بازگشت

اصحاب الامام المهدي


في هذه الفقرة من دراستنا سنرکّز علي الجماعة التي يعتمدها الإمام في دولته، من جهة ارتباطهم في مسألة الظهور، وماهو الدور الذي سيلعبه هؤلاء في الدولة المهدوية المرتقبة، وهذا ما يدفعنا إلي ضرورة الاحاطة بحالتهم الاجتماعية والسياسية والإيمانية، ومقدار علاقتهم بالإمام، ثم العلاقات التي تربط بعضهم ببعض، وهل ينتسبون إلي بلد واحد أم هم خليط من قوميات وبلدان شتي؟ نعم قد تجمعهم صفاتهم التي تميزهم عن الغير وتکون عاملاً مشترکاً لوحدتهم مثل: الإيمان والشجاعة والطاعة للإمام، الأمر الذي يؤکد لنا قوة منهج الإمام وتأثيره في بناء وتربية أصحابه الذين يؤهلهم لقيادة العالم، وإن کان التفاوت بالوعي والإيمان حالة طبيعية في حياتهم، بل وهو حالة طبيعية في مجتمع الإمام المهدي عليه السلام. وإن کان الحد الأدني من الوعي والتضحية للإسلام والطاعة للإمام قد تحقق ممّا يکون کافياً لنهوض المجتمع ونموه إلي حيث الکمال اللائق به، في ظل دولة المعصوم آخر الزمان.

فممّا يدل علي وعيهم وترقبهم لظهور الحقّ والتفاعل معه بقوّة، ما جاء عن اُم سلمة عن النبي صلي الله عليه وآله:

«يکون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلي مکة، فيأتيه ناس من أهل مکة، فيخرجونه، إلي أن قال: فإذا رأي الناس ذلک أتاه أبدال الشام وعصائب العراق، فيبايعونه بين الرکن والمقام» [1] .

ويشير الإمام عليّ عليه السلام إلي مستوي العلاقة الإيمانية عند أصحاب الإمام وأنصاره وشوقهم للإمام والتفاعل مع نهضته وإلي قوة عقيدتهم.

قال عليه السلام حين سئل عن المهدي:

«هيهات، ثم عقد بيده سبعاً فقال: ذاک يخرج آخر الزمان، إذا قال الرجل: اللَّه اللَّه، قتل. فيجمع اللَّه تعالي له قوماً، قزع کقزع السحاب، يؤلف اللَّه بين قلوبهم، لا يستوحشون إلي أحد ولا يفرحون بأحد. يدخل فيهم علي عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأوّلون ولايدرکهم الآخرون، وعلي عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر» [2] .

وتشير الرواية التالية إلي الآلية التي يجتمع بها أصحاب الإمام وهم في بلدان شتي.

قال السيوطي في الحاوي:

«يبايع للمهدي سبعة رجال علماء توجهوا إلي مکة من اُفق شتي علي غير ميعاد. قد بايع لکل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فيجتمعون بمکة فيبايعونه، ويقذف اللَّه محبته في صدور الناس» [3] .

وبها إشارة إلي الظرف الذي يظهر فيه الإمام حيث تکون الناس مهيّأة لمحبته حين يقذف اللَّه محبته في صدورهم.

عن الإمام عليّ عليه السلام:«ثم يجتمعون قزعاً کقزع الخريف من القبائل ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة» [4] .

والرواية التالية تشير إلي الکرامة التي يتمتع بها أصحابه ومدي التسديد الإلهي الذي يتوفقون إليه.

عن أبي سعد عن الإمام أبي عبداللَّه عليه السلام:

«فيصير إليه أنصاره من أطراف الأرض تطوي لهم طيّاً حتّي يبايعوه» [5] .

وفي حديث آخر عن المفضل بن عمر قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام:

«إذا أذن الإمام، دعا اللَّه باسمه العبراني فاتيحت(فانتخب)له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر، قزع کقزع الخريف. فهم أصحاب الألوية. منهم من يفقد عن فراشه ليلاً فيصبح بمکة. ومنهم من يُري يسير في السحاب نهاراً يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه. قلت: جعلت فداک أيهم(أيّهما)أعظم إيماناً؟ قال: الذي يسير في السحاب نهاراً. وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الآية:«أينما تکونوا يأت بکم اللَّه جميعاً» [6] .

وفي خبر آخر عن أبي خالد الکابلي، عن عليّ بن الحسين، أو عن محمد بن عليّ عليه السلام، أنه قال:

«الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمکة. وهو قول اللَّه عزّ وجل:«أينما تکونوا يأت بکم اللَّه جميعاً»، وهم أصحاب القائم عليه السلام » [7] .

وفي حديث آخر عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه السلام أنه قال:

«فيکون أوّل خلق اللَّه مبايعة له أعني جبرائيل، ويبايعه الناس الثلاثمائة والثلاثة عشر. فمن کان ابتلي بالمسير وافي في تلک الساعة، ومن افتقد من فرشه. وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: المفقودون من فرشهم» [8] .

أما هيئة أصحاب الإمام ومقدار حياتهم.

عن حکيم بن سعيد قال: سمعت عليّاً يقول:«إنّ أصحاب القائم شباب لا کهل فيهم، إلّا کالکحل في العين أو کالملح في الزاد، وأقل الزاد الملح» [9] .

هذا بالنسبة إلي الظاهرة التي يجتمع بموجبها الأصحاب.

أما الرواية التالية فتشير إلي الساعة، أو العلاقة التي يتحقق فيها نصر الإمام وتحسم المعرکة لصالحه.

عن محمد بن مسلم عن الإمام الباقرعليه السلام أنّه قال:

«القائم منّا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، إلي أن قال: فإذا خرج أسند ظهره إلي الکعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، إلي أن قال: فإذا اجتمع له العقد عشرة آلاف رجلاً. فلا يبقي في الأرض معبود دون اللَّه» [10] .

وفي رواية المفضل بن عمر الجعفي عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنه قال:

«وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعونه ويقيم بمکة حتّي يتم أصحابه عشرة آلاف نفس، ثم يسير منها إلي المدينة» [11] .

أما هؤلاء الأصحاب من سکنة مکة أم جاءوا من بلدان شتي.

عن أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام أنّه قال:

«سيبعث اللَّه ثلاثمائة وثلاثة عشر إلي مسجد مکة، يعلم أهل مکة أنهم لم يولدوا من آبائهم ولا أجدادهم» [12] .

عن اُم سلمة قالت قال رسول اللَّه صلي الله عليه وآله:

«يبايع لرجل بين الرکن والمقام عدة أهل بدر، فيأتيه عصائب أهل العراق وأبدال أهل الشام» [13] .

أما المستوي الإيماني ومقدار الشجاعة التي يتصف بها أصحاب الإمام فقد جاء عنها ما يلي:

عن الإمام الباقرعليه السلام أنه قال:

«إنّ اللَّه يلقي في قلوب محبينا وأتباعنا الرعب، فإذا قام قائمنا المهدي کان الرجل من محبينا أجرأ من سيف وأمضي من سنان» [14] .

وعن الإمام أبي جعفرعليه السلام أنه قال:

«يظهر المهدي بمکة عند العشاء إلي أن قال: فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدد أهل بدر، علي غير ميعاد، قزعاً کقزع الخريف، رهبان بالليل أسد في النهار. إلي أن يقول: فيلقي اللَّه محبته في صدور الناس، فيصير مع قوم أسد بالنهار ورهبان بالليل» [15] .

عن أبان بن تغلب عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام في حديث يتحدث فيه عن المهدي ثم ذکر رايته فقال:

«فإذا هزها لم يبق مؤمن إلّا صار قلبه أشد من زبر الحديد وأعطي قوة أربعين رجلاً» [16] .

أما مستوي طاعتهم وحبهم للإمام الناتجة عن قوة إيمانهم فقد جاء عنها ما يلي:

عن الفضيل بن يسار عن أبي عبداللَّه عليه السلام في حديث قال:

«ورجال کأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شک في ذات اللَّه، أشد من الجمر، لو حملوا علي الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدةً إلا خربوها. کأن علي خيولهم العقبان. يتمسحون بسرج الإمام عليه السلام يطلبون بذلک البرکة. ويحفون به يقونه بأنفسهم في الحروب ويکفونه ما يريد. فيهم رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم کدوي النحل، يبيتون قياماً علي أطرافهم ويصبحون علي خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار. هم أطوع له من الأَمة لسيدها، کالمصابيح، کأن قلوبهم بالقناديل. وهم من خشية اللَّه مشفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل اللَّه. شعارهم: يا لثارات الحسين عليه السلام. إذا ساروا سار الرعب أمامهم مسيرة شهر. يمشون إلي المولي أرسالاً. بهم ينصر اللَّه إمام الحقّ [17] .

أمّا من جهة تفاوت درجاتهم الإيمانية فيمکن تقسيمها إلي ثلاث درجات.


پاورقي

[1] سنن أبي داود: 423:2.

[2] المستدرک، الحاکم: 1366:2.

[3] الحاوي للسيوطي: 148:3.

[4] الغيبة للشيخ النعماني: 168.

[5] الفصول المهمّة لابن الصباغ المالکي: 221.

[6] الغيبةللنعمانية: 169، وانظر نفس المضمون في کمال الدين للصدوق مروياً عن الإمام الجوادعليه السلام.

[7] کتاب الغيبة للنعماني: 313، باب 20 ح 4.

[8] إثبات الهداة: 546:3 باب 32 فصل 27 ح 538، عن النعماني بتفاوت يسير.

[9] الغيبة للشيخ الطوسي: 284.

[10] إعلام الوري: 292:2.

[11] الإرشاد للمفيد: 383:2.

[12] الغيبة للنعماني: 169.

[13] الحاوي، للسيوطي عن الطبراني في الأوسط: 176:9 والحاکم.

[14] ينابيع المودة: 509.

[15] الحاوي للسيوطي: 145 - 144 :2.

[16] الغيبة للنعماني: 167.

[17] مستدرک سفينة البحار: 190:6.