بازگشت

العلم بالکتاب


من أهم المفردات التي يستخدمها القرآن حين يتعرض لعلم الأنبياء السابقين مفردة الکتاب والحکمة قال تعالي:«وإذ أخذ اللَّه ميثاقَ النبيّين لِما أتيتکم من کتاب وحکمة» [1] والظاهر انّه لا يقصد به خصوص العلم بالکتاب السماوي الذي ينزل علي النبي بدليل قوله تعالي:«وإذ علمّتک الکتاب والحکمة والتوراة والإنجيل» [2] ، حيث يفهم من أنّ الکتاب غير التوراة والإنجيل.

ثم خُوطب النبي صلي الله عليه وآله بمثل هذا الخطاب، قال تعالي:

«وانزل اللَّه عليک الکتاب والحکمة وعلّمک ما لم تکن تعلم» [3] .

کما لو لاحظنا آيات اُخري تتحدث عن أشخاص اُوتوا الکتاب مع رسول اللَّه، ولا يمکن أن تحمل علي أن المقصود بها أن هؤلاء هم اليهود والنصاري، قال تعالي:« الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْکِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُولئِکَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَکْفُرْ بِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» [4] .

وقوله تعالي:«وَيَري الّذينَ اُوتُوا العلم الّذي اُنزل إليکَ مِن ربّکَ هُوَ الحقّ وَيَهدي الي صراط العزيز الحميد» [5] ، وقوله تعالي:«بَلْ هُوَ آيات بيّنات في صدور الّذينَ اُوتوا العلم». [6] وقوله تعالي:«الرّاسخونَ في العلم».

وعليه يمکن القول بأن عبارة الذين اُوتوا الکتاب لا يمکن حملها علي اليهود والنصاري، ليکون المقصود بالکتاب التوراة والانجيل، کما أنّ إتيان الکتاب قد يکون للنبي وقد يکون للعصبة الاُسرية.

قال تعالي:« وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَکُلّاً فَضَّلْنَا عَلَي الْعَالَمِينَ- وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ- ذلِکَ هُدَي اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَکُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَاکانُوا يَعْمَلُونَ- أُولئِکَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْکِتَبَ وَالْحُکْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَکْفُرْ بِهَا هؤُلاَءِ فَقَدْ وَکَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِکَافِرِينَ» [7] ، فلاحظ قوله«وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ».

وأوضح من ذلک قوله تعالي:«فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبرَاهِيمَ الْکِتَبَ وَالْحِکْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُلْکاً عَظِيماً». [8] حيث صرّح بأن الإتيان لآل إبراهيم عليهم السلام.

بل إن القرآن يصرح بأن الکتاب لم يؤت لشخص الرسول فحسب بل لمجموع عبر عنهم بأنهم اُوتوا الکتاب، قال تعالي:

«وَکَذلِکَ أَنزَلْنَا إِلَيْکَ الْکِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْکِتَبَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاَءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْکَافِرُونَ- وَمَا کُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن کِتَابٍ وَلاَ تَخُطَّهُ بِيَمِينِکَ إِذاً لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ- بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ» [9] .

وقد قسمت الآية الناس الي:

«فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْکِتَبَ»ومدحتهم وبيّنت بأنهم کلّهم يؤمنون بالکتاب.

«وَمِنْ هؤُلاَءِ»أي الناس المعاصرين فبعضهم يؤمن لا کلّهم.

«الکافرون»وهم اليهود والنصاري من أهل الکتاب والمشرکون الذين قالت عنهم بأنهم يجحدون ولا يؤمنون.

وأما أن اعتبرت الذين آتيناهم الکتاب هنا اليهود والنصاري فهذا غير معقول، إذ يکون معناها حيئنذٍ أنّ اليهود والنصاري کلّهم يؤمنون بما أنزل علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله، فبطلانه واضح.

إذاً، فالقرآن يثبت أن الکتاب قد يؤتاه النبي وحده، وقد يؤتاه النبي کقائد ورئيس لآله وقد يکونوا مثله أنبياء وقد لا يکونون.


پاورقي

[1] آل عمران: 81.

[2] المائدة: 110.

[3] النساء: 113.

[4] البقرة: 121.

[5] سبأ: 6.

[6] العنکبوت: 49.

[7] الأنعام: 89 - 86.

[8] النساء: 54.

[9] العنکبوت: 49 - 47.