استيعاب النظرية الالهية
لأن البشرية في ذلک الوقت لم تستوعب بعد النظرية الإلهية المتکاملة للعدل، ولم تحدث فيها المفاسد وسفک الدماء وأشکال الظلم والمشاکل والفظائع التي حدثت في التاريخ فيما بعد علي مر الدهور والأزمان، فکيف تُطالب البشرية بتطبيق العدل وهي لا تعرف له معني، فهي لم تر الظلم لتعرف الأمر المعاکس له.
فلو قلنا لأحد ما مثلاً لا يجوز لک شرب الخمر وهو لم يري خمراً أبداً في حياته ولا يعرف له معني لکان طلبنا هذا غير منطقي.
ولهذا السبب أيضاً تم إدخال آدم عليه السلام الجنة فترة من الزمن ثم أُخرج منها فکان إدخاله فقط ليتعلم طريقة إغواء الشيطان ويتعرف علي تلبيس إبليس عليه اللعنة، إي فترة تعليمية قبل بدء مرحلة التکليف والمحاسبة علي الأعمال.
ولذلک يعتقد الشيعة بعصمة آدم عليه السلام وأن مخالفته للأمر الإرشادي لم تکن معصية حيث لم يدخل بعد المرحلة العملية، وإنما قال الله له فلا يخرجنکما من الجنة فتشقي، [1] أي بالکد في الدنيا والتعب في العمل لتحصيل الرزق کما نصت علي ذلک أکثر التفاسير بدليل قوله تعالي فتشقي ولم يقل سبحانه فتشقيا لأن الرجل هو الذي تجب عليه النفقة علي زوجته وهو الذي يکد علي عياله في العادة، ثم أنه من الواضح من الآيات السابقة في سورة البقرة التي تتحدث عن إخبار الله سبحانه وتعالي الملائکة إني جاعل في الأرض خليفة أن الله عز وجل خلق آدم من البداية ليعيش في الأرض لا في الجنة.
پاورقي
[1] سورة طه الآية 117.