بازگشت

علة الغيبة و الجهل بها


الکلام في علة الغيبة وسببها والوجه الذي يحسنها فواضحٌ بعد تقرر ما تقدم من الأصول:

لأنّا إذا علمنا بالسياقة التي ساق إليها الأصلان المتقرران (52) في العقل: أن الإمام ابن الحسن عليهما السلام دون غيره، ورأيناه غائباً عن الأبصار: علمنا أنه لم يغب - مع عصمته وتعينّ فرض الإمامة فيه وعليه - إلا لسبب اقتضي ذلک، ومصلحةٍ استدعته، وضرورةٍ قادت إليه - وإن لم يعلم الوجه علي التفصيل والتعيين - لأنّ ذلک مما لا يلزم علمه.

وجري الکلام في الغيبة ووجهها وسببها - علي التفصيل - مجري العلم بمراد الله تعالي من الآيات المتشابهة في القرآن، التي ظاهرها بخلاف ما

دلت عليه العقول، من جبرٍ أو تشبيهٍ أو غير ذلک.

فکما أنّا ومخالفينا لا نوجب العلم المفصّل بوجوه هذه الآيات وتأويلها، بل نقول کلّنا: إنّا إذا علمنا حکمة الله تعالي، وإنّه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات، علمنا - علي الجملة - أن لهذه الآيات وجوهاً صحيحة بخلاف ظاهرها تطابق مدلول أدلة العقل، وإن غاب عنا العلم بذلک مفصلاً، فإنه لا حاجة بنا إليه، ويکفينا العلم علي سبيل الجملة بأن المراد بها خلاف الظاهر، وأنه مطابق العقل.

فکذلک لا يلزمنا ولا يتعين علينا العلم بسبب الغيبة، والوجه في فقد ظهور الإمام علي التفصيل والتعيين، ويکفينا في ذلک علم الجملة التي تقدّم ذکرها، فإن تکلّفنا وتبرّعنا بذکره فهو فضل منّا.

کما أنه من جماعتنا فضل وتبرع إذا تکلفنا ذکر وجوه المتشابه والأغراض فيه علي التعيين.