بازگشت

الانصار المقربون


وهم عدّة من المؤمنين الذين محّصوا وتبلّغوا بالإيمان، وأکثرهم إن لم يکن جميعهم من أولياء اللَّه الذين أخفاهم في عباده.

وهؤلاء لهم مواصفات عالية في الإيمان والصدق والصلاح والمعرفة والتسليم والطاعة والاخلاص والتضحية.

أما عددهم فمحدود معلوم کما ورد عن الإمام الجوادعليه السلام قوله:

«يجتمع إليها أصحابه عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي البلاد... فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر أمره» [1] .

إنّ وجودهم أحد مقومات الظهور، فإذا اکتملت عدّتهم وحضروا لدي الإمام أعلن ظهوره.

وبالإضافة إلي معرفة عددهم فهم معروفون عند اللَّه وأوليائه عليهم السلام بالأسماء أيضاً، يقول النبي صلي الله عليه وآله:«إنّي لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم» [2] .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال:«واللَّه إني لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم» [3] .

وقد وردت بعض الروايات لتحدد أسماءهم الصريحة أو الرمزية، وبعضها اکتفت بذکر البلدان وما يخرج منها من عدد، وبشکل عام نجد أنهم خلاصة الإيمان علي الأرض دون أن تحدّدهم جنسية معينة، أو أرض خاصة، نعم أکثرهم من البلدان التي عمّر فيها الإيمان علي مرّ التاريخ.

يقول الإمام الباقرعليه السلام:«فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق» [4] .

إنّهم خلاصة مسيرة التکامل البشري ما دون الأنبياء والأئمةعليهم السلام.

لقد أحبّهم النبي صلي الله عليه وآله واتخذهم اخواناً له، وتمنّي رؤيتهم حيث قال ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه:«اللهمّ لقّني اخواني.

قالها مرتين، فقال من حوله من أصحابه: أما نحن إخوانک يا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله؟!

فقال:«لا، إنّکم أصحابي، واخواني قوم من آخر الزمان، آمنوا بي ولم يروني، لقد عرّفنيهم اللَّه بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام اُمّهاتهم، لأحدهم أشد بقية علي دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء، أو کالقابض علي جمر الغضا، اُولئک مصابيح الدجي، ينجيهم اللَّه من کل فتنة غبراء مظلمة» [5] .

فکما أن الأنبياء والأوصياء اجتباهم اللَّه بعلمه بهم قبل أن يخلقهم وعرّفهم ملائکته فکذلک هؤلاء الذين هم أفضل الخليقة بعد الأنبياء والأوصياء مع بعض من تقدّمهم من خاصة المؤمنين.

والإمام يعرف أصحابه کما ورد عن النبي صلي الله عليه وآله حيث قال:«يجمع اللَّه له من أقاصي البلاد علي عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وکناهم» [6] .

ويصفهم الإمام الصادق عليه السلام فيقول:«رجال کأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شکّ في ذات اللَّه، أشدّ من الحجر، لو حملوا علي الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلّا خرّبوها، کأن علي خيولهم(أي وسائل نقلهم)العقبان» [7] .

وعن النبي صلي الله عليه وآله يصفهم مع سيدهم وإمامهم:«کدّادون مجدّون في طاعته» [8] .

إنهم يعرفونه حقّ المعرفة وقد ذابت قلوبهم شوقاً إليه وانتظاراً لظهوره، وهاهم يرونه أمامهم وقد حباهم اللَّه بنصرته والجهاد بين يديه.

إنه أعزّ لديهم من کل أحد، فقد ترکوا الأوطان والأهل والأحباء واستبدلوا ذلک بقربه وخدمته، بل هو أعزّ لديهم من أنفسهم وقد جعلوها وقاءً له يفدونه بها.

أما عبادتهم، فيقول الإمام الصادق عليه السلام عنها:

«رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم کدوي النحل، يبيتون قياماً علي أطرافهم، ويصبحون علي خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار... کالمصابيح، کأن قلوبهم القناديل، وهم من خشية اللَّه مشفقون».

ثم يصف جهادهم واستبسالهم في سبيل اللَّه فيقول:

«يدعون بالشهادة، ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل اللَّه، شعارهم: يا لثارات الحسين».

إنّهم حسينيون، لو کانوا في طف کربلاء لکانوا سبّاقين في نصرة الحسين عليه السلام والاستشهاد بين يديه، إلّا أنهم لبّوا صرخته وهم في الأصلاب، وما أن کتبت لهم الحياة حتّي رفعوا شعار الأخذ بثأره عليه السلام، فرزقهم اللَّه ذلک مع وليّ دمه بقيّته في الأرض.

ومن کانت هذه صفاتهم لا يقف أمامهم شي ء، يقول الإمام الصادق عليه السلام:«إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلي المولي أرسالاً، بهم ينصر اللَّه إمام الحقّ» [9] .

وروي:«يبعث اللَّه قائم آل محمد في عصبة لهم أدقّ في أعين الناس من الکحل، فإذا خرجوا بکي لهم الناس، لا يرون إلّا أنهم يختطفون، يفتح اللَّه لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقاً، ألا إن خير الجهاد في آخر الزمان» [10] .

وعن الباقرعليه السلام:«کأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين - أي بعد استقرار دولة الحقّ - ليس من شي ء إلّا وهو مطيع لهم، حتّي سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم کل شي ء، حتّي تفخر الأرض علي الأرض وتقول: مرّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم» [11] .

هم کنوز اللَّه ليست من ذهب ولا فضّة بل قلوب طابت وطهرت وآمنت وعشقت.

إنهم الصفوة والخيرة من المؤمنين، وسيکون لهم دور القيادة الثانوية بعد الإمام حيث سيحتلون مراکز الولاية للإمام في أرجاء الأرض بعد استقرار دولة الحقّ.

يقول الإمام الصادق عليه السلام:«کأني أنظر إلي القائم علي منبر الکوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية، وهم حکّام اللَّه في أرضه علي خلقه» [12] .

وقال الإمام الباقرعليه السلام:«ثم يرجع إلي الکوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً إلي الآفاق کلّها، فيمسح بين أکتافهم وعلي صدورهم فلا يتعايون في قضاء» [13] .

ويستفاد من هذه الرواية أنّ أصحابه الخلّص کلّهم رجال، في حين ورد في رواية [14] أنّ فيهم خمسين امرأة.

ويستفاد منها أيضاً أنهم لا ينالون الشهادة بين يدي الإمام عجل اللَّه فرجه في معارکه الظافرة بل يکتب لهم البقاء لإتمام مهمتهم في دولة الحقّ مع أنّهم سيحصلون علي أجر يفوق أجر الشهيد الواحد کما تقدم.


پاورقي

[1] بحار الأنوار: 283:52 عن کمال الدين.

[2] بحار الأنوار: 323:52 عن کمال الدين.

[3] معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام: 18:5، صحيح مسلم: 178:8 نقلاً عن الرسول صلي الله عليه وآله.

[4] بحار الأنوار: 333:52 عن غيبة الطوسي.

[5] بصائر الدرجات: 104.

[6] بحار الأنوار: 310:52 عن عيون أخبار الرضاعليه السلام.

[7] بحار الأنوار: 308:52.

[8] بحار الأنوار:311:52 عن عيون أخبارالرضاعليه السلام.

[9] بحار الأنوار: 308:52 ح82.

[10] بحار الأنوار: 217:52، ح 78 عن غيبة الطوسي.

[11] بحار الأنوار: 327:52 عن کمال الدين.

[12] بحار الأنوار: 326:52 عن کمال الدين.

[13] بحار الأنوار: 223:52 عن تفسير العياشي.

[14] بحار الأنوار: 345:52 عن تفسير العياشي.