بازگشت

ابتلاء البشر و اختبارهم


لأن الله سبحانه وتعالي جعل الحياة الدنيا دار ابتلاء واختبار للإنسان وأعطاه حرية الاختيار للطريق الذي يريد أن يسلکه في الحياة وفي الآخرة يثاب المحسن ويعاقب المسيء، فلو أجبر سبحانه العباد منذ البداية علي الطاعة والإيمان لانتفت الحکمة من هذا الاختبار، ففي دولة المهدي عليه السلام تقل فرص الاختيار وتضيق الطرق علي الملحدين والمنحرفين، فإما أن يهتدي الشخص بمحض إرادته - خصوصاً بعد أن يري دلائل صدق الإمام وعدله - أو يُجبر علي الإسلام والطاعة رغماً عن أنفه، أو عليه أن يختار الموت بسيف الإمام إذا ما أصر علي عناده واستکباره، کما قال سبحانه وتعالي: هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون. [1] .

وقوله تعالي: وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وکرهاً وإليه يرجعون. [2] .

فعن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير الآية السابقة قال: إذا قام القائم عليه السلام لا يبقي أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. [3] .

وعن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: لو لم يبقي من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يکني أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الرکن والمقام، يرد الله به الدين ويفتح له فتوحاً، فلا يبقي علي وجه الأرض إلا من يقول لا إله إلا الله. [4] .

کما أن الله سبحانه جعل الحياة الدنيا مجال للصراع بين الخير والشر فکان لهذا جولة وللثاني جولة أخري وهکذا، وحتي الفترات التي انتصر فيها الحق بقيادة بعض الأنبياء عليهم السلام لم تستمر طويلاً إذ أعقبها عصور من الظلم والإفساد، فکان لابد إذاً أن تکون الخاتمة للحق والعدل والانتصار للخير في نهاية الصراع فلا يقوم بعده للشر قائمه، فلو کانت دولة الحق في منتصف الطريق ثم انتهت وجاءت بعدها دول الظلم فلا معني لدولة العدل هذه وحينئذٍ ستکون جولة فقط في هذا الصراع الدائر بين الحق والباطل.

فلابد إذاً أن تکون دولة العدل الإلهي هذه في نهاية المطاف وخاتمة للصراع وقبل قيام الساعة کما قال تعالي ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين. [5] .

وعن مقاتـل بن سليمان في تفسير قوله تعالي وإنه لعلمٌ للساعة، [6] قال: هو المهدي يکون في آخر الزمان وبعد خروجه يکون إمارات ودلالات الساعة وقيامها، [7] وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة قالوا: هو عيسي بن مريم حينما ينزل من السماء في آخر الزمان ويصلي خلف المهدي، لأن ظهوره عليه السلام يُعلم به مجيء الساعة لأنه من أشرا طها. [8] .

ولقد حرصت أکثر الأحاديث التي تکلمت عن الإمام المهدي عليه السلام علي التأکيد بأنه لا يکون إلا في آخر الزمان وبعضها بالقول لو لم يبقي إلا آخر يوم من الدنيا وبعضها بالقول قبل قيام الساعة.

فعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: ابشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان علي شدة وزلازل يسع الله له الأرض عدلاً وقسطاً. [9] .

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن الرسول الأکرم صلي الله عليه وآله قال: المهدي يخرج في آخر الزمان. [10] .

وعنه أيضاً صلي الله عليه وآله قال: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه کاسمي وکنيته ککنيتي يملأ الأرض عدلاً کما ملئت جوراً، فذلک هو المهدي. [11] .

وعنه أيضاً صلي الله عليه وآله قال: لا تقوم الساعة حتي يملک رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً کما ملئت قبله ظلماً يکون سبع سنين. [12] .


پاورقي

[1] سورة التوبة الآية 33.

[2] سورة آل عمران الآية 83.

[3] تفسير العياشي مجلد 1 ص 182، المهدي في القرآن ص 15.

[4] المنار المنيف ص 148، الحاوي للسيوطي ج 2 ص 63.

[5] سورة القصص الآية 5.

[6] سورة الزخرف الآية 61.

[7] البيان في أخبار صاحب الزمان ص 528، کشف الغمة ج 3 ص 280، ينابيع المودة ص 301.

[8] تفسير التبيان مجلد 9 ص 211، مسند أحمد ج 1 ص 317، الدر المنثور ج 6 ص20.

[9] دلائل الإمامة ص 467، إثبات الهداة ج 7 ص 147.

[10] غيبة الطوسي ص 178، منتخب الأثر ص 168، إثبات الهداة ج 3 ص 502.

[11] تذکرة الخواص ص 363، منتخب الأثر ص 182 ح 1، إثبات الهداة ج 3 ص 607.

[12] فرائد السمطين ج 2 ص 324، دلائل الإمامة ص 251، کشف الغمة ج 3 ص 258.