بازگشت

مدي


ليست العداله لفظا غريبا، کما انها ليست بالحقيقه القربيه ايضا. قرون متماديه و الانسان يعيش هذا الحلم ليل نهار، بيد انه لم يجن غير الظلم و الاجحاف و الجور و الاختناق.

لقد قرانا و سمعنا مرارا ان اناسا کثيرين، علي مدي التاريخ، جعلوا من هذه الحقيقه امرا حيا خالدا، من خلال محاولاتهم في الکشف عن ابعاد هذا المفهوم و دعوه الناس لتجسيده. بيد ان المساعي العلميه لهؤلاء الخيرين علي طريق تحکيم العداله باءت بالفشل غالبا او کانت عديمه الجدوي، و بقيت العداله في مفهومها الحقيقي خيالا و حلما.

کم هو صعب تجسيد هذه الرؤيا الجميله، الرؤيا التي امتزجت بکيان الانسان علي مر التاريخ... و لکننا نعلم ان هذا الحلم سيتحقق يوما مهما طال الانتظار. و تبقي اشراقه الامل هذه هاجس القلوب المتعطشه لاطلاله المنجي، مهما تعاقبت السنين و الاعوام. تبقي القلوب تنتظر بشوق من اسمه «العدل»: «السلام علي... العدل امشتهر».. کلامه عدل، و سبيله عدل، و حکومته حکومه العدل.. ليست في معالم حکومه الامام المهدي و نهضته، سمه و خصوصيه اوضح و اظهر من «القسط و العدل». فالتاکيد الذي ورد في المرويات علي خصوصيه انتشار عداله الامام الحجه (عج)، لم يرد في ايه خصوصيه اخري. و ان هذا بحد ذاته يشير الي عظمه العداله و اهميتها في اجهزه المدينه الاسلاميه الفاضله في عصر الظهور. هناک عشرات بل مئات المرويات في کتب الحديث المختلفه، خاصه کتاب «منتخب الاثر» و «کمال الدين» للشيخ الصدوق، تحدثت عن عمل الامام علي اشاعه العداله. و قد وصف هذا الامام الهمام في الکثير من هذه الروايات بانه مظهر العدل و تجلي العداله. و ان اطلاق اسم «العدل» علي الامام هو في الحقيقه ترجمه دقيقه لرسالته.

يکتب صاحب «مکيال المکارم» بهذا الشان فيقول: «العدل، هو من اوضح الصفات الطيبه لهذا الامام، و لذلک سمي ب«العدل» کما ورد في دعاء ليالي رمضان: «اللهم و صل علي ولي امرک القائم المؤمل و العدل المنتظر».. و في موضع آخر نجد هذا العنوان بنحو آخر: «اول العدل و آخره»، و «السلام علي القائم المنتظر و العدل المشتهر...».

و في ظل هذه العداله تزول القيود الانسان، و يعود الي الناس حقهم المسلوب.. تزول قيود العبوديه الظاهره و الباطنه، و تتحرر رقاب الناس، و تزول ارضيه استغلال الانسان لاخيه المسلم تماما. يقاد عمال الظلم و الجور الي التحقيق، و يعزل القضاه و الحکام الظلمه عن مناصبهم، و تطهر الارض من اي نوع من انواع الخيانه.. يسحق المستکبرون، و ينجح المحرومون و المستضعفون في استرجاع حقوقهم، و عندها لن تذرف دمعه و لا تتعالي آهه، و لن يبيت انسان جائعا، و لن يمضي اي محروم يومه مضطربا خائفا.