بازگشت

معني الاصطفاء


الاصطفاء: في معناه القرآني يتعلق بمجموعة من الناس بعد النبي، ولکن لا يعني اصطفاء هؤلاء للنبوة، بل لحمل الرسالة، وان الکتاب الذي أنزله علي رسول اللَّه صلي الله عليه وآله أورثه لهؤلاء الذين اصطفاهم« وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْکَ مِنَ الْکِتَبِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ- ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتَبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِکَ هُوَ الْفَضْلُ الْکَبِيرُ» [1] .

والآية تقسم الناس الي ثلاثة أقسام: الظالم لنفسه، والمقتصد والسابق بالخيرات، واللائق بالاصطفاء الإلهي لوراثة الکتاب ليس إلّا القسم الثالث ممّن أشارت الآية إليهم بأنهم السابقين بالخيرات وهم يبينونه من بعد النبي صلي الله عليه وآله.

وضمير منهم راجع الي عبادنا الأقرب للضمير في الآية«الذين اصطفينا».

وهذا يتّضح من خلال قوله تعالي:«يا بني إسرائيل اُذکروا نعمتي التي أنعمت عليکم وانّي فضّلتکم علي العالمين» [2] ، فليس المقصود کل بني إسرائيل بالضرورة، ففيهم من عبد العجل وآذي الأنبياء حتي قال تعالي عنهم:«أفکلّما جاءکم رسولٌ بما لا تهوي أنفسکم استکبرتم ففريقاً کذّبتم وفريقاً تقتلون» [3] ، وبهذا يتبيّن أن صرف قوله تعالي:«فضّلتکم علي العالمين»الي بني إسرائيل قاطبة خطأ، وإنّما يتّضح الأمر بالرجوع الي قوله تعالي:«وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وکُلاً فضّلنا علي العالمين»، فهم المفضلون لا کل بني إسرائيل فرداً فرداً، والذي جوّز وصف المجموع بأن اللَّه تعالي اصطفاهم إنما هو وجود من اصطفاه اللَّه في هذه الاُمة وإلّا لما صح هذا الوصف، ويدلّک علي ما سبق قوله تعالي:« وَإِذْ قَالَ مُوسَي لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْکُمْ إِذْ جَعَلَ فِيکُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَکُم مُلُوکاً وَآتاکُم مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدَاً مِنَ الْعَالَمِينَ» [4] ، فهناک ذکر إن نعمة اللَّه تفضيل بني إسرائيل وهنا صرّح بأن نعمة اللَّه جعل الأنبياء فيهم بما فيه بيان تفصيلي للتفضيل.

لذا، فإنک إن رأيت أن«الذينَ اصطفينا»في آية المتن تعود للاُمة کلّها وفق الظاهر فإنها تکون علي نفس المنوال، بمعني أنها أطلقت علي المجموع بلحاظ من أنعم اللَّه عليهم من أهل البيت عليهم السلام، الذين کان فضل اللَّه عليهم عظيماً، فإطلاق العبارة علي الاُمة بملاحظة العصبة الخاصة فيها، کما عبر عن اُمة بني إسرائيل بأنهم فضلوا علي العالمين بملاحظة جعل الأنبياء منهم.

وتجد مثل هذا في قوله تعالي:«ُکنتُم خَيرَ اُمّة اُخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنکر»فلاشک أن المقصود بعض الاُمة لقوله تعالي:«ولتکن منکم اُمة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنکر»، ولاشک إن منکم للتبعيض.


پاورقي

[1] فاطر: 32 - 31.

[2] البقرة: 46.

[3] البقرة: 87.

[4] المائدة: 20.