکم: 454:4.
[17] المستدرک للحاکم: 465:4.
[18] المستدرک للحاکم: 558:4.
[19] المصدر السابق: 514:4.
[20] المصدر السابق: 558:4.
[21] الترمذي: 334:3.
[22] ينابيع المودة: 517.
[23] ينابيع المودة: 562، والحاوي للسيوطي: 124:2.
[24] جمع رحي: وهي آلة طحن الحنطة، الصحاح - رحا - 2353:6.
[25] الإرشاد: 380:2.
[26] الإرشاد للمفيد: 381:2، کشف الغمة: 262:3.
[27] المصدر السابق.
[28] الإرشاد: 383:2، کشف الغمة: 264:3.
[29] الإرشاد للمفيد: 385:2، إعلام الوري: 291:2.
[30] الغيبة للشيخ الطوسي: 280.
[31] الغيبة للطوسي: 277.
[32] الغيبة للطوسي: 460، ح 473، کتاب الغيبة للنعماني: 233.
[33] الغيبة للشيخ الطوسي: 196.
[34] إعلام الوري للطبرسي: 433.
[35] إعلام الوري للطبرسي: 413.
[36] إعلام الوري للطبرسي: 432.
[37] بحار الأنوار للمجلسي: 182:13.